ابو مناف البصري
المالكي
من كرامات الإمام علي بن الحسين صلوات الله عليه
عن الزهري قال : كنت عند علي بن الحسين عليهما السلام ، فجاءه رجل من أصحابه ، فقال له علي بن الحسين عليه السلام : *ما خبرك أيها الرجل*؟
فقال الرجل : خبري يا ابن رسول الله ! أني أصبحت وعليّ أربعمائة دينار دين ، لا قضاء عندي لها ، ولي عيال ثقال ليس لي ما أعود عليهم به .
فبكى علي بن الحسين عليه السلام بكاءً شديداً فقلت له : ما يبكيك يا ابن رسول الله ؟
فقال : *وهل يُعدّ البكاء إلاّ للمصائب والمحن الكبار* ؟ قالوا : كذلك يا ابن رسول الله .
قال : *فأيّة محنة ومصيبة أعظم على حرّ مؤمن ، من أن يرى بأخيه المؤمن خلّة فلا يمكنه سدّها ، ويشاهده على فاقة فلا يطيق رفعها*
فتفرقوا عن مجلسهم ذلك ، فقال بعض المخالفين وهو يطعن على علي بن الحسين عليه السلام : عجبا لهؤلاء ! يدّعون مرة أنّ السماء والأرض وكلّ شيء يطيعهم ، وأنّ الله لا يردّهم عن شيء من طلباتهم ، ثم يعترفون أخرى بالعجز عن إصلاح حال خواصّ إخوانهم ، فاتصل ذلك بالرجل صاحب القصة ، فجاء إلى علي بن الحسين عليه السلام فقال له : يا ابن رسول الله! بلغني عن فلان كذا وكذا ، وكان ذلك أغلظ عليّ من محنتي .
فقال علي بن الحسين عليه السلام : *فقد أذن الله في فرجك . يا فلانة ! احملي سحوري وفطوري*
فحملت قرصتين . فقال علي بن الحسين عليه السلام للرجل : *خذهما فليس عندنا غيرهما ، فإنّ الله يكشف عنك بهما ، وينُيلك خيراً واسعاً منهما* فأخذهما الرجل ، ودخل السوق لا يدري ما يصنع بهما.
يتفكر في ثقل دينه وسوء حال عياله ، ويوسوس إليه الشيطان : أين موقع هاتين من حاجتك ؟
فمرّ بسمّاك قد بارت عليه سمكةٌ قد أراحت (أي تغيرّت رائحتها) فقال له : سمكتك هذه بائرة عليك ، وإحدى قرصتيّ هاتين بائرة عليّ ، فهل لك أن تعطيني سمكتك البائرة ، وتأخذ قرصتي هذه البائرة ؟
فقال : نعم .
فأعطاه السمكة وأخذ القرصة .
ثم مرّ برجل معه ملحٌ قليلٌ مزهود فيه ، فقال : هل لك أن تعطيني ملحك هذا المزهود فيه بقرصتي هذه المزهود فيها ؟ قال : نعم !
ففعل ، فجاء الرجل بالسمكة والملح فقال : أصلحُ هذه بهذا .
فلما شقّ بطن السمكة وجد فيه لؤلؤتين فاخرتين ، فحمد الله عليهما
فبينما هو في سروره ذلك ، إذ قُرع بابه ، فخرج ينظر مَن بالباب فإذا صاحب السمكة وصاحب الملح قد جاءا ، يقول كل واحد منهما له : يا عبدالله! جهدنا أن نأكل نحن أو أحد من عيالنا هذا القرص ، فلم تعمل فيه أسناننا ، وما نظنك إلاّ وقد تناهيت في سوء الحال ، ومرنت على الشقاء ، قد رددنا إليك هذا الخبز وطيّبنا لك ما أخذته منا ، فأخذ القرصتين منهما .
فلما استقرّ بعد انصرافهما عنه ، قُرع بابه ، فإذا رسول علي بن الحسين عليه السلام ، فدخل فقال : إنه يقول لك : *إنُ الله قد أتاك بالفرج ، فاردد إلينا طعامنا ، فإنه لا يأكله غيرنا* .
وباع الرجل اللؤلؤتين بمالٍ عظيمٍ قضى منه دينه وحسُنت بعد ذلك حاله.
فقال بعض المخالفين : ما أشدّ هذا التفاوت ! بينا علي بن الحسين لا يقدر أن يسدّ منه فاقة ، إذ أغناه هذا الغناء العظيم، كيف يكون هذا ؟ وكيف يعجز عن سدّ الفاقة من يقدر على هذا الغناء العظيم ؟
فقال علي بن الحسين عليه السلام : *هكذا قالت قريش للنبي صلى الله عليه واله وسلم : كيف يمضي إلى بيت المقدس ، ويشاهد ما فيه من آثار الأنبياء من مكة ، ويرجع إليها في ليلة واحدة من لا يقدر أن يبلغ من مكة إلى المدينة إلا في اثني عشر يوما* ؟
وذلك حين هاجر منها ، ثم قال علي بن الحسين عليه السلام : *جهلوا والله أمر الله وأمر أوليائه معه ، إنّ المراتب الرفيعة لا تُنال إلاّ بالتسليم لله جل ثناؤه ، وترك الاقتراح عليه والرضا بما يدبّرهم به . إنّ أولياء الله صبروا على المحن والمكاره صبراً لم يساوهم فيه غيرهم ، فجازاهم الله عز وجل بأن أوجب لهم نجح جميع طلباتهم ، لكنّهم مع ذلك لا يريدون منه إلاّ ما يريده لهم*
أمالي الصدوق ص453
.
