الثانية بعد منتصف الليل هذا الوقت مخصص لمظفر النواب ، بشكل شبه يومي أذهب بلا شعور لمظفر وأنصت له خاشعاً وكأنه اليوم الأخير في حياتي ، منذ شهور وأنا على هذا الروتين المسلي العميق ، تعلمت الكثير من الكلمات والمواقف والحقائق والثبات ، قصائد مظفر النواب مثل الأحجار الكريمة ، كلما مر الزمان عليها تزداد قيمة معنوية ومادية ، وشخصية مظفر مثل أعماق البحار ، كل حياته أسرار وقيم غامضة وتفاصيل لا يمكن أن تعرفها وأنت تمر عليه مرور الكرام ، وإذا أردت أن تفهم مظفر يجب أن تسمع الشعر كله قبل سماعك مظفر أو تمر بكل مامر به من عذاب وغربة ونضال ، هذه القصيدة من أقرب القصائد عليّ ، سماعها عندي مثل السجارة التي تأتي بعد فترة طويلة من ترك التدخين ، تمشي في شراييني وأجزائي وتفاصيلي… أنه الأدمان
"في الغُربةِ لاينبتُ إلا المِلحُ
يُغطي صَمتُ الأيامِ وعُقمَ الطِّينْ"
هذا البيت وحده يساوي مليون شاعر مثل وجيه عباس وأبنه وأمثالهم المتسلقين.