معاني واسرار اسماء اللـه في القرآن.أسماء اللـه في القرآن.. معان وأسرار .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لله تسعة وتسعون اسما، لا يحفظها أحد إلا دخل الجنة وهو وتر يحب الوتر . متفق عليه قد تكرر كثير من أسماء الله الحسنى في القرآن بحسب المناسبات ، والحاجة داعية إلى التنبيه إلى معانيها الجامعة فنقول: فقد تكرراسم
( الرب ) في آيات كثيرة. و(الرب) هو المربي جميع عباده بالتدبير ، وأصناف النعم ، وأخص من هذ، تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم، وأرواحهم، وأخلاقهم. ولهذا كثر دعاؤهم له بهذا الاسم الجليل، لأنهم يطلبون منه هذه التربية الخاصة.
( الله ) هو المألوه المعبود ، ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين، لما اتصف به من صفات الألوهية التي هي صفات الكمال.
( الملك ، المالك ، الذي له الملك ) فهو الموصوف ، بصفة الملك، وهي صفات العظمة والكبرياء، والقهر، والتدبير، الذي له التصرف المطلق، في الخلق، والأمر، والجزاء، وله جميع العالم، العلوي والسفلي، كلهم عبيد ومماليك، ومضطرون إليه.
( الواحد الأحد )، وهو الذي توحد بجميع الكمالات، بحيث لا يشاركه فيها مشارك . ويجب على العبيد توحيده، عقداً، وقولاً، وعملاً، بأن يعترفوا بكماله المطلق، وتفرده بالوحدانية، ويفردوه بأنواع العبادة.
( الصمد ) وهو الذي تقصده الخلائق كلها ، في جميع حاجاتها ، وأحوالها وضروراتها ، لما له من الكمال المطلق ، في ذاته ، وأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله .
( العليم الخبير ) وهو الذي أحاط علمه بالظاهر والبواطن ، والإسرار والإعلان ، وبالواجبات ، والمستحيلات ، والممكنات ، وبالعالم العلوي ، والسفلي ، وبالماضي ، والحاضر ، والمستقبل ، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء .
( الحكيم ) وهو الذي له الحكمة العليا ، في خلقه ، وأمره ، الذي أحسن كل شيء خلقه ( ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون ) . فلا يخلق شيئاً عبثاً ، ولا يشرع شيئاً سدى ، الذي له الحكم في الأولى والآخرة ، وله الأحكام الثلاثة لا يشاركه فيها مشارك : فيحكم بين عباده ، في شرعه ، وفي قدره ، وجزائه . والحكمة : وضع الأشياء مواضعها ، وتنزيلها منازلها .
( الرحمن الرحيم والبر الكريم ، الجواد ، الرؤوف ، الوهاب ) . هذه الأسماء ، تتقارب معانيها ، وتدل كلها على اتصاف الرب ، بالرحمة ، والبر ، والجود ، والكرم ، وعلى سعة رحمته ومواهبه ، التي عم بها جميع الوجود ، بحسب ما تقتضيه حكمته . وخص المؤمنين منها ، بالنصيب الأوفر ، والحظ الأكمل ، قال تعالى : ( ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ) الآية . والنعم والإحسان ، كله من آثار رحمته ، وجوده ، وكرمه ، وخيرات الدنيا والآخرة ، كلها من آثار رحمته .
( السميع ) لجميع الأصوات ، باختلاف اللغات ، على تفنن الحاجات .
( البصير ) الذي يبصر كل شيء وإن دق وصغر ، فيبصر دبيب النملة السوداء ، في الليلة الظلماء ، على الصخرة الصماء ، ويبصر ما تحت الأرضين السبع ، كما يبصر ما فوق السموات السبع ، وأيضاً سميع بصير ، بمن يستحق الجزاء بحسب حكمته ، والمعنى الأخير ، يرجع إلى الحكمة .
( الحميد ) في ذاته ، وأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله . فله من الأسماء ، أحسنها ، ومن الصفات أكملها ، ومن الأفعال ، أتمها وأحسنها ، فإن أفعاله تعالى ، دائرة بين الفضل والعدل .
( المجيد الكبير العظيم الجليل ) وهو الموصوف بصفات المجد ، والكبرياء ، والعظمة ، والجلال ، الذي هو أكبر من كل شيء ، ,أعظم من كل شيء ، وأجل وأعلى . له التعظيم والإجلال ، في قلوب أوليائه وأصفيائه . قد ملئت قلوبهم من تعظيمه ، وإجلاله ، والخضوع له ، والتذلل لكبريائه.
( العفو الغفور الغفار ) الذي لم يزل ، ولا يزال بالعفو معروفاً ، وبالغفران والصفح عن عباده ، موصوفاً . كل أحد مضطر إلى عفوه ومغفرته ، كما هو مضطر إلى رحمته وكرمه ، وقد وعد بالمغفرة والعفو ، لمن أتى بأسبابها ، قال تعالى : ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ) .
