أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

تحت ظل قداسة نبض

الجور ي

الjo هسيس بين يقظة وغيم
طاقم الإدارة
وسام المحاور فذ
إنضم
26 يونيو 2023
المشاركات
118,825
مستوى التفاعل
119,850
النقاط
2,508
تحت ظل قداسة حرف

أكان حرفًا... أم شهقةَ البدء؟
لا أدري، كنت أجلس بيني وبيني، والكلمات تتدلّى من السقف مثل مصابيح محترقة. كلّ حرف يرنُّ في رأسي كجرسٍ داخل غرفة لا يدخلها أحد، لا ضوء فيها، فقط أصداء تتزاحم وتنكسر على جدران الصمت.

أمي كانت تقول: "لا تكتب كثيرًا... الحبر دمٌ لا يُغسل"،
وأبي كان يمضغ الجرائد كأنها رغيف، يلعن الأخبار ويشرب الحبر كدواء منسيّ.

وأنا؟
أجلس تحت ظلّ هذا الحرف، حرفٌ لا أعرفه، ربما "لام"، ربما "سين"، وربما واحد لم يُنطق بعد.
أفكّر: هل تولد الحروف من الصمت؟
هل يتطهّر الكاتب قبل أن يخطّ جملةً صادقة؟
هل يكتب لأنّه يعرف، أم لأنّه فقد القدرة على الفهم؟
ولماذا حين تكتب الحقيقة، يخرج لك رجالٌ ببدلات داكنة ويطلبون بطاقتك الشخصية؟

اللغة هنا ليست وسيلة...
بل زنزانة مكسوّة بالمرايا، كلّما صرختَ، عاد صوتك إليك: أجوف، مشكوك فيه، يبتسم بسخرية كأنّه يعرف ما لا تعرفه.

تحت ظلّ قداسة الحرف...
لا قداسة، بل جرح يُفتَح بالحروف ويُخاط بالكذب.
لكننا نكتب... لأننا لا نعرف كيف نصرخ.

مصافحة أولى ل تحت ظل قداسة حرف

"الحياة؟ لا نكهة مؤكدة"

الحياة، يا صديقي، مثل علبة سردين مفتوحة منذ أسبوعين.
تفوح منها رائحة وعدٍ قديم، وتمنحك طعمًا لا يشبه شيئًا مما كُتب على الغلاف.

تبدأ كقصيدة وطنية، تنتهي كفاتورة كهرباء.
تضحك؟ جيد. الضحك عملة غير متداولة هنا.
تُحب؟ خطأ في النظام، يرجى المحاولة لاحقًا.
تثور؟ هنالك جدار بإمكانك أن تكتب عليه، وسيرسلون لك رصاصًا موقعًا باسم الحرية.

الحياة؟
ركضٌ في ممرّ مطار أُلغيّت فيه كل الرحلات، ولا أحد أبلغك.
 

الجور ي

الjo هسيس بين يقظة وغيم
طاقم الإدارة
وسام المحاور فذ
إنضم
26 يونيو 2023
المشاركات
118,825
مستوى التفاعل
119,850
النقاط
2,508
غنِ، أيتها الذاكرة، عن الغريب الذي شقّ البحر واليابسة، لا وطن له سوى ظلّه، ولا سيف إلا الحنين!
ذاك الذي لفظته المدن من أبوابها، وتنكّرت له المرافئ، كما يتنكّر الكلب لظلّ سيده حين يطول الغياب.

سار في الدروب المكسوة بالرماد، يسأل الصخور عن وجه أمّه، وعن اسم الأرض التي كانت تناديه بالابن.
ضحك منه الليل، وناح معه النهار، حتى كلّت الشمس من التكرار، فجلست على حافة الغيم تمسح عرقها بالحسرة.

وقد اجتمع عليه أبناء الطمع، بألسنة كالسكاكين، يرمونه بحجارة الاتهام، قائلين:
"مذنبٌ هو، لأنه لم يركع! غريبٌ هو، لأنه لم يشبهنا! خطرٌ هو، لأنه تذكّر!"

فرفع عينيه إلى السماء، وقال:
"، يا من تزن القلوب كما توزن الغيوم، اجعل لي وطناً لا يطلب جوازًا ولا شهادة ميلاد، بل يكتفي بأنني حلمتُ بالعدالة يومًا."

وغابت خطاه في الضباب، كما يغيب اسم البطل من كتب المنفيين.
لكن الأغنية ظلّت تُتلى بين العجائز، تقول:
"مرّ من هنا... الغريب الأخير... وما زال صدى صوته يطرق أبوابنا حين نصمت كثيرًا."
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 0 ( الاعضاء: 0, الزوار: 0 )