عن أَبي بَكْرة رضي الله عنه أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ في خُطْبَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى في حَجَّةِ الوَدَاعِ:
((إنَّ دِماءكُمْ، وَأمْوَالَكُمْ، وأعْرَاضَكُمْ، حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، في شَهْرِكُمْ هَذَا، في بَلَدِكُمْ هَذَا، ألا هَلْ بَلَّغْتُ)).
متفق عَلَيْهِ.
في هذا الحديث:
تحريم التعرض لدم مسلم، أو ماله، أو عرضه، بما لم يأذن به الشارع.
ومعنى: ((مَزَجَتْهُ)) خَالَطَتْهُ مُخَالَطَةً يَتَغَيَّرُ بِهَا طَعْمُهُ أَوْ رِيحُهُ لِشِدَّةِ نَتْنِها وَقُبْحِهَا.
وهذا مِنْ أبلَغِ الزَّواجِرِ عَنِ الغِيبَةِ، قَالَ الله تَعَالَى:
{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى * إنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: 3، 4].
قولها: وحكيت له إنسانًا، أي: حكت له بالفعل حركة إنسان يكرهها.
قال العاقولي: قوله: ((ما أحب أني حكيت إنسانًا))، أي: فعلت مثل فعله. يقال: حكاه وحاكاه. وأكثر ما استعمل المحاكاة في القبيح، وهو في الغيبة المحرمة، كأن يمشي متعارجًا أو مطأطئًا، وغير ذلك من الهيئات يحكي بذلك صاحبها.
عن أنسٍ رضي الله عنه قَالَ:
قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لَمَّا عُرِجَ بي مَرَرْتُ بِقَومٍ لَهُمْ أَظْفَارٌ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ بها وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ فَقُلْتُ: مَنْ هؤُلاءِ يَا جِبرِيلُ؟
قَالَ: هؤُلاءِ الَّذِينَ يَأكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ، وَيَقَعُونَ في أعْرَاضِهِمْ!)).
رواه أَبُو داود.
فائدة:
روى الإمام أحمد أنه قيل:
يا رسول الله، إنَّ فلانة وفلانة صائمتان، وققد بلغتا الجهد.
فقال: ((ادعهما)).
فقال لإحداهما: ((قيئي)). فقاءت لحمًا، ودمًا عبيطًا، وقيحًا. والأخرى مثل ذلك. ثم قال:
((صامتا عما أحل لله، وأفطرتا على ما حرم الله عليهما، أتت إحداهما الأخرى فلم يزالا يأكلان لحوم الناس حتى امتلأت أجوافهما قيحًا)).
عن أَبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: (( كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَعِرْضُهُ وَمَالُهُ)).
رواه مسلم.
في هذا الحديث: تغليظ تحريم دم المسلم، وتحريم عرضه، وتحريمم ماله.