ابو مناف البصري
المالكي
* ومضة من حياة السيدة الزهراء (ع)*
إن السيدة الزهراء عليها السلام شخصية لا يمكن تهميشها في تاريخ المجتمع الإسلامي، فقد كانت عليها السلام مع والدها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله شخصية لا يُستهان بها في الجانب السياسي، مع أن ذلك المجتمع لم يكن يعطي المرأة مكانة أو دورًا مؤثرًا في الحياة الاجتماعية أو السياسية، إلا أنها عليها السلام تمكنت من أداء دورها على أكمل وجه، فبفضل والدها الكريم صلى الله عليه وآله وسعيه المتواصل في بيان فضلها ومكانتها وشأنها، وبفضل أخلاقها وسلوكياتها الفريدة والتي لا يستطيع أحد التغاضي عنها، لم يكن بإمكان أحد أن يتجاوز فاطمة عليها السلام.
وقد ظهر هذا الأمر ذلك بشكل واضح في مسألة فدك، إذ تُعد حدثًا مفصليًا في حياتها عليها السلام، حيث كانت فدك أرضًا نحلها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله لها، بسبب كونها فيئًا لم يوجف عليها المسلمون بِخيل ولا ركاب، فنزلت الآية الكريمة: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾(١)، لذلك أعطاها فدك، ولكن بعد وفاته صلى الله عليه وآله وتحت مبررات كثيرة، من أهمها ما نُسب إليه: "نحن معاشر الأنبياء لا نورّث درهمًا ولا دينارًا ..."(٢)، فجُمعت ممتلكاته كافة بما فيها فدك وصارت تحت تصرّف الحكومة.(٣)
لذلك لم تقبل السيدة الزهراء عليها السلام وصرّحت بأن فدك وبعض متروكات النبي صلى الله عليه وآله من حقها الشرعي، وسعت للحصول عليها، فسلوكها يعلمنا كيف يمكن للمرأة وهي في أعلى درجات العفة والمحافظة على نفسها أن تكون محورًا رئيسيًا في قلب الحياة السياسية، وتغدو شخصية مؤثرة في قراراتها وعداواتها ومصالحاتها، وكل ذلك حدث وهي في منزلها إذ أنها لم تخرج إلا عند اللزوم، ومن الواضح أنه لا يمكننا جميعًا أن نكون فاطمة عليها السلام، حتى يكون لنا من الحضور في الحياة السياسية ما كان للزهراء عليها السلام، إلا أن خطّها السياسي والجهادي لا يزال حيًا، فمن أراد السير على خطاها فالطريق واضح، إذ ليس المطلوب أن تكون كل امرأة بشخصها كي تشكل القضية، بل إن انتسابها لذلك الخط السياسي والجهادي هو المطلوب.(٤)
١. سورة الإسراء ٢٦
٢. طرف من الأنباء والمناقب ٢٩
٣. بحار الأنوار ١٩٤:٢٩
٤. السيدة فاطمة الزهراء (ع) قدوة وأسوة ١٦٧
* سيرة ( ٢ )*
*مقامات الزهراء صلوات الله عليها*
*٢مقامها عند الملائكة*
في حديث طويل عن النبي ( صلى الله عليه واله ) جاء فيه :-
.... فقالت الملائكة : إلهنا وسيدنا لمن هذا النور الزاهر ، الذي قد أشرقت به السموات والأرض ؟
فأوحى الله إليها : هذا نور اخترعته من نور جلالي لأمتي فاطمة ابنة حبيبي ، وزوجة وليّي وأخو نبيّي وأبو حججي على عبادي ، أُشهدكم ملائكتي أنّي قد جعلت ثواب تسبيحكم وتقديسكم لهذه المرأة وشيعتها ومحبيها إلى يوم القيامة » . (١)
وهذا يعني :-
انها - عليها السلام - لها مقام النور الزاهر عند الملائكة فهم يعرفونها في السماء بالنور الزاهر الذي أزهرت السماوات والأرض بنورها ولأجل ذلك سميت بالزهراء.
ان الله عز وجل جعل ثواب تسبيح الملائكة وتقديسهم للزهراء اكراماً لها ، وبعرضها جعل ذلك الثواب لشيعتها.
وفقنا الله واياكم ان نكون من شيعتها ، والسائرين على نهجها.
(١) مصباح الأنوار : 69 " مخطوط " وعنه تأويل الآيات : 1 / 137 ح 16 والمؤلف في البرهان :
1 / 392 ح 5 وحلية الأبرار : 3 / 97 ح 1
* سيرة ( ٣ )*
*مقامات الزهراء ( صلوات الله عليها )*
*٣ علة الايجاد*
من مقامات الزهراء ( عليها السلام ) هو انها علة الايجاد أي أنها كانت علة الموجودات التي خلقها الباري عز وجل.