( التواب ) الذي لم يزل يتوب على التائبين ، ويغفر ذنوب المنيبين . فكل من تاب إليه توبة نصوحاً ، تاب الله عليه . فهو التائب على التائبين : أولاً بتوفيقهم للتوبة والإقبال بقلوبهم إليه ، وهو التائب عليهم بعد توبتهم ، قبولاً لها ، وعفواً عن خطاياهم .
( القدوس ، السلام ) أي : المعظم المنزه عن صفات النقص كلها ، وأن يماثله أحد من الخلق ، فهو المتنزه عن جميع العيوب ، والمتنزه عن أن يقاربه أو يماثله ، أحد في شيء من الكمال ( ليس كمثله شيء ) ( ولم يكن له كفواً أحد ) ( هل تعلم له سمياً ) ( فلا تجعلوا لله أنداداً ) . فالقدوس كالسلام ، ينفيان كل نقص من جميع الوجوه ، ويتضمنان الكمال المطلق من جميع الوجوه ، لأن النقص إذا انتفى ، ثبت الكمال كله .
( العلي الأعلى ) وهو الذي له العلو المطلق من جميع الوجوه . علو الذات ، وعلو القدرة والصفات ، وعلو القهر . فهو الذي على العرش استوى ، وعلى الملك احتوى , وبجميع صفات العظمة والكبرياء والجلال والجمال وغاية الكمال اتصف وإليه فيها المنتهى .
( العزيز ) الذي له العزة كلها : عزة القوة ، وعزة الغلبة ، وعزة الامتناع ، فامتنع أن يناله أحد من المخلوقات ، وقهر جميع الموجودات ، ودانت له الخليقة ، وخضعت لعظمته .
( القوي المتين ) هو في معنى العزيز .
( الجبار ) هو بمعنى العلي الأعلى ، وبمعنى القهار ، وبمعنى " الرؤوف " الجابر للقلوب المنكسرة ، وللضعيف العاجز ، ولمن لاذ به ، ولجأ إليه .
( المتكبر ) عن السوء ، والنقص ، والعيوب ، لعظمته وكبريائه .
( الخالق البارئ المصور ) الذي خلق جميع الموجودات ، وبرأها ، وسواها بحكمته ، وصورها بحمده وحكمته ، وهو لم يزل ، ولا يزال على هذا الوصف العظيم .
( المؤمن ) الذي أثنى على نفسه بصفات الكمال ، وبكمال الجلال والجمال . الذي أرسل رسله ، وأنزل كتبه بالآيات والبراهين ، وصدق رسله بكل آية وبرهان ، يدل على صدقهم وصحة ما جاءوا به .
( المهيمن ) المطلع على خفايا الأمور ، وخبايا الصدور ، الذي أحاط بكل شيء علماً .
( القدير ) كامل القدرة . بقدرته أوجد الموجودات ، وبقدرته دبرها ، وبقدرته سواها ، وأحكمها ، وبقدرته ، يحيي ويميت ، ويبعث العباد للجزاء ، ويجازي المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، الذي إذا أراد شيئاً قال له " كن فيكون " . وبقدرته يقلب القلوب ، ويصرفها على ما يشاء ويريد .
( اللطيف ) الذي أحاط علمه بالسرائر والخفايا ، وأدرك الخبايا والبواطن ، والأمور الدقيقة ، اللطيف بعباده المؤمنين ، الموصل إليهم مصالحهم ، بلطفه وإحسانه ، من طرق لا يشعرون بها ، فهو بمعنى " الخبير " وبمعنى " الرؤوف " .
( الحسيب ) هو العليم بعباده ، كافي المتوكلين ، المجازي لعباده بالخير والشر ، بحسب حكمته ، وعلمه بدقيق أعمالهم وجليلها .
( الرقيب ) المطلع على ما أكنته الصدور ، والقائم على كل نفس بما كسبت . الذي حفظ المخلوقات وأجراها ، على أحسن نظام وأكمل تدبير .
( الحفيظ ) الذي حفظ ما خلقه ، وأحاط علمه بما أوجده ، وحفظ أولياءه ، من وقوعهم في الذنوب والمهلكات . ولطف بهم في الحركات والسكنات ، ,أحصى على العباد أعمالهم ، وجزاءها .
( المحيط ) بكل شيء علماً ، وقدرة ، ورحمة وقهراً .
( القهار ) لكل شيء ، الذي خضعت له المخلوقات ، وذلت لعزته وقوته ، وكمال اقتداره .
( المقيت ) الذي أوصل إلى كل موجود ما به يقتات ، وأوصل إليها أرزاقها وصرفها كيف يشاء ، بحكمته وحده .
