الطائر الحر
Well-Known Member
عند اختيار وجهة للسياحة، يرغب بعض الشبّان والشابات في الجمع بين اكتشاف المعالم التي تميّزها، وممارسة هوايتهم الرياضيّة المفضّلة. سواء تعلّق الأمر بركوب الدرّاجة التي تسمح برؤية المكان من زوايا مختلفة والالتحام به، أو بالمشي لمسافات طويلة وتحدّي الذات والتأمّل، أو بالغوص والانصراف عن البائن إلى ما هو مخفي عن السطح، فلكلّ هواية وجهة أو وجهات تشبع «حشريّة» المغامرين وتتحدّى لياقتهم البدنيّة.. وفي هذا الإطار، يشارك «مغامران» عربيّان «سيدتي» تفاصيل رحلتيهما إلى موقعين محميين وغنيين بالثروات.
زيارة إلى «الديمانيات»
متعة الغوص في «الديمانيات»
أُعلنت جزر «الديمانيات» التسع محميّة، دوليّاً، في سنة 1984، وهي الواقعة بين ولايتي السيب بمحافظة مسقط وبركاء بمحافظة جنوب الباطنة، والممتدّة على مساحة كلّية تبلغ 100 هكتار، وكثيرة الشعاب المرجانيّة، مع ضمّ مجموعات نادرة منها، والمأوى للسلاحف البحريّة التي تضع بيوضها على الشاطئ، وأيضاً للطيور المهاجرة والمستوطنة. وفي هذا الإطار، جدير بالذكر أن المواقع الوحيدة المعروفة بتعشيش طيور العقاب النسارية في محافظة مسقط مركزها «الديمانيات».
تهدف المحمية الى وقاية شواطئ تعشيش السلاحف من كل جائر وحفظ المناظر الطبيعة الأخّاذة والشعاب المرجانيّة والطيور والنباتات البريّة.
شواطئ بكر
تبعد «الديمانيات» غير المأهولة من البشر 70 كيلومتراً غربي مسقط، وتعرف بشواطئها البكر الصخريّة بغالبيتها، وذات الرمال البيض والمياه الزرقاء الصافية، وتعدّ من أماكن الغوص الأكثر جاذبيّةً في بحر عمان.
وإلى الغوص، يزور السائحون المكان لممارسة الغطس بالقناع والأنبوبة (سنوركلينج)، كما للتخييم في هذه الجزر بين أكتوبر (تشرين الأوّل) وفبراير (شباط).
السمكة الملائكية الإمبراطورية الملونة
الجمال كامن على عمق منخفض
«كثيرة هي الأسباب التي تدفع بالغوّاص(ة) إلى اختيار وجهة ما لممارسة هوايته(ا)، ومنها: نسبة الرؤية الجيّدة تحت الماء حتّى مسافات بعيدة، كما هي حال مواقع الغوص المختلفة في البحر الأحمر والمالديف وبالي، أو مدى ثراء الأعماق بالمخلوقات المائيّة، أو حتى بالأسماك الكبيرة، كالقروش و«المانتا راي»، أو لكون الموقع «مقبرة» للدبابات والسفن والسيارات والطائرات الغارقة... لكن قبل كل ذلك، هناك مستوى الغوّاص(ة) المحدّد للوجهة». المعلومة مستقاة من اللبنانيّة ريما أبو الخدود التي تمارس الغطس الترفيهي، بحيث تستطيع أن تبلغ أربعين متراً تحت مستوى سطح البحر. تتحدّث الشابة اللبنانيّة عن رحلتها إلى «الديمانيات»، فتقول إن «الموقع يؤمّن المعايير التي يبحث عنها الغواص إلى حدّ بعيد، فهو محمي، وبالتالي هناك غنى في الحياة البحريّة، التي تتكشّف عن مدارس الأسماك التي تسبح في الاتجاه عينه والقروش الحوتيّة أثناء هجرتها والمرجان». وتضيف أن «المشاهد الجذّابة كامنة حتى في عمق قليل الانخفاض عن مستوى سطح البحر، الأمر الذي يسمح للغوّاصين المبتدئين بالاطلاع عليها، بالإضافة إلى المحترفين».