وقد دل على ذلك الحديث القدسي الذي يقول فيه الباري عز وجل : « يا أحمد ! لولاك لما خلقت الأفلاك ، ولولا علي لما خلقتك ، ولولا فاطمة لما خلقتكما »(1).
إن الله سبحانه وتعالى يخاطب الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقول:
( يا أحمد: لولاك لما خلقت الأفلاك ) فهو ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الغاية من خلق الأفلاك.
( ولولا علي.. لما خلقتك ) أنت..،
( ولولا فاطمة الزهراء لما خلقتكما ).
وفي هذا الشطر ـ الأخير ـ تظهر لنا قيمة الزهراء( عليها السلام ) وعظمتها عند الله سبحانه وتعالى وعند رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) وما لها من الفضل الكبير والتأثير الوضعي والتكويني على خلق هذا الكون والناس أجمعين.
(١) الجنة العاصمة : 148 ، مستدرك سفينة البحار : 3 / 334 عن مجمع النورين : 14 ،
عن العوالم : 44
* سيرة ( ٤ )*
*مقامات الزهراء صلوات الله عليها*
*٤ مقامها عند الله عز وجل*
روي عن الصادق ( عليه السلام ) أنه قال :-
لما استخرج أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) من منزله ، خرجت فاطمة ( عليها السلام ) فما بقيت هاشمية إلا خرجت معها حتى انتهت قريبا من القبر
فقالت :- خلوا عن ابن عمى فوالذي بعث محمدا بالحق لئن لم تخلوا عنه لأنشرن شعري ، ولأضعن قميص رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على رأسي ، ولأصرخن إلى الله تبارك وتعالى ، فما ناقة صالح بأكرم على الله مني ، ولا الفصيل بأكرم على الله من ولدي
قال سلمان رضي الله عنه : كنت قريبا منها ، فرأيت والله أساس حيطان المسجد مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تقلعت من أسفلها ، حتى لو أراد رجل أن ينفذ من تحتها نفذ ، فدنوت منها
فقلت :- يا سيدتي ومولاتي إن الله تبارك وتعالى بعث أباك رحمة فلا تكوني نقمة ، فرجعت ورجعت الحيطان حتى سطعت الغبرة من أسلفها ، فدخلت في خياشيمنا.
(الاحتجاج : 56 ومثله في اليعقوبي 2 / 116 و بحار الانوار 28: 208)
إن السيدة الزهراء عليها السلام شخصية لا يمكن تهميشها في تاريخ المجتمع الإسلامي، فقد كانت عليها السلام مع والدها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله شخصية لا يُستهان بها في الجانب السياسي، مع أن ذلك المجتمع لم يكن يعطي المرأة مكانة أو دورًا مؤثرًا في الحياة الاجتماعية أو السياسية، إلا أنها عليها السلام تمكنت من أداء دورها على أكمل وجه، فبفضل والدها الكريم صلى الله عليه وآله وسعيه المتواصل في بيان فضلها ومكانتها وشأنها، وبفضل أخلاقها وسلوكياتها الفريدة والتي لا يستطيع أحد التغاضي عنها، لم يكن بإمكان أحد أن يتجاوز فاطمة عليها السلام.
وقد ظهر هذا الأمر ذلك بشكل واضح في مسألة فدك، إذ تُعد حدثًا مفصليًا في حياتها عليها السلام، حيث كانت فدك أرضًا نحلها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله لها، بسبب كونها فيئًا لم يوجف عليها المسلمون بِخيل ولا ركاب، فنزلت الآية الكريمة: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾(١)، لذلك أعطاها فدك، ولكن بعد وفاته صلى الله عليه وآله وتحت مبررات كثيرة، من أهمها ما نُسب إليه: "نحن معاشر الأنبياء لا نورّث درهمًا ولا دينارًا ..."(٢)، فجُمعت ممتلكاته كافة بما فيها فدك وصارت تحت تصرّف الحكومة.(٣)
لذلك لم تقبل السيدة الزهراء عليها السلام وصرّحت بأن فدك وبعض متروكات النبي صلى الله عليه وآله من حقها الشرعي، وسعت للحصول عليها، فسلوكها يعلمنا كيف يمكن للمرأة وهي في أعلى درجات العفة والمحافظة على نفسها أن تكون محورًا رئيسيًا في قلب الحياة السياسية، وتغدو شخصية مؤثرة في قراراتها وعداواتها ومصالحاتها، وكل ذلك حدث وهي في منزلها إذ أنها لم تخرج إلا عند اللزوم، ومن الواضح أنه لا يمكننا جميعًا أن نكون فاطمة عليها السلام، حتى يكون لنا من الحضور في الحياة السياسية ما كان للزهراء عليها السلام، إلا أن خطّها السياسي والجهادي لا يزال حيًا، فمن أراد السير على خطاها فالطريق واضح، إذ ليس المطلوب أن تكون كل امرأة بشخصها كي تشكل القضية، بل إن انتسابها لذلك الخط السياسي والجهادي هو المطلوب.(٤)
