البردة
كعب بن زهير
هذه القصيدة قالها كعب في حضرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، عندما جاءه معتذرا عما بدر منه تجاه المسلمين من قبح قبل إسلامه ، وبعد الانتهاء منها كساه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بردته .
بـانَتْ سُـعادُ فَـقَلْبي اليَوْمَ مَتْبولُ
مُـتَـيَّمٌ إثْـرَها لـم يُـفَدْ مَـكْبولُ
[FONT="]
[/FONT]وَمَـا سُـعَادُ غَـداةَ البَيْن إِذْ رَحَلوا
إِلاّ أَغَـنُّ غضيضُ الطَّرْفِ مَكْحُولُ
[FONT="]
[/FONT]هَـيْـفاءُ مُـقْبِلَةً عَـجْزاءُ مُـدْبِرَةً
لا يُـشْتَكى قِـصَرٌ مِـنها ولا طُولُ
[FONT="]
[/FONT]تَجْلُو عَوارِضَ ذي ظَلْمٍ إذا ابْتَسَمَتْ
كـأنَّـهُ مُـنْـهَلٌ بـالرَّاحِ مَـعْلُولُ
[FONT="]
[/FONT]شُـجَّتْ بِـذي شَـبَمٍ مِنْ ماءِ مَعْنِيةٍ
صـافٍ بأَبْطَحَ أضْحَى وهْومَشْمولُ
[FONT="]
[/FONT]تَـنْفِي الـرِّياحُ القَذَى عَنْهُ وأفْرَطُهُ
مِـنْ صَـوْبِ سـارِيَةٍ بِيضٌ يَعالِيلُ
[FONT="]
[/FONT]أكْـرِمْ بِـها خُـلَّةً لـوْ أنَّهاصَدَقَتْ
مَـوْعودَها أَو ْلَوَ أَنِّ النُّصْحَ مَقْبولُ
[FONT="]
[/FONT]لـكِنَّها خُـلَّةٌ قَـدْ سِـيطَ مِنْ دَمِها
فَـجْـعٌ ووَلَـعٌ وإِخْـلافٌ وتَـبْديلُ
[FONT="]
[/FONT]فـما تَـدومُ عَـلَى حـالٍ تكونُ بِها
كَـما تَـلَوَّنُ فـي أثْـوابِها الـغُولُ
[FONT="]
[/FONT]ولا تَـمَسَّكُ بـالعَهْدِ الـذي زَعَمْتْ
إلاَّ كَـما يُـمْسِكُ الـماءَ الـغَرابِيلُ
[FONT="]
[/FONT]فـلا يَـغُرَّنْكَ مـا مَنَّتْ وما وَعَدَتْ
إنَّ الأمـانِـيَّ والأحْـلامَ تَـضْليلُ
[FONT="]
[/FONT]كـانَتْ مَـواعيدُ عُـرْقوبٍ لَها مَثَلا
ومــا مَـواعِـيدُها إلاَّ الأبـاطيلُ
[FONT="]
[/FONT]أرْجـو وآمُـلُ أنْ تَـدْنو مَـوَدَّتُها
ومـا إِخـالُ لَـدَيْنا مِـنْكِ تَـنْويلُ
[FONT="]
[/FONT]أمْـسَتْ سُـعادُ بِـأرْضٍ لايُـبَلِّغُها
إلاَّ الـعِتاقُ الـنَّجيباتُ الـمَراسِيلُ
[FONT="]
[/FONT]ولَـــنْ يُـبَـلِّغَها إلاّغُـذافِـرَةٌ
لـها عَـلَى الأيْـنِ إرْقـالٌ وتَبْغيلُ
[FONT="]
[/FONT]مِـنْ كُلِّ نَضَّاخَةِ الذِّفْرَى إذا عَرِقَتْ
عُـرْضَتُها طـامِسُ الأعْلامِ مَجْهولُ
[FONT="]
[/FONT]تَـرْمِي الـغُيوبَ بِعَيْنَيْ مُفْرَدٍ لَهِقٍ
إذا تَـوَقَّـدَتِ الـحَـزَّازُ والـمِيلُ
[FONT="]
[/FONT]ضَـخْـمٌ مُـقَـلَّدُها فَـعْم مُـقَيَّدُها
فـي خَلْقِها عَنْ بَناتِ الفَحْلِ تَفْضيلُ
[FONT="]
[/FONT]غَـلْـباءُ وَجْـناءُ عَـلْكوم مُـذَكَّرْةٌ
