فتنةة العصر
رئيسة اقسام الصور 🌹شيخة البنات 🌹
- إنضم
- 7 أغسطس 2015
- المشاركات
- 1,313,451
- مستوى التفاعل
- 175,169
- النقاط
- 113
- الإقامة
- السعودية _ الأحساء ♥️
الفصل الثاني
ولادة الحسين عليه السلام وصباه
والكرامات الحاصلة له فيهما
ولادة الحسين عليه السلام وصباه
والكرامات الحاصلة له فيهما
ولد الحسين عليه السلام في المدينة المنورة عام الخندق سنة أربعة من الهجرة النبوية المباركة في يوم الخميس الثالث من شعبان .
وفي ولادة الإمام الحسين عليه السلام وقبلها كرامات تدلّ على كثير من العلامات والإشارات والأحداث التي تبين عظمته عليه السلام ومنزلته عند الله تعالى ورسوله ، وما له من الشأن الكبير في الحفاظ على الدين الحنيف وأسسه ، وما سيقوم به من الدور الخطير في الدفاع عنه وتبيين حقائقه وما يجب على المسلمين من الإقتداء به وإتباع إمامته عليه السلام.
ملاحظة : لما كانت أكثر كرامات الحسين عليه السلام مشتركة مع أخيه الأكبر الحسن المجتبى فلذا قد نعنون بعض العناوين باسميهما الكريمين .
كما أن في بيان هذه الأمور الواقعة في ولادة الحسن والحسين عليهما السلام في صباهما ليس فقط ذكر للفضائل يرجى بها الثواب فحسب وأن كان فيه الكفاية ، ولكن المهم هو الإقتداء بهذه السيرة الطيبة لجدهما وأبويهما معهما سواء في التسمية والولادة ورسومها أو في التربية والمعاملة مع الأطفال ، كما أن قراءة فضائل النبي محمد وآله وسيرتهم وسننهم فيها من التعاليم الدينية التي توصل لسعادة الدنيا والآخرة ، وتـفرح القلب وتـقر العين برجاء فضل الله وثوابه لأحبابه ومطيعيه في الدنيا والآخرة .
كما أن من يستبعد شيء من فضائل محمد وآله أو يريد يطمئن قلبه بصدقها وإن لهم عليهم السلام المزيد من الكرامات والفضائل وإن ما وصلنا إلا القليل منها فليقرأ الاعتقاد في مناقب سادات العباد.
وأما الكرامات فهي في أمور أهمها :
الأمر الأول : في تسمية الحسين عليه السلام :
الأمر الثاني : ولد الحسين طاهر نضيف :
الأمر الثالث : في إرتضاعه من لسان النبي :
الأمر الرابع : ولد الحسين عليه السلام لستة اشهر :
الأمر الخامس :في يوم ولادته غفر الله لفطرس ودردائيل وصلصائيل:
الأمر السادس :الأذان و العقيقة والحلق عن الحسن والحسين :
الأمر السابع :جبرائيل يلهي الحسين عن البكاء حتى تستيقظ أمه :
الأمر الثامن :النبي يعلمنا أنه لا يجوز إذاء الحسين :
الأمر التاسع :في شعر الحسن والحسين في صباهما :
الأمر العاشر: تصارع الحسن والحسين عند النبي :
الأمر الحادي عشر :النبي يفدي ابنه للحسين عليه السلام :
الأمر الثاني عشر :البارقة تضيء طريق الحسن والحسين:
الأمر الثالث عشر :الحسن والحسين في رعاية الله ونبيه :
الأمر الرابع عشر : حلتان من الجنة للحسن والحسين :
الأمر الخامس عشر:يعلمنا النبي الرحمة بتقبيله للحسن والحسين :
الأمر السادس عشر :سقاية واستقاء النبي للحسن والحسين :
الأمر السابع عشر :أولادنا أكبادنا يمشون على الأرض:
الأمر الثامن عشر :النبي يلاعب الحسن والحسين :
الأمر التاسع عشر :نوع آخر من الملاعبة للحسن والحسين مع النبي وأمهما :
الأمر العشرون :ملاعبة أخرى بين النبي والحسين :
الأمر الحادي والعشرون :في أول تكبير للحسين :
الأمر الثاني والعشرون:الحسن والحسين يتسابقان في الخط والله يحكم بينهم :
الأمر الثالث والعشرون :طعام من الجنة للحسن والحسين ولجدهما وأبيهما وأمهما:
الأمر الرابع والعشرون :غزال للحسين عليه السلام :
الأمر الخامس والعشرون :النبي الأكرم يعوذ الحسن والحسين:
الأمر الأول : في تسمية الحسين عليه السلام :
لما كان ذكر ولادة الحسن والحسين وتسميتهما واحدة وحالت ولادتهما متشابه نذكر هنا رواية واحدة تفصل موضوع تسميتهما وكون أن اسميهما الكريمين مختارين من قبل الله تعالى وفي هذا الباب روايات كثيرة نذكر واحدة منها ومن أراد التفصيل فعليه بمراجعة المطولات كالبحار وغيره :
عن علي بن الحسين عليهم السلام عن أسماء بنت عميس قالت قبلت ( كانت قابلة و مولدة ) جدتك فاطمة عليها السلام بالحسن والحسين عليهما السلام .
فلما ولد الحسن عليه السلام جاء النبي صلى الله عليه وآله فقال : يا أسماء هاتي ابني ، فدفعته إليه في
خرقة صفراء ، فرمى بها النبي صلى الله عليه وآله وقال : يا أسماء ألم أعهد إليكم أن لا تلفوا المولود في خرقة صفراء ، فلففته في خرقة بيضاء ودفعته إليه .
فأذن في إذنه اليمنى وأقام في اليسرى ثم قال لعلي عليه السلام : بأي شئ سميت ابني ؟ قال : ما كنت أسبقك باسمه يا رسول الله ، قد كنت احب أن اسميه حربا فقال النبي صلى الله عليه وآله : ولا
أسبق أنا باسمه ربي .
ثم هبط جبرائيل عليه السلام فقال : يا محمد العلي الأعلى يقرئك السلام ويقول :
علي منك بمنزلة هارون من موسى ولا نبي بعدك سم ابنك هذا باسم ابن هارون .
قال النبي صلى الله عليه وآله : وما اسم ابن هارون ؟ قال : شبر ، قال النبي صلى الله عليه وآله لساني عربي .
قال جبرائيل عليه السلام : سمه الحسن .
قالت أسماء : فسماه الحسن فلما كان يوم سابعة عق النبي صلى الله عليه وآله عنه بكبشين أملحين وأعطى القابلة فخذا ودينارا وحلق رأسه ، وتصدق بوزن الشعر ورقا وطلى رأسه بالخلوق ثم قال : يا أسماء الدم فعل الجاهلية .
قالت أسماء : فلما كان بعد حول ولد الحسين عليه السلام وجاءني النبي صلى الله عليه وآله فقال :
يا أسماء هلمي ابني ، فدفعته إليه في خرقة بيضاء فأذن في إذنه اليمنى ، وأقام في اليسرى ، ووضعه في حجره فبكى ، فقالت أسماء : قلت : فداك أبي وأمي مم بكاؤك .
قال : على ابني هذا قلت : إنه ولد الساعة يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : تقتله الفئة الباغية
من بعدي لا أنالهم الله شفاعتي .
ثم قال : يا أسماء لا تخبري فاطمة بهذا فإنها قريبة عهد بولادته .
ثم قال لعلي عليه السلام : أي شئ سميت ابني ؟ قال : ما كنت لاسبقك باسمه يا رسول الله ، وقد
كنت احب أن اسميه حربا فقال النبي صلى الله عليه وآله ولا أسبق باسمه ربي عز وجل .
ثم هبط جبرائيل عليه السلام فقال : يا محمد العلي الأعلى يقرئك السلام ، ويقول لك : على منك كهارون من موسى ، سم ابنك هذا باسم ابن هارون قال النبي صلى الله عليه وآله وما اسم ابن هارون ؟ قال : شبير قال النبي صلى الله عليه وآله : لساني عربي .
قال جبرائيل : سمه الحسين فسماه الحسين فلما كان يوم سابعة عق عنه النبي صلى الله عليه وآله بكبشين أملحين وأعطى القابلة فخذا ودينارا ثم حلق رأسه ، وتصدق بوزن الشعر ورقا وطلى رأسه
بالخلوق ، فقال : يا أسماء الدم فعل الجاهلية .