١. سورة الإسراء ٢٦
٢. طرف من الأنباء والمناقب ٢٩
٣. بحار الأنوار ١٩٤:٢٩
٤. السيدة فاطمة الزهراء (ع) قدوة وأسوة ١٦٧
* سيرة ( ٢ )*
*مقامات الزهراء صلوات الله عليها*
*٢مقامها عند الملائكة*
في حديث طويل عن النبي ( صلى الله عليه واله ) جاء فيه :-
.... فقالت الملائكة : إلهنا وسيدنا لمن هذا النور الزاهر ، الذي قد أشرقت به السموات والأرض ؟
فأوحى الله إليها : هذا نور اخترعته من نور جلالي لأمتي فاطمة ابنة حبيبي ، وزوجة وليّي وأخو نبيّي وأبو حججي على عبادي ، أُشهدكم ملائكتي أنّي قد جعلت ثواب تسبيحكم وتقديسكم لهذه المرأة وشيعتها ومحبيها إلى يوم القيامة » . (١)
وهذا يعني :-
انها - عليها السلام - لها مقام النور الزاهر عند الملائكة فهم يعرفونها في السماء بالنور الزاهر الذي أزهرت السماوات والأرض بنورها ولأجل ذلك سميت بالزهراء.
ان الله عز وجل جعل ثواب تسبيح الملائكة وتقديسهم للزهراء اكراماً لها ، وبعرضها جعل ذلك الثواب لشيعتها.
وفقنا الله واياكم ان نكون من شيعتها ، والسائرين على نهجها.
(١) مصباح الأنوار : 69 " مخطوط " وعنه تأويل الآيات : 1 / 137 ح 16 والمؤلف في البرهان :
1 / 392 ح 5 وحلية الأبرار : 3 / 97 ح 1
* سيرة ( ٣ )*
*مقامات الزهراء ( صلوات الله عليها )*
*٣ علة الايجاد*
من مقامات الزهراء ( عليها السلام ) هو انها علة الايجاد أي أنها كانت علة الموجودات التي خلقها الباري عز وجل.
وقد دل على ذلك الحديث القدسي الذي يقول فيه الباري عز وجل : « يا أحمد ! لولاك لما خلقت الأفلاك ، ولولا علي لما خلقتك ، ولولا فاطمة لما خلقتكما »(1).
إن الله سبحانه وتعالى يخاطب الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) ويقول:
( يا أحمد: لولاك لما خلقت الأفلاك ) فهو ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الغاية من خلق الأفلاك.
( ولولا علي.. لما خلقتك ) أنت..،
( ولولا فاطمة الزهراء لما خلقتكما ).
وفي هذا الشطر ـ الأخير ـ تظهر لنا قيمة الزهراء( عليها السلام ) وعظمتها عند الله سبحانه وتعالى وعند رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) وما لها من الفضل الكبير والتأثير الوضعي والتكويني على خلق هذا الكون والناس أجمعين.
(١) الجنة العاصمة : 148 ، مستدرك سفينة البحار : 3 / 334 عن مجمع النورين : 14 ،
عن العوالم : 44
* سيرة ( ٤ )*
*مقامات الزهراء صلوات الله عليها*
*٤ مقامها عند الله عز وجل*
روي عن الصادق ( عليه السلام ) أنه قال :-
لما استخرج أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) من منزله ، خرجت فاطمة ( عليها السلام ) فما بقيت هاشمية إلا خرجت معها حتى انتهت قريبا من القبر
فقالت :- خلوا عن ابن عمى فوالذي بعث محمدا بالحق لئن لم تخلوا عنه لأنشرن شعري ، ولأضعن قميص رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على رأسي ، ولأصرخن إلى الله تبارك وتعالى ، فما ناقة صالح بأكرم على الله مني ، ولا الفصيل بأكرم على الله من ولدي
قال سلمان رضي الله عنه : كنت قريبا منها ، فرأيت والله أساس حيطان المسجد مسجد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تقلعت من أسفلها ، حتى لو أراد رجل أن ينفذ من تحتها نفذ ، فدنوت منها
فقلت :- يا سيدتي ومولاتي إن الله تبارك وتعالى بعث أباك رحمة فلا تكوني نقمة ، فرجعت ورجعت الحيطان حتى سطعت الغبرة من أسلفها ، فدخلت في خياشيمنا.
(الاحتجاج : 56 ومثله في اليعقوبي 2 / 116 و بحار الانوار 28: 208)