بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
مواساة أبو الفضل العباس "عليه السلام" لأخيه الحسين "عليه السلام"
أبو الفضل العباس وما أدراك ما أبو الفضل
هو شخصية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً ( إلا في الأنبياء والمعصومين "عليهم السلام" ) حتى في أولاد الأنبياء فهؤلاء أولاد يعقوب "عليه السلام" شرعوا بقتل أخيهم من أبيهم حسداً من عند أنفسهم
أما أبو الفضل الذي تربى في أحضان الإمامة ورضع من ثدي أم البنين "عليها السلام" تلك المرأة التي جعلها الله باباً للحوائج ، كان العباس قدوة لكل الإخوة المؤمنين فلم يكتفي بنصرة أخيه أبن بنت رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم ولكنه واساه مواساة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً فقد زهد بالماء الذي هو قوام الحياة وهو في غاية العطش لأنه لم يشأ أن يشرب قبل أن يشرب أخوه وإمامه الحسين "عليه السلام" الماء فكان بذلك العمل قاب قوسين أو أدنى من العصمة الكبرى التي لم ينالها إلا المخلصين من عباد الله فكان جديراً بقول الشاعر : ـ
أبا الفضل يا من أسس الفضل والأبى
أبا الفضل إلا أن تكون له أبا
فلم يكتفي بالنصرة لأخيه في معركته ضد المارقين بل تجاوزها إلى المواساة .
والمواساة : هي أن تحرم نفسك من شيء أنت في غاية الاحتياج إليه لأن الآخر قد حرم منه فتصاب بالضرر على الرغم من عدم انتفاع الآخر من حرمانك هذا .
والمواساة الأخرى عندما سقط أبو الفضل على الأرض وقد أثخن بالجراحات جاءه الإمام الحسين "عليه السلام" ووضع رأسه في حجره إلا إنه رفع رأسه ووضعه على الأرض فسأله الإمام "عليه السلام" لماذا تفعل ذلك فقال "عليه السلام" (( "ما مضمونه " : بعد ساعة من يضع رأسك الشريف في حجره وأنت أبن بنت رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلم" )) .
وعادة يكون الجريح مشغولاً بجراحه وآلامه لا أن يفكر بما سيحدث بعد ساعة لغيرة مهما كان عزيزاً عليه
فما عساني أن أقول بمثله وأنا القاصرة عن معرفة كنه شخصه
فأقول يا سيدي تقبل مني هذه الأبيات القليلة في حقك علها تكون في ميزان حسناتي وتجعلني من جيرانك في دار النعيم :
هو يا أيــــــها النــــــــــــاس باب الحوائج عباس
مقطوع الكفوف في الطفوف ومضروب بالعمود على الرأس
أخــــــو العقيلة وكافلـــــــها وحاميها من أسوء الناس
مفتدي الحسين وناصـــــرة والناشر بين أصحابة الحماس
المعوض عن كفيه بجناحين وجناتٍ أحجارها زمرد وماس
هــــــــازم جند الكـــــــــفر ومذيقهم شديد البأس
المذبوح على أيدي من هم أشبه بالوسواس الخناس
أبن داحـــــــــي باب خيبر والمزوج من سيدة الناس
يحق لضريحـــك أن يملا من الورد والريحان وأغصان الياس
يا صنديد جدلت أعدائــك وأذقتهم بكفك مر الكأس
يا قمر العشيرة يا من لـه وجه أبيض من اللؤلؤ والماس
يا خازن العـــلم والجــود والتقى وصاحب النبراس
يا نجماً في سماء الإسلام وكوكباً علا فوق الرأس
إن قاتـــــلك في جهنـــــم ويستحق عقوبة من قال لا مساس
قم وأنظر لزينب وسبيها يا من حماها ممن هم شر الأجناس
يا تقيــــــاً نقيــــاً طاهراً ويا من سما فوق الناس
يا أبا الفضل يا صاحب الفضل والأبى ومرهف الشعور والإحساس
يا بن أصحاب الكرامات والمعجزات لو ألفت فيها كتب لأصبحن أكراس
يا بن من هو عقيـــــد عزٍ ورافع الإسلام وصاحب النوماس
يا بن صاحب البيعتين ومن قام الإسلام بسيفة وقاتل الأنجاس
يا بن الطــــاهرة المطهرة فاطمة بنت حزام طيبة الأساس
أم البنين ومــــا أدراك ما أم البنين فهي أم البطل عباس
قاتلك كافر مرتد عن الدين رجس وأبن الأرجاس
من بارزك عارف أنــــــه مقتول ومقطوع الأنفاس
أنت بطـــــــل الهيجـــــاء وذو الخبرة وشديد المراس
يحق أن يحتفل بمولــــدك وتشعل الشموع وتدق الأجراس
ملأت شهرت معجزاتــك المعمورة من أذربيجان إلى فأس
وإن لك محبين يمـــلأون الخافقين من أقصى الشرق إلى مكناس
شتان بين الثرى والثريـا وشتان بين الذهب والنحاس
شيعتكم مظلومون معذبون ومن شر أعداهم ملازمون للأحلاس
متى يظهر مهديكم فيخلص العباد من شر الأنجاس
لا يديل قبرك الطواغيــت حتى لو حشدوا الجنود والأتراس
إن لأرضــــك قداسة أشبه بقداسة قدس الأقداس
مولاي بهذه أرجو الشفاعة في يوم لا ينفع فيه ملك ولا حراس