بيان : الملحة : بياض يخالطه سواد ، والخلوق : طيب معروف مركب يتخذ
من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة .
البحار باب 11، أو 12 حديث 4 جزء 39 أو 43
عمران بن سلمان وعمرو بن ثابت قالا : الحسن والحسين اسمان من أسامي أهل الجنة ولم يكونا في الدنيا .
عن جابر قال النبي صلى الله عليه وآله : سمي الحسن حسنا لان بإحسان الله قامت السماوات
والأرضون ، واشتق الحسين من الإحسان ، وعلي والحسن اسمان من أسماء الله تعالى
والحسين تصغير الحسن .
وحكى أبو الحسين النسابة : كأن الله عز وجل حجب هذين الاسمين عن الخلق يعني حسنا وحسينا يسمي بهما ابنا فاطمة عليها السلام فانه لا يعرف أن أحدا من العرب تسمى بهما في قديم الأيام إلى عصرهما لا من ولد نزار ولا اليمن مع سعة أفخاذهما.
حديث 30 في البحار.
إلى الأعلى
الأمر الثاني : ولد الحسين طاهر نضيف .
عن صفية بنت عبد المطلب قالت : لما سقط الحسين من بطن أمه وكنت وليتها عليها السلام .
قال النبي صلى الله عليه وآله : يا عمة هلمي إلي ابني .
فقلت : يا رسول الله إنا لم ننظفه بعد .
فقال : يا عمة أنت تنظفينه ؟ إن الله تبارك وتعالى قد نظفه وطهره .
الحديث 16 في البحار باب 11 جزء 39 أو 43 حسب الطبعة .
إلى الأعلى
الأمر الثالث : في إرتضاعه من لسان النبي :
عن صفيه بنت عبد المطلب قالت : لما سقط الحسين عليه السلام من بطن أمه فدفعته إلى النبي صلى الله عليه وآله فوضع النبي صلى الله عليه وآله لسانه في فيه وأقبل الحسين على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله يمصه قالت : فما كنت أحسب رسول الله صلى الله عليه وآله يغذوه إلا لبنا أو عسلا قالت : فبال الحسين عليه فقبل النبي صلى الله عليه وآله بين عينيه ثم دفعه إلي وهو يبكي ويقول : لعن الله قوما هم قاتلوك يا بني يقولها ثلاثا .
قالت : فقلت : فداك أمي ومن يقتله ؟ قال : بقية الفئة الباغية من بني أمية لعنهم الله .
حديث 17.
عن برة ابنة امية الخزاعي قالت : لما حملت فاطمة عليها السلام بالحسن خرج النبي صلى الله عليه وآله في بعض وجوهه فقال لها : إنك ستلدين غلاما قد هنأني به جبرائيل ، فلا ترضعيه حتى أصير إليك قالت : فدخلت على فاطمة حين ولدت الحسن ، عليه السلام وله ثلاث ما أرضعته فقلت لها: أعطينيه حتى ارضعه ، فقالت : كلا ثم أدركتها رقة الأمهات فأرضعته فلما جاء النبي صلى الله عليه وآله قال لها : ما ذا صنعت ؟
قالت : أدركتني عليه رقة الأمهات فأرضعته فقال : أبى الله عز وجل إلا ما أراد .
فلما حملت بالحسين عليه السلام قال لها : يا فاطمة إنك ستلدين غلاما قد هنأني به جبرائيل فلا ترضعيه حتى أجئ إليك ولو أقمت شهرا ، قالت : أفعل ذلك ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض وجوهه ، فولدت فاطمة الحسين عليه السلام فما أرضعته حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وآله.
فقال لها : ماذا صنعت ؟
قالت : ما أرضعته ، فأخذه فجعل لسانه في فمه فجعل الحسين يمص حتى قال النبي صلى الله عليه وآله : إيها حسين إيها حسين
ثم قال : أبى الله إلا ما يريد هي فيك وفي ولدك يعني الإمامة .حديث 32.
إلى الأعلى
الأمر الرابع : ولد الحسين عليه السلام لستة اشهر :
عن أبي عبد الله عليه السلام قال :
((إن جبرائيل عليه السلام نزل على محمد صلى الله عليه وآله فقال له : يا محمد إن الله يبشرك بمولود يولد من فاطمة ، تقتله أمتك من بعدك .
فقال : يا جبرائيل وعلى ربي السلام لا حاجة لي في مولود يولد من فاطمة ، تقتله أمتي من بعدي ، فعرج ثم هبط عليه السلام فقال له مثل ذلك.
فقال : يا جبرائيل وعلى ربي السلام لا حاجة لي في مولود تقتله أمتي من بعدي .
فعرج جبرائيل عليه السلام إلى السماء ثم هبط فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويبشرك بأنه جاعل في ذريته الإمامة والولاية والوصية .
فقال : قد رضيت ثم أرسل إلى فاطمة أن الله يبشرني بمولود يولد لك ، تقتله أمتي من بعدي.
فأرسلت إليه لا حاجة لي في مولود ( مني) ، تقتله أمتك من بعدك .
فأرسل إليها أن الله قد جعل في ذريته الإمامة والولاية والوصية فأرسلت إليه إن قد رضيت ، ف " حملته كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي " فلولا أنه قال : أصلح لي في ذريتي لكانت ذريته كلهم أئمة .
ولم يرضع الحسين من فاطمة عليها السلام ولا من أنثى ، كان يؤتى به النبي فيضع إبهامه في فيه فيمص منها ما يكفيها اليومين والثلاث ، فنبت لحم الحسين عليه السلام من لحم رسول الله ودمه ولم يولد لستة أشهر إلا عيسى ابن مريم عليه السلام والحسين بن علي عليهما السلام .
وفي رواية أخرى ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله كان يؤتى به الحسين فيلقمه لسانه فيمصه فيجزئ به ولم يرتضع من أنثى .
أصول الكافي الجزء الأول صفحة 387 الحديث4 كتاب الحجة باب116 مولد الحسين عليه السلام .
إلى الأعلى
الأمر الخامس :في يوم ولادته غفر الله لفطرس ودردائيل وصلصائيل:
جاءت روايات كثيرة في أن الله سبحانه وتعالى قد غفر لفطرس كما ورد أيضاً في ودردائيل وصلصائل ـ وأنهم كانوا ملائكة كان مغضوب عليهم ـ ففيوم ولادة الحسين عليه السلام كرامة له عليه السلام غفر الله لهم .
عن إبراهيم بن شعيب قال : سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول :
{{إن الحسين بن علي لما ولد أمر الله عز وجل جبرائيل أن يهبط في ألف من الملائكة فيهنئ رسول الله صلى الله عليه وآله من الله عز وجل ومن جبرائيل .
قال : فهبط جبرائيل فمر على جزيرة في البحر فيها ملك يقال له : فطرس كان من الحملة بعثه الله عز وجل في شئ فأبطأ عليه فكسر جناحه وألقاه في تلك الجزيرة فعبد الله تبارك وتعالى فيها سبعمائة عام حتى ولد الحسين بن علي عليهما السلام .
فقال الملك لجبرائيل : يا جبرائيل أين تريد ؟ قال : إن الله عز وجل أنعم على محمد بنعمة فبعثت أهنئه من الله ومني فقال : يا جبرائيل احملني معك لعل محمدا صلى الله عليه وآله يدعو لي ، قال : فحمله .
قال : فلما دخل جبرائيل على النبي صلى الله عليه وآله هنأه من الله عز وجل ، ومنه وأخبره بحال فطرس .
فقال النبي صلى الله عليه وآله : قل له : تمسح بهذا المولود ، وعد إلى مكانك ، قال فتمسح فطرس بالحسين بن علي عليهما السلام وارتفع .
فقال : يا رسول الله أما إن أمتك ستقتله وله علي مكافاة ألا يزوره زائر إلا أبلغته عنه ولا يسلم عليه
مسلم إلا أبلغته سلامه ولا يصلي عليه مصل إلا أبلغته صلاته ثم ارتفع}} .
البحار باب 11 الحديث 18.