«أكواريوم» الأسماك الملوّنة
مياه «الديمانيات» الزرقاء المعتدلة، وقليلة التيّارات، تجعل من المكان «أكواريوم للأسماك الملوّنة، ومتحفاً طبيعيّاً للكبيرة والضخمة منها، كالدلافين والقروش والحيتان، من دون الإغفال عن النباتات والمرجان»... وتشير إلى أن مواقع الغوص قريبة من الشاطئ، فلا تستدعي الرحلة لوصولها سوى ثلاثين دقيقة. وحسب مركز الغوص الذي ينظّم الرحلة، ويؤمن المعدّات، يسمح للفرد بالقيام بالغوص لثلاث مرّات في كل رحلة، مع استراحات بينها، ويؤمن له وجبة طعام (أو وجبة خفيفة)، داعية إلى جعل الوجهة على «الأجندة»، بخاصّة في الموسم الذي يسمح فيه التخييم على الشاطئ وقضاء الليلة على أنغام الهدير.
في نصيحة للمبتدئين الذين يرغبون في قصد «الديمانيات»، تقول الغواصّة التي تمارس الهواية منذ تسع سنوات إن «التقيّد بالمستوى التدريبي أساس، بعيداً عن المغامرة غير مضمونة النتائج والحماسة للانخفاض أكثر في الأعماق، بالإضافة إلى الثقة بالتدريب الذي سبق أن تلقوه.. والأهمّ هو عيش اللحظة والمتعة بالثروة التي تعاينها العينان».
رحلة إلى جنوبي الأردن
الدير في موقع البتراء (الصورة من shutterstock)
السائحون الراغبون في الذهاب في رحلة تجمع بين المشي لمسافات طويلة (هايكينغ) والدرّاجة وزيارة المواقع السياحيّة في يونيو (حزيران)، وفي مناخ صحراوي لمّا يزل مقبولاً في بداية الشهر المذكور، وإن اشتدّت وطأته بعض الشيء، مدعوون إلى زيارة جنوبي الأردن، وقضاء يومين ملؤهما المحطّات الجديرة بالاكتشاف، مع كلّ ما تكتنفه من تأمّل وتحدّي الذات. وفي هذا الإطار، ينقل أنس عامر الشيشاني لـ«سيدتي» تفاصيل المغامرة «الممتعة» التي عاشها في جنوبي الأردن؛ المشّاء والدرّاج ودليل مغامرات أردني الجنسيّة انطلق من العاصمة عمّان في اتجاه «قلعة الشوبك»، بالسيّارة، سالكاً الطريق الصحراوي، فوصل بعد نحو ساعتين اجتازت خلالهما السيارة 205 كيلومترات إلى محطّته الأولى.
ترتفع القلعة لأكثر من 1300 متر عن سطح البحر، وبالتالي تبدو الإطلالات منها أخّاذة. بعد الزيارة، ركب الشاب الممتلئ طاقةً درّاجته الهوائيّة، «صديقته الوفيّة»، في اتجاه الغرب، سالكاً طريقاً معبداً، صعوداً إلى مكان أكثر ارتفاعاً من القلعة، لتتراءى له من الطرف الآخر جبال الشراة.
بعدها، سار في مسار ترابي منظّم، يحيط بحافة الهضبة الشرقية، ويوفّر مناظر رائعة لوادي عربة. هناك بعض التسلق القصير والحاد على طول الطريق؛ التحق الشيشاني بطريق الملوكي مجدّداً في الإثر، واستمرّ في القيادة جنوباً في اتجاه «البتراء الصغيرة»، وبعدها إلى المخيّم للاسترخاء والعشاء والمبيت، واعداً ذاته بإتمام المغامرة في اليوم التالي، بزيارة البتراء.
«طول المسار للدراجة هو أربعين كيلومتراً» حسب الشيشاني، تتخلّلها طرق مرتفعة وأخرى منخفضة، «الطرق الصعبة التي تشغل جزءاً ممتعاً من مشقّة المغامرة، وتتطلّب مستوى معقولاً (متوسّطاً) من اللياقة البدنيّة» يقول، مضيفاً إن «مبارحة صخب العاصمة، ورؤية مشاهد المنطقة الجنوبيّة الأخّاذة تمدّ بشعور رائع وبسلام داخلي، وتجعل توقّفات التصوير تطول».
