كلمات…
غضّة، كأنها خرجت لتوّها من رحم الفكرة،
عارية من المجاز، تقفز على الورق كما يقفز الألم من جرحٍ لم يُغلق بعد.
قاسية، لأنها لا تعرف المجاملة،
ولأنها وُلدت من صدقٍ لم يتعلم بعد لغة التزيين.
الكلمات حين تكون غضّة،
تُشبه اعترافًا على عتبة الليل،
تخرج بلا ترتيب، بلا إذنٍ من الوعي،
تحمل في حروفها رعشة اليد التي كتبتها
وارتباك القلب الذي لم يجد مهربًا سواها.
وحين تكون قاسية،
تغدو كالمطر في غير موسمه
يضرب الزجاج بقوةٍ ليذكّرنا أننا ما زلنا أحياء،
وأن الصدق، مهما جرح،
يُطهّرنا من كذبٍ طال مكوثه في أرواحنا.
الكلمات، يا صديقي،
ليست دومًا ناعمة كما نريد،
أحيانًا تأتي بأسنانها،
تعضّ ما تبقّى من خوفنا،
وتتركنا نازفين… لكن أصدق.
هي ليست عدوًّا، بل طبيبٌ فظّ الأسلوب،
يشقّ الجرح ليُخرج منه القيح.
ولذا، حين تقرأ كلمةً غضةً قاسية،
لا تكرهها
احمدها،
فهي وحدها تملك شجاعة أن تقول ما لم نستطع قوله لأنفسنا.