✿قہہمہہر✿
بزونة المنتدى
- إنضم
- 22 أبريل 2016
- المشاركات
- 129,653
- مستوى التفاعل
- 2,419
- النقاط
- 114
هل الرسول بدوي
إن لرسول الله عليه الصلاة والسلام مقام رفيع فمن لم يعظه بقلبه لم ولن يعظه بلسانه، ونجد أن هناك بعض الأشخاص الكتبة الذين يتحدثون عن رسولنا الكريم وكأنهم يتحدثون عن أحد من الناس دون الالتزام بالأدب، فترى الشخص لا يتحرج من وصف نبيه عليه الصلاة والسلام بالبداوة مع أنه لم يكن بدوياً فهذه معلومة غير صحيحة، وقد نتجت هذه المعلومة من تصور القارئ البسيط الذي ليس لديه معلومات مختصة دقيقة بعلوم الدين والذي عمل بمقارنة الحضارة بما يعيشه اليوم بعيداً عن الزمن الذي كان في فترة نبينا الكريم.
فقد وُلد في مكة المكرمة في حاضرة أم القرى التي كانت تمثل العاصمة لمن حولها من القرى، وهي أعظم حاضرة من حاضر العرب وأحب أرض الله إلى الله، وقد سماها القرآن الكريم بأم القرى لعظيم مكانتها في الجزيرة العربية بل في الأرض كلها، فكيف تكون بادية؟؟؟، قال الله عز وجل : ( وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا )،فلو كانت أم القرى بادية ما كان جده فكر بالشروع لإرساله إلى بادية بني سعد بن بكر، لترضعه السيدة حليمة بنت الحارث، وهي حليمة السعدية مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها.
وإن لفظ البداوة ووصف نبينا الكريم بالبدوي هو من التنقص الصريح والعيب الواضح، لأن البداوة وصف ذم وتنقيص، والمقصود من هذا الوصف هو الوسم بالجهل والجفاء، وهو محمد نبينا صلى الله عليه وسلم معلَّم من الله سبحانه وتعالى، بالإضافة إلى أن في التوراة تم وصف محمد عليه الصلاة والسلام بأنه ليس بفظٍّ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ) ، كما وصفه الله سبحانه وتعالى بقوله : ( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ).[1] [2]
من هم البدو
إن أهل البادية هم من الأعراب والذي يغلب فيهم الجهل والجفاء لهذا جاء في الحديث النبوي الشريف من بدا جفا)، وإن البادية والبدو بمعنى الحاضرة والعمران والنسبة إليها بدوي، نجد أن المجتمع العربي كانوا بدو و حضر، ومعروفين بأهل وبر وأهل مدر وسنوضح كل منهما كما يلي:
أهل المدر هم سكان القرى والحواضر الذين يعيشون من الزرع والنخل بالإضافة إلى الماشية والضرب في الأرض للتجارة، وهم المعروفون بالحضر لأن أبنية الحضر هي من المدر والمدر هو قِطَع الطين اليابس، وقد عرفوا بلفظ الحضر والحاضرة من العرب.
أهل الوبر هم قطان الصحارى الذين يعيشون من ألبان ولحوم الإبل وينتجعون منابت الكلأ، فهم يتوجهون إلى المناطق التي تحتوي على العشب والماء لهذا فهم في حالة حل وترحال دائمة، وهم أهل البادية وسبب تسميتهم لأن لهم أخبية وبر، وعرفوا باسم الأعراب.
حكم التأدب مع الرسول
قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ )، إن للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام مكانة جليلة من الإكبار والتقديم ما يبلغ الغاية والكمال في نفوس أصحابه، فمن المواقف الجلية التي نبعت من نفوس الصحابة رضي الله عنهم لإجلال واحترام الرسول كثيرة منها:
كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يرجع عن الإمامة في الصلاة حتى يتقدم رسول الله ويقولمَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يُصَلِّيَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) البخاري (684) ومسلم (421).
الصحابي أبو أيوب الأنصاري الذي كان يرفض أن يعلو سقيفة يكون الرسول صلى الله عليه وسلم تحتها.
وكان عمرو بن العاص يقول : ( وَمَا كُنْتُ أُطِيقُ أَنْ أَمْلَأَ عَيْنَيَّ مِنْهُ إِجْلَالًا لَهُ ، وَلَوْ سُئِلْتُ أَنْ أَصِفَهُ مَا أَطَقْتُ ، لِأَنِّي لَمْ أَكُنْ أَمْلَأُ عَيْنَيَّ مِنْهُ ) رواه مسلم.
وقام البراء بن عازب يَعُدُّ كما عد النبي صلى الله عليه وسلم ما لا يجوز في الأضاحي قال : ( وَأَصَابِعِي أَقْصَرُ مِنْ أَصَابِعِهِ ، وَأَنَامِلِي أَقْصَرُ مِنْ أَنَامِلِهِ صلى الله عليه وسلم ) رواه أبو داود.