إلى البتراء.. سر
في بكور اليوم الثاني، تجهّز المغامر، وبدأ رحلته الاستكشافيّة التي انتهت في البتراء، واستغرقت نحو ستّ ساعات، لكن سيراً على القدمين هذه المرّة لأنّه يمنع دخول الموقع بالدرّاجة، حيث اجتاز الأراضي الزراعية أوّلاً، ثمّ مرّ في مسار جبلي محدّد للمشّائين، تحلو فيه الإطلالات على صحراء عربة. ومع التقدّم في المسير، بدت اللمحات الأولى لقمّة الدير في موقع البتراء، الذي وصله، وأحسّ أن حقّق إنجازاً بتخطّي الحشود التي تتزاحم في مركز الزائرين بالمدخل. ثمّ، سار نزولاً من الدير، وخرج عبر السيق الثانوي قبل أن يدخل المكان مجدّداً من السيق الرئيس. بعد مشاهدة معالم البتراء، هو قضى الليل في أحد فنادق البتراء.
لقطة على طريق «المُغامرة» بعدسة الشيشاني
محطّات...
يمرّ الدرّاج والمشّاء في النقاط السياحيّة الآتية ذات الرمزيّة التاريخيّة، أثناء المغامرة:
• «قلعة الشوبك» الصليبيّة شرقي وادي عربة، جذورها تمتدّ إلى سنة 1115 ميلاديّة، حين قام ملك الفرنج وحاكم مدينتي الرها والقدس بلدوين الأوّل بحملة عسكريّة على المنطقة الواقعة جنوب شرقي البحر الميت، وعبر وادي عربة، ووصل منطقة الشوبك حيث أمر بإعلاء البناء، وسمّاه «كرك مونتريال».
• «البيضا» في محافظة معان بالأردن، تُلقّب بـ«البتراء الصغيرة»، وهي محطّة لا بدّ من معاينتها من الدرّاجين والمشّائين، ولا سيّما هواة التاريخ بينهم. المحّطة عبارة عن آثار لأبنية منحوتة في الصخر وفق الطريقة النبطية المعتمدة في مدينة البتراء. يرجّح علماء الآثار أن تاريخ «البيضا» يرجع إلى القرن الأوّل الميلادي، وأنها كان عبارة عن أرض تشتهر بزراعة الكرمة. يمكن الوصول إلى الشقّ الصخري المذكور عن طريق «السيق البارد»، حيث الدلائل لا تزال ماثلة عن خزانات محفورة في الصخر، وعن نظام ري يدعو إلى الثناء.
موكب الدرّاجين المغامرين في جنوبي الأردن بعدسة الشيشاني
• البتراء: لا تستقيم زيارة الأردن، من دون المرور بالبتراء، ففي عمق الصحراء، ترتبط بالموقع الحكايا، التي كان نسجها الأنباط ذات يوم، من القرن الثالث قبل الميلاد، ولو أن اكتشاف المكان تأخّر حتّى سنة 1812، ويقف خلفه المستشرق السويسري يوهان لودفيغ بركهات. يتحقّق الدخول إلى البتراء المدرجة على لوائح اليونسكو للتراث العالمي منذ سنة 1985 لمميزاتها من العمارة المنحوتة ونظام جرّ المياه، من ممر السيق الذي يتكشّف عن طريق ملتوية تحدها الجبال الشاهقة. يقود الممرّ إلى الخزنة المنحوتة في الصخر. في الممرّ المذكور، تكثر المنحوتات، وهناك القناة المائية التي كانت توصل الماء الى المدين من عيون وادي موسى .«الخزنة» معلم أثري رئيس في الأردن، ترتفع إلى 43 متراً، وعرضها 30 متراً، كانت حسب الحفريات قبر أحد ملوك الأنباط، لكن العرب كانت تعتقد أن ثمة كنز في الجرة الموجودة أعلى الواجهة. داخل الخزنة، 3 حجرات ذات فناء واسع تحتوي على أشكال هندسية ورسومات لبعض الحيوانات والزهور ودرج.
إلى يسار الطريق المؤدي الى السيق، يقبع ضريح المسلات النبطي، وهو عبارة عن مقابر منحوتة في الصخر. تشتمل المحطّات في محمية البتراء أيضاً، على الشارع المعمد البالغ عرضه 6 أمتار حيث سلالم تقود الى ساحة مكشوفة تسمى السوق. كانت نفّذت ثلاث كنائس الى يسار «الشارع» في نهاية القرن الخامس الميلادي خلال الحكم البيزنطي. إلى ذلك، هناك أطلال دير جنوبي الشارع المعمد، ومن علّ يحلو التقاط أجمل الصور للموقع.
