قلم مميز مـرايا

تذكريني وقولي ها هنا صُلبا
على يدي وما أبدى لها عتبا

تذكريني كعصفور
يلملم أشلاء الصباحات
يوميا وما تعبا

تذكريني صغيرا كاليتيم
وآلاف النوافذ
لم تسدل عليه أبا

تذكريني
فما زالت حناجر أيامي
تغني لعمر قط ما طربا

خداك لم يمنحاني مرة وطنا
لذا تركت فمي للآن مغتربا

وقد رميت لفأس الذكريات
مفاتيح الدخول الى قلبي ليحتطبا

أنتَ السفينةُ التي لم تلفت انتباه سمكة واحدة ولا تفزعُ من النتائج
فقط اهدأ .. اهدأ
فهذا هو المتوقع
حينما ترتبط العوائل الكارتونية ببعضها هذا ما تفرزه الروابط الواهنة
تفرزك متسحا وقديما
تبصقك بائسا ومركونا
مثل سريرٍ في دارٍ للعجزة
تضجُ بالموتِ والألم
والذكريات الهرمة
هكذا أنت لن تحفل بنظرة جيدة ولا تثير رغبة إحدامن بالاستلقاء عليك
هكذا أنت
ما بوسعها أن تفعلَ الآلاتُ الموسيقين
لقد فات الاوان
وعَلِقت الشتيمةُ في مسامعك
بالأمس
وأنا أقرأً عن التربية والنشأة الأولى
تذكرتكَ كثيرا
عثرتُ على شيء يقول الضربُّ على الوجهِ
يقتل أربع مائةٍ خليةِ عصبية
الآن أدركتْ
سر المقابر الممتدة على ملامحك الحادة

واحد من النصوص الواقفة
من النصوص التي تحجب عنك رؤية ما بعدها

ما زلت أراكِ في المنامات،
ولا توجد فكرة ممكنة أو مسبقة يمكنها أن تسحق ذلك
لقد اخترتُ الطريقة الأكثر تسليماً، في الوقت الذي صار لكِ شريك.
العقل البالغ لا يترك الطفولة عادةً
تقول براءتها خارج الجدران
لهذا أحبّ أولئك الذين يلعقون زجاج النوافذ، كما لو كانوا يتذوقون الحقيقة
لأنهم ببساطة؛
غير مكترثين بتحصين انفسهم
وفي الغالب تجعلهم الحياة يخرجون من جلودهم
مثل موسيقى في جنازة.
لا يبدو الأمر كئيباً؛ فحتى الهواتف الأرضية المعطلة لها القابلية على التخاطر
أما أنتِ فلقد أغلق عليكِ اليأس المخيف مجرى ارتكاب الشرّ أو الحبّ،
لا فرق
فهو ماض على أية حال، في جعلي وحيداً.
أنا رجل لديه استعداد على خوض حياة الشرّ
تلك الحياة التي يصنعها الحبّ
أفعل ذلك بالغريزة البكر
والطبائع المدرّبة
حيث ما زلت أراكِ في المنامات
اِمرأة متزوجة، وقد أخفت جثتها
بالزخرفة
وتحت طيّات الثياب.


اواخر 2015

شحاذو المعجزات رواية تتحدث عن صراع الهوية اللامتناهي لدى " السود " الذين عاشوا هذا الصراع في فترات طويلة تاريخياً و في كل مجتمع ، وجدت هذا العمل لا يقل أهمية عن العمل السابق لجيورجيوفي رائعته " الساعة الخامسة و العشرون " ، فهو عمل يمزج ما بين الإنسان الواعي لمشكلته و قضيته والإنسان الذي يبحث عن معجزة ليخرجه مما فيه بلا وعي أو تفكير .

أخطوا الى الشارع
كما لو أن هناك بيتاً
أو امرأةً
أو شاعرة رديئة تحاول الأنتحار مبكراً ..

مضيت بقرب مارة
يتحدثون عن رهبة الوقوف في الخارج
تفتش عن سيجارة،
عن سرير
عن طبيب أسنان أو حلاق

لو طلبت منهم أن تشاركهم هذه الثمالة

الجميع سيخبروك رعب الدخول أن تحضر كأساً أو تنام في الداخل!

لو أن لي صديقاً واحداً يُشاركني ثقلَ هذه المساء
لو أن لي قلباً أقل جلادةً على الوِحدة
لو أنني لا أقضي النهار على رؤوس اصابعي
مثل أي شيءٍ يحاول النجاة
لو أن طعمَ الملوحةِ أقل على مائدة العُمر
لو أن لي وطناً لا يمتلئ حضنهُ بالسكاكين والموت
لو أن شخصاً واحداً ينتظرني على المفارق البعيدة
وكراسي الحدائق، ومقاعد " الكيات "
لو أن لي حُنجرةً أكبرَ للصراخ
وعيوناً أصغر للبكاء
لو أن خزان الدمع في عيني ليس ممتلئاً على الدوام
لو أن قمراً أو غراباً شجرةَ أو جداراً يسامرني هذه الليلة
لو أن رسالةً واحدةً تنقرُ شبابيك هاتفي في الصباحات
لو أن لي شخصاّ واحداً

يُشعرني بأن وجودي في هذا العالم أمرٌ مهم .