فهذه صور من الأدب التي ضربها لنا الصحابة فكلها حملت التكريم والإجلال لرسولنا الكريم، أما من يسب النبي ما عاذ الله أو يعيبه أو يلحق به نقصاً أو يقوم بالإزدراء عليه فهو ساب له والحكم فيه حكم الساب، يُقتل وهذا إجماع من العلماء وأئمة الفتوى، وإن من يُطلق لفظ البداوة على الرسول صلى الله عليه وسلم بقصد التنقيص والذم يستحق على متعمدها العذاب والنكال في الدنيا والآخرة ومن الأدلة من القرآن الكريم والسنة الشريفة:
قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ).
وقد أفتى العلماء بكفر كل إنسان يصف فيه رسولنا الكريم بإشعار ينتقص فيه لقدر الرسول ولو لم يكن صريحاً في ذلك، حتى روى ابن وهب عن الإمام مالك رحمه الله :” مَن قال : إن رداء النبي صلى الله عليه وسلم وَسِخ – وأراد به عَيْبه – قُتل .
وقال أحمد بن أبى سليمان ( من علماء المالكية ): من قال إن النبي صلى الله عليه وسلم كان أسود ، يُقتل .
وقد نقل القاضي عياض في “الشفا” (2/217-219) حسب جميع ما ذكر من أحاديث نبوية فقال : ” وكذلك أقول حكم من غَمَصَه ، أو عَيَّره برعاية الغنم ، أو السهو ، أو النسيان ، أو السحر ، أو ما أصابه من جُرحٍ أو هزيمة لبعض جيوشه ، أو أذى من عدوه ، أو شدة من زمنه ، أو بالميل إلى نسائه ، فحُكمُ هذا كلِّه – لِمن قصد به نقصَه – القتل “.
وهنا نجد أن حكم التأدب مع الرسول هو واجب فقد أمر الله تعالى بتوقيره والإيمان به، فهو خاتم الأنبياء والمرسلين وكان قرآناً يمشي على الأرض فمن الواجب أن نتأدب معه في حضوره وغيابه عليه الصلاة والسلام، فيكون التأدب بإطاعته والعمل والإيمان بما جاء به بالإضافة إلى الانقياد بأوامره، وتجنب رفع الصوت في حضوره، ومن باب التوقير أيضاً لرسولنا الكريم في غيابه هو الصلاة عليه كلما ذكر اسمه، فالتأدب مع الرسول عليه الصلاة والسلام هو واجب على كل مسلم.
أحاديث عن الأعراب
إن جُفاة الأعراب من حديثي العهد بالإسلام قد أساء بعضهم الأدب مع النبي عليه الصلاة والسلام ولكنه صبر وتحمل جفاءهم وغلظتهم معه وأحسن إليهم، فكان رسولنا الكريم على دراية بطبيعة بيئتهم وحياتهم التي تتصف بالقسوة والشدة لهذا كان يبين لهم برفق ويعاملهم بحكمة حسب عقولهم وعلى قدر تفكيرهم وسنتطرق في هذا المقال إلى بعض المواقف النبوية مع الأعراب وغلظتهم:
عن محمَّد بن جبير قال: أخبرني جبير بن مطعم أنه: ( بينما يسير هو مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ مقفله (رجوعه) من حنين، فَعَلِقَهُ (تبعه) الأعراب يسألونه، حتى اضطروه إلى سمرة (شجرة)، فخطفت رداءه، فوقف النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: أعطوني ردائي، فلو كان لي عدد هذه العضاه (شجر له شوك) نعما، لقسمته بينكم، ثم لا تجدوني بخيلا ولا كذابا ولا جبانا ) رواه البخاري .
عن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : ( كنت أمشى مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وعليه رداء نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه (جذبه) بردائه جبذة شديدة، نظرت إلى صفحة عنق رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقد أثرت بها حاشية الرداء من شدة جبذته ، ثم قال : يا محمد مُرْ لي من مال الله الذي عندك ، فالتفت إليه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فضحك ثم أمر له بعطاء ).[3]
أما من الأحاديث النبوية التي تم ذكر الأعراب فيها هي :
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قَدِمَ ناسٌ من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: “أتُقبِّلونَ صِبيانَكم؟”، فقال: ((نعم))، قالوا: لكنا والله ما نُقبِّل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أوَ أَملِكُ إن كان الله نزع من قلوبكم الرحمة؟!))؛ متفق عليه.[4]
وورى الأَمام عن ابن عباس عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ” من سكن البادية جفا ، ومن اتبع الصيد غفل ، ومن أتى السلطان افتتن “.[5]