ابراهيم امين مؤمن
Well-Known Member
- إنضم
- 2 نوفمبر 2020
- المشاركات
- 65
- مستوى التفاعل
- 26
- النقاط
- 18
«الحُرّيّة»
مقال رأي
لقد نحِلَ اللهُ على موجوداته حريّة الاختيار، وأول من امتلكَ حق هذه الحريةِ المحضةِ من الموجودات كانتْ الجمادات، نفخ فيها الروح، ووضع فيها القلب، والعقل، وعرضَ أمانته فأبتْ أن تحملها. فالحريّة مقرونة بالفكر والإحساس لأنها قرار، فإذا فقدَ الموجود العقل أو القلب زال عنه الاختيار ولو كان الخيار ممكناً واحداً.
أمّا ثاني مَن نُحل الحرية المحضة هو آدم عليه السلام، فقد عُرضتْ الأمانة عليه فقبلها بكامل فكرهِ وإحساسه دون قسر أو تجميل، حيث إن النفس جامحة دائمًا إلى الثقة المُفرطة، والعجلة العمياء؛ رغبةً فى إحراز اللذة المحضة فأخطأ بقبولها.
فما انفصل ذاك القبول عن ذواتنا نحن أبناؤه، فجشّمنا تبعة الاختيار وتداعياته الذي جرّ علينا النِحلةَ الثالثة ألا وهو الاختيارالثالث.
ومن رحم الاختيار الثانى ولِدَ الثالث؛ ذاك الثالث له خصوصية؛ ذاك لأنه تمَّ في عالم الذرِّ والكوارك، فلم يكن هناك من ينقل خبره إلا الله، مما استوجبَ علينا الإيمان بالغيب دون إعمال عقولنا، فالعقول بداهة لا تدرك الغيبيات.
أحضرهم من ظهره عليه السلام، ومنحهم الفكر، والإحساس؛ ليمتلكوا الحريّة المحضة، وعرض عليهم نفس خيار أبيهم آدم فانتهجوا نهجه، وكان ذلك معزوًا أيضًا إلى جموحهم الغير مُدرك منهم نحو النعيم. وكانتْ الحرية هي أول منحة في الموجودات، حريّة محضة لم تكن نسبية مطلقاً.
فأوجد الله الكون كله من موجودات مكلفَة أو غير مكلفَة تحت مظلة الحرية الخالصة. فلما أخرجها الله من يده ومنحها في أيدي البشر تعقّدتْ ماهيتها.
تكلمَ فيها الفلاسفة والساسة وعلماء النفس والاجتماع والدين؛ فانفلتتْ من أيديهم جميعًا، ولا نكاد نقف على تعريف صائب إلا وجدنا فيه النقيض لمعناها، كلها سقطت في التيه، ولمَِ لا وهم يريدون أن يستمكنوا من مصطلح مُحاط بقيود وسلاسل، مصطلح ليس له وجود.
فالحرية لمْ ولنْ تُعرّف التعريف الصحيح ما دامتْ عارية النسب أو الإضافة أو الوصف.
فلا يوجد على الحقيقة تعريف للحرية، وإنما يتواجد إذا ضُمت إليها ضميمة الإضافة أو النسب مثل «الحرية المحضة» أو «حرية العقيدة» أو «حريتي» إشارة من ناسبها إليه بتعريفها لأمر معين. أمّا تعريفها المجرد «حرية» فليس له أساس؛ لإن الإنسان موجود بخاصيتي الجهل والظلم علاوة على أنه مُحاطاً بسياج التكاليف الربّانيّة والدستورالبشرى.
ولنتناول معاً بعض التعاريف الأكثر شهرةً، ونبين كيف تضاربتْ فيما بينها، فمنهم من أوجدها وجودًا باهتًا فظهرت رمادية بين بين، ومنهم من أنكرها فأُبهمتْ وانعدمتْ.
أولاً الفلاسفة:
«سبينوزا»: فالحريّة في حالة الطبيعة حسب تصور باروخ سبينوزا هي حرية مطلقة تشمل كل ما يقع تحت قدرة الفرد في غياب تام للجريمة أو الخطيئة. ويرى أيضاً بأننا عبيدٌ لانفعالاتنا وأفكارنا الغامضة وكذلك دوافعنا. وهذا التعريف يبين أن الحرية غير ممكنة بسبب استحالة التجرّد من الخطيئة.