قصر البنت البتراء يختلف عن معالم الأنباط الأخرى في منطقة البتراء المحميّة في أنّه ليس منحوتاً في الصخر، ويعدّ أحد المعابد الرئيسة، ويعرف بصموده على الرغم من الزلازل التي ضربت المنطقة ويعود ذلك الى طريقة بنائه.
«ضريح الجرة» أو «المحكمة» منحوت في الصخر، يقع في المحمية الأثرية لمدينة البتراء، كان ضريحاً زمن الأنباط وتحوّل إلى كنيسة بيزنطيّة.
زيارة إلى «الديمانيات»
متعة الغوص في «الديمانيات»
أُعلنت جزر «الديمانيات» التسع محميّة، دوليّاً، في سنة 1984، وهي الواقعة بين ولايتي السيب بمحافظة مسقط وبركاء بمحافظة جنوب الباطنة، والممتدّة على مساحة كلّية تبلغ 100 هكتار، وكثيرة الشعاب المرجانيّة، مع ضمّ مجموعات نادرة منها، والمأوى للسلاحف البحريّة التي تضع بيوضها على الشاطئ، وأيضاً للطيور المهاجرة والمستوطنة. وفي هذا الإطار، جدير بالذكر أن المواقع الوحيدة المعروفة بتعشيش طيور العقاب النسارية في محافظة مسقط مركزها «الديمانيات».
تهدف المحمية الى وقاية شواطئ تعشيش السلاحف من كل جائر وحفظ المناظر الطبيعة الأخّاذة والشعاب المرجانيّة والطيور والنباتات البريّة.
شواطئ بكر
تبعد «الديمانيات» غير المأهولة من البشر 70 كيلومتراً غربي مسقط، وتعرف بشواطئها البكر الصخريّة بغالبيتها، وذات الرمال البيض والمياه الزرقاء الصافية، وتعدّ من أماكن الغوص الأكثر جاذبيّةً في بحر عمان.
وإلى الغوص، يزور السائحون المكان لممارسة الغطس بالقناع والأنبوبة (سنوركلينج)، كما للتخييم في هذه الجزر بين أكتوبر (تشرين الأوّل) وفبراير (شباط).
السمكة الملائكية الإمبراطورية الملونة
الجمال كامن على عمق منخفض
«كثيرة هي الأسباب التي تدفع بالغوّاص(ة) إلى اختيار وجهة ما لممارسة هوايته(ا)، ومنها: نسبة الرؤية الجيّدة تحت الماء حتّى مسافات بعيدة، كما هي حال مواقع الغوص المختلفة في البحر الأحمر والمالديف وبالي، أو مدى ثراء الأعماق بالمخلوقات المائيّة، أو حتى بالأسماك الكبيرة، كالقروش و«المانتا راي»، أو لكون الموقع «مقبرة» للدبابات والسفن والسيارات والطائرات الغارقة... لكن قبل كل ذلك، هناك مستوى الغوّاص(ة) المحدّد للوجهة». المعلومة مستقاة من اللبنانيّة ريما أبو الخدود التي تمارس الغطس الترفيهي، بحيث تستطيع أن تبلغ أربعين متراً تحت مستوى سطح البحر. تتحدّث الشابة اللبنانيّة عن رحلتها إلى «الديمانيات»، فتقول إن «الموقع يؤمّن المعايير التي يبحث عنها الغواص إلى حدّ بعيد، فهو محمي، وبالتالي هناك غنى في الحياة البحريّة، التي تتكشّف عن مدارس الأسماك التي تسبح في الاتجاه عينه والقروش الحوتيّة أثناء هجرتها والمرجان». وتضيف أن «المشاهد الجذّابة كامنة حتى في عمق قليل الانخفاض عن مستوى سطح البحر، الأمر الذي يسمح للغوّاصين المبتدئين بالاطلاع عليها، بالإضافة إلى المحترفين».
«أكواريوم» الأسماك الملوّنة
مياه «الديمانيات» الزرقاء المعتدلة، وقليلة التيّارات، تجعل من المكان «أكواريوم للأسماك الملوّنة، ومتحفاً طبيعيّاً للكبيرة والضخمة منها، كالدلافين والقروش والحيتان، من دون الإغفال عن النباتات والمرجان»... وتشير إلى أن مواقع الغوص قريبة من الشاطئ، فلا تستدعي الرحلة لوصولها سوى ثلاثين دقيقة. وحسب مركز الغوص الذي ينظّم الرحلة، ويؤمن المعدّات، يسمح للفرد بالقيام بالغوص لثلاث مرّات في كل رحلة، مع استراحات بينها، ويؤمن له وجبة طعام (أو وجبة خفيفة)، داعية إلى جعل الوجهة على «الأجندة»، بخاصّة في الموسم الذي يسمح فيه التخييم على الشاطئ وقضاء الليلة على أنغام الهدير.
