اهلا أمي..
.
كيف حالك؟...
انت لا تشعرين بالوحدة كما اشعر اليس كذلك؟،
بالتاكيد فانت تملكين ابي بالعالم الاخر،
حتى جدتي وجدي معك.
مالذي يحدث معكما هناك؟،
هل ما زال أبي يشرب القهوة كل صباح؟،
وهل مازال يقوم بالرياضة بكل ليلة؟،
بالتاكيد لن يمارس الرياضة بالعالم الآخر، يا لي من مجنونة!!.
حسنا، اعتقد ان علي الاسراع،
فسينتصف الليل بعد نصف ساعة،
اتتعجبين من الأمر؟...
فابنتك المدللة اضحت شخصا شجاعا،
ياتي الى المقبرة بالليل،
ولا احد بالجوار ويكلم قبر والدته كالمختل!..
اتسائل مالذي سيقول الناس عني حين يرون فتاة تبلغ الثالثة عشر،
تتكلم مع قبر ما،
ولا ترتدي ملابسا تناسب هذه الليلة الباردة.
بالتاكيد سيتسائلون مع انفسهم،
كيف لفتاة ان تاتي للمقبرة بهذا الليل؟..
الا تخاف ان يخطفها احد؟، او تلتقي بروح ما؟..!
لكن لا يهم، الناس فقط تثرثر كما تعلمين!.
لاصارحك يا أماه،
لم اعد اهاب الصراصير ،
او الظلام،
اتصدقين انني وجدت شعورا أسوأ من الشعور بالخوف؟..
لا يهم،
يبدو كلامي طفوليا،
لا تهتمي.
بالمناسبة،
هناك شيء ثقيل فوق صدري! ،
امي هل انا مريضة؟..
لقد هربت اليوم من خالتي،
لابد وان تكون الان تبحث عني.
او ستكون نائمة،
لقد ذكرتني يا ماما،
اتعلمين ان الشهر الماضي،
اشترى زوج خالتي كعكة فاخرة من فندق خمس نجوم،
تعلمين ان عائلة خالتي كثيرة،
فهناك زوجها، وأم زوجها، وابنائها وبناتها الخمسة،
اضافة مع شقيق زوج خالتي الذي يبلغ الاحدى عشر.
المهم، قطعت الكيك،
وانا كنت بغرفتي للاسف،
فنست ان تعطيني حصتي،
لقد نمت ذلك اليوم بمعدة خاوية.
انا اعذرها يا ماما،
فليس خطأها بالبتة،
فكيف لها ان تتذكرني امام كل ذلك العدد المهول الذي تتكون منها أسرتها،
لكن ذلك اليوم، ولأول مرة شعرت انني حقا..... يتيمة!
فلو كنت حية،
ولو كان عدد افراد العائلة ثلاثين،لتذكرتني!..
لشعرتي ان هناك شيئا ناقصا،
وصدقا لن اتفاجأ ان اشتريت كعكة جديدة لو نسيتني،
او لم يتبقى شيء من الكعكة.
بأول يوم لي بالمدرسة،كنت خائفة جدا،
حين علمت انني ساذهب للمدرسة ظللت ابكي الليل كله خوفا من القادم ومن الاساتذة،
اوه لا تتمسخري مني
فانت لا تعلمين كم من فكرة مرعبة راودتني
وانا اتخيل الايام التي ساقضيها وانا هناك!..
لكن المحزن بالقصة يا ماما،
انني لم اتلقى اي قبلة على الجبين،
ولم اجد فطوري بالمحفظة،
ولم اتلقى اي كلمات تطمئنني،
وتزرع الأمان بداخلي،
بل فور ان فطرت،
جاء السائق وأصولني للمدرسة،
بالمناسبة كانت استاذتي لطيفة.
ماما لما ذهبتي؟،
فأول يوم لي بالمدرسة،
رأيت الفتيات والاطفال الذين بسني يرافقهم أهاليهم،
ويمسحون دموعهم التي صدرت من قلب خائف.