( الوكيل ) المتولي لتدبير خلقه ، بعلمه ، وكمال قدرته ، وشمول حكمته . الذي تولى أولياءه ، فيسرهم لليسرى ، وجنبهم العسرى ، كفاهم الأمور ، فمن اتخذه وكيلاً كفاه ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) . ( ذو الجلال والإكرام ) أي : ذو العظمة والكبرياء ، وذو الرحمة ، والجود ، والإحسان العام والخاص . المكرم لأوليائه وأصفيائه ، الذين يجلونه ، ويعظمونه ، ويحبونه .
( الودود ) الذي يحب أنبيائه ورسله ، وأتباعهم ، ويحبونه ، فهو أحب إليهم ، من كل شيء ، قد امتلأت قلوبهم من محبته ، ولهجت ألسنتهم بالثناء عليه ، وانجذبت أفئدتهم إليه ، وإخلاصاً ، وإنابة من جميع الوجوه .
( الفتاح ) الذي يحكم بين عباده ، بأحكامه الشرعية ، وأحكامه القدرية ، ,أحكام الجزاء . الذي فتح بلطفه بصائر الصادقين ، وفتح قلوبهم لمعرفته ، ومحبته ، والإنابة إليه ، وفتح لعباده ، أبواب الرحمة ، والأرزاق المتنوعة ، وسبب لهم الأسباب ، التي ينالون بها خيري الدنيا والآخرة ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده ) .
( الرزاق ) لجميع عباده ، فما من دابة في الأرض ، إلا على الله رزقها . ورزقه لعباده نوعان : رزق عام ، شمل البر والفاجر ، والأولين ، والآخرين ، وهو رزق الأبدان . ورزق خاص وهو القلوب ن وتغذيتها بالعلم والإيمان . والرزق الحلال الذي يعين على صلاح الدين ، وهذا خاص بالمؤمنين ، على مراتبهم منه ، بحسب ما تقتضيه حكمته ورحمته .
( الحكم العدل ) الذي يحكم بين عباده في الدنيا والآخرة ، بعدله وقسطه ، فلا يظلم مثقال ذرة ، ولا يحمل أحداً وزر أحد ، ولا يجازي العبد بأكثر من ذنبه ويؤدي الحقوق إلى أهلها ، فلا يدع صاحب حق إلا وصل إليه حقه . وهو العدل في تدبيره وتقديره ( إن ربي على صراط مستقيم ) .
( جامع الناس ) ليوم لا ريب فيه ، وجامع أعمالهم وأرزاقهم ، فلا يترك منها صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها . وجامع ما تفرق واستحال من الأموات الأولين والآخرين ، بكمال قدرته ، وسعة علمه.
( الحي القيوم ) كامل الحياة والقائم بنفسه . القيوم لأهل السموات والأرض ، القائم بتدبيرهم وأرزاقهم ، وجميع أحوالهم فـ " الحي " : الجامع لصفات الذات ، و " القيوم " الجامع لصفات الأفعال .
( النور ) نور السموات والأرض . الذي نوَّر قلوب العارفين بمعرفته ، والإيمان به ، ونور أفئدتهم بهدايته ، وهو الذي أنار السموات والأرض ، بالأنوار التي وضعها ، وحجابه ، النور ، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه . ( بديع السموات والأرض ) أي : خالقهما ومبدعهما ، في غاية ما يكون من الحسن والخلق البديع ، والنظام العجيب المحكم .
( القابض ، الباسط ) يقبض الأرزاق والأرواح ، ويبسط الأرزاق والقلوب ، وذلك تبع لحكمته ورحمته . ( المعطي ، المانع ) لا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع ، فجميع المصالح والمنافع ، منه تطلب ، وإليه يرغب فيها . وهو الذي يعطيها لمن يشاء ، ويمنعها من يشاء ، بحكمته ورحمته .
( الشهيد ) أي : المطلع على جميع الأشياء . سمع جميع الأصوات ، خفيها وجليها ، وأبصر جميع الموجودات ، دقيقها وجليلها ، صغيرها وكبيرها ، وأحاط علمه بكل شيء ، الذي شهد لعباده ، وعلى عباده ، بما عملوه .
( المبدئ المعيد ) قال تعالى : ( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده ) ، ابتدأ خلقهم ، ليبلوهم أيهم أحسن عملاً ، ثم يعيدهم ، ليجزي الذين أحسنوا بالحسنى ، ويجزي المسيئين بإساءتهم . وكذلك ، هو الذي يبدأ إيجاد المخلوقات شيئاً فشيئاً ، ثم يعيدها كل وقت .
