Banned *
Banned
- إنضم
- 30 يونيو 2012
- المشاركات
- 296
- مستوى التفاعل
- 7
- النقاط
- 18
د.كريم حسن اللامي
تعد دراسة المعجم الشعري عاملاً مساعداً في تحليل طبقات لغة النص الشعري، في أبعاد تساير تجربة الشاعر، بكل ما فيها من غنى وتوتر، فالناظر إلى المعجم من الزاوية الدلالية، كما يقول الدكتور محمد مفتاح في كتابه تحليل الخطاب الشعري)، أو ستراتيجية التناص، يجد أن ترديد بعض الكلمات بصيغة واحدة، أو بصيغ مختلفة ذات دلالة واحدة، لابدّ من أن يؤشر دلالة معينة، يكون المعجم الشعري هو المرشد إلى هوية النص، حين تكون الكلمات أصواتاً، وحين تكون الكلمات رموزاً، ترسم وتوطّد الصور لتجعلها حسية وجليلة للعين أو للاذن أو للمس. إنّ خصوصية الشاعر في التعبير، ونوع الموضوع الذي يريد التعبيرعنه، هما الموجهان لإنتاج الخطاب الشعري عن طريق اختيارالمفردات الدالة على ما يريده، إذ ان المتأمل للشعر العراقي المعاصر، يجد ثمة ألفاظاً تتوزع بين مساحة النص، تعبّر أو توحي عن الحالة النفسية للشاعر بحسب القوة والهيمنة والحضور، ولا نرى بأساً في أن نورد بعض النصوص، التي تضم ألفاظ المدينة من خلال تحليل بعض النماذج الشعرية، ومن الطبيعي أن يكون لهذا الشعر ذلك المعجم والتفاعل معه لإنتاج قصيدة مكثفة المعاني، تنصهر في بودقتها الانفعالات عن وعي حقيقي، ومن ألفاظ المدن مانجده في قصيدة،(بعقوبـــــــــــــــة)، للشاعر ياسين طه حافظ، الذي يحوّل المجموعة اللفظية إلى مجموعة تبرق وتضيء، بعيداً عن الإعياء والرقة المفرطة:
بعقوبـــــــــــــــــــــــة
قلت: هذه المدينة أعرفها
فأنا كنت فيها
وركضت صبياً بأفيائها
وأنا أتذكر بعقوبة حلوة الثوب
ملمومــــــــــــــة
ومهذبــــــــــــــة،
سلــــــــــــة من ثمر
وشطها غصن أخضر
أو نهــــــــــــــــــــر
ولبعقوبــــــــة ذاك الزمان، أفانين بهجتها
تتناثر ألوانها - رسم طفل
وأنا أتعقبها فوق دراجتي
وأدور أزقتها
مثل من يقتفي حاجة خفيت
في استدارتها
لقد فرضت ألفاظ المدن سطوتها على النص الشعري، على نحو لا يقع في دائرة التقليد أو التلقف العشوائي الذي لا يخدم التجربة الشعرية، على الرغم من كثرة الشعراء واختلاف مستوياتهم الفنية، ولعلّ مرد ذلك يعود إلى الجانب اليومي المعاش في المدينة التي عاشوا فيها، أو سافروا إليها، أو سمعوا بها، وهذا الأمر يمدّ النص بالإيحاءت والطاقة الشعرية، كما في قصيدة، (عواصف المقيم)، للشاعر معد الجبوري:
شدّوا الرحال،
وما شددت،
وكنت وحدي في المهب، يكبو جواد بي،
وينهض بي جواد..
قالوا،
وقد هبطوا إلى الوديان:
أرض الله واسعة،
فشدّ الرحال عن هذي البلاد
لم يبق حولك من مغانيها،
سوى حطب،
وضاع العمر،
لا صنعا بلغت،
ولا حلب..
وحقيقة الأمر، ان المعجم الشعري العراقي، يمتلك القدرة على المزاوجة بين اللفظة والصورة، وضمها في صياغة شعرية فاعلة، لها أبعادها في الحديث عن المدن المختلفة، طالما أن الشعر ينساب على وحدات إيقاعية متساوية أو متقاربة، كما في قصيدة،(محاولة في السحر)، للشاعر أديب كمال الدين:
قال أولهم : أنا من الهند
أستطيع أن ألبسك ثياب الذهب
وقال ثانيهم : أنا من اللامكان
أستطيع أن اطير بك من غيمة إلى غيمة
وقال ثالثهم : أنا من عاد وثمود
أنا من يعطيك سرّ اللذة
وقال رابعهم : أنا من الصين
أنا من يجعل الحلم باب اليقين
قلت لهم : عجلوا عجلوا
فقد دفنني الحرمان،
كما يدفن الزلزال
جيشاً قوامه ألف فارس
ومن هنا يمكن القول : ان ألفاظ المدن، نجدها مبثوثة في الشعر العراقي المعاصر، ليرفد بها الشاعر نصوصه المختلفة من شتى الزوايا والمواقف، يحقق بها هدفه، حين تركّب نوعاً من التمكن والانسجام، ذلك ان حسّ المدينة هو الحسّ الأصيل والعميق في الوجدان البشري، وخصوصاً إذا كانت هذه المدينة هي وطن الألفة والانتماء، والانشداد برحم الأرض، فلا غرابة من أن يتخذ الشاعر وهو يكتب عن المدينة، مساراً دائرياً يقتصر على ذكر المفردات الدالة على هناءة الطفولة وصبابات الصبا، وذكريات الشباب، فيصبح هذا الأمر رهيناً بالخبرة التي يمتلكها الشاعر، والاحساس الشاعري الدفين، في رحلة تقود النفس من الجفاف اليومي إلى غنى الحياة الحسية.