اما عني؟،
فانا كان يرافقني ذلك السائق الأربعيني،
الذي اكاد اقسم انه لم يبتسم من قبل،
عيناه لا يظهر بهما أي مشاعر تدل على الحياة!
أتعلمين
ان حينما عدت من المدرسة،
القت علي خالتي السلام بابتسامة مزيفة،
لم تمسكني من يدي بلطف وتحضنني ثم تجلسني بالأريكة
وتبدأ بالقاء الأسئلة اللامتناهية علي ،
وبدوري اسرد لها كل تفاصيل يومي.
شعرت انني وحيدة يا أمي!..
حتى ابنائها يرونني زيادة على عائلتهم،
ويلقون علي نظرات مشمئزة،
خصوصا بنات خالتي!..
رغم انهم يكبرونني بسنة فقط،
الى اننا لم نتكلم قط،
يكنون لي حقدا وكرها يألمونني..~.
بالعيد يشتري زوج خالتي لابنائه وشقيقه ملابسا فاخرة،
يشترون لي أيضا لكن ملابسا ليست بذلك الجمال،
فحين ذهبنا لمتجر الملابس،
بدأت خالتي تبحث بين الملابس على فساتين لطيفة وفاخرة لبناتها،
بينما أنا تأخذ لي فستان بدون ان تلقي عليه نظرة واحدة او تتفحصه ان كان جميلا.
حين ياتي العيد،
بنات خالتي تلبسهم والدتهم بينما البس انا وحدي،
تمشط لهم وتزينهم جيدا،
بينما انا امشط وحدي.
امي!،
انا لم يسرد لي احد قصة من قصص ديزني قبل النوم،
لم يسهر احد معي حين أمرض.
خالتي تشتري لي الدواء،
أشربه فتذهب هي لتنام،
بينما ابكي انا بصمت بسبب الألم الذي يراودني.
أمي!،
انا لم يساعدني احد بالواجبات المدرسية،
لم تقدر خالتي الهدية التي اجلبها لها بعيد الأم،
انا فقط اشعر ب.....بالوحدة!..
أبي!..أبي!...أبي!!!
اتعلم ان منذ رحيلك واوصالي ترتجف؟،
قلبي يهتز،
ولست ثابتة،
انا فاقدة الأمان يا أبي!.
انا لا املك أي سند استند عليه،
حين تنتهي العطلة الصيفية
لم اجرب ان يأتي والدي ويشتري لي الادوات المدرسية،
ويضحك على فرحتي المفرطة
أبي لقد تعرضت على التنمر من طرف بعض الاشخاص بالمدرسة،
لم استطع ان اخبر زوج خالتي،
لانه مشغول.
لكنني كنت متاكدة انك لو لم تتوفى لضربت كل شيء عرض الحائط،
واتيت هنا للمدرسة،
لترفع دعوة عند المدير،
ولن ترتاح حتى ان ارتاح انا،
وادرس ببال مرتاح.
أبي،
انا لم اتجول بالدراجة معك،
ولم نتجول بالغابات معا.
لم تعرفني على ابناء اصدقائك،
ولم تحملني وتدور بي وتقبل خدي.
لم ابكي بحضنك،
لم استطع ان اشتكي لك على احد احببته وخانني،
لم استطع ان ابكي بحضنك الدافئ وانت تهدئني.
ابي،لم اجرب الامان،
لم اجرب ان استند على أحد.
كل ما جربته هو الخوف من هذا العالم،
أبي،اشتقت اليك....
اسفة لانني لم اقل لكم كل هذا الكلام،
لكن اليوم نفذت لي آخر حبة صبر لي.
اريد ان اخبركم انني اشتاق اليكم.
احبكم.
واريد اللحاق بكم.
العالم ناقص بدونكم صدقوني،
انا كغصن مكسور لا سند له.
لــ حفصه المقدم