فــي دَفْـها سَـعَةٌ قُـدَّامَها مِـيلُ
[FONT="]
[/FONT]وجِـلْـدُها مِـنْ أُطـومٍ لا يُـؤَيِّسُهُ
طَـلْحٌ بـضاحِيَةِ الـمَتْنَيْنِ مَهْزولُ
[FONT="]
[/FONT]حَـرْفٌ أخـوها أبـوها مِن مُهَجَّنَةٍ
وعَـمُّـها خـالُها قَـوْداءُ شْـمِليلُ
[FONT="]
[/FONT]يَـمْشي الـقُرادُ عَـليْها ثُـمَّ يُزْلِقُهُ
مِـنْـها لِـبانٌ وأقْـرابٌ زَهـالِيلُ
[FONT="]
[/FONT]عَـيْرانَةٌ قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عَنْ عُرُضٍ
مِـرْفَقُها عَـنْ بَـناتِ الزُّورِ مَفْتولُ
[FONT="]
[/FONT]كـأنَّـما فـاتَ عَـيْنَيْهاومَـذْبَحَها
مِـنْ خَـطْمِها ومِن الَّلحْيَيْنِ بِرْطيلُ
[FONT="]
[/FONT]تَـمُرُّ مِـثْلَ عَسيبِ النَّخْلِ ذا خُصَلٍ
فـي غـارِزٍ لَـمْ تُـخَوِّنْهُ الأحاليلُ
[FONT="]
[/FONT]قَـنْواءُ فـي حَـرَّتَيْها لِـلْبَصيرِ بِها
عَـتَقٌ مُـبينٌ وفـي الخَدَّيْنِ تَسْهيلُ
[FONT="]
[/FONT]تُـخْدِي عَـلَى يَـسَراتٍ وهي لاحِقَةٌ
ذَوابِــلٌ مَـسُّهُنَّ الأرضَ تَـحْليلُ
[FONT="]
[/FONT]سُمْرُ العَجاياتِ يَتْرُكْنَ الحَصَى زِيماً
لـم يَـقِهِنَّ رُؤوسَ الأُكْـمِ تَـنْعيلُ[FONT="]
[/FONT]كــأنَّ أَوْبَ ذِراعَـيْها إذا عَـرِقَتْ
وقــد تَـلَـفَّعَ بـالكورِ الـعَساقيلُ
[FONT="]
[/FONT]يَـوْماً يَـظَلُّ به الحِرْباءُ مُصْطَخِداً
كـأنَّ ضـاحِيَهُ بـالشَّمْسِ مَـمْلولُ
[FONT="]
[/FONT]وقـالَ لِـلْقوْمِ حـادِيهِمْ وقدْ جَعَلَتْ
وُرْقَ الجَنادِبِ يَرْكُضْنَ الحَصَى قِيلُوا
[FONT="]
[/FONT]شَـدَّ الـنَّهارِ ذِراعـا عَيْطَلٍ نَصِفٍ
قـامَـتْ فَـجاوَبَها نُـكْدٌ مَـثاكِيلُ
[FONT="]
[/FONT]نَـوَّاحَةٌ رِخْـوَةُ الـضَّبْعَيْنِ لَيْسَ لَها
لَـمَّا نَـعَى بِـكْرَها النَّاعونَ مَعْقولُ
[FONT="]
[/FONT]تَـفْرِي الُّـلبانَ بِـكَفَّيْها ومَـدْرَعُها
مُـشَـقَّقٌ عَـنْ تَـراقيها رَعـابيلُ
[FONT="]
[/FONT]تَـسْعَى الـوُشاةُ جَـنابَيْها وقَـوْلُهُمُ
إنَّـك يـا ابْـنَ أبـي سُلْمَى لَمَقْتولُ
[FONT="]
[/FONT]وقــالَ كُـلُّ خَـليلٍ كُـنْتُ آمُـلُهُ
لا أُلْـهِيَنَّكَ إنِّـي عَـنْكَ مَـشْغولُ
[FONT="]
[/FONT]فَـقُـلْتُ خَـلُّوا سَـبيلِي لاَ أبـالَكُمُ
فَـكُلُّ مـا قَـدَّرَ الـرَّحْمنُ مَفْعولُ
[FONT="]
[/FONT]كُـلُّ ابْـنِ أُنْثَى وإنْ طالَتْ سَلامَتُهُ
يَـوْماً عـلى آلَـةٍ حَـدْباءَ مَحْمولُ
[FONT="]
[/FONT]أُنْـبِـئْتُ أنَّ رَسُـولَ اللهِ أَوْعَـدَني
