Ѽ صافية
Well-Known Member
لم يعد الموت مجرد حدث شخصي ينهي حياة فرد ويُبقي خلفه دمعة أو ذكرى؛ صار أشبه بمرآة تُظهر لنا هشاشتنا الجماعية. نحن نودّع أحبتنا كل يوم، لكننا في الوقت ذاته نعيش رحيلًا آخر هو أعمق.. رحيل القيم، رحيل المروءة، رحيل الكثير من الروابط التي تجمع الناس وتشد بعضهم إلى بعض.
لقد صار الإنسان اليوم محاصرًا بتحديات لا ترحم. يلهث ليخرج من مأزق يومه، يتشبث بلقمة عيشه، يطارد استقراره النفسي وسط كمٍ كبير من الصعوب والأمور الشاقة، وتزايد الأزمات والفتن. لم يعد بمقدور هذا الإنسان أن يرفع رأسه ليتساءل.. هل سيفتقدني أحد بعد موتي..؟ بينما بالكاد يجد من يلتفت لآلامه وأحزانه وهو على قيد الحياة..!
ومع ذلك، لا يمكن أن نعمّم هذا الضياع على الجميع. فثمّة شريحة من الناس وهي بالتأكيد قلة قليلة، ما زالت تعيش وفق بوصلة داخلية، تزن أعمالها، وتبني حياتها على معنى أعمق من الاستهلاك والركض الأعمى. هؤلاء لا ينجون من الأزمات، لكنهم يعبرونها بعقلٍ راجح وروحٍ مطمئنة، مدركين أن صعوبات الحياة هي المعلّم الحقيقي والدرس الأهم الذي يختبر الإنسان ويثبت جدارته وقدرته على العيش على سطح هذا الكوكب.
البصمة التي نتركها لم تعد أمرا هامشيًا، بل ضرورة وجودية. إذ أنه، لم يبق للإنسان إلا ما زرع من أثر.. كلمة طيبة أطفأت حزنًا، تنبيهًا صغيرًا أو التفاتة غيرت مجرى حياة لشخص أو أسرة أو جيل بأكمله، أو بسمةً صادقة أعادت الأمل لقلبٍ قد تحجّر. هذه التفاصيل الصغيرة هي التي تصمد في الذاكرة، وتظل شاهدةً بعد أن يغادر الإنسان إلى غير رجعة.
إن أخطر ما يمكن أن يعيشه المرء، أن يصرّ على البقاء في «النقطة العمياء».. مجهولًا حتى لنفسه، رافضًا أن يعترف بقيمته أو أن يطلق طاقاته الكامنة. فالموت لا يُنهي حياة بقدر ما يكشف حقيقتها، من عاش لنفسه وحدها، ذاب اسمه مع أول موجة نسيان؛ أما من عاش لنفسه ولغيره، بقي أثره ممتدًا كأشجار الزيتون، تضرب بجذورها في الأرض وتُثمر عبر الأجيال، غير آبهة بالمتغيرات.
السؤال إذن ليس، هل سيفتقدونك؟ بل.. ماذا ستترك خلفك..! عملٌ ينفع الناس على مدى سنين طويلة، موقفٌ شجاع يترك أثرًا في وجدان الناس يُذكر من بعدك، أو حتى لحظة دفء صادقة في زمنٍ بردت فيه المشاعر. فالناس اليوم أحوج ما يكونوا لهزّة توقظ فيهم المعنى، تجعلهم يتذكّرون بأن الإنسان أكبر من حدود همومه اليومية، وأن الرحيل ليس في حد ذاته نهاية بل بداية لحقبة زمنية هي أطول من غيرها، إما أن يكون فيها ذكرى طيبة جميلة، أو أن تنطفئ شمعته ويكون نسيا منسيا.
