
خل عندك كرامة

قال تعالى { أَفَرَءَیۡتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُۥ هَوَىٰهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلۡمࣲ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمۡعِهِۦ وَقَلۡبِهِۦ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِۦ غِشَـٰوَةࣰ فَمَن یَهۡدِیهِ مِنۢ بَعۡدِ ٱللَّهِۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ }
[سُورَةُ الجَاثِيَةِ: ٢٣]

رُوي عن الإمامُ عليٌّ (عليه السلام) :
عَبدُ الشَّهوَةِ أذَلُّ مِن عَبدِالرِّقِّ.
مَن أطاعَ نَفسَهُ في شَهَواتِها فَقد أعانَها على هُلْكِها .
قَرينُ الشَّهوَةِ مَريضُ النّفسِ ، مَعلولُ العَقلِ .
مَنِ اتَّبَعَ هَواهُ أعماهُ ، وأصَمَّهُ ، وأذَلَّهُ ، وأضَلَّهُ .
المصدر:
غُرر الحكم.

من يتبع شهواته ورغباته وطريق المعصية يخسر كرامته ويفقدها ويذل نفسه.

وهذا الشيء ملحوظ على اصحاب هذه الافعال ولا يُوجد اي مُبالغة فيما نقول.

فعلى الإنسان ان يجعل لنفسه كرامة ويُكرم نفسه ويكون حُر عن اتباع شهواته ورغباته ويكون هو من يقود نفسه ولا يجعلها تقوده.

وفي عصرنا الحالي الجري وراء الشهوات والرغبات والتخلي عن الكرامة ﻷجل ذلك امر ذائع الصيت واصبح ظاهر حتى في العلن ووسائل التواصل.

رُوي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قَالَ:
”مَا أَقْبَحَ بِالْمُؤْمِنِ أَنْ تَكُونَ لَهُ رَغْبَةٌ تُذِلُّهُ“.
المصدر:
الكافي ج٢.

رُوي عن الإمام علي ( عليه السلام):
لاَ تَكُنْ عَبْدَ غَيْرِكَ وَقَدْ جَعَلَكَ اللهُ حُرّاً .
أَكْثَرُ مَصَارِعِ الْعُقُولِ تَحْتَ بُرُوقِ الْمَطَامِعِ .
المصدر:
نهج البلاغة.

ﻷجل المال او لأجل امتلاك جهاز جديد او للحصول على ماركات ومُقتنيات جديدة وعلشان يكشخ او تكشخ يبيع كرامته ونفسه.

ولا يحسب ان من يخدع الناس ويتلاعب بهم علشان يحصل على فلوس او جهاز او شحن انه ذكي.

وبالخصوص في الجانب النسائي فمن تُكلم الشباب بإسلوب مايع وتتمايع وتلعب عليهم.

لا على العكس هذا النوع مريض نفس وصريع العقل ﻷنه اطماعه تبرق امامه ويُعتبر عبد اكثر عبودية من العبد الذي يشترونه بالمال.

وخُدعة الناس هذا ذنب مُضاف لذنوب آخرى, فمن يتصرف بهذه الطريقة يُعتبر سارق وقد يتعلم منه غيره نهج السرقة.

ومن يتعامل بهذه الطريقة قد يستخدم طريق الحلال لذلك, فقد يكون الطرف الآخر يبحث عن زواج بأحد انواعه وهو جاد في طلبه, لكن من يتلاعب او تتلاعب به يكون غايتهم اخذ المال من الطرف الآخر واللعب بمشاعره وعواطفه وتلاعب بهم استغلالاً لحاجتهم, حتى يأتي الوقت الذي يكتشف الطرف الآخر عدم جديتهم ويتركهم, او قد يتركهم من يتلاعب بهم بعد حصوله على ما يرغب من مال.

