ابو مناف البصري
المالكي
من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد .... !!
_____________________
تزوج رجل فتاة من قبيلته ذات حسن وأدب وأخلاق ودين ..
ومضى عام على زواجه ، ونشبت بينه وبين أحد أبناء عمومته مشاجرة كبيرة ، فقتله ، ورحل مع زوجته بعيداً عن الديرة كما تقتضيه الأعراف القبلية ، وتوجه الى ديار قبيله ثانيه ..
وكان صاحبنا دائم الجلوس عند الشيخ في مجلسه مثله مثل رجال القبيلة للسمر وتدارس مختلف الأمور ، وفي احد الايام مر الشيخ من أمام بيت صاحبنا ، وشاهد زوجته فسُحِر بجمالها ، واستولت على لبه وعقله ، وخطرت له فكره شيطانيه.. وهي ان يبعد الزوج عن البيت ، لينفرد بالزوجة ، ويحاول أن ينال منها.
عاد إلى مجلسه ، وكان عامرا ً بالرجال ومن بينهم صاحبنا . فقال :
ربعي ! علمت أن الديرة الفلانيه فيها ربيع ما مثله ! وأريد أن ارسل إليها أربعة رجال يرودونها ، ويتأكدون من الربيع فيها ، واختار أربعة من الرجال ومن بينهم زوج المرأه الجميله ، فسار الأربعة بكل طيب خاطر ..
المكان الذي ذكره يستغرق ثلاث ايام ذهاب الفرسان وإيابهم ، وعندما ارخى الليل سدوله وانتظر الى ان تنام الناس ، سار الى بيت جيرانه حيث لم يكن فيه سوى المرأه وحيده ، وكانت نائمه ، وقبل ان يصل ارتطم في العامود واحدث صوتاً مرعبا ً لها ، افاقت المرأه على الصوت .
صاحت : من باالبيت ؟! رد الشيخ : انا فلان شيخ العرب اللي انتم نازلين عنده ! قالت المرأة : حياك الله ! وماذا تريد يا شيخ العرب في مثل هذا الوقت ؟!
الشيخ : أذهلني جمالك عندما رأيتك ، وسلبت عقلي وقلبي مني ، وأريد قربك ووصالك ! ردت عليه بقولها : لا مانع عندي ! بشرط ، عندي لغز، اذا عرفت الحل أكون لك كما تريد !
قال الشيخ : أشرطي وتشرَّطي ، وجميع شروطك مُجابة ! قالت : حتى لايجيف اللحم ( أي يتحول إلى جيفة ) يرشون عليه الملح ! فمن يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد ؟!
ولك أن تستعين بمن تريد ، فإذا جئتني بالحل صرت لك كما تريد !
قال الشيخ : أنصفتِ ، وسآتيك بالحل في الليلة القادمة !
ذهب الشيخ الى بيته بخفي حنين ، وأمضى ليله يفكر بحل اللغز ولم يصل إلى نتيجة ، في اليوم التالي وكانوا الرجال جالسين في مجلسه . سأل الشيخ الجالسين وبصورة مفاجأة :
حتى لايجيف اللحم يرشون عليه الملح ! من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد ؟!
وكل من رد من الحضور كان رده على قدر فهمه وعلمه ، فلم يقتنع الشيخ برأي أي منهم ، وكان احد الرجال المحنكين الدهاة أصحاب الفطنة والحكمة والعلم والأدب والدين موجودا ً في المجلس ، لكنه لم يقل شيئا ، وانصرف جميع من في المجلس إلا هو لم ينصرف ، فقد بقي في المجلس .
فصاح الشيخ في وجهه : أنت لم تجب على سؤالي ! قال له الرجل : أردت أن أكلمك على إنفراد !
أصل اللغز بيت من الشعر قاله الأمام سفيان الثوري ، وبيت الشعر هو :
يا رجال العلم يا ملح البلد * من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد ؟!
وإن لم يخب ظني فإنك ٌ راودت امرأة عالية المقام في الذكاء والعلم والدين والأدب عن نفسها ، فأرادت أن تصدك ولا تفضحك ، وأن تكسبك كأخ لها ولا تخسرك وتزيد إلى أعدائها أعداء أهلها عدوا بحجمك ومقامك ، وتحفظ بعلها إن غاب وإن حضر ، وقد قالت لك ما قالت ، وكأنها تريد أن تقول لك ولمن سمعك :
يا شيوخ العُرب يا ملح البلد * من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد ؟! فهي تقصد : إن الرجل من القبيلة إذا فسد أصلحه شيخ القبيلة كما يصلح الملحُ اللحم ! فمن يصلح الشيخ إذا الشيخ فسد ؟!
وكأّن هذه الاجابه أيقظت ضميره النائم ، وقلبه الهائم ، وعقله الظالم ، وأصابه الخجل الشديد من فعلته الشنعاء ، وملأه الندم على ما كان منه المكائد والمفاسد ! وقال :
أصبت كبد الحقيقة أيها المبجل ! فاستر عليَّ زلتي سترك الله في الدنيا والآخرة !
----------------------------
ونحن نقول : من يصلح الحاكم اذا الحاكم فسد ؟؟؟
#الرجاء #قراءة #الموضوع #الى #النهايه #بما #فيه #من #حكمه #وعبره
_____________________
تزوج رجل فتاة من قبيلته ذات حسن وأدب وأخلاق ودين ..