أما «كانط»: فيري الإنسان عاجزًا عن الاختيار بسبب عجزه عن إدراك ما يدور حوله. ففي معرض كتابه يقول: «أيُّ محاولة من العقل لتفسير ماهية الحرية تبوء بالفشل، على اعتبار أنها معارضة لطبيعة العقل من حيث إن علمنا محصور في نطاق العالم المحسوس، وإن الشعور الباطن لا يدرك سوى ظواهر معينة بسوابقها، وهذه المحاولة معارضة لطبيعة الحرية نفسها من حيث إن تفسيرها يعني ردّها إلى شروط وهي علية غير مشروطة.»
وكانط أنكرَ الحرية الممكنة أيضاً بسبب جهل الإنسان بالعوالم الغيبية الغير محسوسة، إذ إنها تُعجزه عن الاختيار السليم.
«سارتر»: يعتبر أن الحرية لا تتحدد فقط في الاختيار؛ وإنما في إنجاز الفرد لمشروعه الوجودي، مادام أنه ذات مستقاة تفعل وتتفاعل، أمّا الإحساسات والقرارات التي يتخذها، فهي ليست أسبابا آلية ومستقلة عن ذواتنا، ولا يمكن اعتبارها أشياءً؛ وإنما نابعة من مسؤوليتنا وقدرتنا وإمكانيتنا على الفعل. وهكذا نرى سارتر يُنكر الحصول على الحريّة بسبب عجزه عن إنجاز مشروعه الوجودي كما قيّده أيضاً بحريّة الآخرين، حيث تصادم حرية المرء بحريات الآخرين يُبطل عملها.
أمّا «فولتير» فقال: «أنا لست من رأيكم ولكنني سأصارع من أجل قدرتكم على القول بحريّة.»
وصف فولتير حريته بقوله: «تتوفر الحرية بالنسبة لي حين أستطيع أن أفعل ما أشاء.»
فاعتنق الترْك وطرْح التحدّي، وذاك معزوّا لإيمانه العميق بعدم وجود مصطلح للحرية، اذ إنه خاصة الإله.
ثانيًا الأديان:
أما بالنسبة للأديان، ف «المسيحية» ربطتْ الحرية بالخطيئة، فما دام العبد في طاعة الربِّ فهو حر. وبهذا المفهوم يعتبرون الرّهبانَ المحجوبين عن كل ما يشتهون أحرارًا.
وفي «الإسلام » تخاصم العلماء في القضية الأزلية وهي «هل الإنسان مُخيّر أمْ مُسيّر.» وحتى إنْ كان مُخيّراً، فالبيقين أنّه يجهل الكثير ويعجز عن فعل الكثير.
وهكذا تبينَ أنّ الأديان لمْ تُثبت وجود الحريّة للمُكَلفِ، بل جاءتْ بنقيض الحريّة، وقالتْ تلك هي الحريّة.
ثالثًا عصر التنوير:
حُدد مفهوم الحريّة الذي نتفهمه في عصرنا الحالي في عصر التنوير، وكانت الفكرة ببساطة هي التحرر من الدين. المذهب. العقيدة.القوالب الجاهزة. التعميم. الأحكام المسبقة. وإعمال عقله في كلِّ ما يُعرض عليه. وحسب «إيمانويل كانط» فإن هذا يعني خروج الإنسان من سباته العقلي الذي وضع نفسه بنفسه فيه عن طريق استخدام العقل. وبعصر التنوير نجد أيضاً أنه يدعو إلى التحرر من الفِكر القديم واستخدام عقله ليُمسك بتلابيب الفِكر الجديد السليم.
ممّا سبق يتبين أنّ الحريّة مفهوم غير ملموس خارج عن نطاق البعد الذي نعيش فيه، وأنه كلما أمسكنا به انفلتَ من أيدينا.
وأن الحرية المحضة في عالمنا المُدرَك لا يملكها إلا الله. وكذلك الإنسان متى استطاع أن يفعل ما يشاء حصل على الحرية بمضامينها كاملة، وما يستطيع إلى ذلك سبيلاً إلا في بعد من الأبعاد الأخرويّة وهو الخلود في الجنة.
أستطيع أن أضع بعض التعاريف لها بقلمي وجهدي الخالص:
الحرية النسبيّة: هي مقدار ما يُتحقق من الحريّة المحضة .
الحرية المَحضة: هي فعل كل شئ بقدرة وإدراك.
الحرية النفسيّة: هي مقدار ما يُتحقق للذة الروح ِ.
الحرية بالنسب إلى كلِّ مناحى الحياة: هي مقدار ما يُتحقق من رغبات من عدّة ممكنات مِن كلِّ مناحي الحياة.