من يقوم بهذا النمط من التعامل هُم سارقين ومُتلاعبين واضافوا ذنب خطير على بقية ذنوبهم وهي صد الناس عن طريق الحلال وتشويه صورته لدى من يبحث عنه واستغلال ثقة الناس للحصول على المال.

فكم أنتم عبيد ارقاء وليس لديكم كرامة يا من تكسبون كُل هذه الذنوب ﻷجل المال وامتلاكه.

فلقد وضعتم السلاسل في اعناقكم ﻷجل المال واصبحتم تمشون كالقطيع حتى تحصلوا عليه بهذه الطريقة.

فهذه الأعمال ليست شطارة وذكاء ودهاء, بل حطب تحملونه على ظهوركم بسبب استعباد المال لكم.

فلو كُنتم احرار لما جعلتم شهوة المال ورغبته تقودكم لهذا المُنحدر.

وهُناك نمط عبيد من نوع آخر, هُم من يبيعون شرفهم علشان جهاز جديد, فلقد سمعوا بأن في السوق سوف ينزل جهاز جديد ولكنها لا تملك المال لذلك.

فتجد فئات للآسف تُتاجر بشرفها ﻷجل تملك جهاز جديد.

فهل قيمتك جهاز جديد ؟! وهل يستحق الجهاز ان تُهدري شرفك ﻷجله ؟!

ونجد للآسف في وسائل التواصل من يتعرون او يتعاملون بسخافة وقُبح, ومن يتراقصون ويتمايعون وغيرها من امور.

وذلك لكسب شهوة الشهرة ولكسب المال.

فانظر إلى اين انحدر الإنسان وكيف ان شهواته تُذله.

ونرى من يجرون وراء شهوتهم كيف يُذلون انفسهم لذلك.

فتجد التذلل في الطلب, وتحمل المهانة والإهانة من الغير ﻷنهم يبحثون على من يتقبل ان يُشاركهم المعصية, واهدار المال واسرافه والمشي مع افراد ليس لديهم اخلاق او احترام لهم فقط ليحصلوا من ورائهم منفعة او دليل لكي يصلوا لطريق المعصية التي تُغذي شهوتهم.

فتخسرون من كرامتكم وتخسرون من كرامتكم, كل ذلك ﻷجل رغبات وشهوات.

وقد يبقى الإنسان بلا كرامة ﻷجل شهواته.

ومن فسادهم وعمى ابصارهم, قد يعتز البعض ويقول انا في هذا الطريق ليس لدي كرامة ولا اعتبر بها, فالمهم هو الرغبة والشهوة.

فهل رأينا كيف ينحدر الإنسان ويفقد كرامته ﻷجل نزواته.

فعلينا ان نتعلم ان نكسب كرامتنا بالحلال وطريق الحلال والعمل بالحلال.

فلا نخسر كرامتنا وديننا واخلاقنا ﻷجل رغبات المال او الشهوات او الشهرة.

وعلى كل انسان حين يُواجه افراد من النوع الذي يخسرون كرامتهم ﻷجل شهواتهم ورغباتهم في بداية النصيحة لهم عليه ان يقول لهم.

خلوا عندكم كرامة.

ﻷن في الحياة وما تسمع من قصص وترى من احداث وامور تجد من يخسرون كرامتهم ﻷبعد حد ﻷجل شهوة مال او شُهرة او جنس.

ومن لديه خُلق او دين يقف مُتحير ومستغرب ويقول لهذه الدرجة تفقد كرامتك ﻷجل هذه الرغبات ؟!

وتتساءل وتقول كيف يقبلون على انفسهم ذلك ؟! أليس لديهم على الأقل كرامة تمنعهم عن ذلك ؟!

فعلى الإنسان منذ البداية ان لا يسترخض جزء من كرامته في سبيل شهوات او نزوات او رغبات بل تكون كرامته اعز عليه من هذه الأمور.

قال تعالى (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ)
[سورة الزمر 17 - 18]










اللهم صلِ على محمد وآلِ محمد