عن الزهري قال : كنت عند علي بن الحسين عليهما السلام ، فجاءه رجل من أصحابه ، فقال له علي بن الحسين عليه السلام : *ما خبرك أيها الرجل*؟
فقال الرجل : خبري يا ابن رسول الله ! أني أصبحت وعليّ أربعمائة دينار دين ، لا قضاء عندي لها ، ولي عيال ثقال ليس لي ما أعود عليهم به .
فبكى علي بن الحسين عليه السلام بكاءً شديداً فقلت له : ما يبكيك يا ابن رسول الله ؟
فقال : *وهل يُعدّ البكاء إلاّ للمصائب والمحن الكبار* ؟ قالوا : كذلك يا ابن رسول الله .
قال : *فأيّة محنة ومصيبة أعظم على حرّ مؤمن ، من أن يرى بأخيه المؤمن خلّة فلا يمكنه سدّها ، ويشاهده على فاقة فلا يطيق رفعها*
فتفرقوا عن مجلسهم ذلك ، فقال بعض المخالفين وهو يطعن على علي بن الحسين عليه السلام : عجبا لهؤلاء ! يدّعون مرة أنّ السماء والأرض وكلّ شيء يطيعهم ، وأنّ الله لا يردّهم عن شيء من طلباتهم ، ثم يعترفون أخرى بالعجز عن إصلاح حال خواصّ إخوانهم ، فاتصل ذلك بالرجل صاحب القصة ، فجاء إلى علي بن الحسين عليه السلام فقال له : يا ابن رسول الله! بلغني عن فلان كذا وكذا ، وكان ذلك أغلظ عليّ من محنتي .
فقال علي بن الحسين عليه السلام : *فقد أذن الله في فرجك . يا فلانة ! احملي سحوري وفطوري*
فحملت قرصتين . فقال علي بن الحسين عليه السلام للرجل : *خذهما فليس عندنا غيرهما ، فإنّ الله يكشف عنك بهما ، وينُيلك خيراً واسعاً منهما* فأخذهما الرجل ، ودخل السوق لا يدري ما يصنع بهما.
يتفكر في ثقل دينه وسوء حال عياله ، ويوسوس إليه الشيطان : أين موقع هاتين من حاجتك ؟
فمرّ بسمّاك قد بارت عليه سمكةٌ قد أراحت (أي تغيرّت رائحتها) فقال له : سمكتك هذه بائرة عليك ، وإحدى قرصتيّ هاتين بائرة عليّ ، فهل لك أن تعطيني سمكتك البائرة ، وتأخذ قرصتي هذه البائرة ؟
فقال : نعم .
فأعطاه السمكة وأخذ القرصة .
ثم مرّ برجل معه ملحٌ قليلٌ مزهود فيه ، فقال : هل لك أن تعطيني ملحك هذا المزهود فيه بقرصتي هذه المزهود فيها ؟ قال : نعم !
ففعل ، فجاء الرجل بالسمكة والملح فقال : أصلحُ هذه بهذا .
فلما شقّ بطن السمكة وجد فيه لؤلؤتين فاخرتين ، فحمد الله عليهما
فبينما هو في سروره ذلك ، إذ قُرع بابه ، فخرج ينظر مَن بالباب فإذا صاحب السمكة وصاحب الملح قد جاءا ، يقول كل واحد منهما له : يا عبدالله! جهدنا أن نأكل نحن أو أحد من عيالنا هذا القرص ، فلم تعمل فيه أسناننا ، وما نظنك إلاّ وقد تناهيت في سوء الحال ، ومرنت على الشقاء ، قد رددنا إليك هذا الخبز وطيّبنا لك ما أخذته منا ، فأخذ القرصتين منهما .
فلما استقرّ بعد انصرافهما عنه ، قُرع بابه ، فإذا رسول علي بن الحسين عليه السلام ، فدخل فقال : إنه يقول لك : *إنُ الله قد أتاك بالفرج ، فاردد إلينا طعامنا ، فإنه لا يأكله غيرنا* .
وباع الرجل اللؤلؤتين بمالٍ عظيمٍ قضى منه دينه وحسُنت بعد ذلك حاله.
فقال بعض المخالفين : ما أشدّ هذا التفاوت ! بينا علي بن الحسين لا يقدر أن يسدّ منه فاقة ، إذ أغناه هذا الغناء العظيم، كيف يكون هذا ؟ وكيف يعجز عن سدّ الفاقة من يقدر على هذا الغناء العظيم ؟
فقال علي بن الحسين عليه السلام : *هكذا قالت قريش للنبي صلى الله عليه واله وسلم : كيف يمضي إلى بيت المقدس ، ويشاهد ما فيه من آثار الأنبياء من مكة ، ويرجع إليها في ليلة واحدة من لا يقدر أن يبلغ من مكة إلى المدينة إلا في اثني عشر يوما* ؟
وذلك حين هاجر منها ، ثم قال علي بن الحسين عليه السلام : *جهلوا والله أمر الله وأمر أوليائه معه ، إنّ المراتب الرفيعة لا تُنال إلاّ بالتسليم لله جل ثناؤه ، وترك الاقتراح عليه والرضا بما يدبّرهم به . إنّ أولياء الله صبروا على المحن والمكاره صبراً لم يساوهم فيه غيرهم ، فجازاهم الله عز وجل بأن أوجب لهم نجح جميع طلباتهم ، لكنّهم مع ذلك لا يريدون منه إلاّ ما يريده لهم*
أمالي الصدوق ص453
.