امتدح المتنبي بعض أعداء صاحب مملكته، فبلغه ذلك فتوعد المتنبي بالقتل، فخرج هاربًا ثم اختفى مدة، فأخبر الملك أنه ببلدة كذا، فقال الملك لكاتبه: اكتب للمتنبي كتابًا ولطف له العبارة واستعطف خاطره وأخبره أني رضيت عنه وَأْمره بالرجوع إلينا، فإذا جاء إلينا فعلنا به ما نريد. وكان بين الكاتب والمتنبي مصادقة في السر، فلم يسع الكاتب إلا الامتثال، فكتب كتابًا ولم يقدر أن يدس فيه شيئًا؛ خوفًا من الملك أن يقرأه قبل ختمه، غير أنه لما انتهى إلى آخره وكتب: «إن شاء الله تعالى» شدَّد النون فصارت (إنَّ)، وقرأه السلطان وختمه وبعث به إلى المتنبي، فلما وصل إليه ورأى تشديد النون ارتحل من تلك البلدة على الفور، فقيل له في ذلك! فقال: أشار الكاتب بتشديد النون إلى ما جاء في القرآن: إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (القصص: ٢٠). «ثم كتب الجواب وزاد ألفًا على آخر (إن)؛ إشارة إلى ما قيل: إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَدًا مَّا دَامُوا فِيهَا (المائدة: ٢٤).
من كتاب نوادر الأدباء
ابراهيم زيدان
من كتاب نوادر الأدباء
ابراهيم زيدان