لو ...

ومثل ما انتهت رواية “مكتب بريد” لتشارلز بوكوفسكي بهذه الجملة
“رغم ان الليالي كانت طويلة
الا ان السنوات مرت بسرعة”
ستنتهي هذه السنة بكل شعور عشناه بيه

يضيق الكلام في صدري، ابعده عني، فيعود اكثر وجعا، كأنه يصر على فتح الجرح
ظننت ان اللغة تشفى بالنسيان، فإذا بها تدمى الذاكرة كلما نطقت
اهرب من فكرة الغياب، اكررها ككذبة اريد ان اصدقها؛ غير ان كل تفصيل من حولي يذكرني بانك لست هنا
وارمم حضورك باستعادة الامس، لكن الصور تذوب امامي، والوجوه تتبعثر مني
في ذلك اليوم، كان القلب يتهشم على وقع اجساد مثقلة بالدموع، ومع هذا بقي النبض حيا، عنيدا كأنه يرفض الفناء
قلت: سيرمم الزمن ما انكسر، وسيتاكل الالم بمرور الايام، وسيتساقط العمر كما تتساقط الاوراق اليابسة
لكن الوقت ثقيل يا صديقي، اثقل من ان يحتمل، كأننا ننتظر ختام مسرحية لا يغادرها احد الا بالموت

بينما أقرأ دفاتر السجن للفيلسوف أنطونيو غرامشي، توقفت عند شذرة مضمونها أنهُ كان يبدي أسفهعلى عدم حفظ الكثير من الأشعار
عادةً أنا لا أقرأ أدب السجون
يعود ذلك إلى أنني قرأت منه ما يكفي
أو ربما ثمَّة سبب يمنعني من ذلك
هو ذات السبب الذي يمنعني من مشاهدة أفلام الرعب ، الأمر عبارة عن حماية للأحلام
أذ أنني لطالما حاولت أن تكون الخطوة الأولى لي لللاوعي، كمحاولة لقطع الطريق على كوابيسي التي لاتهجرني حتى في اليقضة
أنني أميل بشكل مطلق إلى أدب الهروب
والفرار لو وجد مثل هذا الأدب ...
مثلاً الهروب من السجن على طريقة الكونت مونت كريستو أو طريقة الهروب الكبير
كما في معتقل شتالاج لوفت
أو أي هروب مشابه
بيد أنني توقفت عن الهروب منذ زمن
والأمر بالنسبة لي بات مجرد خدعة مسرحية
أعادتني تلك الشذرة الذي يتحسر فيها على قلة المحفوظات الشعرية إلى رواية المستحيل
لـ إري دي لوكا ، كنت قرأتها من قبل ...
كان بطل الرواية الثوري ممتناً لقصائد دانتي التي أُرغِم على حفظها في المدرسة
إذ ستظهر منفعتها العظيمة لاحقاً حين يُزجّ في السجن فيدرك حاجته إلى التمارين اللغوية قبل الجسدية ... ومنذ ذلك الوقت خطرت لي فكرة بأن أحفظ القصائد كإدخار ثمين
على المدى القصير والطويل ..
تجنب السجن نعم هي الخطة الرئيسية
ولكن من يدري !!
ربما تأتي لحظة لا يكون فيها للمرء خيار سوى المحافظة على كرامته في هذا الوطن
كأن يُهاجم شرطي أو يشتم ضابط أو يلعن رئيس البلد أو يبصق في وجه السلطة
ثمَّة الكثير من الأعمال الأدبية التي حدث لأبطالها مالم يكن في الحسبان، والمساجين لم يخططوا لقضاء حياتهم في ذلك المكان
يجب على المرء أن يضع أمامه السجن والمنفى والموت، عندما يُفكر أن ينتفض ،لابد من خطة احتياطية أو خطتين على الأقل، عندما يفوت الأوان لابد من الحكم والمواعظ التي تصور ضرورة الصبر والقصائد لاتخلو من ذلك
ما كان نيلسون مانديلا ليصمد في منفاه
لولا قصيدة ويليم هنلي التي تدعو المرء ألا ينتحِب، وأن ينصب رأسه الدامي فلا ينحني أبداً
ظل مانديلا يرددها طوال سبعة وعشرين عاماً لولا الشعر لسقط مثل حصان كسرت ركبته بمنجل الحصاد ، كذلك ثمَّة نص عظيم لِسركون بولص يقول

" أن الشعر ليس للفؤاد الفارغ فذاك ليس له إلا الله إنما يخفف الشعر من مشقة السجن كما يخفف الغناء من مشقة العمل "
لذلك الشعر بِمثابة كل الأشياء العظيمة التي تساعد على تحمل مشقة هذه الحياة .