( الفعال لما يريد ) وهذا من كمال قوته ، ونفوذ مشيئته وقدرته ، أن كل أمر يريده يفعله بلا ممانع ، ولا معارض ، وليس له ظهير ولا عوين ، على أي أمر يكون ، بل إذا أراد شيئاً قال له " كن فيكون " . ومع أنه الفعال لما يريد ، فإرادته تابعة لحكمته وحمده ، فهو موصوف بكمال القدرة ، ونفوذ المشيئة ، وموصوف بشمول الحكمة ، لكل ما فعله ويفعله .
( الغني ، المغني ) فهو الغني بذاته ، الذي له الغنى التام المطلق ، من جميع الوجوه ، والاعتبارات لكماله ، وكمال صفاته . فلا يتطرق إليها نقص بوجه من الوجوه ، ولا يمكن أن يكن إلا غنياً . لأن غناه ، من لوازم ذاته . كما لا يكون إلا خالقاً ، قادراً ، رزاقاً ، محسناً ، فلا يحتاج إلى أحد بوجه من الوجوه . فهو الغني ، الذي بيده خزائن السموات والأرض ، وخزائن الدنيا والآخرة . المغني جميع خلقه ، غنى عاماً ، والمغني لخواص خلقه ، بما أفاض على قلوبهم ، من المعارف الربانية ، والحقائق الإيمانية .
( الحليم ) الذي يدر على خلقه ، النعم الظاهرة والباطنة ن مع معاصيهم وكثرة زلاتهم ، فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم . ويستعتبهم ، كي يتوبوا ، ويمهلهم كي ينيبوا .
( الشاكر ، الشكور ) الذي يشكر القليل من العمل ، ويغفر الكثير من الزلل . ويضاعف للمخلصين أعمالهم بغير حساب . ويشكر الشاكرين ، ويذكر من ذكره . ومن تقرب إليه بشيء من الأعمال الصالحة ، تقرب الله منه أكثر .
( القريب ، المجيب ) أي : هو تعالى ، القريب من كل أحد . وقربه تعالى نوعان : قرب عام من كل أحد ، بعلمه ، وخبرته ، ومراقبته ، ومشاهدته ، وإحاطته . وقرب خاص ، من عابديه ، وسائليه ، ومحبيه ، وهو قرب لا تدرك له حقيقة ، وإنما تعلم آثاره ، من لطفه بعبده ، وعنايته به ، وتوفيقه وتسديده ، ومن آثاره ، الإجابة للداعين ، والإنابة للعابدين ، فهو المجيب إجابة عامة ، للداعين ، مهما كانوا ، وأين كانوا ، وعلى أي حال كانوا كما وعدهم بهذا ، الوعد المطلق ، وهو المجيب إجابة خاصة ، للمستجيبين له ، المنقادين لشرعه ، وهو المجيب أيضاً ، للمضطرين ، ومن انقطع رجاؤهم من المخلوقين ، وقوي تعلقهم به ، طمعاً ، ورجاء ، وخوفاً .
( الكافي ) عباده جميع ما يحتاجون ، ويضطرون إليه ، الكافي كفاية خاصة ، من آمن به ، وتوكل عليه ، واستمد منه حوائج دينه ودنياه .
( الأول والآخر والظاهر والباطن ) قد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم تفسيراً جامعاً ، واضحاً فقال يخاطب ربه : " أنت الأول ، فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء " .
( الواسع ) الصفات ، والنعوت ، ومتعلقاتها ، بحيث لا يحصي أحد ثناء عليه ، بل هو كما أثنى على نفسه . واسع العظمة ، والسلطان ، والملك ، واسع الفضل ، والإحسان ، عظيم الجود والكرم .
( الهادي ، الرشيد ) أي : الذي يهدي ويرشد عباده إلى جميع المنافع ، وإلى دفع المضار ، ويعلمهم ما لا يعلمون ، ويهديهم لهداية التوفيق والتسديد ، ويلهمهم التقوى ، ويجعل قلوبهم منيبة إليه ، منقادة لأمره . وللرشيد معنى ، بمعنى الحكيم ، فهو : الرشيد في أقواله وأفعاله ، وشرائعه كلها خير ، ورشد وحكمة ن ومخلوقاته مشتملة على الرشد .
( الحق ) في ذاته وصفاته . فهو واجب الوجود ، كامل الصفات والنعوت ، وجوده ، من لوازم ذاته . ولا وجود لشيء من الأشياء إلا به . فهو الذي لم يزل ، ولا يزال ، بالجلال ، والجمال ، والكمال ، موصوفاً . ولم يزل ولا يزال بالإحسان معروفاً . فقوله ، حق ، وفعله حق ، ولقاؤه ، ورسله ، حق ، وكتبه ، حق ، ودينه ، هو الحق ، وعبادته وحده لا شريك له ، هي الحق ، وكل شيء ينسب إليه ، فهو حق . ذلك بأن الله ، هو الحق ، وأن ما يدعون من دونه ، هو الباطل ، وأن الله هو العلي الكبير . ( وقل الحق من ربكم ن فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ( فماذا بعد الحق إلا الضلال ) ( قل جاء الحق وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقا ) والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . وصلى الله وسلم على محمد ، وعلى آله وأصحابه ، ومن تبعهم إلى يوم الدين
( الله ) هو المألوه المعبود ، ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين، لما اتصف به من صفات الألوهية التي هي صفات الكمال.
