كنت أنجح في مواساة الآخرين ... أخبرهم بأن ذاك الثقل الذي يكاد يُسقط قلوبهم سيزول ، كنت أخبرهم أنه مازال هناك أمل في نهاية طرقات أحزانهم ... كنت أحتضن قلوب الجميع في ذات الوقت الذي كان قلبي به جريح ، لم يكترث أحدهم لي ، لا أعلم هل كان ذلك عن عمد أم عدم إدراك ... فقد كنت أتظاهر بالثبات ، وفي نظر الكثيرين أنا حلّالة العُقد مخففة الهموم ... لقد نجحت في مواساة الجميع ولم أنجح قط في مواساة نفسي..!!
نحن لا نتغير ونبقى كما كنا : في حبنا ، وودنا ، وطيبتنا ... فنحن من زمن جيل الطيبين ، وتبقى الطيبه عنواننا ، وهويتنا ، وخاصة من أحببناهم وعشقنا قربهم ....فالطيبون كلما أرادوا أن يصبحوا سيئين فشلوا ، لأن بداخلهم بذرة صغيرة تسمى الضمير هي تمنعهم ، فهم مثل بائع الورد حتى إذا لم تشتري منه تبقى رائحته دائما طيبة ... فالرووح للرووح تدري من يناغمها كالطير للطير في الإنشاد ميال ، فسلام للذين يحبوننا بصدق ، سلاماً لأولئك الذين يضمون أسمائنا في دعواتهم دون مقابل ، سلاماً للمبتسمين في وجوه العابرين رغم ثقل الحياااة..!
وإن سألوك ما الحنين : قُل لهم : هو قلب اشتاق ، و حن ، و رق ، و دق ... وقست عليه دنياه فعانق الصبر في البعد ، فأصابته لوعتان : لوعة الاشتياق ، ولوعة المسافات..!!