في نصيحة للمبتدئين الذين يرغبون في قصد «الديمانيات»، تقول الغواصّة التي تمارس الهواية منذ تسع سنوات إن «التقيّد بالمستوى التدريبي أساس، بعيداً عن المغامرة غير مضمونة النتائج والحماسة للانخفاض أكثر في الأعماق، بالإضافة إلى الثقة بالتدريب الذي سبق أن تلقوه.. والأهمّ هو عيش اللحظة والمتعة بالثروة التي تعاينها العينان».
رحلة إلى جنوبي الأردن
الدير في موقع البتراء (الصورة من shutterstock)
السائحون الراغبون في الذهاب في رحلة تجمع بين المشي لمسافات طويلة (هايكينغ) والدرّاجة وزيارة المواقع السياحيّة في يونيو (حزيران)، وفي مناخ صحراوي لمّا يزل مقبولاً في بداية الشهر المذكور، وإن اشتدّت وطأته بعض الشيء، مدعوون إلى زيارة جنوبي الأردن، وقضاء يومين ملؤهما المحطّات الجديرة بالاكتشاف، مع كلّ ما تكتنفه من تأمّل وتحدّي الذات. وفي هذا الإطار، ينقل أنس عامر الشيشاني لـ«سيدتي» تفاصيل المغامرة «الممتعة» التي عاشها في جنوبي الأردن؛ المشّاء والدرّاج ودليل مغامرات أردني الجنسيّة انطلق من العاصمة عمّان في اتجاه «قلعة الشوبك»، بالسيّارة، سالكاً الطريق الصحراوي، فوصل بعد نحو ساعتين اجتازت خلالهما السيارة 205 كيلومترات إلى محطّته الأولى.
ترتفع القلعة لأكثر من 1300 متر عن سطح البحر، وبالتالي تبدو الإطلالات منها أخّاذة. بعد الزيارة، ركب الشاب الممتلئ طاقةً درّاجته الهوائيّة، «صديقته الوفيّة»، في اتجاه الغرب، سالكاً طريقاً معبداً، صعوداً إلى مكان أكثر ارتفاعاً من القلعة، لتتراءى له من الطرف الآخر جبال الشراة.
بعدها، سار في مسار ترابي منظّم، يحيط بحافة الهضبة الشرقية، ويوفّر مناظر رائعة لوادي عربة. هناك بعض التسلق القصير والحاد على طول الطريق؛ التحق الشيشاني بطريق الملوكي مجدّداً في الإثر، واستمرّ في القيادة جنوباً في اتجاه «البتراء الصغيرة»، وبعدها إلى المخيّم للاسترخاء والعشاء والمبيت، واعداً ذاته بإتمام المغامرة في اليوم التالي، بزيارة البتراء.
«طول المسار للدراجة هو أربعين كيلومتراً» حسب الشيشاني، تتخلّلها طرق مرتفعة وأخرى منخفضة، «الطرق الصعبة التي تشغل جزءاً ممتعاً من مشقّة المغامرة، وتتطلّب مستوى معقولاً (متوسّطاً) من اللياقة البدنيّة» يقول، مضيفاً إن «مبارحة صخب العاصمة، ورؤية مشاهد المنطقة الجنوبيّة الأخّاذة تمدّ بشعور رائع وبسلام داخلي، وتجعل توقّفات التصوير تطول».
إلى البتراء.. سر
في بكور اليوم الثاني، تجهّز المغامر، وبدأ رحلته الاستكشافيّة التي انتهت في البتراء، واستغرقت نحو ستّ ساعات، لكن سيراً على القدمين هذه المرّة لأنّه يمنع دخول الموقع بالدرّاجة، حيث اجتاز الأراضي الزراعية أوّلاً، ثمّ مرّ في مسار جبلي محدّد للمشّائين، تحلو فيه الإطلالات على صحراء عربة. ومع التقدّم في المسير، بدت اللمحات الأولى لقمّة الدير في موقع البتراء، الذي وصله، وأحسّ أن حقّق إنجازاً بتخطّي الحشود التي تتزاحم في مركز الزائرين بالمدخل. ثمّ، سار نزولاً من الدير، وخرج عبر السيق الثانوي قبل أن يدخل المكان مجدّداً من السيق الرئيس. بعد مشاهدة معالم البتراء، هو قضى الليل في أحد فنادق البتراء.