( الملك ، المالك ، الذي له الملك ) فهو الموصوف ، بصفة الملك، وهي صفات العظمة والكبرياء، والقهر، والتدبير، الذي له التصرف المطلق، في الخلق، والأمر، والجزاء، وله جميع العالم، العلوي والسفلي، كلهم عبيد ومماليك، ومضطرون إليه.
( الواحد الأحد )، وهو الذي توحد بجميع الكمالات، بحيث لا يشاركه فيها مشارك . ويجب على العبيد توحيده، عقداً، وقولاً، وعملاً، بأن يعترفوا بكماله المطلق، وتفرده بالوحدانية، ويفردوه بأنواع العبادة.
( الصمد ) وهو الذي تقصده الخلائق كلها ، في جميع حاجاتها ، وأحوالها وضروراتها ، لما له من الكمال المطلق ، في ذاته ، وأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله .
( العليم الخبير ) وهو الذي أحاط علمه بالظاهر والبواطن ، والإسرار والإعلان ، وبالواجبات ، والمستحيلات ، والممكنات ، وبالعالم العلوي ، والسفلي ، وبالماضي ، والحاضر ، والمستقبل ، فلا يخفى عليه شيء من الأشياء .
( الحكيم ) وهو الذي له الحكمة العليا ، في خلقه ، وأمره ، الذي أحسن كل شيء خلقه ( ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون ) . فلا يخلق شيئاً عبثاً ، ولا يشرع شيئاً سدى ، الذي له الحكم في الأولى والآخرة ، وله الأحكام الثلاثة لا يشاركه فيها مشارك : فيحكم بين عباده ، في شرعه ، وفي قدره ، وجزائه . والحكمة : وضع الأشياء مواضعها ، وتنزيلها منازلها .
( الرحمن الرحيم والبر الكريم ، الجواد ، الرؤوف ، الوهاب ) . هذه الأسماء ، تتقارب معانيها ، وتدل كلها على اتصاف الرب ، بالرحمة ، والبر ، والجود ، والكرم ، وعلى سعة رحمته ومواهبه ، التي عم بها جميع الوجود ، بحسب ما تقتضيه حكمته . وخص المؤمنين منها ، بالنصيب الأوفر ، والحظ الأكمل ، قال تعالى : ( ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ) الآية . والنعم والإحسان ، كله من آثار رحمته ، وجوده ، وكرمه ، وخيرات الدنيا والآخرة ، كلها من آثار رحمته .
( السميع ) لجميع الأصوات ، باختلاف اللغات ، على تفنن الحاجات .
( البصير ) الذي يبصر كل شيء وإن دق وصغر ، فيبصر دبيب النملة السوداء ، في الليلة الظلماء ، على الصخرة الصماء ، ويبصر ما تحت الأرضين السبع ، كما يبصر ما فوق السموات السبع ، وأيضاً سميع بصير ، بمن يستحق الجزاء بحسب حكمته ، والمعنى الأخير ، يرجع إلى الحكمة .
( الحميد ) في ذاته ، وأسمائه ، وصفاته ، وأفعاله . فله من الأسماء ، أحسنها ، ومن الصفات أكملها ، ومن الأفعال ، أتمها وأحسنها ، فإن أفعاله تعالى ، دائرة بين الفضل والعدل .
( المجيد الكبير العظيم الجليل ) وهو الموصوف بصفات المجد ، والكبرياء ، والعظمة ، والجلال ، الذي هو أكبر من كل شيء ، ,أعظم من كل شيء ، وأجل وأعلى . له التعظيم والإجلال ، في قلوب أوليائه وأصفيائه . قد ملئت قلوبهم من تعظيمه ، وإجلاله ، والخضوع له ، والتذلل لكبريائه.
( العفو الغفور الغفار ) الذي لم يزل ، ولا يزال بالعفو معروفاً ، وبالغفران والصفح عن عباده ، موصوفاً . كل أحد مضطر إلى عفوه ومغفرته ، كما هو مضطر إلى رحمته وكرمه ، وقد وعد بالمغفرة والعفو ، لمن أتى بأسبابها ، قال تعالى : ( وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى ) .
( التواب ) الذي لم يزل يتوب على التائبين ، ويغفر ذنوب المنيبين . فكل من تاب إليه توبة نصوحاً ، تاب الله عليه . فهو التائب على التائبين : أولاً بتوفيقهم للتوبة والإقبال بقلوبهم إليه ، وهو التائب عليهم بعد توبتهم ، قبولاً لها ، وعفواً عن خطاياهم .
