سعد الدليمي
Well-Known Member
الحمد لله الذي يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء. والصلاة والسلام على خاتم رسله وأنبيائه، وعلى آله وصحبه والتابعين.
أما بعد:
فنواصل تأملاتنا في سورة يوسف، ونقف اليوم مع يعقوب _عليه السلام_ وقد أُخبر أن بنيامين احتُجز في مصر وتخلف أخوه.لم ييأس من روح الله رغم تتالي المصائب، بل رجا الله أن يأتيه بهم جميعاً، ثم تولى عن أبنائه وقد ظن أن أنفسهم قد سولت لهم أمراً، "وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ". فماذا كان رد فعل أبنائه؟ هل انتهوا؟ هل جاؤوا يعتذرون؟ هل جاؤوا يقولون: يا أبانا أخطأنا في حقك، يا أبانا لم نكن نقصد هذا الأمر؟ بل: "قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ" (يوسف:85). كفى كفى، ألا يكفيكم ما هو فيه من حزن وبلاء وشدة وتضيفون إليه هذا الكلام. ألم يكن الأولى أن تقولوا: يا أبانا، أبشر إن ابنك قريب سيأتي به الله؟ ألم يكن الأولى أن تواسوا أباكم بما يذهب عنه الحزن والألم والحالة التي هو فيها؟ وتقسمون بالله "تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ"، تتصورون أن قولكم هذا سينسيه يوسف وأنه سيقطع أمله بالله _جل وعلا_، أنتم مخطئون.
أيها الأحبة: المرء إذا أصيب بهَمٍّ أو غم يحتاج إلى من يواسيه ويسليه ويخفف عنه. بعض الناس _هداهم الله_ يضيفون إلى البلاء بلاء. يأخذون في التعنيف. يكفيه ما هو فيه. «لا تنهرن غريباً حال غربته»، يعني تكفيه غربته. كذلك إذا ابتلي المرء، وأخذ الناس من حوله يقنطونه ويزيدون همه، عليه ألا يستجيب لهم، وأن يستعن بالله ويتوكل عليه. ماذا قال يعقوب _عليه السلام_ لأبنائه؟ "قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ" (يوسف:86). كأنه يقول لهم: إليكم عني، دعوني، أنتم لا تعيشون مأساتي ولا تعلمون ما أحسّ به من أمل وتفاؤل وحسن ظن بالله _جل وعلا_. تأملوا هذه المشاهد العجيبة مشهد هذا الأب المحزون المكلوم، ومع ذلك لا يفرط في التفاؤل، وهؤلاء الذين هم سبب المشكلة، ومع ذلك يقنطونه يزيدونه مشكلة إلى مشكلته. "قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ" فالمسلم يشكو بثه وحزنه إلى الله لا إلى الخلق.
سعد الدليمي
أما بعد:
فنواصل تأملاتنا في سورة يوسف، ونقف اليوم مع يعقوب _عليه السلام_ وقد أُخبر أن بنيامين احتُجز في مصر وتخلف أخوه.لم ييأس من روح الله رغم تتالي المصائب، بل رجا الله أن يأتيه بهم جميعاً، ثم تولى عن أبنائه وقد ظن أن أنفسهم قد سولت لهم أمراً، "وَقَالَ يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ". فماذا كان رد فعل أبنائه؟ هل انتهوا؟ هل جاؤوا يعتذرون؟ هل جاؤوا يقولون: يا أبانا أخطأنا في حقك، يا أبانا لم نكن نقصد هذا الأمر؟ بل: "قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ" (يوسف:85). كفى كفى، ألا يكفيكم ما هو فيه من حزن وبلاء وشدة وتضيفون إليه هذا الكلام. ألم يكن الأولى أن تقولوا: يا أبانا، أبشر إن ابنك قريب سيأتي به الله؟ ألم يكن الأولى أن تواسوا أباكم بما يذهب عنه الحزن والألم والحالة التي هو فيها؟ وتقسمون بالله "تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ"، تتصورون أن قولكم هذا سينسيه يوسف وأنه سيقطع أمله بالله _جل وعلا_، أنتم مخطئون.
أيها الأحبة: المرء إذا أصيب بهَمٍّ أو غم يحتاج إلى من يواسيه ويسليه ويخفف عنه. بعض الناس _هداهم الله_ يضيفون إلى البلاء بلاء. يأخذون في التعنيف. يكفيه ما هو فيه. «لا تنهرن غريباً حال غربته»، يعني تكفيه غربته. كذلك إذا ابتلي المرء، وأخذ الناس من حوله يقنطونه ويزيدون همه، عليه ألا يستجيب لهم، وأن يستعن بالله ويتوكل عليه. ماذا قال يعقوب _عليه السلام_ لأبنائه؟ "قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ" (يوسف:86). كأنه يقول لهم: إليكم عني، دعوني، أنتم لا تعيشون مأساتي ولا تعلمون ما أحسّ به من أمل وتفاؤل وحسن ظن بالله _جل وعلا_. تأملوا هذه المشاهد العجيبة مشهد هذا الأب المحزون المكلوم، ومع ذلك لا يفرط في التفاؤل، وهؤلاء الذين هم سبب المشكلة، ومع ذلك يقنطونه يزيدونه مشكلة إلى مشكلته. "قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ" فالمسلم يشكو بثه وحزنه إلى الله لا إلى الخلق.
سعد الدليمي