بعض صور القسر على الحرية
1-الخطاب الإشهاري الضال: هي وصلة إشهارية تفرّغ العقل من محتواه الثقافي الصادق، وتملأ مكانه ثقافة الخطاب المُستَلَب الكاذب.
من الميكانزمات النفسية التي تُوظف من أجل تحقيق هذا الغرض استخدام الخطاب الجنسي الشبقي لبعض المشاهير وطرح امتيازات زائفة،
فتبيع له الأصفاد والتي تُعلب في معنى الحرية، وهي على الحقيقة قيّداً وغِشاوة ودروشة كاسحة. والحل هو عقلنة الاستهلاك الفردي والجماعي بالبحث والتقصّي بالفكر والعلم والمشورة عمّا هو أفضل.
2-تَرِكةُ الاستبداد الثقافي والسياسي والإجتماعي: سالبوا الحرية يتبعون ميكانزيمات متعددة للوصول إلى أغراضهم؛ فهم يعزفون ألحانهم الشيطانية على أوتار التعددات الدينية والمذهبية والحزبية والعِرقية علاوة على توظيف أساليب الترهيب والترغيب. وكل هذا من أجل دروشة العقول وطمس الوعي المُدرَك، فيُفرغ المجتمع من قواه الحيّة بمختلف مناحيه. والكارثة أن الذي يتصدر المشهد هم رجال الدين والقساوسة ورموز ثقافية عليّة. هؤلاء المتصدرون يساهمون بطريقة مباشرة في توتير الأجواء بين طبقات الناس، وخاصة أن أيديولوجياتها متباينة إلى حدٍّ كبير؛ تلك الأيديولوجيات بمثابة بيادق تعاركتْ من أجل بقاء رؤوسهم، وما رؤوسهم إلا مَنْ غرّوهم وغشّوهم.
ولجهل الكثير من الناس كانت طُرقُهم فاعلة؛ فانخرط الناس على الفور في مشروعات النزاع والتعطيل، وعملوا على مراكمة دواعي التعثر في إيجاد حرية ينعم فيها الإنسان.
والحل هو التخلص من العصبية للدين والمذهب والحِزب والعِرق، والتريّث بالتفكير فيما هو منوط لك وغير المنوط على السواء، ثم إعمال العقول فيهم جميعًا ووضعهم تحت ميكرسكوب العقلنة والإدراك.
بقلمى إبراهيم أمين مؤمن
مقال رأي
لقد نحِلَ اللهُ على موجوداته حريّة الاختيار، وأول من امتلكَ حق هذه الحريةِ المحضةِ من الموجودات كانتْ الجمادات، نفخ فيها الروح، ووضع فيها القلب، والعقل، وعرضَ أمانته فأبتْ أن تحملها. فالحريّة مقرونة بالفكر والإحساس لأنها قرار، فإذا فقدَ الموجود العقل أو القلب زال عنه الاختيار ولو كان الخيار ممكناً واحداً.
أمّا ثاني مَن نُحل الحرية المحضة هو آدم عليه السلام، فقد عُرضتْ الأمانة عليه فقبلها بكامل فكرهِ وإحساسه دون قسر أو تجميل، حيث إن النفس جامحة دائمًا إلى الثقة المُفرطة، والعجلة العمياء؛ رغبةً فى إحراز اللذة المحضة فأخطأ بقبولها.
فما انفصل ذاك القبول عن ذواتنا نحن أبناؤه، فجشّمنا تبعة الاختيار وتداعياته الذي جرّ علينا النِحلةَ الثالثة ألا وهو الاختيارالثالث.
ومن رحم الاختيار الثانى ولِدَ الثالث؛ ذاك الثالث له خصوصية؛ ذاك لأنه تمَّ في عالم الذرِّ والكوارك، فلم يكن هناك من ينقل خبره إلا الله، مما استوجبَ علينا الإيمان بالغيب دون إعمال عقولنا، فالعقول بداهة لا تدرك الغيبيات.
أحضرهم من ظهره عليه السلام، ومنحهم الفكر، والإحساس؛ ليمتلكوا الحريّة المحضة، وعرض عليهم نفس خيار أبيهم آدم فانتهجوا نهجه، وكان ذلك معزوًا أيضًا إلى جموحهم الغير مُدرك منهم نحو النعيم. وكانتْ الحرية هي أول منحة في الموجودات، حريّة محضة لم تكن نسبية مطلقاً.
فأوجد الله الكون كله من موجودات مكلفَة أو غير مكلفَة تحت مظلة الحرية الخالصة. فلما أخرجها الله من يده ومنحها في أيدي البشر تعقّدتْ ماهيتها.