لقطة على طريق «المُغامرة» بعدسة الشيشاني
محطّات...
يمرّ الدرّاج والمشّاء في النقاط السياحيّة الآتية ذات الرمزيّة التاريخيّة، أثناء المغامرة:
• «قلعة الشوبك» الصليبيّة شرقي وادي عربة، جذورها تمتدّ إلى سنة 1115 ميلاديّة، حين قام ملك الفرنج وحاكم مدينتي الرها والقدس بلدوين الأوّل بحملة عسكريّة على المنطقة الواقعة جنوب شرقي البحر الميت، وعبر وادي عربة، ووصل منطقة الشوبك حيث أمر بإعلاء البناء، وسمّاه «كرك مونتريال».
• «البيضا» في محافظة معان بالأردن، تُلقّب بـ«البتراء الصغيرة»، وهي محطّة لا بدّ من معاينتها من الدرّاجين والمشّائين، ولا سيّما هواة التاريخ بينهم. المحّطة عبارة عن آثار لأبنية منحوتة في الصخر وفق الطريقة النبطية المعتمدة في مدينة البتراء. يرجّح علماء الآثار أن تاريخ «البيضا» يرجع إلى القرن الأوّل الميلادي، وأنها كان عبارة عن أرض تشتهر بزراعة الكرمة. يمكن الوصول إلى الشقّ الصخري المذكور عن طريق «السيق البارد»، حيث الدلائل لا تزال ماثلة عن خزانات محفورة في الصخر، وعن نظام ري يدعو إلى الثناء.
موكب الدرّاجين المغامرين في جنوبي الأردن بعدسة الشيشاني
• البتراء: لا تستقيم زيارة الأردن، من دون المرور بالبتراء، ففي عمق الصحراء، ترتبط بالموقع الحكايا، التي كان نسجها الأنباط ذات يوم، من القرن الثالث قبل الميلاد، ولو أن اكتشاف المكان تأخّر حتّى سنة 1812، ويقف خلفه المستشرق السويسري يوهان لودفيغ بركهات. يتحقّق الدخول إلى البتراء المدرجة على لوائح اليونسكو للتراث العالمي منذ سنة 1985 لمميزاتها من العمارة المنحوتة ونظام جرّ المياه، من ممر السيق الذي يتكشّف عن طريق ملتوية تحدها الجبال الشاهقة. يقود الممرّ إلى الخزنة المنحوتة في الصخر. في الممرّ المذكور، تكثر المنحوتات، وهناك القناة المائية التي كانت توصل الماء الى المدين من عيون وادي موسى .«الخزنة» معلم أثري رئيس في الأردن، ترتفع إلى 43 متراً، وعرضها 30 متراً، كانت حسب الحفريات قبر أحد ملوك الأنباط، لكن العرب كانت تعتقد أن ثمة كنز في الجرة الموجودة أعلى الواجهة. داخل الخزنة، 3 حجرات ذات فناء واسع تحتوي على أشكال هندسية ورسومات لبعض الحيوانات والزهور ودرج.
إلى يسار الطريق المؤدي الى السيق، يقبع ضريح المسلات النبطي، وهو عبارة عن مقابر منحوتة في الصخر. تشتمل المحطّات في محمية البتراء أيضاً، على الشارع المعمد البالغ عرضه 6 أمتار حيث سلالم تقود الى ساحة مكشوفة تسمى السوق. كانت نفّذت ثلاث كنائس الى يسار «الشارع» في نهاية القرن الخامس الميلادي خلال الحكم البيزنطي. إلى ذلك، هناك أطلال دير جنوبي الشارع المعمد، ومن علّ يحلو التقاط أجمل الصور للموقع.
قصر البنت البتراء يختلف عن معالم الأنباط الأخرى في منطقة البتراء المحميّة في أنّه ليس منحوتاً في الصخر، ويعدّ أحد المعابد الرئيسة، ويعرف بصموده على الرغم من الزلازل التي ضربت المنطقة ويعود ذلك الى طريقة بنائه.
«ضريح الجرة» أو «المحكمة» منحوت في الصخر، يقع في المحمية الأثرية لمدينة البتراء، كان ضريحاً زمن الأنباط وتحوّل إلى كنيسة بيزنطيّة.