عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ:
قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(( لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ. وإنْ كَانَ الشُّؤمُ في شَيْءٍ فَفِي الدَّارِ، وَالمَرْأَةِ، والفَرَسِ )).
متفق عَلَيْهِ.
قال البخاري:
باب لا عدوى. وذكر حديث ابن عمر، وأنس.
وحديث أبي هريرة: (( لا توردوا الممرض على المُصِحِّ)). وحديثه أيضًا:
أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( لا عدوى)).
فقام أعرابي فقال: أرأيت الإبل تكون في الرمال أمثال الظباء، فيأتيها البعير الأجرب فتجرب؟
قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فمن أعدى الأول)).
وقال أيضًا: باب الجذام. وذكر حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر، وفِرَّ من المجذوم كما تفر من الأسد)).
قال الحافظ:
وأخرج مسلم من حديث عمرو بن الشريد الثقفي عن أبيه، قال: كان في وفد ثقيف رجل مجذوم، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((إنا قد بايعناك فارجع)).
قال عياض:
اختلفت الآثار في المجذوم، فجاء ما تقدم عن جابر: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أكل مع مجذوم، وقال:
((ثقةً بالله، وتوكلًا عليه)).
قال: مذهب عمر وجماعة من السلف إلى الأكل معه، ورأوا أن الأمر باجتنابه منسوخ.
والصحيح الذي عليه الأكثر ويتعين المصير إليه أنْ لا نسخ، بل يجب الجمع بين الحديثين، وحملِ الأمر باجتنابه والفرارِ منه على الاستحباب والاحتياط، والأكل معه على بيان الجواز.
وقال القرطبي:
إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إيراد الممرض على المصح، مخافةَ الوقوع، فيما وقع فيه أهل الجاهلية من اعتقاد العدوى، أو مخافة تشويش النفوس، وتأثير الأوهام، وهو نحو قوله: ((فِرَّ من المجذوم فرارك من الأسد)).
وإنْ كنا نعتقد أنَّ الجذام لا يُعْدي، لكنا نجد في أنفسنا نفرة وكراهية لمخالطته، حتى لو أكره إنسان نفسه على القرب منه وعلى مجالسته لتأذّت نفسه بذلك، فحينئذ فالأولى للمؤمن أنْ لا يتعرض إلى ما يحتاج فيه إلى مجاهدة، فيجتنب طرق الأوهام، ويباعد أسباب الآلام، مع أنه يعتقد أنْ لا ينجي حذرٌ من قدر. والله أعلم. انتهى ملخصًا.
قوله: ((لا عدوى، ولا طيرة، ويعجبني الفأل)).
قالوا: وما الفأل؟
قال: ((كلمة طيبة)).
((وإنْ كان الشؤم في شيء، ففي الدار، والمرأة، والفرس)).
قال الشارح:
خص هذه الثلاث بالذكر لطول ملازمتها، ولأنها أكثر ما يتطير به الناس، فمن وقع في نفسه منها شيء تركه، واستبدل به غيره.
وللحاكم: ((ثلاث من الشقاء: المرأة تراها تسوؤك، أو تحمل لسانها عليك، والدابة تكون قطوفًا فإن ضربتها أتعبتك، وإن تركتها لم تلحق أصحابك. والدار تكون ضيقة قليلة المرافق)).