Al_Ramadi Angel
:: ضيف شرف ::
- إنضم
- 29 أكتوبر 2012
- المشاركات
- 900
- مستوى التفاعل
- 7
- النقاط
- 18
- الإقامة
- العراق / الرمادي
- الموقع الالكتروني
- www.sunnti.com
قال ابن القيم رحمه الله : ويندفع شر الحاسد عن المحسود بِعَشرة أسباب :
أحدها : التعوذ بالله تعالى مِن شَرِّه واللجوء والتحصن به واللجوء إليه ...
السبب الثاني : تقوى الله وحفظه عند أمْره ونَهيه ، فمن اتقى الله تولى الله حفظه ولم يَكِلْه إلى غيره .
السبب الثالث : الصبر على عدوه ، وأن لا يقاتله ولا يشكوه ، ولا يُحَدِّث نفسه بأذاه أصلا ، فما نُصِر على حاسده وعدوه بمثل الصبر عليه والتوكل على الله ، ولا يَسْتَطل تأخيره وبَغْيه ، فإنه كلما بَغَى عليه كان بَغْيه جُـنْدا وقُوّة للمَبْغِيّ عليه المحسود يُقَاتِل به الباغي نفسه وهو لا يشعر ، فَبَغْـيُه سِهام يَرميها مِن نفسه ، ولو رأي الْمَبْغِيّ عليه ذلك لَسَرَّه بَغْيه عليه ، ولكن لضعف بصيرته لا يرى إلاَّ صورة البغي دون آخِره ومآلِه .
السبب الرابع : التوكل على الله (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ)
والتوكل مِن أقوى الأسباب التي يَدْفع بها العبد ما لا يُطيق مِن أذى الْخَلْق وظلمهم وعدوانهم ، وهو مِن أقوى الأسباب في ذلك ، فإن الله حسبه ، أي : كافِيه ، ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مَطْمَع فيه لعدوه ، ولا يضره إلاَّ أذى لا بُدّ منه كالحر والبرد والجوع والعطش ، وأما أن يضره بما يبلغ منه مراده فلا يكون أبدا ، وفَرْق بين الأذى - الذي هو في الظاهر إيذاء له ، وهو في الحقيقة إحسان إليه وإضرار بنفسه - وبين الضرر الذي يَتَشَفَّى به منه .
السبب الخامس : فَراغ القلب من الاشتغال به والفكر فيه ، وأن يقصد أن يمحوه مِن باله كلما خَطَر له ، فلا يلتفت إليه ولا يخافه ولا يملأ قلبه بالفكر فيه ، وهذا من أنفع الأدوية وأقوى الأسباب المعينة على اندفاع شَرِّه .
السبب السادس : الإقبال على الله والإخلاص له ، وَجَعْل محبته وتَرَضّيه والإنابة إليه في مَحَلّ خواطر نفسه وأمانيها ... وذِكْره كما يَذْكر الْمُحِبّ التام الْمَحَبَّة لِمَحْبُوبِه الْمُحْسِن إليه الذي قد امتلأت جوانحه مِن حُـبّه .
السبب السابع : تجريد التوبة إلى الله مِن الذنوب التي سَلَّطَتْ عليه أعداءه .
السبب الثامن : الصدقة والإحسان ما أمْكَنه ، فإن لذلك تأثيرا عجيبا في دفع البلاء ودفع العين وشرّ الحاسد ، ولو لم يكن في هذا إلاَّ تجارب الأمم قديما وحديثا لكفى به ؛ فما يَكاد العين والحسد والأذى يتسلط على مُحْسِن مُتَصَدِّق ، وإن أصابه شيء مِن ذلك كان مُعَامَلا فيه باللطف والمعونة والتأييد ، وكانت له فيه العاقبة الحميدة ، فالْمُحْسِن الْمُتَصَدِّق في خَفَارَة إحسانه وصدقته ، عليه مِن الله جُـنَّة واقِية وحِصن حَصين ...
فالْمُحْسِن الْمُتَصَدِّق يستخدم جُـندا وعَسْكَرا يُقَاتِلون عنه وهو نائم على فراشه ، فمن لم يكن له جُـنْد ولا عَسكر وله عدو فإنه يُوشك أن يظفر به عدوه وإن تأخرت مدة الظفر .
السبب التاسع : - وهو من أصعب الأسباب على النفس وأشقها عليها ، ولا يوفق له إلاَّ مَن عَظُم حَظّه مِن الله - وهو إطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إليه ، فكلما ازداد أذى وشَرّا وبَغيا وحسدا ازددت إليه إحسانا ، وله نصيحة ، وعليه شفقة .
السبب العاشر : - وهو الجامع لذلك كله ، وعليه مدار هذه الأسباب - وهو تجريد التوحيد ، والترحل بالفِكر في الأسباب إلى الْمُسَبِّب العزيز الحكيم ، والعِلم بأن هذه آلات بِمَنْزِلة حركات الرياح ، وهي بيد مُحَرِّكها وفاطرها وبارئها ، ولا تضر ولا تنفع إلاَّ بإذنه ، فهو الذي يُحَسّن عبده بها ، وهو الذي يَصْرفها عنه وحده لا أحد سِواه .
اهـ . ( باختصار )