قال ابن عباس : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول :
{{إن الله تبارك وتعالى ملكا يقال له : دردائيل كان له ستة عشر ألف جناح ، ما بين الجناح إلى الجناح هواء ، وآلهواء كما بين السماء والأرض .
فجعل يوما يقول في نفسه : أفوق ربنا جل جلاله شئ ؟ فعلم الله تبارك وتعالى ما قال فزاده أجنحة مثلها فصار له اثنان وثلاثون ألف جناح ثم أوحى الله عز وجل إليه أن : طر ، فطار مقدار خمسمائة عام ، فلم ينل رأسه قائمة من قوائم العرش .
فلما علم الله عز وجل أتعابه ، أوحى إليه أيها الملك عد إلى مكانك ، فأنا عظيم فوق كل عظيم ، وليس فوقي شئ ، ولا أوصف بمكان ، فسلبه الله أجنحته ومقامه من صفوف الملائكة .
فلما ولد الحسين بن علي صلوات الله عليهما ، وكان مولده عشية الخميس ليلة الجمعة أوحى الله إلى مالك خازن النيران أن اخمد النيران على أهلها لكرامة مولود ولد لمحمد صلى الله عليه وآله ، وأوحى إلى رضوان خازن الجنان أن زخرف الجنان وطيبها لكرامة مولد ولد لمحمد صلى الله عليه وآله في دار الدنيا ، وأوحى إلى حور العين [ أن ] تزين وتزاورن لكرامة مولود ولد لمحمد صلى الله عليه وآله في دار الدنيا .
وأوحى الله إلى الملائكة أن قوموا صفوفا بالتسبيح والتحميد والتمجيد والتكبير ، لكرامة مولود ولد لمحمد صلى الله عليه وآله في دار الدنيا ، وأوحى الله عز وجل إلى جبرائيل عليه السلام أن اهبط إلى نبيي محمد في ألف قبيل ، في القبيل ألف ألف ملك على خيول بلق مسرجة ملجمة ، عليها قباب الدر والياقوت ، معهم ملائكة يقال لهم : الروحانيون بأيديهم حراب من نور أن هنئوا محمدا بمولوده .
وأخبره يا جبرئيل أني قد سميته الحسين وعزه وقل له : يا محمد يقتله شرار أمتك على شرار الدواب فويل للقاتل ، وويل للسائق ، وويل للقائد ، قاتل الحسين أنا منه برئ وهو مني برئ لأنه لا يأتي أحد يوم القيامة إلا وقاتل الحسين أعظم جرما منه .
قاتل الحسين يدخل النار يوم القيامة مع الذين يزعمون أن مع الله إلها آخر والنار أشوق إلى قاتل الحسين ممن أطاع الله إلى الجنة .
قال : فبينا جبرائيل يهبط من السماء إلى الأرض إذ مر بدردائيل فقال له دردائيل : يا جبرائيل ما هذه الليلة في السماء هل قامت القيامة على أهل الدنيا ؟ قال : لا ، و لكن ولد لمحمد مولود في دار الدنيا وقد بعثتي الله عز وجل إليه لأهنئه بمولوده فقال الملك له : يا جبرائيل بالذي خلقك وخلقني إن هبطت إلى محمد فأقرئه مني السلام وقل له : بحق هذا المولود عليك إلا ما سألت الله ربك أن يرضى عني ويرد علي أجنحتي ومقامي من صفوف الملائكة .
فهبط جبرائيل على النبي صلى الله عليه وآله وهنأه كما أمره الله عز وجل وعزاه
.
فقال النبي صلى الله عليه وآله : تقتله أمتي ؟ قال : نعم ، فقال النبي صلى الله عليه وآله ما هؤلاء بأمتي أنا برئ منهم والله برئ منهم قال جبرائيل : وأنا برئ منهم يا محمد .
فدخل النبي صلى الله عليه وآله على فاطمة وهنأها وعزاها فبكت فاطمة عليها السلام وقالت :
يا ليتني لم ألده قاتل الحسين في النار وقال النبي صلى الله عليه وآله أنا أشهد بذلك يا فاطمة ولكنه لا يقتل حتى يكون منه إمام تكون منه الأئمة الهادية بعده .
ثم قال صلى الله عليه وآله : الأئمة بعدي : الهادي علي ، المهتدي الحسن ، الناصر الحسين ، المنصور علي بن الحسين ، الشافع محمد بن علي ، النفاع جعفر بن محمد ، الأمين موسى بن جعفر ، الرضا علي بن موسى ، الفعال محمد بن علي ، المؤتمن علي بن محمد ، العلام الحسن بن علي ، ومن يصلي خلفه عيسى بن مريم ، فسكنت فاطمة من البكاء .
ثم أخبر جبرئيل النبي صلى الله عليه وآله بقضية الملك وما أصيب به .
قال ابن عباس فأخذ النبي صلى الله عليه وآله الحسين وهو ملفوف في خرق من صوف فأشار به إلى السماء ثم قال : اللهم بحق هذا المولود عليك ، لا بل بحقك عليه ، وعلى جده محمد وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ، إن كان للحسين بن علي ابن فاطمة عندك قدر فارض عن دردائيل ورد عليه أجنحته ومقامه من صفوف الملائكة .
فاستجاب الله دعاءه ، وغفر للملك ، والملك لا يعرف في الجنة إلا بأن يقال : هذا مولى الحسين بن علي ابن رسول الله صلى الله عليه وآله .
بيان : لعل هذا على تقدير صحة الخبر كان بمحض خطور البال ، من غير اعتقاد بكون الباري تعالى ذا مكان أو المراد بقوله : فوق ربنا شئ فوق عرش ربنا إما مكانا أو رتبة فيكون ذلك منه تقصيرا في معرفة عظمته وجلاله ، فيكون على هذا ذكر نفي المكان لرفع ما ربما يتوهم متوهم والله يعلم}} .
البحار الحديث 24 .
عن الصادق عليه السلام أنه قال :
{{كان ملك بين المؤمنين يقال له : صلصائيل ، بعثه الله في بعث فأبطأ فسلبه ريشه ودق جناحيه وأسكنه في جزيرة من جزائر البحر إلى ليلة ولد الحسين عليه السلام ، فنزلت الملائكة واستأذنت الله في تهنئة جدي رسول الله صلى الله عليه وآله وتهنئة أمير المؤمنين عليه السلام وفاطمة عليها السلام فأذن الله لهم فنزلوا أفواجا من العرش ومن السماء فمروا بصلصائيل وهو ملقى بالجزيرة .
فلما نظروا إليه وقفوا فقال لهم يا ملائكة ربي إلى أين تريدون ؟ وفيم هبطتم ؟
فقالت له الملائكة : ياصلصائيل قد ولد في هذه الليلة أكرم مولود ولد في الدنيا بعد جده رسول الله صلى الله عليه وآله وأبيه علي وأمه فاطمة وأخيه الحسن والحسين وقد استأذنا الله في تهنئة حبيبه محمد صلى الله عليه وآله لولده فأذن لنا .
فقال صلصائيل : يا ملائكة الله إني أسألكم بالله ربنا وربكم وبحبيبه محمد صلى الله عليه وآله وبهذا المولود أن تحملوني معكم إلى حبيب الله وتسألونه وأسأله أن يسأل الله بحق هذا المولود الذي وهبه
الله له أن يغفر لي خطيئتي ويجبر كسر جناحي ويردني إلى مقامي مع الملائكة المقربين .
فحملوه و جاءوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فهنئوه بابنه الحسين عليه السلام وقصوا عليه قصة الملك وسألوه مسألة الله والإقسام عليه بحق الحسين عليه السلام أن يغفر له خطيئته ويجبر كسر جناحه ، ويرده إلى مقامه مع الملائكة المقربين .
فقام رسول الله صلى الله عليه وآله فدخل على فاطمة عليها السلام فقال لها : ناوليني ابني الحسين فأخرجته إليه مقموطا يناغي جده رسول الله صلى الله عليه وآله فخرج به إلى الملائكة فحمله على بطن كفه فهللوا وكبروا وحمدوا الله تعالى وأثنوا عليه .
فتوجه به إلى القبلة نحو السماء ، فقال : اللهم إني أسألك بحق ابني الحسين أن تغفر لصلصائيل خطيئته ، وتجبر كسر جناحه ، وترده إلى مقامه مع الملائكة المقربين ، فتقبل الله تعالى من النبي صلى الله عليه وآله ما أقسم به عليه ، وغفر لصلصائيل خطيئته وجبر كسر جناحه ، ورده إلى مقامه مع الملائكة المقربين .
