أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

أوراق الخـريف

madness man

:: يارب ان تستريح خطانا ::
طاقم الإدارة
إنضم
20 مارس 2014
المشاركات
87,819
مستوى التفاعل
75,459
النقاط
210
الإقامة
baghdad
اللهم طمأنينة تسكن القلب،
ورضا يغمر الروح،
ونورًا لا ينطفئ أبدًا
 

madness man

:: يارب ان تستريح خطانا ::
طاقم الإدارة
إنضم
20 مارس 2014
المشاركات
87,819
مستوى التفاعل
75,459
النقاط
210
الإقامة
baghdad
اللهم صباحاً تطيب به خواطرنا
وتطمئن به نفوسنا
و تسكن السعادة قلوبنا ،
يارب يوماً مبشراً بكل خير ..
صباحكم خير وسعادة وابتسامة تغمر وقلوبكم...
 

حياتي البصرة

🦋 ࢪ࣪ۿـَو 🦋.... مشرفة قسم الترحيب والمناسبات❤
إنضم
11 نوفمبر 2016
المشاركات
108,208
مستوى التفاعل
75,940
النقاط
450
العمر
32
الإقامة
Basra 💖
اللهم صباحاً تطيب به خواطرنا
وتطمئن به نفوسنا
و تسكن السعادة قلوبنا ،
يارب يوماً مبشراً بكل خير ..
صباحكم خير وسعادة وابتسامة تغمر وقلوبكم...
يسعدلي يومك سيدنا
انرت الفخامة برجوعك الحمدلله على السلامة 🌹
 

