فتى ابكاه القدر
كان هنا ذات يوم.
- إنضم
- 23 أغسطس 2020
- المشاركات
- 8,508
- مستوى التفاعل
- 9,552
- النقاط
- 113
أفلِت يَدي يُمكنك الذَهاب" 

احووووي عمت عيني عليهاحينما تخنقني البلاد ، ويحاصرني الألم ، وأحس بحزن طافح ، لاتستطيع منظومة صبري المتهالكة أن تستوعبه ، أتجهُ صوب صديق الفقراء ، عِزيزي الأبدي وعشقي الدائم أبو الحسن ، منذ فترة ، هاج عندي حزن الجنوب بكلّ تفاصيله ، لم أستطع مقاومته ، فاتجهت صوب الحبيب ، بعد أن دخلت لجنتّه ، وكعادتي معه ،، كلّمتهُ كثيراً بصمت ، فالكلام يصمت في حضرته ، أعرفُ بل متيقن أنهُ يسمعني ويواسيني كعادته مع الأيتام ، بعد أن نفضت حزني بين يديهِ ، ودعتهُ واتجهت صوب المقبرة لزيارة قبور الأهل والأصدقاء وما اكثرهم هناك ، وانا اسير في المقبرة واتحدث لأصحابي الذين تركوني وحيدا ، سمعتُ صوتا ، كأن الله جمع به كلّ حزن الجنوب ، مؤلم ، لدرجة جعل قلبي يرفس أحسستُ أن القيامة قامت وستُفطر السماء وتنتهي المهزلة التي اسمها الحياة ، ولأنني مغرم بالنواعي ، فأنها ابنها البار وبجدارة ، كان الصوت يقودني بلا وعي ، كأنني في عالم آخر خصص للشروگيين فقط ، نظرتُ إلى مصدر النواعي ، كانت شابة متشحة بالجنوب أو السواد ، تحتضن قبراً مازال جديدا - الشهيد والقبر - وتصدح بصوتٍ عجيب ، لايمكن تصنيفه على أي مقام ، سوى مقام الوجع ، كانت اللهجة عمارية واضحة - أهل العمارة أعتقد خلقهم الله من النواعي وليس من تراب - عرفتهُ من اللهجة ، وبدأت أفكَّ شيفرة الأبيات ، لمعرفة قربها من صاحب القبر ، وحينما بدأت تنوح ببيت أبوذيه شهير ، يقرأه دائماً عشاق الجنوب في هكذا حالات
( تهزهز ياگبر وأنفض ترابيك
عزيز الروح هالنايم تره بيك
اجاني العيد وعيوني ترابيك
أگعد لاتشمت عداي بيه )
حينما انتهت من نواعيها ، عرفتُ أن الشهيد حبيبها الأسمر ، أنتهى طقس النواعي لديها ، وانتهى معهُ دمعي وقواي ،بدأت الشابة الجنوبية ، ترشّ القبر بعطرٍ ، يتضح كان حبيبها يعشقهُ ، أو كان هديته لها ، قبل أن تخطفه رصاصة سافلة ، تقربتُ منها ، وبصوت مبحوح سألتها : ماذا يقرب لك الشهيد ؟ حتى أتأكد من صدق استنتاجي ، لم تجب وأطرقت برأسها ، وعيونها تنظر لصورته الحزينة ، عرفتُ أنه حبيبها ، الذي أخذته الحرب ، حبيبها الذي تركها وحيدة بلا ملاذ ولا ذراع أسمر تلوذ به حينما تكرزها الغربة ، لم يبق منه سوى ايتسامة وقنينة عطر وذكريات وربما رسالة قصيرة جدا مثل أعمارنا ، منذُ تلك اللحظة عرفتُ ماذا تعني جملة ( سأحزن عليك حزن معدان )
XenTR Lorem ipsum dolor sit amet, consectetur adipiscing elit, sed do eiusmod tempor incididunt ut labore et dolore magna aliqua. Ut enim ad minim veniam, quis nostrud exercitation ullamco laboris nisi ut aliquip ex ea commodo consequat.