إلى الأعلى
الأمر السادس :الأذان و العقيقة والحلق عن الحسن والحسين :
مر بعض الذكر عن هذا الموضوع في ضمن الأمر الأول ونفرده هنا لتعم الفائدة .
ذكر في البحار روى مرفوعا إلى علي عليه السلام قال : حضرت ولادة فاطمة عليها السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأسماء بنت عميس وأم سلمة : أحضراها فإذا وقع ولدها واستهل فأذنا في إذنه اليمنى وأقيما في إذنه اليسرى فانه لا يفعل ذلك بمثله إلا عصم من الشيطان .
عن أبي عبد الله عليه السلام قال : الغلام رهن بسابعه بكبش ، يسمى فيه ويعق عنه ، وقال : إن فاطمة عليها السلام حلقت ابنيها وتصدقت بوزن شعرهما فضة . الحديث 35 .
عن أبي عبد الله عليه السلام قال : سمى رسول الله صلى الله عليه وآله حسنا و حسينا عليهما السلام يوم سابعهما وشق من اسم الحسن الحسين وعق عنهما شاة شاة ، وبعثوا برجل شاة إلى القابلة ، ونظروا ما غيره ، وأكلوا منه ، وأهدوا إلى الجيران ، وحلقت فاطمة عليها السلام رؤوسهما وتصدقت بوزن شعرهما فضة . الحديث39.في هذا المعنى أحاديث كثيرة من أراد المزيد فليراجع .
إلى الأعلى
الأمر السابع :جبرائيل يلهي الحسين عن البكاء حتى تستيقظ أمه :
وفي المسألة الباهرة في تفضيل الزهراء الطاهرة ، عن أبي محمد الحسن بن طاهر القائني الهاشمي قال : جاء الحديث :
(( أن جبرائيل نزل يوما فوجد الزهراء نائمة والحسين قلقا على عادة الأطفال مع أمهاتهم فقعد جبرائيل يلهيه عن البكاء حتى استيقظت فأعلمها رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك ))
. الحديث 59 .
إلى الأعلى
الأمر الثامن :النبي يعلمنا أنه لا يجوز إذاء الحسين :
عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وآله أتي بالحسين بن علي عليهما السلام فوضع في حجره فبال عليه فاخذ فقال : لاتزرموا ابني ثم دعى بماء فصب عليه . الحديث 22 .
. قال الأصمعي الازرام : القطع ، يقال للرجل إذا قطع بوله أزرمت بولك وأزرمه غيره إذا قطعه ، وزرم البول نفسه إذا انقطع .
إلى الأعلى
الأمر التاسع :في شعر الحسن والحسين في صباهما :
ذكر في البحار قال : وكان لهما ذؤابتان في القرن الأيسر ، وكان الثقب في الأذن اليمنى في شحمة الأذن وفي اليسرى في أعلى الأذن فالقرط في اليمنى والشنف في اليسرى .
و قد روي أن النبي صلى الله عليه وآله ترك لهما ذؤابتين في وسط الرأس وهو أصح من القرن .
بيان : القرط بالضم : الذي يعلق فط شحمة الأذن ، والشنف بالفتح ما يعلق في أعلى الإذن .
وروي أن النبي صلى الله عليه وآله ترك لهما ذؤابتين في وسط الرأس .
إلى الأعلى
الامر العاشر: تصارع الحسن والحسين عند النبي :
عن الإمام علي عليهم السلام قال : بينما الحسن والحسين يصطرعان عند النبي صلى الله عليه وآله فقال النبي صلى الله عليه وآله : هي يا حسن.
فقالت فاطمة : يا رسول الله تعين الكبير على الصغير ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : جبرائيل يقول : هي يا حسين وأنا أقول : هي يا حسن . الحديث 7.
بيان : قال الجوهري : تقول للرجل إذا استزدته من حديث أو عمل إيه بكسر الهاء ، قال ابن السكيت : فان وصلت نونت فقلت إيه حدثنا ثم قال : فإذا أسكته وكففته قلت : إيها عنا وإذا أردت التبعيد قلت : أيها بالفتح .
أقول : يظهر من الخبر أن إيها بالنصب أيضا يكون للاستزادة.
إلى الأعلى
الأمر الحادي عشر :النبي يفدي ابنه للحسين عليه السلام :
عن ابن عباس قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وآله وعلى فخذه الأيسر ابنه إبراهيم وعلى فخذه الأيمن الحسين بن علي وهو تارة يقبل هذا وتارة يقبل هذا إذ هبط جبرائيل بوحى من رب العالمين .
فلما سري عنه قال : أتاني جبرائيل من ربي فقال : يا محمد إن ربك يقرء عليك السلام ويقول : لست أجمعها لك فأفد أحدهما بصاحبه ، فنظر النبي صلى الله عليه وآله إلى إبراهيم فبكى ونظر إلى الحسين فبكى ، وقال : إن إبراهيم أمه أمة ، ومتى مات لم يحزن عليه غيري ، وأم الحسين فاطمة وأبوه علي ابن عمي لحمي ودمي ، ومتى مات حزنت
ابنتي وحزن ابن عمي وحزنت أنا عليه ، وأنا أوثر حزني على حزنهما يا جبرائيل يقبض إبراهيم فديته للحسين .
قال : فقبض بعد ثلاث فكان النبي صلى الله عليه وآله إذا رأى الحسين عليه السلام مقبلا قبله وضمه إلى صدره ورشف ثناياه ، وقال : فديت من فديته بابني إبراهيم .الحديث 2.
إلى الأعلى
الأمر الثاني عشر :البارقة تضيء طريق الحسن والحسين:
بالأسانيد الثلاثة ، عن الرضا ، عن آبائه عليهم السلام قال : إن الحسن والحسين عليهما السلام كانا يلعبان عند النبي صلى الله عليه وآله حتى مضى عامة الليل ثم قال لهما : انصرفا إلى أمكما فبرقت برقة فما زالت تضئ لهما حتى دخلا على فاطمة عليها السلام
والنبي صلى الله عليه وآله ينظر إلى البرقة فقال : الحمد لله الذي أكرمنا أهل البيت . الحديث 24 .
صح : عنه ، عن آبائه عليهم السلام مثله.
إلى الأعلى
الأمر الثالث عشر :الحسن والحسين في رعاية الله ونبيه :
عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام ، عن أبيه ، عن جده عليهما السلام قال :{{ مرض النبي صلى الله عليه وآله المرضة التي عوفي منها فعادته فاطمة سيدة النساء ومعها الحسن والحسين عليهما السلام قد أخذت الحسن بيدها اليمنى وأخذت الحسين بيدها اليسرى وهما يمشيان وفاطمة بينهما حتى دخلوا منزل عائشة .
فقعد الحسن عليه السلام على جانب رسول الله صلى الله عليه وآله الأيمن والحسين عليه السلام على جانب رسول الله صلى الله عليه وآله الأيسر.
فأقبلا يغمزان ما يليهما من بدن رسول الله صلى الله عليه وآله فما أفاق النبي صلى الله عليه وآله من نومه .
فقالت فاطمة للحسن والحسين : حبيبي إن جدكما قد غفا فانصرفا ساعتكما هذه ودعاه حتى يفيق وترجعان إليه ، فقالا ، لسنا ببارحين في وقتنا هذا فاضطجع الحسن على عضد النبي الأيمن ، والحسين على عضده الأيسر فغفيا وانتبها قبل أن ينتبه النبي صلى الله عليه وآله وقد كانت فاطمة عليها السلام لما نام انصرفت إلى منزلها .
فقالا لعائشة : ما فعلت أمنا ؟ قالت : لما نمتما رجعت إلى منزلها .
فخرجا في ليلة ظلماء مدلهمة ذات رعد وبرق وقد أرخت السماء عزاليها فسطع لهما نور فلم يزالا يمشيان في ذلك النور والحسن قابض بيده اليمنى على يد الحسين اليسرى وهما يتماشيان ويتحدثان حتى أتيا حديقة بني النجار ، فلما بلغا الحديقة حارا فبقيا لا يعلمان أين يأخذان .