تكلمَ فيها الفلاسفة والساسة وعلماء النفس والاجتماع والدين؛ فانفلتتْ من أيديهم جميعًا، ولا نكاد نقف على تعريف صائب إلا وجدنا فيه النقيض لمعناها، كلها سقطت في التيه، ولمَِ لا وهم يريدون أن يستمكنوا من مصطلح مُحاط بقيود وسلاسل، مصطلح ليس له وجود.
فالحرية لمْ ولنْ تُعرّف التعريف الصحيح ما دامتْ عارية النسب أو الإضافة أو الوصف.
فلا يوجد على الحقيقة تعريف للحرية، وإنما يتواجد إذا ضُمت إليها ضميمة الإضافة أو النسب مثل «الحرية المحضة» أو «حرية العقيدة» أو «حريتي» إشارة من ناسبها إليه بتعريفها لأمر معين. أمّا تعريفها المجرد «حرية» فليس له أساس؛ لإن الإنسان موجود بخاصيتي الجهل والظلم علاوة على أنه مُحاطاً بسياج التكاليف الربّانيّة والدستورالبشرى.
ولنتناول معاً بعض التعاريف الأكثر شهرةً، ونبين كيف تضاربتْ فيما بينها، فمنهم من أوجدها وجودًا باهتًا فظهرت رمادية بين بين، ومنهم من أنكرها فأُبهمتْ وانعدمتْ.
أولاً الفلاسفة:
«سبينوزا»: فالحريّة في حالة الطبيعة حسب تصور باروخ سبينوزا هي حرية مطلقة تشمل كل ما يقع تحت قدرة الفرد في غياب تام للجريمة أو الخطيئة. ويرى أيضاً بأننا عبيدٌ لانفعالاتنا وأفكارنا الغامضة وكذلك دوافعنا. وهذا التعريف يبين أن الحرية غير ممكنة بسبب استحالة التجرّد من الخطيئة.
أما «كانط»: فيري الإنسان عاجزًا عن الاختيار بسبب عجزه عن إدراك ما يدور حوله. ففي معرض كتابه يقول: «أيُّ محاولة من العقل لتفسير ماهية الحرية تبوء بالفشل، على اعتبار أنها معارضة لطبيعة العقل من حيث إن علمنا محصور في نطاق العالم المحسوس، وإن الشعور الباطن لا يدرك سوى ظواهر معينة بسوابقها، وهذه المحاولة معارضة لطبيعة الحرية نفسها من حيث إن تفسيرها يعني ردّها إلى شروط وهي علية غير مشروطة.»
وكانط أنكرَ الحرية الممكنة أيضاً بسبب جهل الإنسان بالعوالم الغيبية الغير محسوسة، إذ إنها تُعجزه عن الاختيار السليم.
«سارتر»: يعتبر أن الحرية لا تتحدد فقط في الاختيار؛ وإنما في إنجاز الفرد لمشروعه الوجودي، مادام أنه ذات مستقاة تفعل وتتفاعل، أمّا الإحساسات والقرارات التي يتخذها، فهي ليست أسبابا آلية ومستقلة عن ذواتنا، ولا يمكن اعتبارها أشياءً؛ وإنما نابعة من مسؤوليتنا وقدرتنا وإمكانيتنا على الفعل. وهكذا نرى سارتر يُنكر الحصول على الحريّة بسبب عجزه عن إنجاز مشروعه الوجودي كما قيّده أيضاً بحريّة الآخرين، حيث تصادم حرية المرء بحريات الآخرين يُبطل عملها.
أمّا «فولتير» فقال: «أنا لست من رأيكم ولكنني سأصارع من أجل قدرتكم على القول بحريّة.»
وصف فولتير حريته بقوله: «تتوفر الحرية بالنسبة لي حين أستطيع أن أفعل ما أشاء.»
فاعتنق الترْك وطرْح التحدّي، وذاك معزوّا لإيمانه العميق بعدم وجود مصطلح للحرية، اذ إنه خاصة الإله.
ثانيًا الأديان:
أما بالنسبة للأديان، ف «المسيحية» ربطتْ الحرية بالخطيئة، فما دام العبد في طاعة الربِّ فهو حر. وبهذا المفهوم يعتبرون الرّهبانَ المحجوبين عن كل ما يشتهون أحرارًا.
وفي «الإسلام » تخاصم العلماء في القضية الأزلية وهي «هل الإنسان مُخيّر أمْ مُسيّر.» وحتى إنْ كان مُخيّراً، فالبيقين أنّه يجهل الكثير ويعجز عن فعل الكثير.