منذ هذه اللحظة يتحدد مصير كلّ فرد منا، إمّا أن نكون عابرين كالظلّ، لا يترك مرورنا أثرًا يُذكر، فينطفئ حضورنا بانطفاء أنفاسنا، وإمّا أن نصير من أولئك الذين إذا غابوا، انكشف في القلوب فراغ واسع لا يملؤه أحد، لأن صمتهم امتد خارج حدود العمر، ليقيم في الذاكرة والوجدان
لقد صار الإنسان اليوم محاصرًا بتحديات لا ترحم. يلهث ليخرج من مأزق يومه، يتشبث بلقمة عيشه، يطارد استقراره النفسي وسط كمٍ كبير من الصعوب والأمور الشاقة، وتزايد الأزمات والفتن. لم يعد بمقدور هذا الإنسان أن يرفع رأسه ليتساءل.. هل سيفتقدني أحد بعد موتي..؟ بينما بالكاد يجد من يلتفت لآلامه وأحزانه وهو على قيد الحياة..!
ومع ذلك، لا يمكن أن نعمّم هذا الضياع على الجميع. فثمّة شريحة من الناس وهي بالتأكيد قلة قليلة، ما زالت تعيش وفق بوصلة داخلية، تزن أعمالها، وتبني حياتها على معنى أعمق من الاستهلاك والركض الأعمى. هؤلاء لا ينجون من الأزمات، لكنهم يعبرونها بعقلٍ راجح وروحٍ مطمئنة، مدركين أن صعوبات الحياة هي المعلّم الحقيقي والدرس الأهم الذي يختبر الإنسان ويثبت جدارته وقدرته على العيش على سطح هذا الكوكب.
البصمة التي نتركها لم تعد أمرا هامشيًا، بل ضرورة وجودية. إذ أنه، لم يبق للإنسان إلا ما زرع من أثر.. كلمة طيبة أطفأت حزنًا، تنبيهًا صغيرًا أو التفاتة غيرت مجرى حياة لشخص أو أسرة أو جيل بأكمله، أو بسمةً صادقة أعادت الأمل لقلبٍ قد تحجّر. هذه التفاصيل الصغيرة هي التي تصمد في الذاكرة، وتظل شاهدةً بعد أن يغادر الإنسان إلى غير رجعة.
إن أخطر ما يمكن أن يعيشه المرء، أن يصرّ على البقاء في «النقطة العمياء».. مجهولًا حتى لنفسه، رافضًا أن يعترف بقيمته أو أن يطلق طاقاته الكامنة. فالموت لا يُنهي حياة بقدر ما يكشف حقيقتها، من عاش لنفسه وحدها، ذاب اسمه مع أول موجة نسيان؛ أما من عاش لنفسه ولغيره، بقي أثره ممتدًا كأشجار الزيتون، تضرب بجذورها في الأرض وتُثمر عبر الأجيال، غير آبهة بالمتغيرات.
السؤال إذن ليس، هل سيفتقدونك؟ بل.. ماذا ستترك خلفك..! عملٌ ينفع الناس على مدى سنين طويلة، موقفٌ شجاع يترك أثرًا في وجدان الناس يُذكر من بعدك، أو حتى لحظة دفء صادقة في زمنٍ بردت فيه المشاعر. فالناس اليوم أحوج ما يكونوا لهزّة توقظ فيهم المعنى، تجعلهم يتذكّرون بأن الإنسان أكبر من حدود همومه اليومية، وأن الرحيل ليس في حد ذاته نهاية بل بداية لحقبة زمنية هي أطول من غيرها، إما أن يكون فيها ذكرى طيبة جميلة، أو أن تنطفئ شمعته ويكون نسيا منسيا.
منذ هذه اللحظة يتحدد مصير كلّ فرد منا، إمّا أن نكون عابرين كالظلّ، لا يترك مرورنا أثرًا يُذكر، فينطفئ حضورنا بانطفاء أنفاسنا، وإمّا أن نصير من أولئك الذين إذا غابوا، انكشف في القلوب فراغ واسع لا يملؤه أحد، لأن صمتهم امتد خارج حدود العمر، ليقيم في الذاكرة والوجدان