madness man

:: يارب ان تستريح خطانا ::
طاقم الإدارة
إنضم
20 مارس 2014
المشاركات
87,819
مستوى التفاعل
75,459
النقاط
210
الإقامة
baghdad
مقال لــ الاستاذ الدكتور خالد قنديل يكتب واحدة من اجمل المقالات عن زيارة الأربعين :
في البدء، لم يكن «طريق الأربعين» سوى خطوةٍ أولى خطاها قلب منكسر على رُفات حُلمٍ ذُبح على تراب كربلاء، كانت المسافة بين النجف وكربلاء، قبل أن يصير لها اسم وطقس وجموع، مجرد فراغٍ يُقاوِم النسيان، غير أن الذاكرة حين تأبى أن تُدفن مع أصحابها، تتحول إلى دربٍ من أقدامٍ ودموعٍ ومناجاة.
هكذا بدأ الحسينُ رحلته الثانية إلى كل القلوب: لا عبر سيوفٍ تُشهر ولا عروشٍ تُتوارث، بل عبر دمٍ سال كي يعلمنا أن الحياة لا تُشترى إن لم تُستعد للكرامة.
ومنذ ذلك الفجر البعيد، حين عاد السبايا بخُطاهم المرتجفة إلى قبرٍ صار بوصلة من ضل، بدأ الطريق، طريق صنعه الخائفون من الزيف، العاشقون للحق، التائقون إلى خلاصٍ روحي يعيد ترتيب القلب على مقاس ألطف، ليست الأربعين ذكرى موت، بل إصرار حي على إحياء معنى الحياة، في الأربعين، لا يأتي الزائرون ليشيعوا بقايا شهيدٍ تُرك وحيدًا، بل ليشيعوا في دواخلهم هزائمهم الصغيرة، ذنوبهم المؤجلة، ليودعوا شيئًا من خوفهم أمام قبةٍ تقول لهم: إن كُنت حرًا، فامضِ.. وإن كُنت حيا، فقاوِم.
ها هو العراق، الجريح العصي، يُنبت من ملحِ دموعه هذا الدرب، كأنه يقول: كل دمٍ يُهرق من أجل الحرية لا يموت، في كل خطوةٍ على هذا التراب، يُولد سؤال قديم: من ذا الذي يجرؤ أن يسكت أمام ظلمٍ شاهده؟، ومن ذا الذي يسير في طريق الحسين ويبقى كما كان قبل أن تطأ قدمه تراب كربلاء؟، ليست الثمانون كيلومترًا بين النجف وكربلاء مجرد مسافةٍ تُقاس بخطواتٍ متعبة، بل مسافة تُقاس بنبض الذين يحمِلون وجعهم زادًا، وأملهم ماءً لا ينضب، طريق الأربعين ليس دربًا جافا من تراب، بل شريان نابض تحت أقدامِ ملايين البشر الذين يأتون من جهاتٍ لا تُحصى، حاملين أسماءهم وأمنياتهم على ظهورٍ أنهكها السفر الطويل.
تقول الأرقام إن أكثر من عشرين مليون إنسانٍ يمرون في هذه المسافة القصيرة الطويلة، لكن الأرقام مهما قالت، فلن تحصي العبرات التي سقطت على هذا التراب، والقلوب التي خفقت ساجدةً بمنتصف الطريق، تحدث تراب كربلاء عن سره الكبير، على جانبي الطريق، تمتد خيام لا تسأل المارين عن هوياتهم، يأكل الغريب والفقير والغني واللاجئ والمسافر واليتيم من طبقٍ واحدٍ يقدمه عراقي يبتسم كأنه يُطعم العالم كله، هنا الجميع يمنحون، بطيب نفس وخاطر، والأقدام تمشي على الدرب الذي تُغتسل فيه الوجوه من وحشة المدن البعيدة، يتحول المشي إلى صلاةٍ طويلةٍ كتبتها خطوات وحناجر تهتف: "لبيك يا حسين"، يقولون إن هذه المسافة هي أعظم مظاهرةٍ سلميةٍ في العالم، لكن الحقيقة أن لا أحد هنا يتظاهر بشيء، هؤلاء لا يحتجون، بل يشهدون للحب حين ينتصر على الخوف، وللحق حين يورق في أرضٍ شربت دماء أهلها، فأنبتت كرامةً للآتين من كل الجهات.
هنا، على امتداد الطريق الذي يشبه شريانًا مفتوحًا بين النجف وكربلاء، يصبح الإنسان وطنًا متحركًا للإنسان الآخر، لا أحد يسأل العابر: من أنت؟ من أين جئت؟ كم تملك؟، بل يسأله سؤالًا واحدًا لا يقال بالكلمات: هل جعت؟ هل تعبت؟ هل تحتاج كتفًا تستريح عليه قليلًا؟، هكذا تتحول الخيمة الصغيرة على قارعة الطريق إلى بيتٍ بلا أبواب ولا مفاتيح، تصير أكواب الشاي التي تُوزع في أكف خشنة قصائد حب دافئة في ليالي الطريق الباردة، الأرز والخبز والحساء الذي يُطبخ تحت سماءٍ ملأى بالدعاء ليس مجرد طعام، بل عهد قديم: "لن تتيه وحدك في هذا الدرب، ففي كل وعاء حساءٍ وعدٌ خفي: أن لا يُترك قلبٌ يسير إلى الحقّ وحيدًا".
يأتي الفقير بقدره النحاسي ليغلي فيه الشاي، يوزعه بيدين تعرفان معنى الكرم حين يكون القلب خيمةً للجميع، تأتي المرأة الريفية بطعامها البسيط فتطعم زوارًا من بلادٍ لم تحلم يومًا أن تصل إليها دعوتها، يأتي الطبيب الشاب، والشيخ المسن، والطفل الذي يُشير للمارة بماءٍ باردٍ يقدمه كأنه يمنح الكون حياةً إضافية، هنا على الطريق، يسقط الغريب عن كتفيه غربة المدن، تُمحى الفوارق التي بنتها أوراق الهُوية والأسلاك الشائكة والحدود الباردة، الجميع متساوون: الحاجة هي التأشيرة الوحيدة، والنية الطيبة هي جواز السفر بين قلوبٍ فتحت أبوابها لبعضها البعض دون حراسةٍ ولا أسوار.
