Banned *
Banned
- إنضم
- 30 يونيو 2012
- المشاركات
- 296
- مستوى التفاعل
- 7
- النقاط
- 18
بسم الله الرحمن الرحيم
يدور حديثنا حول كون الدين، هو الوسيلة الوحيدة لإشباع الحاجات والرغبات البشرية، ولا يمكن لغيره أنْ يحلّ محلّه.
فقد اعتقد البعض قبل زمنٍ ليس بالبعيد، بأنّه بتقدم الإنسان وتطوره، ستنعدم الحاجة للدين، لأنّ العلم سيُشبع حاجات البشر ورغباته.
ولكنّ اليوم وبعد التطور الكبير للعلم، قد لمسوا احتياجهم الشديد في سعادة الفرد والمجتمع ( فقد اتضح للجميع، أنّ العلم لا يسد حاجة البشرية للدين، كشرط ضروري للحياة السوية السليمة، فالإنسان يحتاج للدين، في حياته الفردية والإجتماعية، فإنّ الإِنسان حين تخطر الأبدية في ذهنية، سيرتبط بعالم آخر).
وهذه القدرة على التفكير والتصوّر لدى الإنسان، تخلق فيه مشاعر الأبديّة والخلود؛ التفكير في حياةٍ أخرى، غير الحياة الدنيوية المؤقتة؛ ومثل هذه الميول الواسعة الأبدية لا تتلائم وقواه البدنية المحدودة الفانية؛ أي: أنّ الإِنسان يشعر من ناحية بوجود هذه الميول والتصورات الوسيعة الكبيرة في نفسه، ومن ناحيةٍ أخرى يرى جسمه وبدنه محدوداً زائلاً، فيحسّ بتوتّر واضطراب هائلين.
حيث يلاحظ بفزع، عدم التعادل والتوازن بين حاجاته ورغباته، واستعداداته البدنية، فإنّ الإِحساس بالحرمان من الخلود يسحقه، يمزّقه، يغبط الحيوانات التي تعيش تلك الحياة المحدودة، حيث تتساوى مساحة فكرها، مع مساحة استعدادها البدني، ولا تفكر في البقاء والأبدية، ختى تتأجج في أعماقها الآمال، والحاجات الكبيرة ليمزّقها تصور الفناء وعدم تحقيق أحلامها.
فلو كان الإنسان سيفنى، بعد رحلة العمر، فإنّ هذا التصور سيشعره بعدم التوازن، بين أفكاره ورغبات روحه، وبين استعداداته؛ قيبرز أمامه هذا السؤال: إذا كان مصيره الفناء، فإلى أيّ مدى ستكون هذه التصورات والميول الوسيعة مؤلمة، وغير مثمرة؟
وكثيراً ما سعى الإِنسان، وأجهد نفسه في البحث عن الخلود والبقاء، وكل هذه الجهود والأعمال التي يبحث في أحضانها عن البقاء، وليدة هذا الإحساس وهذا الأمل بالخلود، ومنها الأعمال التي يقوم بها البعض ليثبتوا بقاءهم بعد الحياة من خلالها.
ولكنها خيالات وأوهام، لا تعتمد على أساسٍ منطقي، فإنّه يتوهم أنّه باق بتمثاله بصورته بمؤلفاته، بذكرياته؛ كلا، أنه لن يبقى بل سيموت وكثير من الجرائم يقترفها البعض، لأجل التوصّل لهذا الأمل، وإلى إثبات بقائه، ولكنها جهود لا طائل فيها: فأيّ لذة سسيشعر بطعمها، بعد موته؟ وما تُجديه لذة الشهرة بعد أن تنطفئ حياته؟ فإنّ الحي هو الذي يشعر بهذه اللذة.
إنّ الوسيلة الوحيدة التي تشبع هذه المشاعر والرغبات، بصورة تامة ومقنعة، هو الشعور والاعتقاد الديني.
ويذكر فروغي في كتابه رسائل العظماء ورسالة عن فيكتور هوجو، تؤكد هذا المعنى، أن الإِنسان حين يعتقد بأنّه فانٍ، وأنه لا يوجد بعد هذه الحياة إلاّ العدم المطلق، فأنّه خينئذٍ سيفقد الإِحساس بقيمة الحياة ولذتها.
والشيء الوحيد الذي يبعث فيه الإِحساس باللذة، والنشاط والرؤية الواسعة، هو الدين: حيث يوفّر فيه الإِعتقاد بالبقاء والخلود، وبوجود حياة أُخرى أبدية، وإنّ هذه الحياة مؤقتة، وإنك أيُّها الإِنسان أكبر من الحياة الدنيا.
وحين يسأل تولستوي عن تعريف الإِيمان؟ يُجيب: بأنّ الإِيمان هو الذي يحيا به الإِنسان، إنه رصيد الحياة).
ولنقارن هذه الفكرة مع طريقة التفكير لدى بعض الأفراد، الذين يعتقدون بأنّ الدين قيد، وأنّ اللادينيّة حرية وانطلاق.
إنهم يتوهمون بأنّ الحرية تعني: التحرّر من كل قيد، وعليه فيكون التحرّر من العقل، والإنسانية، والأخلاق، والشرف، وغيرها من القيم، أيضاً تحرراً وانطلاقاً.
وحين قرأت هذا الحديث عن تولستوي، خطر في ذهني ما قاله خسرو مخاطباً إبنه:-
(أعرضتُ عن الدنيا، ووجهتُ وجهي للدين، لأنّ الدنيا بدون دين، كالبئر العميقة، كالسجن، إنّ للدين في أعماق قلبي ملك عظيم لا يتعرّض للدمار، والإنهيار أبداً).
منقول