هارونُ يردُّ على عتابِ مُوسى
رجعَ موسى إلى قومِهِ غَضبانَ أَسِفًا بعدما أخبره رَبُّهُ أنَّ قومَهُ عبدوا العِجْلَ مِن دونِ الله، وبالطبعِ عاتبَ أخاهُ هارونَ الذي خلفه في قومِهِ، وكان هذا رَدَّ هارون:
لا تَعْذِلَنَّي إنْ بدا عَذْلُ
واسمَعْ مقالي، إنَّه الفَصْلُ
ليسَ اعتذارًا عن جَريمتِهِمْ
فأنا مُقِرٌّ أنَّهُمْ ضلُّوا
لو كان هذا العِجلُ مِن دَمِنا
ولُحومِنا لأجازَهُ العَقلُ!
لكِنَّهُ ذهَبٌ، وقد ذَهَبوا
في غَيِّهِمْ لَمَّا لهُ ذَلُّوا
لكِنْ أَفِدْني: ما نُعاتِبُهُمْ
وقُلوبُهُمْ آساسُها الجَهلُ؟!
لَمْ يعرِفوا أَرْواحَهُمْ أبدًا
أجسادُهُمْ مِنها — أخي — عُطْلُ
هيهاتَ — موسى — يُرْتَجَى لَهُمُ
نَحْوَ السَّماءِ وقُدْسِها حَبْلُ
مَن لا يرى رُوحًا يسيرُ بِها
فاللهُ روحُ الكَونِ من قَبلُ
ذَرْهُمْ سُجودًا لِلَّذي عبدوا
هذا مقامُهُمو، لَهُمْ عَدْلُ
السَّامِرِيُّ مُرابِطٌ أبدًا
في الفِكْرِ، إنَّ الفكرَ ذا طِفلُ
ومُؤَلِّفٌ خَطَراتِنا صُورًا
هِيَ فوقَ أبوابِ الهُدَى قُفلُ
السَّامِرِيُّ يدقُّ أرْؤُسَنا
ببراعةٍ كي يُجهَضَ الوَصلُ
وَهُمُ ارتضوهُ دليلَهُمْ فهنيـ
ـئًا لِلْعُجولِ ولي أنا الثُّكْلُ!
أشهدتُهُم أنِّي نصحتُهُمو
يا ضَيعةً للنُّصْحِ، يا قتْلُ!
لا، لستُ أحْفِلُ بالَّذي صنعُوا
قد عَقَّ صوتي الطِّفْلُ والكَهْلُ
والآنَ نَفسي، ثُمَّ نفسَ أخي
إنَّ النُّبُوَّةَ حِمْلُها ثُقلُ
أخلو بذاتي، حيثُ لا ضَررٌ
إنْ يُعْبَدِ الرَّحمنُ، أو عِجْلُ!
كتاب افنيت عمري واقفا
محمد سالم عبادة
رجعَ موسى إلى قومِهِ غَضبانَ أَسِفًا بعدما أخبره رَبُّهُ أنَّ قومَهُ عبدوا العِجْلَ مِن دونِ الله، وبالطبعِ عاتبَ أخاهُ هارونَ الذي خلفه في قومِهِ، وكان هذا رَدَّ هارون:
لا تَعْذِلَنَّي إنْ بدا عَذْلُ
واسمَعْ مقالي، إنَّه الفَصْلُ
ليسَ اعتذارًا عن جَريمتِهِمْ
فأنا مُقِرٌّ أنَّهُمْ ضلُّوا
لو كان هذا العِجلُ مِن دَمِنا
ولُحومِنا لأجازَهُ العَقلُ!
لكِنَّهُ ذهَبٌ، وقد ذَهَبوا
في غَيِّهِمْ لَمَّا لهُ ذَلُّوا
لكِنْ أَفِدْني: ما نُعاتِبُهُمْ
وقُلوبُهُمْ آساسُها الجَهلُ؟!
لَمْ يعرِفوا أَرْواحَهُمْ أبدًا
أجسادُهُمْ مِنها — أخي — عُطْلُ
هيهاتَ — موسى — يُرْتَجَى لَهُمُ
نَحْوَ السَّماءِ وقُدْسِها حَبْلُ
مَن لا يرى رُوحًا يسيرُ بِها
فاللهُ روحُ الكَونِ من قَبلُ
ذَرْهُمْ سُجودًا لِلَّذي عبدوا
هذا مقامُهُمو، لَهُمْ عَدْلُ
السَّامِرِيُّ مُرابِطٌ أبدًا
في الفِكْرِ، إنَّ الفكرَ ذا طِفلُ
ومُؤَلِّفٌ خَطَراتِنا صُورًا
هِيَ فوقَ أبوابِ الهُدَى قُفلُ
السَّامِرِيُّ يدقُّ أرْؤُسَنا
ببراعةٍ كي يُجهَضَ الوَصلُ
وَهُمُ ارتضوهُ دليلَهُمْ فهنيـ
ـئًا لِلْعُجولِ ولي أنا الثُّكْلُ!
أشهدتُهُم أنِّي نصحتُهُمو
يا ضَيعةً للنُّصْحِ، يا قتْلُ!
لا، لستُ أحْفِلُ بالَّذي صنعُوا
قد عَقَّ صوتي الطِّفْلُ والكَهْلُ
والآنَ نَفسي، ثُمَّ نفسَ أخي
إنَّ النُّبُوَّةَ حِمْلُها ثُقلُ
أخلو بذاتي، حيثُ لا ضَررٌ
إنْ يُعْبَدِ الرَّحمنُ، أو عِجْلُ!
كتاب افنيت عمري واقفا
محمد سالم عبادة