وهكذا تبينَ أنّ الأديان لمْ تُثبت وجود الحريّة للمُكَلفِ، بل جاءتْ بنقيض الحريّة، وقالتْ تلك هي الحريّة.
ثالثًا عصر التنوير:
حُدد مفهوم الحريّة الذي نتفهمه في عصرنا الحالي في عصر التنوير، وكانت الفكرة ببساطة هي التحرر من الدين. المذهب. العقيدة.القوالب الجاهزة. التعميم. الأحكام المسبقة. وإعمال عقله في كلِّ ما يُعرض عليه. وحسب «إيمانويل كانط» فإن هذا يعني خروج الإنسان من سباته العقلي الذي وضع نفسه بنفسه فيه عن طريق استخدام العقل. وبعصر التنوير نجد أيضاً أنه يدعو إلى التحرر من الفِكر القديم واستخدام عقله ليُمسك بتلابيب الفِكر الجديد السليم.
ممّا سبق يتبين أنّ الحريّة مفهوم غير ملموس خارج عن نطاق البعد الذي نعيش فيه، وأنه كلما أمسكنا به انفلتَ من أيدينا.
وأن الحرية المحضة في عالمنا المُدرَك لا يملكها إلا الله. وكذلك الإنسان متى استطاع أن يفعل ما يشاء حصل على الحرية بمضامينها كاملة، وما يستطيع إلى ذلك سبيلاً إلا في بعد من الأبعاد الأخرويّة وهو الخلود في الجنة.
أستطيع أن أضع بعض التعاريف لها بقلمي وجهدي الخالص:
الحرية النسبيّة: هي مقدار ما يُتحقق من الحريّة المحضة .
الحرية المَحضة: هي فعل كل شئ بقدرة وإدراك.
الحرية النفسيّة: هي مقدار ما يُتحقق للذة الروح ِ.
الحرية بالنسب إلى كلِّ مناحى الحياة: هي مقدار ما يُتحقق من رغبات من عدّة ممكنات مِن كلِّ مناحي الحياة.
بعض صور القسر على الحرية
1-الخطاب الإشهاري الضال: هي وصلة إشهارية تفرّغ العقل من محتواه الثقافي الصادق، وتملأ مكانه ثقافة الخطاب المُستَلَب الكاذب.
من الميكانزمات النفسية التي تُوظف من أجل تحقيق هذا الغرض استخدام الخطاب الجنسي الشبقي لبعض المشاهير وطرح امتيازات زائفة،
فتبيع له الأصفاد والتي تُعلب في معنى الحرية، وهي على الحقيقة قيّداً وغِشاوة ودروشة كاسحة. والحل هو عقلنة الاستهلاك الفردي والجماعي بالبحث والتقصّي بالفكر والعلم والمشورة عمّا هو أفضل.
2-تَرِكةُ الاستبداد الثقافي والسياسي والإجتماعي: سالبوا الحرية يتبعون ميكانزيمات متعددة للوصول إلى أغراضهم؛ فهم يعزفون ألحانهم الشيطانية على أوتار التعددات الدينية والمذهبية والحزبية والعِرقية علاوة على توظيف أساليب الترهيب والترغيب. وكل هذا من أجل دروشة العقول وطمس الوعي المُدرَك، فيُفرغ المجتمع من قواه الحيّة بمختلف مناحيه. والكارثة أن الذي يتصدر المشهد هم رجال الدين والقساوسة ورموز ثقافية عليّة. هؤلاء المتصدرون يساهمون بطريقة مباشرة في توتير الأجواء بين طبقات الناس، وخاصة أن أيديولوجياتها متباينة إلى حدٍّ كبير؛ تلك الأيديولوجيات بمثابة بيادق تعاركتْ من أجل بقاء رؤوسهم، وما رؤوسهم إلا مَنْ غرّوهم وغشّوهم.
ولجهل الكثير من الناس كانت طُرقُهم فاعلة؛ فانخرط الناس على الفور في مشروعات النزاع والتعطيل، وعملوا على مراكمة دواعي التعثر في إيجاد حرية ينعم فيها الإنسان.
والحل هو التخلص من العصبية للدين والمذهب والحِزب والعِرق، والتريّث بالتفكير فيما هو منوط لك وغير المنوط على السواء، ثم إعمال العقول فيهم جميعًا ووضعهم تحت ميكرسكوب العقلنة والإدراك.
بقلمى إبراهيم أمين مؤمن