( القدوس ، السلام ) أي : المعظم المنزه عن صفات النقص كلها ، وأن يماثله أحد من الخلق ، فهو المتنزه عن جميع العيوب ، والمتنزه عن أن يقاربه أو يماثله ، أحد في شيء من الكمال ( ليس كمثله شيء ) ( ولم يكن له كفواً أحد ) ( هل تعلم له سمياً ) ( فلا تجعلوا لله أنداداً ) . فالقدوس كالسلام ، ينفيان كل نقص من جميع الوجوه ، ويتضمنان الكمال المطلق من جميع الوجوه ، لأن النقص إذا انتفى ، ثبت الكمال كله .
( العلي الأعلى ) وهو الذي له العلو المطلق من جميع الوجوه . علو الذات ، وعلو القدرة والصفات ، وعلو القهر . فهو الذي على العرش استوى ، وعلى الملك احتوى , وبجميع صفات العظمة والكبرياء والجلال والجمال وغاية الكمال اتصف وإليه فيها المنتهى .
( العزيز ) الذي له العزة كلها : عزة القوة ، وعزة الغلبة ، وعزة الامتناع ، فامتنع أن يناله أحد من المخلوقات ، وقهر جميع الموجودات ، ودانت له الخليقة ، وخضعت لعظمته .
( القوي المتين ) هو في معنى العزيز .
( الجبار ) هو بمعنى العلي الأعلى ، وبمعنى القهار ، وبمعنى " الرؤوف " الجابر للقلوب المنكسرة ، وللضعيف العاجز ، ولمن لاذ به ، ولجأ إليه .
( المتكبر ) عن السوء ، والنقص ، والعيوب ، لعظمته وكبريائه .
( الخالق البارئ المصور ) الذي خلق جميع الموجودات ، وبرأها ، وسواها بحكمته ، وصورها بحمده وحكمته ، وهو لم يزل ، ولا يزال على هذا الوصف العظيم .
( المؤمن ) الذي أثنى على نفسه بصفات الكمال ، وبكمال الجلال والجمال . الذي أرسل رسله ، وأنزل كتبه بالآيات والبراهين ، وصدق رسله بكل آية وبرهان ، يدل على صدقهم وصحة ما جاءوا به .
( المهيمن ) المطلع على خفايا الأمور ، وخبايا الصدور ، الذي أحاط بكل شيء علماً .
( القدير ) كامل القدرة . بقدرته أوجد الموجودات ، وبقدرته دبرها ، وبقدرته سواها ، وأحكمها ، وبقدرته ، يحيي ويميت ، ويبعث العباد للجزاء ، ويجازي المحسن بإحسانه ، والمسيء بإساءته ، الذي إذا أراد شيئاً قال له " كن فيكون " . وبقدرته يقلب القلوب ، ويصرفها على ما يشاء ويريد .
( اللطيف ) الذي أحاط علمه بالسرائر والخفايا ، وأدرك الخبايا والبواطن ، والأمور الدقيقة ، اللطيف بعباده المؤمنين ، الموصل إليهم مصالحهم ، بلطفه وإحسانه ، من طرق لا يشعرون بها ، فهو بمعنى " الخبير " وبمعنى " الرؤوف " .
( الحسيب ) هو العليم بعباده ، كافي المتوكلين ، المجازي لعباده بالخير والشر ، بحسب حكمته ، وعلمه بدقيق أعمالهم وجليلها .
( الرقيب ) المطلع على ما أكنته الصدور ، والقائم على كل نفس بما كسبت . الذي حفظ المخلوقات وأجراها ، على أحسن نظام وأكمل تدبير .
( الحفيظ ) الذي حفظ ما خلقه ، وأحاط علمه بما أوجده ، وحفظ أولياءه ، من وقوعهم في الذنوب والمهلكات . ولطف بهم في الحركات والسكنات ، ,أحصى على العباد أعمالهم ، وجزاءها .
( المحيط ) بكل شيء علماً ، وقدرة ، ورحمة وقهراً .
( القهار ) لكل شيء ، الذي خضعت له المخلوقات ، وذلت لعزته وقوته ، وكمال اقتداره .
( المقيت ) الذي أوصل إلى كل موجود ما به يقتات ، وأوصل إليها أرزاقها وصرفها كيف يشاء ، بحكمته وحده .
( الوكيل ) المتولي لتدبير خلقه ، بعلمه ، وكمال قدرته ، وشمول حكمته . الذي تولى أولياءه ، فيسرهم لليسرى ، وجنبهم العسرى ، كفاهم الأمور ، فمن اتخذه وكيلاً كفاه ( الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ) . ( ذو الجلال والإكرام ) أي : ذو العظمة والكبرياء ، وذو الرحمة ، والجود ، والإحسان العام والخاص . المكرم لأوليائه وأصفيائه ، الذين يجلونه ، ويعظمونه ، ويحبونه .