فقال الحسن للحسين : إنا قد حرنا وبقينا على حالتنا هذه ، وما ندري أين نسلك ؟ فلا عليك أن ننام في وقتنا هذا حتى نصبح ، فقال له الحسين عليه السلام : دونك يا أخي فافعل ما ترى . فاضطجعا جميعا واعتنق كل واحد منهما صاحبه وناما .
وانتبه النبي صلى الله عليه وآله عن نومته التي نامها فطلبهما في منزل فاطمة فلم يكونا فيه وافتقدهما ، فقام صلى الله عليه وآله قائما على رجليه ، وهو يقول : إلهي وسيدي ومولاي هذان شبلي خرجا من المخمصة والمجاعة اللهم أنت وكيلي عليهما فسطع للنبي صلى الله عليه وآله نور فلم يزل يمضي في ذلك النور حتى أتى حديقة بني النجار .
فإذا هما نائمان قد اعتنق كل واحد منهما صاحبه وقد تقشعت السماء فوقهما كطبق فهي تمطر كأشد مطر ما رآه الناس قط وقد منع الله عز وجل المطر منهما في البقعة التي هما فيها نائمان لا يمطر عليهما قطرة ، وقد اكتنفتهما حية لها شعرات كآجام القصب وجناحان جناح قد غطت به الحسن ، وجناح قد غطت به الحسين .
فلما أن بصر بهما النبي صلى الله عليه وآله تنحنح فانسابت الحية وهي تقول : اللهم إني أشهدك واشهد ملائكتك أن هذين شبلا نبيك قد حفظتهما عليه ودفعتهما إليه سالمين صحيحين .
فقال لها النبي صلى الله عليه وآله : أيتها الحية مم أنت ؟
قالت : أنا رسول الجن إليك قال : وأي الجن ؟ قالت : جن نصيبين نفر من بني مليح نسينا آية من كتاب الله عز وجل فبثوني إليك لتعلمنا ما نسينا من كتاب الله فلما بلغت هذا الموضع سمعت مناديا ينادي : أيتها الحية هذان شبلا رسول الله فاحفظيهما من العاهات والآفات ، ومن طوارق الليل والنهار ، فقد حفظتهما وسلمتهما إليك سالمين صحيحين وأخذت الحية الآية وانصرفت .
فأخذ النبي صلى الله عليه وآله الحسن فوضعه على عاتقه الأيمن ووضع الحسين على عاتقه الأيسر .
وخرج علي عليه السلام فلحق برسول الله صلى الله عليه وآله فقال له بعض أصحابه : بأبي أنت وأمي ادفع إلي أحد شبليك اخفف عنك فقال : امض فقد سمع الله كلامك وعرف مقامك ، وتلقاه آخر فقال : بأبي أنت وأمي ادفع إلي أحد شبليك اخفف عنك فقال : امض فقد سمع الله كلامك ، وعرف مقامك .
فتلقاه علي عليه السلام فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ادفع إلي أحد شبلي وشبليك حتى اخفف عنك .
فالتفت النبي صلى الله عليه وآله إلى الحسن فقال : يا حسن هل تمضي إلى كتف أبيك ؟ فقال له : والله يا جداه إن كتفك لأحب إلي من كتف أبي ، ثم التفت إلى الحسين عليه السلام فقال : يا حسين هل تمضي إلى كتف أبيك ؟ فقال له : والله ياجداه إني لأقول لك كما قال أخي الحسن إن كتفك لأحب إلي من كتف أبي .
فأقبل بهما إلى منزل فاطمة عليها السلام وقد ادخرت لهما تميرات فوضعتها بين أيديهما فأكلا وشبعا وفرحا .
فقال لهما النبي صلى الله عليه وآله : قوما الآن فاصطرعا ، فقاما ليصطرعا ، وقد خرجت فاطمة في بعض حاجتها ، فدخلت فسمعت النبي صلى الله عليه وآله وهو يقول : إيه يا حسن شد على الحسين فاصرعه ، فقالت له : يا أبه واعجباه أتشجع هذا على هذا ؟ تشجع الكبير على الصغير ؟
فقال لها : يا بنية أما ترضين أن أقول أنا : يا حسن شد على الحسين فاصرعه وهذا حبيبي جبرائيل يقول : يا حسين شد على الحسن فاصرعه .
الحديث 25 الباب12 . كما روي مثل هذا الحديث بإسناد أخر .
بيان : غفا غفوا وغفوا : نام أو نعس كأغفى وادلهم الظلام : كثف ، وقال الجزري : العزالى جمع العزلاء وهو فم المزادة الأسفل فشبه اتساع المطر واندفاقه بالذي يخرج من فم المزادة انتهى ، والشبل بالكسر ولد الأسد إذا أدرك الصيد ويقال قشعت الريح السحاب أي كشفته ، فانقشع وتقشع ، وانسابت الحية : جرت .
إلى الأعلى
الأمر الرابع عشر: حلتان من الجنة للحسن والحسين :
عن أم سلمة أنها قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يلبس ولده الحسين عليه السلام حلة ليست من ثياب الدنيا.
فقلت له : يا رسول الله ما هذه الحلة ؟ فقال : هذه هدية أهداها إلي ربي للحسين عليه السلام وإن لحمتها من زغب جناح جبرائيل ، وها أنا البسه إياها وأزينه بها ، فان اليوم يوم الزينة وإني احبه . الحديث 38 .
قال الرضا عليه السلام : عري الحسن و الحسين صلوات الله عليهما وأدركهما العيد ، فقالا لامهما : قد زينوا صبيان المدينة إلا نحن ، فمالك لا تريننا ؟ فقالت : إن ثيابكما عند الخياط فإذا أتا [ ني ] زينتكما ، فلما كانت ليلة العيد أعادا القول على أمهما فبكت ورحمتهما ، فقالت لهما ما قالت في الأولى فردا عليها .
فلما أخذ الظلام قرع الباب قارع ، فقالت فاطمة : من هذا ؟ قال : يا بنت رسول الله أنا الخياط جئت بالثياب ، ففتحت ألباب ، فإذا رجل ومعه من لباس العيد.
قالت فاطمة : والله لم أر رجلا أهيب سيمة منه ، فناولها منديلا مشدودا ثم انصرف .
فدخلت فاطمة ففتحت المنديل فإذا فيه قميصان ، ودراعتان ، وسراولان ورداءان ، وعمامتان ، وخفان أسودان معقبان بحمرة ، فأيقظتهما وألبستهما .
فدخل رسول الله صلى الله عليه وآله وهما مزينان فحملهما وقبلهما ثم قال : رأيت الخياط ؟
قالت : نعم ، يا رسول الله ، والذي أنفذته من الثياب قال : يا بنية ما هو خياط إنما هو رضوان خازن الجنة قالت فاطمة : فمن أخبرك يا رسول الله ؟ قال : ما عرج حتى جاءني .
إلى الأعلى
الأمر الخامس عشر:يعلمنا النبي الرحمة بتقبيله للحسن والحسين :
أحمد بن حنبل في المسند ، عن أبي هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقبل الحسن والحسين فقال عيينة - وفي رواية غيره الأقرع بن حابس - : إن لي عشرة ما قبلت واحدا منهم قط فقال عليه السلام : من لا يرحم ،وفي رواية حفص الفراء فغضب رسول الله صلى الله عليه وآله حتى التمع لونه وقال للرجل : إن كان قد نزع الرحمة من قلبك فما أصنع بك من لم يرحم صغيرنا ولم يعزز كبيرنا فليس منا .
إلى الأعلى
الأمر السادس عشر :سقاية واستقاء النبي للحسن والحسين :
ومن إيثارهما على نفسه صلى الله عليه وآله ماروي عن علي عليه السلام أنه قال : عطش المسلمون عطشا شديدا فجاءت فاطمة بالحسن والحسين إلى النبي صلى الله عليه وآله فقالت : يا رسول الله إنهما صغيران لا يحتملان العطش ، فدعا الحسن فأعطاه لسانه فمصه حتى ارتوى .
ثم دعا الحسين فأعطاه لسانه فمصه حتى ارتوى .