والـعَفْوُ عَـنْدَ رَسُـولِ اللهِ مَأْمُولُ
[FONT="]
[/FONT]وقَـدْ أَتَـيْتُ رَسُـولَ اللهِ مُـعْتَذِراً
والـعُذْرُ عِـنْدَ رَسُـولِ اللهِ مَقْبولُ
[FONT="]
[/FONT]مَـهْلاً هَـداكَ الـذي أَعْطاكَ نافِلَةَ
الْـقُرْآنِ فـيها مَـواعيظٌ وتَـفُصيلُ
[FONT="]
[/FONT]لا تَـأْخُذَنِّي بِـأَقْوالِ الـوُشاة ولَـمْ
أُذْنِـبْ وقَـدْ كَـثُرَتْ فِـيَّ الأقاويلُ
[FONT="]
[/FONT]لَـقَدْ أقْـومُ مَـقاماً لـو يَـقومُ بِـه
أرَى وأَسْـمَعُ مـا لـم يَسْمَعِ الفيلُ
[FONT="]
[/FONT]لَـظَلَّ يِـرْعُدُ إلاَّ أنْ يـكونَ لَهُ مِنَ
الَّـرسُـولِ بِــإِذْنِ اللهِ تَـنْـويلُ
[FONT="]
[/FONT]حَـتَّى وَضَـعْتُ يَـميني لا أُنازِعُهُ
فـي كَـفِّ ذِي نَـغَماتٍ قِيلُهُ القِيلُ
[FONT="]
[/FONT]لَــذاكَ أَهْـيَبُ عِـنْدي إذْ أُكَـلِّمُهُ
وقـيـلَ إنَّـكَ مَـنْسوبٌ ومَـسْئُولُ
[FONT="]
[/FONT]مِـنْ خـادِرٍ مِنْ لُيوثِ الأُسْدِ مَسْكَنُهُ
مِـنْ بَـطْنِ عَـثَّرَ غِيلٌ دونَهُ غيلُ
[FONT="]
[/FONT]يَـغْدو فَـيُلْحِمُ ضِـرْغامَيْنِ عَيْشُهُما
لَـحْمٌ مَـنَ الـقَوْمِ مَـعْفورٌ خَراديلُ
[FONT="]
[/FONT]إِذا يُـسـاوِرُ قِـرْناً لا يَـحِلُّ لَـهُ
أنْ يَـتْرُكَ الـقِرْنَ إلاَّ وهَوَمَغْلُولُ
[FONT="]
[/FONT]مِـنْهُ تَـظَلُّ سَـباعُ الـجَوِّ ضامِزَةً
ولا تَـمَـشَّى بَـوادِيـهِ الأراجِـيلُ
[FONT="]
[/FONT]ولا يَــزالُ بِـواديـهِ أخُـو ثِـقَةٍ
مُـطَرَّحَ الـبَزِّ والـدَّرْسانِ مَأْكولُ
[FONT="]
[/FONT]إنَّ الـرَّسُولَ لَنُورٌ يُـسْتَضاءُ بِهِ
مُـهَنَّدٌ مِـنْ سُـيوفِ اللهِ مَـسْلُولُ
[FONT="]
[/FONT]فـي فِـتْيَةٍ مِـنْ قُـريْشٍ قالَ قائِلُهُمْ
بِـبَطْنِ مَـكَّةَ لَـمَّا أسْـلَمُوا زُولُوا
[FONT="]
[/FONT]زالُـوا فـمَا زالَ أَنْكاسٌ ولا كُشُفٌ
عِـنْـدَ الِّـلقاءِ ولا مِـيلٌ مَـعازيلُ
[FONT="]
[/FONT]شُــمُّ الـعَرانِينِ أبْـطالٌ لُـبوسُهُمْ
مِـنْ نَـسْجِ دَاوُدَ في الهَيْجَا سَرابيلُ
[FONT="]
[/FONT]بِـيضٌ سَـوَابِغُ قـد شُكَّتْ لَهَا حَلَقٌ
كـأنَّـها حَـلَقُ الـقَفْعاءِ مَـجْدولُ
[FONT="]
[/FONT]يَمْشونَ مَشْيَ الجِمالِ الزُّهْرِ يَعْصِمُهُمْ
ضَـرْبٌ إذا عَـرَّدَ الـسُّودُ التَّنابِيلُ
[FONT="]
[/FONT]لا يَـفْـرَحونَ إذا نَـالتْ رِمـاحُهُمُ
قَـوْماً ولَـيْسوا مَـجازِيعاً إذا نِيلُوا
[FONT="]
[/FONT]لا يَـقَعُ الـطَّعْنُ إلاَّ فـي نُحورِهِمُ
ومـا لَهُمْ عَنْ حِياضِ الموتِ تَهْليلُ