( الودود ) الذي يحب أنبيائه ورسله ، وأتباعهم ، ويحبونه ، فهو أحب إليهم ، من كل شيء ، قد امتلأت قلوبهم من محبته ، ولهجت ألسنتهم بالثناء عليه ، وانجذبت أفئدتهم إليه ، وإخلاصاً ، وإنابة من جميع الوجوه .
( الفتاح ) الذي يحكم بين عباده ، بأحكامه الشرعية ، وأحكامه القدرية ، ,أحكام الجزاء . الذي فتح بلطفه بصائر الصادقين ، وفتح قلوبهم لمعرفته ، ومحبته ، والإنابة إليه ، وفتح لعباده ، أبواب الرحمة ، والأرزاق المتنوعة ، وسبب لهم الأسباب ، التي ينالون بها خيري الدنيا والآخرة ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده ) .
( الرزاق ) لجميع عباده ، فما من دابة في الأرض ، إلا على الله رزقها . ورزقه لعباده نوعان : رزق عام ، شمل البر والفاجر ، والأولين ، والآخرين ، وهو رزق الأبدان . ورزق خاص وهو القلوب ن وتغذيتها بالعلم والإيمان . والرزق الحلال الذي يعين على صلاح الدين ، وهذا خاص بالمؤمنين ، على مراتبهم منه ، بحسب ما تقتضيه حكمته ورحمته .
( الحكم العدل ) الذي يحكم بين عباده في الدنيا والآخرة ، بعدله وقسطه ، فلا يظلم مثقال ذرة ، ولا يحمل أحداً وزر أحد ، ولا يجازي العبد بأكثر من ذنبه ويؤدي الحقوق إلى أهلها ، فلا يدع صاحب حق إلا وصل إليه حقه . وهو العدل في تدبيره وتقديره ( إن ربي على صراط مستقيم ) .
( جامع الناس ) ليوم لا ريب فيه ، وجامع أعمالهم وأرزاقهم ، فلا يترك منها صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها . وجامع ما تفرق واستحال من الأموات الأولين والآخرين ، بكمال قدرته ، وسعة علمه.
( الحي القيوم ) كامل الحياة والقائم بنفسه . القيوم لأهل السموات والأرض ، القائم بتدبيرهم وأرزاقهم ، وجميع أحوالهم فـ " الحي " : الجامع لصفات الذات ، و " القيوم " الجامع لصفات الأفعال .
( النور ) نور السموات والأرض . الذي نوَّر قلوب العارفين بمعرفته ، والإيمان به ، ونور أفئدتهم بهدايته ، وهو الذي أنار السموات والأرض ، بالأنوار التي وضعها ، وحجابه ، النور ، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه . ( بديع السموات والأرض ) أي : خالقهما ومبدعهما ، في غاية ما يكون من الحسن والخلق البديع ، والنظام العجيب المحكم .
( القابض ، الباسط ) يقبض الأرزاق والأرواح ، ويبسط الأرزاق والقلوب ، وذلك تبع لحكمته ورحمته . ( المعطي ، المانع ) لا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع ، فجميع المصالح والمنافع ، منه تطلب ، وإليه يرغب فيها . وهو الذي يعطيها لمن يشاء ، ويمنعها من يشاء ، بحكمته ورحمته .
( الشهيد ) أي : المطلع على جميع الأشياء . سمع جميع الأصوات ، خفيها وجليها ، وأبصر جميع الموجودات ، دقيقها وجليلها ، صغيرها وكبيرها ، وأحاط علمه بكل شيء ، الذي شهد لعباده ، وعلى عباده ، بما عملوه .
( المبدئ المعيد ) قال تعالى : ( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده ) ، ابتدأ خلقهم ، ليبلوهم أيهم أحسن عملاً ، ثم يعيدهم ، ليجزي الذين أحسنوا بالحسنى ، ويجزي المسيئين بإساءتهم . وكذلك ، هو الذي يبدأ إيجاد المخلوقات شيئاً فشيئاً ، ثم يعيدها كل وقت .
( الفعال لما يريد ) وهذا من كمال قوته ، ونفوذ مشيئته وقدرته ، أن كل أمر يريده يفعله بلا ممانع ، ولا معارض ، وليس له ظهير ولا عوين ، على أي أمر يكون ، بل إذا أراد شيئاً قال له " كن فيكون " . ومع أنه الفعال لما يريد ، فإرادته تابعة لحكمته وحمده ، فهو موصوف بكمال القدرة ، ونفوذ المشيئة ، وموصوف بشمول الحكمة ، لكل ما فعله ويفعله .