تفسير الثعلبي قال الربيع بن خثيم لبعض من شهد قتل الحسين عليه السلام :
جئتم بها معلقيها - يعني الرؤوس - ثم قال : والله لقد قتلتم صفوة لو أدركهم رسول الله صلى الله عليه وآله لقبل أفواههم وأجلسهم في حجرة ثم قرأ " اللهم فاطر السماوات والأرض [ عالم الغيب والشهادة ] أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون "
وقد روى جماعة ، عن أم سلمة وعن ميمونة واللفظ له عن علي عليه السلام
قال : رأينا رسول الله صلى الله عليه وآله قد أدخل رجله في اللحاف أو في الشعار فاستسقى الحسن فوثب النبي صلى الله عليه وآله إلى منيحة لنا فمص من ضرعها فجعله في قدح ثم وضعه في يد الحسن فجعل الحسين يثب عليه ورسول الله صلى الله عليه وآله يمنعه فقالت فاطمة : كأنه أحبهما إليك يا رسول الله.
قال : ما هو بأحبهما إلي ولكنه استسقى أول مرة وإني و إياك وهذين وهذا المنجدل يوم القيامة في مكان واحد .
بيان : المنيحة بفتح الميم والحاء وكسر النون منحة اللبن كالناقة أو الشاة تعطيها غيرك يحتلبها ثم يردها عليك ، وقال الجزري : فيه أنا خاتم النبيين في أم الكتاب وإن آدم لمنجدل في طينته أي ملقى على الجدالة وهي الأرض ومنه حديث ابن صياد : وهو منجدل في الشمس انتهى ولعله عليه السلام كان متكئا أو نائما .
أبو حازم ، عن أبي هريرة قال : رأيت النبي صلى الله عليه وآله يمص لعاب الحسن والحسين كما يمص الرجل الثمرة . الحديث 50 .
إلى الأعلى
الأمر السابع عشر :أولادنا أكبادنا يمشون على الأرض:
الخركوشي في اللوامع وفي شرف النبي أيضا والسمعاني في الفضائل والترمذي في الجامع والثعلبي في الكشف والواحدي في الوسيط وأحمد بن حنبل في الفضائل وروى الخلق ، عن عبد الله بن بريدة قال : سمعت أبي يقول :
[[ كان رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب على المنبر فجاء الحسن والحسين وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله صلى الله عليه وآله من المنبر فحملها ووضعهما بين يديه ثم قال :
" إنما أموالكم وأولادكم فتنة "إلى آخر كلامه وقد ذكره أبو طالب الحارثي في قوت القلوب إلا أنه تفرد بالحسن بن علي عليه السلام وفي خبر : أولادنا أكبادنا يمشون على الأرض ..
إلى الأعلى
الأمر الثامن عشر :النبي يلاعب الحسن والحسين :
روى عدة أنه:
كان النبي صلى الله عليه وآله يصلي فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دعوهما ، فلما قضى الصلاة وضعهما في حجرة وقال : من أحبني فليحب هذين ، وفي رواية الحلية : ذروهما بأبي وأمي ، من أحبني فليحب هذين
الأحياء : عن الغزالي والفردوس : عن الديلمي قال المقدام بن معدي كرب :
وقال صلى الله عليه وآله : هما وديعتي في أمتي .
ومن ملاعبته صلى الله عليه وآله معهما ما رواه ابن بطة في الإبانة من أربعة طرق ، عن سفيان الثوري ، عن أبي الزبير ، عن جابر
قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وآله والحسن والحسين عليهما السلام على ظهره وهو يجثو لهما ويقول : نعم الجمل جملكما ، ونعم العدلان أنتما .
ابن نجيح كان الحسن والحسين يركبان ظهر النبي صلى الله عليه وآله ويقولان : حل حل ( 1 ) ويقول : نعم الجمل جملكما .
السمعاني في الفضائل ، عن أسلم مولى عمر ، عن عمر بن الخطاب
قال : رأيت الحسن والحسين على عاتقي رسول الله صلى الله عليه وآله فقلت : نعم الفرس لكما فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : ونعم الفارسان هما .
ابن حماد ، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وآله برك للحسن والحسين فحملهما وخالف بين أيديهما وأرجلهما وقال : نعم الجمل جملكما .
رواية أبي يوسف الخركوشي في شرف النبي صلى الله عليه وآله ، عن عبد العزيز بإسناده ، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه كان جالسا فأقبل الحسن والحسين فلما رآهما النبي صلى الله عليه وآله قام لهما واستبطأ بلوغهما إليه ، فاستقبلهما وحملهما على كتفيه ، وقال : نعم المطي مطيكما ونعم الراكبان أنتما وأبوكما خير منكما .الحديث 51 .
* ( هامش ) * 1 قال الجوهري : حلحلت بالناقة ، إذا قلت لها حل - بالتسكين - وهو زجر للناقة .
تفسير أبي يوسف يعقوب بن سفيان ، عن عبيد الله بن موسى ، عن سفيان ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن ابن مسعود قال : حمل رسول الله صلى الله عليه وآله الحسن والحسين على ظهره : الحسن على أضلاعه اليمنى والحسين على أضلاعه اليسرى ثم مشى وقال : نعم المطي مطيكما ، ونعم الراكبان أنتما ، أبوكما خير منكما .
إلى الأعلى
الأمر التاسع عشر :نوع آخر من الملاعبة للحسن والحسين مع النبي وأمهما :
مرزد قال : سمعت [ أبا هريرة ] يقول سمع أذناي هاتان وبصر عيناي هاتان رسول الله صلى الله عليه وآله وهو آخذ بيديه جميعا بكتفي الحسن والحسين ، وقد ما هما على قدم رسول الله صلى الله عليه وآله ، ويقول : ترق عين بقة قال : فرقا الغلام حتى وضع قدميه على صدر رسول الله صلى الله عليه وآله ثم قال له : افتح فاك ثم قبله ثم قال : اللهم أحبه فإني احبه .
كتاب ابن البيع وابن مهدي والزمخشري قال : حزقة حزقة ترق عين بقة اللهم إني احبه فأحبه وأحب من يحبه .
الحزقة : القصير الصغير الخطأ ، وعين بقة أصغر الأعين وقال : أراد بالبقة فاطمة ( 2 ) فقال للحسين : يا قرة عين بقة ترق .
وكانت فاطمة عليهما السلام ترقص ابنها حسنا عليه السلام وتقول : أشبه أباك يا حسن * واخلع عن الحق الرسن .
واعبد إلها ذا منن * ولا توال ذا الإحن
وقالت للحسين عليه السلام :
أنت شبيه بأبي * لست شبيها بعلي
وكانت أم سلمة تربي الحسين وتقول :
بأبي ابن علي * أنت بالخير ملي
كن كأسنان حلي * كن كبكش الحولي
وكانت أم الفضل امرأة العباس تربي الحسين وتقول :
يا ابن رسول الله * يا ابن كثير الجاه
فرد بلا أشباه * أعاذه إلهي من أمم الدواهي
إيضاح : قال الجزري : فيه أنه عليه الصلاة والسلام كان يرقص الحسن أو الحسين ويقول : حزقة حزقة ترق عين بقة فترقى الغلام حتى وضع قدميه على صدره .
الحزفة : الضيف المقارب الخطو من ضعفه ، وقيل : القصير العظيم البطن فذكر هالة على سبيل المداعبة والتأنيس له ، وترق بمعنى اصعد ، وعين بقة كناية عن صغر العين ، وحزقة مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف تقديره أنت حزقة ، وحزقة الثاني كذلك أو أنه خبر مكرر ، ومن لم ينون حزقة فحذف حرف النداء وهي في الشذوذ كقولهم أطرق كرا لان حرف النداء إنما يحذف من العلم المضموم أو المضاف انتهى .
قولها عليهما السلام : " واخلع عن الحق الرسن " الحق بفتح الحاء فيكون كناية عن إظهار الاسرار أوبضمها بأن يكون جمع حقة بالضم أو بالكسر وهو ما كان من الإبل ابن ثلاث سنين فيكون كناية عن السخاء والجود ، أو عن التصرف في الأمور والاشتغال ، بالأعمال فان تسريح الإبل تدبير لها ، وموجب للاشتغال بغيرها ، و أسنان الحلي تضاريسه ، والتشبيه في الاستواء والحسن
إلى الأعلى
الأمر العشرون :ملاعبة أخرى بين النبي والحسين :
أبو السعادات في فضائل العشرة قال يزيد بن أبي زياد :
خرج النبي صلى الله عليه وآله من بيت عائشة فمر على بيت فاطمة فسمع الحسين يبكي ، فقال : ألم تعلمي أن بكاءه يؤذيني .
