عام 1881م وصلت الرحالة و الاديبة والمؤرخة الفرنسية مدام ديولافوا الى بغداد
كتبت تقول:
ترى أمام الدكاكين النساء القرويات و قد عرضن أمامهم اللبن و الدجاج و البيض التي جلبنها من ديارهن القروية القريبة.
و هذه النسوة يسرن في الشوارع سافرات الوجوه لا يحجبها شيء سوى (المقنعة) السوداء الصوفية التي تحيط برؤوسهن و يضم قسما من جبينهن و ذلك على ما أعتقد- لكي يكون حجابهن رمزيّا و تشبها بالنساء البغداديات إلى حد ما!
و تستطيع أن ترى من قرب وجوه و أجسام هذه النساء بكل وضوح على خلاف من سواهن من نساء هذه البلاد، و لكن الشيء الجدير بالذكر هو أنك لا تجد فيهن سمات الجمال و الجاذبية التي وجدتها في نساء قبائل الفيلية . و أعتقد أن مردّ ذلك هو الأعمال الشاقة و المسؤوليات الضخمة التي ألقيت على عواتق هذه النساء القرويات اللاتي يأخذن في العمل سحابة نهارهن و طرفا من الليل حتى أودى ذلك بصحتهن و امتص رونق الجمال من أوجههن السمر.
و لعلك تسأل- بعدئذ- عن وظائف أو عن أعمال رجال هذه القرى فأقول لك إنها تنحصر في الصيد أو الغارة و السرقة من مزارع و حقول الآخرين؟!!
تستطيع أن تشتري الدجاج المنزلي و أنواع الطيور الأخرى بأسعار زهيدة جدّا. و الخروف الجيد لا يزيد ثمنه على ستة فرنكات. و الأسماك كثيرة و مبتذلة لدرجة تدعو إلى الدهشة، و الخضراوات و الفواكه أمثال البطيخ و الرقي التي تجلب من المناطق العليا من بلاد بين النهرين كثيرة بحيث تملأ الخانات أكواما فوق أكوام حتى أنها تكاد تشكّل هضابا و لا تستطيع بسهولة أن تعبر بينها.
الصورة لنساء من ريف مدينة العمارة عام 1917.