ومضى عام على زواجه ، ونشبت بينه وبين أحد أبناء عمومته مشاجرة كبيرة ، فقتله ، ورحل مع زوجته بعيداً عن الديرة كما تقتضيه الأعراف القبلية ، وتوجه الى ديار قبيله ثانيه ..
وكان صاحبنا دائم الجلوس عند الشيخ في مجلسه مثله مثل رجال القبيلة للسمر وتدارس مختلف الأمور ، وفي احد الايام مر الشيخ من أمام بيت صاحبنا ، وشاهد زوجته فسُحِر بجمالها ، واستولت على لبه وعقله ، وخطرت له فكره شيطانيه.. وهي ان يبعد الزوج عن البيت ، لينفرد بالزوجة ، ويحاول أن ينال منها.
عاد إلى مجلسه ، وكان عامرا ً بالرجال ومن بينهم صاحبنا . فقال :
ربعي ! علمت أن الديرة الفلانيه فيها ربيع ما مثله ! وأريد أن ارسل إليها أربعة رجال يرودونها ، ويتأكدون من الربيع فيها ، واختار أربعة من الرجال ومن بينهم زوج المرأه الجميله ، فسار الأربعة بكل طيب خاطر ..
المكان الذي ذكره يستغرق ثلاث ايام ذهاب الفرسان وإيابهم ، وعندما ارخى الليل سدوله وانتظر الى ان تنام الناس ، سار الى بيت جيرانه حيث لم يكن فيه سوى المرأه وحيده ، وكانت نائمه ، وقبل ان يصل ارتطم في العامود واحدث صوتاً مرعبا ً لها ، افاقت المرأه على الصوت .
صاحت : من باالبيت ؟! رد الشيخ : انا فلان شيخ العرب اللي انتم نازلين عنده ! قالت المرأة : حياك الله ! وماذا تريد يا شيخ العرب في مثل هذا الوقت ؟!
الشيخ : أذهلني جمالك عندما رأيتك ، وسلبت عقلي وقلبي مني ، وأريد قربك ووصالك ! ردت عليه بقولها : لا مانع عندي ! بشرط ، عندي لغز، اذا عرفت الحل أكون لك كما تريد !
قال الشيخ : أشرطي وتشرَّطي ، وجميع شروطك مُجابة ! قالت : حتى لايجيف اللحم ( أي يتحول إلى جيفة ) يرشون عليه الملح ! فمن يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد ؟!
ولك أن تستعين بمن تريد ، فإذا جئتني بالحل صرت لك كما تريد !
قال الشيخ : أنصفتِ ، وسآتيك بالحل في الليلة القادمة !
ذهب الشيخ الى بيته بخفي حنين ، وأمضى ليله يفكر بحل اللغز ولم يصل إلى نتيجة ، في اليوم التالي وكانوا الرجال جالسين في مجلسه . سأل الشيخ الجالسين وبصورة مفاجأة :
حتى لايجيف اللحم يرشون عليه الملح ! من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد ؟!
وكل من رد من الحضور كان رده على قدر فهمه وعلمه ، فلم يقتنع الشيخ برأي أي منهم ، وكان احد الرجال المحنكين الدهاة أصحاب الفطنة والحكمة والعلم والأدب والدين موجودا ً في المجلس ، لكنه لم يقل شيئا ، وانصرف جميع من في المجلس إلا هو لم ينصرف ، فقد بقي في المجلس .
فصاح الشيخ في وجهه : أنت لم تجب على سؤالي ! قال له الرجل : أردت أن أكلمك على إنفراد !
أصل اللغز بيت من الشعر قاله الأمام سفيان الثوري ، وبيت الشعر هو :
يا رجال العلم يا ملح البلد * من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد ؟!
وإن لم يخب ظني فإنك ٌ راودت امرأة عالية المقام في الذكاء والعلم والدين والأدب عن نفسها ، فأرادت أن تصدك ولا تفضحك ، وأن تكسبك كأخ لها ولا تخسرك وتزيد إلى أعدائها أعداء أهلها عدوا بحجمك ومقامك ، وتحفظ بعلها إن غاب وإن حضر ، وقد قالت لك ما قالت ، وكأنها تريد أن تقول لك ولمن سمعك :
يا شيوخ العُرب يا ملح البلد * من يُصلِحُ الملحَ إذا الملحُ فسد ؟! فهي تقصد : إن الرجل من القبيلة إذا فسد أصلحه شيخ القبيلة كما يصلح الملحُ اللحم ! فمن يصلح الشيخ إذا الشيخ فسد ؟!
وكأّن هذه الاجابه أيقظت ضميره النائم ، وقلبه الهائم ، وعقله الظالم ، وأصابه الخجل الشديد من فعلته الشنعاء ، وملأه الندم على ما كان منه المكائد والمفاسد ! وقال :
أصبت كبد الحقيقة أيها المبجل ! فاستر عليَّ زلتي سترك الله في الدنيا والآخرة !
----------------------------
ونحن نقول : من يصلح الحاكم اذا الحاكم فسد ؟؟؟
#الرجاء #قراءة #الموضوع #الى #النهايه #بما #فيه #من #حكمه #وعبره