ابن ماجه في السنن ، والزمخشري في الفائق :
رأى النبي صلى الله عليه وآله الحسين يلعب مع الصبيان في السكه فاستقبل النبي صلى الله عليه وآله أمام القوم فبسط إحدى يديه فطفق الصبي يفر مرة من ههنا ومرة من ههنا ورسول الله يضاحكه ، ثم أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنه والأخرى على فاس رأسه وأقنعه فقبله
وقال : أنا من حسين وحسين مني أحب الله من أحب حسينا حسين سبط من الأسباط .
استقبل أي تقدم وأقنعه أي رفعه .
بيان : قال الجزري فيه : فجعل إحدى يديه في فاس رأسه ، هو طرف مؤخره المشرف على القنا .
عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وآله إذ أقبل الحسين عليه السلام فجعل ينزو على ظهر النبي صلى الله عليه وآله وعلى بطنه ، فقال فقال : دعوه .
إلى الأعلى
الأمر الحادي والعشرون :في أول تكبير للحسين :
عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان في الصلاة وإلى جانبه الحسين بن علي فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يحر الحسين التكبير ، ولم يزل رسول الله صلى الله عليه وآله يكبر ويعالج الحسين التكبير ولم يحر حتى أكلم سبع تكبيرات فأحار الحسين التكبير في السابعة فقال أبو عبد الله عليه السلام فصارت سنة .الحديث 69.
إلى الأعلى
الأمر الثاني والعشرون:الحسن والحسين يتسابقان في الخط والله يحكم بينهم :
وروي في المراسيل أن الحسن والحسين كانا يكتبان فقال الحسن للحسين : خطي أحسن من خطك ، وقال الحسين : لا بل خطي أحسن من خطك ، فقالا لفاطمة : احكمي بيننا فكرهت فاطمة أن تؤذي أحدهما ، فقالت لهما : سلا أباكما فسألاه.
فكره أن يؤذي أحدهما فقال : سلا جدكما رسول الله صلى الله عليه وآله ، فقال صلى الله عليه وآله : لا أحكم بينكما حتى أسأل جبرائيل فلما جاء جبرائيل قال : لا أحكم بينهما ولكن إسرافيل يحكم بينهما فقال إسرافيل : لا أحكم بينهما ولكن أسأل الله أن يحكم بينهما.
فسأل الله تعالى ذلك فقال تعالى : لا أحكم بينهما ولكن أمهما فاطمة تحكم بينهما .
فقالت فاطمة : أحكم بينهما يا رب وكانت لها قلادة فقالت لهما أنا أنثر بينكما جواهر هذه القلادة فمن أخذ منهما أكثر فخطه أحسن ، فنثرتها وكان جبرائيل وقتئذ عند قائمة العرش فأمره الله تعالى أن يهبط إلى الأرض وينصف الجواهر بينهما كيلا يتأذى أحدهما ففعل ذلك جبرائيل إكراما لهما وتعظيما .
إلى الأعلى
الأمر الثالث والعشرون :طعام من الجنة للحسن والحسين ولجدهما وأبيهما وأمهما:
عن سلمان قال : أتيت النبي صلى الله عليه وآله فسلمت عليه ثم دخلت على فاطمة عليها السلام فقالت : يا عبد الله هذان الحسن والحسين جائعان يبكيان ، فخذ بأيديهما فاخرج بهما إلى جدهما فأخذت بأيديهما وحملتهما حتى أتيت بهما إلى النبي صلى الله عليه وآله .
فقال : مالكما يا حسناي قالا : نشتهي طعاما يا رسول الله ، فقال النبي صلى الله عليه وآله اللهم أطعمهما - ثلاثا - قال : فنظرت فإذا سفرجلة في يد رسول الله صلى الله عليه وآله شبيهة بقلة من قلال هجر أشد بياضا من الثلج ، وأحلى من العسل وألين من الزبد ، ففركها صلى الله عليه وآله بإبهامه فصيرها نصفين ثم دفع إلى الحسن نصفها وإلى الحسين نصفها ، فجعلت أنظر إلى النصفين في أيديهما وأنا أشتهيها .
قال : يا سلمان هذا طعام من الجنة لا يأكله أحد حتى ينجو من الحساب .
وروى ركن الأئمة عبد الحميد بسنده عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وآله جائعا لايقدر على ما يأكل فقال لي : هاتي رداي ، فقلت : أين تريد ؟ قال : إلى فاطمة ابنتي فأنظر إلى الحسن والحسين ، فيذهب بعض ما بي من الجوع . فخرج حتى دخل على فاطمة عليها السلام فقال : يا فاطمة أين ابناي ؟
فقالت : يا رسول الله خرجا من الجوع وهما يبكيان ، فخرج النبي صلى الله عليه وآله في طلبهما فرأى أبا الدارداء فقال : ياعويمر هل رأيت ابني ؟ قال : نعم يا رسول الله هما نائمان في ظل حائط بني جدعان ، فانطلق النبي فضمهما وهما يبكيان وهو يمسح الدموع عنهما ، فقال له أبوا لدرداء : دعني أحملهما فقال : يا أبا الدرداء دعني أمسح الدموع عنهما فو الذي بعثني بالحق نبيا لو قطر قطرة في الأرض لبقيت المجاعة في أمتي إلى يوم القيامة ثم حملهما وهما يبكيان وهو يبكي .
فجاء جبرائيل فقال : السلام عليك يا محمد رب العزة جل جلاله يقرئك السلام ويقول : ما هذا الجزع ؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله يا جبرئيل ما أبكي جزعا بل أبكي من ذل الدنيا ، فقال جبرائيل : إن الله تعالى يقول : أيسر ك أن احول لك أحدا ذهبا ولا ينقص لك مما عندي شئ ؟ قال : لا ، قال لم ؟ قال : لان الله تعالى لم يحب الدنيا ولو أحبها لما جعل للكافر أكملها .
فقال جبرائيل عليه السلام : يا محمد ادع بالجفنة المنكوسة التي في ناحية البيت ، قال : فدعا بها فلما حملت فإذا فيها ثريد ولحم كثير ، فقال : كل يا محمد وأطعم ابنيك وأهل بيتك ، قال : فأكلوا فشبعوا قال : ثم أرسل بها إلي فأكلوا وشبعوا وهو على حالها ، قال : ما رأيت جفنة أعظم بركة منها ، فرفعت عنهم فقال النبي صلى الله عليه وآله : والذي بعثني بالحق لو سكت لتداولها فقراء أمتي إلى يوم القيامة .
ذكر في البحار أيضاً وقال : أقول : وجدت في بعض مؤلفات أصحابنا أنه روي مرسلا عن جماعة من الصحابة قالوا :
دخل النبي صلى الله عليه وآله دار فاطمة عليها السلام فقال : يا فاطمة إن أباك اليوم ضيفك ، فقالت عليها السلام : يا أبت إن الحسن والحسين يطالباني بشيء من الزاد فلم أجدلهما شيئا يقتاتان به .
ثم إن النبي صلى الله عليه وآله دخل وجلس مع علي والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام ، وفاطمة متحيرة ما تدري كيف تصنع ، ثم إن النبي صلى الله عليه وآله نظر إلى السماء ساعة وإذا بجبرائيل عليه السلام قد نزل ، وقال : يا محمد العلي الأعلى يقرئك السلام
ويخصك بالتحية والإكرام ، ويقول لك : قل لعلي وفاطمة والحسن والحسين : أي شئ يشتهون من فواكه الجنة ؟
فقال النبي صلى الله عليه وآله : يا علي ! ويا فاطمة ! ويا حسن ! ويا حسين ! إن رب العزة علم أنكم جياع فأي شئ تشتهون من فواكه الجنة ؟ فأمسكوا عن الكلام ولم يردوا جوابا حياء من النبي صلى الله عليه وآله .
فقال الحسين عليه السلام : عن إذنك يا أباه يا أمير المؤمنين ، وعن إذنك يا أماه يا سيدة نساء العالمين ، وعن إذنك يا أخاه الحسن الزكي أختار لكم شيئا من فواكه الجنة .