( الغني ، المغني ) فهو الغني بذاته ، الذي له الغنى التام المطلق ، من جميع الوجوه ، والاعتبارات لكماله ، وكمال صفاته . فلا يتطرق إليها نقص بوجه من الوجوه ، ولا يمكن أن يكن إلا غنياً . لأن غناه ، من لوازم ذاته . كما لا يكون إلا خالقاً ، قادراً ، رزاقاً ، محسناً ، فلا يحتاج إلى أحد بوجه من الوجوه . فهو الغني ، الذي بيده خزائن السموات والأرض ، وخزائن الدنيا والآخرة . المغني جميع خلقه ، غنى عاماً ، والمغني لخواص خلقه ، بما أفاض على قلوبهم ، من المعارف الربانية ، والحقائق الإيمانية .
( الحليم ) الذي يدر على خلقه ، النعم الظاهرة والباطنة ن مع معاصيهم وكثرة زلاتهم ، فيحلم عن مقابلة العاصين بعصيانهم . ويستعتبهم ، كي يتوبوا ، ويمهلهم كي ينيبوا .
( الشاكر ، الشكور ) الذي يشكر القليل من العمل ، ويغفر الكثير من الزلل . ويضاعف للمخلصين أعمالهم بغير حساب . ويشكر الشاكرين ، ويذكر من ذكره . ومن تقرب إليه بشيء من الأعمال الصالحة ، تقرب الله منه أكثر .
( القريب ، المجيب ) أي : هو تعالى ، القريب من كل أحد . وقربه تعالى نوعان : قرب عام من كل أحد ، بعلمه ، وخبرته ، ومراقبته ، ومشاهدته ، وإحاطته . وقرب خاص ، من عابديه ، وسائليه ، ومحبيه ، وهو قرب لا تدرك له حقيقة ، وإنما تعلم آثاره ، من لطفه بعبده ، وعنايته به ، وتوفيقه وتسديده ، ومن آثاره ، الإجابة للداعين ، والإنابة للعابدين ، فهو المجيب إجابة عامة ، للداعين ، مهما كانوا ، وأين كانوا ، وعلى أي حال كانوا كما وعدهم بهذا ، الوعد المطلق ، وهو المجيب إجابة خاصة ، للمستجيبين له ، المنقادين لشرعه ، وهو المجيب أيضاً ، للمضطرين ، ومن انقطع رجاؤهم من المخلوقين ، وقوي تعلقهم به ، طمعاً ، ورجاء ، وخوفاً .
( الكافي ) عباده جميع ما يحتاجون ، ويضطرون إليه ، الكافي كفاية خاصة ، من آمن به ، وتوكل عليه ، واستمد منه حوائج دينه ودنياه .
( الأول والآخر والظاهر والباطن ) قد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم تفسيراً جامعاً ، واضحاً فقال يخاطب ربه : " أنت الأول ، فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء " .
( الواسع ) الصفات ، والنعوت ، ومتعلقاتها ، بحيث لا يحصي أحد ثناء عليه ، بل هو كما أثنى على نفسه . واسع العظمة ، والسلطان ، والملك ، واسع الفضل ، والإحسان ، عظيم الجود والكرم .
( الهادي ، الرشيد ) أي : الذي يهدي ويرشد عباده إلى جميع المنافع ، وإلى دفع المضار ، ويعلمهم ما لا يعلمون ، ويهديهم لهداية التوفيق والتسديد ، ويلهمهم التقوى ، ويجعل قلوبهم منيبة إليه ، منقادة لأمره . وللرشيد معنى ، بمعنى الحكيم ، فهو : الرشيد في أقواله وأفعاله ، وشرائعه كلها خير ، ورشد وحكمة ن ومخلوقاته مشتملة على الرشد .
( الحق ) في ذاته وصفاته . فهو واجب الوجود ، كامل الصفات والنعوت ، وجوده ، من لوازم ذاته . ولا وجود لشيء من الأشياء إلا به . فهو الذي لم يزل ، ولا يزال ، بالجلال ، والجمال ، والكمال ، موصوفاً . ولم يزل ولا يزال بالإحسان معروفاً . فقوله ، حق ، وفعله حق ، ولقاؤه ، ورسله ، حق ، وكتبه ، حق ، ودينه ، هو الحق ، وعبادته وحده لا شريك له ، هي الحق ، وكل شيء ينسب إليه ، فهو حق . ذلك بأن الله ، هو الحق ، وأن ما يدعون من دونه ، هو الباطل ، وأن الله هو العلي الكبير . ( وقل الحق من ربكم ن فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) ( فماذا بعد الحق إلا الضلال ) ( قل جاء الحق وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقا ) والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . وصلى الله وسلم على محمد ، وعلى آله وأصحابه ، ومن تبعهم إلى يوم الدين