تعد دراسة المعجم الشعري عاملاً مساعداً في تحليل طبقات لغة النص الشعري، في أبعاد تساير تجربة الشاعر، بكل ما فيها من غنى وتوتر، فالناظر إلى المعجم من الزاوية الدلالية، كما يقول الدكتور محمد مفتاح في كتابه تحليل الخطاب الشعري)، أو ستراتيجية التناص، يجد أن ترديد بعض الكلمات بصيغة واحدة، أو بصيغ مختلفة ذات دلالة واحدة، لابدّ من أن يؤشر دلالة معينة، يكون المعجم الشعري هو المرشد إلى هوية النص، حين تكون الكلمات أصواتاً، وحين تكون الكلمات رموزاً، ترسم وتوطّد الصور لتجعلها حسية وجليلة للعين أو للاذن أو للمس. إنّ خصوصية الشاعر في التعبير، ونوع الموضوع الذي يريد التعبيرعنه، هما الموجهان لإنتاج الخطاب الشعري عن طريق اختيارالمفردات الدالة على ما يريده، إذ ان المتأمل للشعر العراقي المعاصر، يجد ثمة ألفاظاً تتوزع بين مساحة النص، تعبّر أو توحي عن الحالة النفسية للشاعر بحسب القوة والهيمنة والحضور، ولا نرى بأساً في أن نورد بعض النصوص، التي تضم ألفاظ المدينة من خلال تحليل بعض النماذج الشعرية، ومن الطبيعي أن يكون لهذا الشعر ذلك المعجم والتفاعل معه لإنتاج قصيدة مكثفة المعاني، تنصهر في بودقتها الانفعالات عن وعي حقيقي، ومن ألفاظ المدن مانجده في قصيدة،(بعقوبـــــــــــــــة)، للشاعر ياسين طه حافظ، الذي يحوّل المجموعة اللفظية إلى مجموعة تبرق وتضيء، بعيداً عن الإعياء والرقة المفرطة:
بعقوبـــــــــــــــــــــــة
قلت: هذه المدينة أعرفها
فأنا كنت فيها
وركضت صبياً بأفيائها
وأنا أتذكر بعقوبة حلوة الثوب
ملمومــــــــــــــة
ومهذبــــــــــــــة،
سلــــــــــــة من ثمر
وشطها غصن أخضر
أو نهــــــــــــــــــــر
ولبعقوبــــــــة ذاك الزمان، أفانين بهجتها
تتناثر ألوانها - رسم طفل
وأنا أتعقبها فوق دراجتي
وأدور أزقتها
مثل من يقتفي حاجة خفيت
في استدارتها
لقد فرضت ألفاظ المدن سطوتها على النص الشعري، على نحو لا يقع في دائرة التقليد أو التلقف العشوائي الذي لا يخدم التجربة الشعرية، على الرغم من كثرة الشعراء واختلاف مستوياتهم الفنية، ولعلّ مرد ذلك يعود إلى الجانب اليومي المعاش في المدينة التي عاشوا فيها، أو سافروا إليها، أو سمعوا بها، وهذا الأمر يمدّ النص بالإيحاءت والطاقة الشعرية، كما في قصيدة، (عواصف المقيم)، للشاعر معد الجبوري:
شدّوا الرحال،
وما شددت،
وكنت وحدي في المهب، يكبو جواد بي،
وينهض بي جواد..
قالوا،
وقد هبطوا إلى الوديان:
أرض الله واسعة،
فشدّ الرحال عن هذي البلاد
لم يبق حولك من مغانيها،
سوى حطب،
وضاع العمر،
لا صنعا بلغت،
ولا حلب..
وحقيقة الأمر، ان المعجم الشعري العراقي، يمتلك القدرة على المزاوجة بين اللفظة والصورة، وضمها في صياغة شعرية فاعلة، لها أبعادها في الحديث عن المدن المختلفة، طالما أن الشعر ينساب على وحدات إيقاعية متساوية أو متقاربة، كما في قصيدة،(محاولة في السحر)، للشاعر أديب كمال الدين:
قال أولهم : أنا من الهند
أستطيع أن ألبسك ثياب الذهب
وقال ثانيهم : أنا من اللامكان
أستطيع أن اطير بك من غيمة إلى غيمة
وقال ثالثهم : أنا من عاد وثمود
أنا من يعطيك سرّ اللذة
وقال رابعهم : أنا من الصين
أنا من يجعل الحلم باب اليقين
قلت لهم : عجلوا عجلوا
فقد دفنني الحرمان،
كما يدفن الزلزال
جيشاً قوامه ألف فارس
ومن هنا يمكن القول : ان ألفاظ المدن، نجدها مبثوثة في الشعر العراقي المعاصر، ليرفد بها الشاعر نصوصه المختلفة من شتى الزوايا والمواقف، يحقق بها هدفه، حين تركّب نوعاً من التمكن والانسجام، ذلك ان حسّ المدينة هو الحسّ الأصيل والعميق في الوجدان البشري، وخصوصاً إذا كانت هذه المدينة هي وطن الألفة والانتماء، والانشداد برحم الأرض، فلا غرابة من أن يتخذ الشاعر وهو يكتب عن المدينة، مساراً دائرياً يقتصر على ذكر المفردات الدالة على هناءة الطفولة وصبابات الصبا، وذكريات الشباب، فيصبح هذا الأمر رهيناً بالخبرة التي يمتلكها الشاعر، والاحساس الشاعري الدفين، في رحلة تقود النفس من الجفاف اليومي إلى غنى الحياة الحسية.