وإذا كانت الأرض تعرف أهلها من خطاهم، فإن هذا الطريق صار يعرف عابريه من ضوءٍ خفي في عيونهم، إنه الضوء الذي يجعل الخدمة هنا ليست تكليفًا ولا تكلفًا، بل حُبا يُصنع من حُب، وكرامةً تُقدم لمن سار يُحيي كرامةً لم تمت قط، من بعيد قد يبدو المشهد فوضويا، خيام منسوجة بألوانٍ مختلفة، قدور تغلي فوق مواقد بدائية، أقدام تتزاحم على دربٍ بلا حواف، ملايين يمضون ولا أحد يوجههم إلا بوصلة من حب قديم وممتد، لكنك إن اقتربت أكثر ستكتشف أن هذه الفوضى ليست سوى ترتيبٍ خفي صنعته قلوب تتقن فن التنظيم بلا أوراقٍ رسمية ولا قراراتٍ حكومية، هنا لا حاجة لموظفٍ يُصدر تصاريح، ولا جندي يُشرِف على الاصطفاف، ولا نظامٍ صارمٍ يُفرض على الناس، هنا لا يتحرك البشر بأمرٍ سلطوي، بل بأمرٍ من داخلهم، شاب يقتطع من أجر يومه ليشعل فانوسًا على طريقٍ مظلم، عجوز يحرس قدرًا يغلي من الليل حتى الفجر ليُطعم غرباء لا يعرف أسماءهم، أطفال ينثرون أكياس المناديل والماء كزهورٍ بيضاء على دربٍ من غبار. إنه شعب يخلق من ذاته دولةً صغيرةً اسمها الكرم، علمها قطعة قماشٍ سوداء كُتِب عليها: "لبيك يا حسين".
أي قانونٍ يُجبر إنسانًا أن يُغلق باب بيته ليفتحه لخمسين غريبًا ينامون في حضن الدار؟،أي دستورٍ يقنع صبيا لم يملك قوت يومه أن يتصدق بقدرٍ من الشاي يوزعه بحُب؟، لا شيء سوى أن الحسين لا يُبقي أحدًا وحيدًا في معركته مع الظلم حتى بعد ألف عامٍ من رحيله، هنا على هذا الطريق، التنظيم ليس جداول ولا تصاريح، إنه وعد صامت: "إن تعبت، سأحملك. إن جُعت، سأُطعمك. إن ضللت، سأدلك على الطريق"، هكذا يُعيد هؤلاء الناس تعريف معنى "الدولة": ليست سلطةً تقهر، بل قلبًا واسعًا يسع من لا ملاذ له.
لا أحد يسأل في طريق الأربعين "ما دينك؟ لأن حاجتك هناك تكون إلى القلب النقي، نافضًا عن روحك صدأ الأنانية، فلا تعود من كربلاء كما جئت. طريق الأربعين درس طويل في الإصلاح الذي بدأه الحسين يوم رفض أن يكون شاهد زورٍ على زمنٍ ظالم، إنه يُعيدك إلى نفسك: يُعريك من غلافك الحديدي، ويجعلك طريا كدمعةٍ لا تخجل من النزول أمام أعين الغرباء، هناك، على ذلك التراب، يفهم الإنسان متأخرًا أن أغلى ما يملكه ليس ما في جيبه، بل ما في قلبه من مساحةٍ ليُحب الآخرين دون حساب. إن طريق الأربعين في العراق ليس طريقًا ترابيًا وحسب، بل دربٌ من الحياة النقية يولد فيه الناس من جديد، ويتعلم المار كيف يُعيد اكتشاف أبسط الدروس التي أضاعها في زحام المدن: الإيثار، الكرامة، المساواة، والحب بلا شرط، هنا، يتقاسم العابر رغيفه مع من لا يعرف اسمه، هنا، ينحني الغني ليخدم الفقير، ويصبح الضعيف قويًا بقلبٍ لا يقيس الناس بحسابات البنوك، هنا، يُنسى العُمر والمنصب والمكانة؛ وحدها الأقدام المتعبة هي التي ترفع صاحبها عاليًا حين تضعها فوق التراب الذي لمس دم الحسين.
من كربلاء، من هذا الطريق يخرج العراق برسالةٍ أكبر من أرض مزقتها الحروب، وتضمد الجراح برسائل المحبة والقبول، لتقول للعالم: لا تنتظر مؤتمرًا أمميًا ولا منظمةً دولية لتعرف كيف تُطعم الجائع وكيف تحضن الغريب. طريق الأربعين كتاب مفتوح بكل لغات الإنسانية يقول للعالم إن الحب هو السلاح الأمضى الذي لا يحتاج إلى تصاريح عبور.
من كربلاء تعود وأنت تحمل الدرس الأهم:
لا يموت حق وراءه قلب حي.
ولا تنطفئ شمعة أضاءتْ ظُلمة العالم بالعدل ولو بعد ألف عاشوراء.
ويتعلم المار كيف يُعيد اكتشاف أبسط الدروس التي أضاعها في زحام المدن: الإيثار، الكرامة، المساواة، والحب بلا شرط، هنا، يتقاسم العابر رغيفه مع من لا يعرف اسمه، هنا، ينحني الغني ليخدم الفقير، ويصبح الضعيف قويًا بقلبٍ لا يقيس الناس بحسابات البنوك، هنا، يُنسى العُمر والمنصب والمكانة؛ وحدها الأقدام المتعبة هي التي ترفع صاحبها عاليًا حين تضعها فوق التراب الذي لمس دم الحسين.
من كربلاء، من هذا الطريق يخرج العراق برسالةٍ أكبر من أرض مزقتها الحروب، وتضمد الجراح برسائل المحبة والقبول، لتقول للعالم: لا تنتظر مؤتمرًا أمميًا ولا منظمةً دولية لتعرف كيف تُطعم الجائع وكيف تحضن الغريب. طريق الأربعين كتاب مفتوح بكل لغات الإنسانية يقول للعالم إن الحب هو السلاح الأمضى الذي لا يحتاج إلى تصاريح عبور.
من كربلاء تعود وأنت تحمل الدرس الأهم:
لا يموت حق وراءه قلب حي.
ولا تنطفئ شمعة أضاءتْ ظُلمة العالم بالعدل ولو بعد ألف عاشوراء.



الدكتور خالد قنديل
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 1 ( الاعضاء: 0, الزوار: 1 )