فقالوا جميعا : قل يا حسين ما شئت فقد رضينا بما تختاره لنا .
فقال : يا رسول الله قل لجبرائيل إنا نشتهي رطبا جنيا فقال النبي صلى الله عليه وآله : قد علم الله ذلك ثم قال : يا فاطمة قومي وادخلي البيت و احضري إلينا ما فيه ، فدخلت فرأت فيه طبقا من البلور ، مغطى بمنديل من السندس الأخضر ، وفيه رطب جني في غير أوانه فقال النبي : يا فاطمة أنى لك هذا ؟
قالت : هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب كما قالت مريم بنت عمران .
فقام النبي صلى الله عليه وآله وتناوله وقدمه بين أيديهم ثم قال : بسم الله الرحمن الرحيم ثم أخذ رطبة واحدة فوضعها في فم الحسين عليه السلام فقال : هنيئا مريئا لك يا حسين ، ثم أخذ رطبة فوضعها في فم الحسن وقال : هنيئا مريئا يا حسن ، ثم أخذ رطبة ثالثة فوضعها في فم فاطمة الزهراء عليها السلام وقال لها : هنيئا مريئا لك يا فاطمة الزهراء ، ثم أخذ رطبة رابعة فوضعها في فم علي عليه السلام وقال : هنيئا مريئا لك يا علي . ثم ناول عليا رطبة أخرى والنبي صلى الله عليه وآله يقول له : هنيئا مريئا لك يا علي .
ثم وثب النبي صلى الله عليه وآله قائما ثم جلس ثم أكلوا جميعا عن ذلك الرطب فلما اكتفوا وشبعوا ، ارتفعت المائدة إلى السماء بإذن الله تعالى .
فقالت فاطمة : يا أبه ! لقد رأيت اليوم منك عجبا .
فقال : يا فاطمة أما الرطبة الأولى التي وضعتها في فم الحسين ، وقلت له : هنيئا يا حسين ، فإني سمعت ميكائيل وإسرافيل يقولان : هنيئا لك يا حسين ، فقلت أيضا موافقا لهما في القول ثم أخذت الثانية فوضعتها في فم الحسن ، فسمعت جبرائيل وميكائيل يقولان :
هنيئا لك يا حسن ، فقلت : أنا موافقا لهما في القول ، ثم أخذت الثالثة فوضعتها في فمك يا فاطمة فسمعت الحور العين مسرورين مشرفين علينا من الجنان وهن يقلن : هنيئا لك يا فاطمة ، فقلت موافقا لهن بالقول .
ولما أخذت الرابعة فوضعتها في فم علي سمعت النداء من [ قبل ] الحق سبحانه وتعالى يقول : هنيئا مريئا لك يا علي ، فقلت موافقا لقول الله عز وجل ، ثم ناولت عليا رطبة أخرى ثم أخرى وأنا أسمع صوت الحق سبحانه وتعالى يقول : هنيئا مريئا لك يا علي .
ثم قمت إجلالا لرب العزة جل جلاله ، فسمعته يقول : يا محمد وعزتي وجلالي ، لو ناولت عليا من هذه الساعة إلى يوم القيامة رطبة لقلت له : هنئيا مريئا بغير انقطاع .
الحديث 73.
إلى الأعلى
الأمر الرابع والعشرون :غزال للحسين عليه السلام :
وروي في بعض الأخبار أن أعرابيا أتى الرسول صلى الله عليه وآله فقال له : يا رسول الله لقد صدت خشفة غزالة وأتيت بها إليك هدية لولديك الحسن والحسين ، فقبلها النبي صلى الله عليه وآله ودعا له بالخير فإذا الحسن عليه السلام واقف عند جده فرغب إليها فأعطاه إياها .
فما مضى ساعة إلا والحسين عليه السلام قد أقبل فرأى الخشفة عند أخيه يلعب بها فقال : يا أخي من أين لك هذه الخشفة ؟ فقال الحسن عليه السلام : أعطانيها جدي رسول الله صلى الله عليه وآله .
فسار الحسين عليه السلام مسرعا إلى جده فقال : ياجداه أعطيت أخي خشفة يلعب بها ولم تعطني مثلها ، وجعل يكرر القول على جده ، وهو ساكت لكنه يسلي خاطره ويلاطفه بشيء من الكلام حتى أفضى من أمر الحسين عليه السلام إلى أن هم يبكي .
فبينما هو كذلك إذ نحن بصياح قد ارتفع عند باب المسجد فنظرنا فإذا ظبية ومعها خشفها ، ومن خلفها ذئبة تسوقها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وتضربها بأحد أطرافها حتى أتت بها إلى النبي صلى الله عليه وآله ثم نطقت الغزالة بلسان فصيح وقالت : يا رسول الله قد كانت لي خشفتان إحداهما صادها الصياد وأتى بها إليك وبقيت لي هذه الأخرى وأنا بها مسرورة وإني كنت الآن ارضعها فسمعت قائلا يقول : أسرعي أسرعي يا غزالة ، بخشفك إلى النبي محمد وأوصليه سريعا لان الحسين واقف بين يدي جده وقد هم أن يبكي ، والملائكة بأجمعهم قد رفعوا رؤوسهم من صوامع العبادة ، ولو بكى الحسين عليه السلام لبكت الملائكة المقربون لبكائه .
وسمعت أيضا قائلا يقول : أسرعي يا غزالة قبل جريان الدموع على خد الحسين عليه السلام فان لم تفعلي سلطت عليك هذه الذئبة تأكلك مع خشفك فأتيت بخشفي إليك يا رسول الله وقطعت مسافة بعيدة ، ولكن طويت لي الأرض حتى أتيتك سريعة ، وأنا أحمد الله ربي على أن جئتك قبل جريان دموع الحسين عليه السلام على خده .
فارتفع التهليل والتكبير من الأصحاب ودعا النبي صلى الله عليه وآله للغزالة بالخير والبركة ، وأخذ الحسين عليه السلام الخشفة وأتى بها إلى أمه الزهراء عليها السلام فسرت بذلك سرورا عظيما .
إلى الأعلى
الأمرالخامس والعشرون :النبي الأكرم يعوذ الحسن والحسين:
وعن ابن عمر قال : كل واحد منا كنا جلوسا عند رسول الله إذ مر به الحسن والحسين وهما صبيان فقال : هات ابني أعوذهما بما عوذ به إبراهيم ابنيه إسماعيل وإسحاق فقال : أعيذكما بكلمات الله التامة ، من كل عين لامة ، ومن كل شيطان وهامة .
ابن ماجه في السنن ، وأبو نعيم في الحلية ، والسمعاني في الفضائل بالإسناد عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس :
أن النبي صلى الله عليه وآله كان يعوذ حسنا وحسينا .
فيقول : أعيذ كما بكلمات الله التامات من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة . وكان إبراهيم يعوذ بها إسماعيل وإسحاق .
وجاء في أكثر التفاسير أن النبي صلى الله عليه وآله كان يعوذهما بالمعوذتين ولهذا سمي المعوذتين ، وزاد أبو سعيد الخدري في الرواية ثم يقول صلى الله عليه وآله : هكذا كان إبراهيم يعوذ ابنيه إسماعيل وإسحاق كان يتفل عليهما ومن كثرة عوذ النبي صلى الله عليه وآله قال ابن مسعود وغيره : إنهما عوذتان للحسنين وليستا من القرآن الكريم .
وكذا ذكر في روايات كثيره أن تعويذتان كانت على الحسن والحسين من زغب جبرائيل عليه السلام
عن ابن عمر قال : كان على الحسن والحسين عليهما السلام تعويذان حشوهما من زغب جناح جبرائيل عليه السلام .الحديث 9.
أربعين المؤذن وإبانة العكبري ، وخصائص النطنزي قال ابن عمر : كان للحسن والحسين تعويذان حشوهما من زغب جناح جبرائيل ، وفي رواية فيهما من جناح جبرائيل .
وعن أم عثمان أم ولد لعلي عليه السلام قالت : كانت لآل محمد صلى الله عليهم وسادة لا يجلس عليها إلا جبرائيل ، فإذا قام عنها طويت فكان إذا قام انتفض من زغبه ، فتلتقطه فاطمة ، فتجعله في تمائم الحسن والحسين .