أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

¯¨'*•~-.¸¸,.-~*' (رمضــان شهر الصيــآمـ ) ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*'

MAHMOD

Well-Known Member
إنضم
30 يناير 2014
المشاركات
7,360
مستوى التفاعل
931
النقاط
113
العمر
28
الإقامة
IRAQ
رد: ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*' (رمضــان شهر الصيــآمـ ) ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*'


ثانيا : في الصيام:



عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله
صلي الله عليه وسلم فقلت : مرني بأمر آخذه عنك ، فقال : ( عليك بالصوم فإنه لا مثل له ) رواه النسائي.

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله
صلي الله عليه وسلم قال : ( قال الله عزوجل : كل
عمل بن آدم له إلا الصيام ؛ فإنه لي وأنا أجزي به ، والصيام جنّة ، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب ، فإن سابّه أحد أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم ، والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ، للصائم فرحتان يفرحهما : إذا أفطر فرح ، وإذا لقي ربه فرح بصومه ) رواه البخاري و مسلم.

عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلي الله عليه وسلم : ( فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره ، تكّفرها الصلاة والصوم والصدقة ، والأمر والنهي ) متفق عليه .

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلي الله عليه وسلم : ( السحور أكله بركة ؛ فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء ؛ فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحّرين ) رواه أحمد و ابن حبان.

عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله
صلي الله عليه وسلم يقول : (الصيام جنّة من النار ، كجنّة أحدكم من القتال ) رواه ابن ماجة.

عن أبي هريرة أن النبي
صلي الله عليه وسلم قال : ( الصيام جنّة وحصن حصين من النار )
رواه أحمد.

عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال النبي
صلي الله عليه وسلم : ( إنك لتصوم الدهر وتقوم الليل ) ، فقلت : نعم ، قال : ( إنك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ، ونفهت له النفس ، لا صام من صام الدهر ، صوم ثلاثة أيام صوم الدهر كله ) ، قلت : فإني أطيق أكثر من ذلك ، قال : (فصم صوم داود عليه السلام ، كان يصوم يوما ويفطر يوما ) . رواه البخاري و مسلم.

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله
صلي الله عليه وسلم يقول : ( من صام يوما في سبيل الله ، باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً ) متفق عليه .

عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله
صلي الله عليه وسلم : ( من صام الأبد فلا صام ولا أفطر ) رواه النسائي.

عن أبي ذر قال : قال رسول الله
صلي الله عليه وسلم : ( من صام ثلاثة أيام من الشهر فقد صام الدهر كله ) ، ثم قال : ( صدق الله في كتابه ) : { من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها } ( الأنعام : 160 ) .

عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن النبي
صلي الله عليه وسلم قال : ( في الجنّة ثمانية أبواب ، فيها باب يُسمى الريّان ، لا يدخله إلا الصائمون ) رواه البخاري ، وزاد النسائي : ( فإذا دخل آخرهم أُغلق ، من دخل فيه شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدا ) .

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله
صلي الله عليه وسلم: ( إن في الجنة غرفاً تُرى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها ) ، فقام أعرابي فقال: لمن هي يا رسول الله ؟ قال : ( لمن أطاب الكلام ، وأطعم الطعام ، وأدام الصيام ، وصلى لله بالليل والناس نيام ) . رواه الترمذي.

عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ، أن رسول الله
صلي الله عليه وسلم قال : ( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام : أي رب ، منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ، ويقول القرآن : منعته النوم بالليل فشفعني فيه ، فيشفعان ) رواه أحمد.

عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلي الله عليه وسلم : ( ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهنّ : دعوة المظلوم ، ودعوة المسافر ، ودعوة الوالد على ولده ) رواه الترمذي.

عن الحارث الأشعري رضي الله عنه أن النبي -
صلي الله عليه وسلم - قال: ( إن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا - عليه السلام - بخمس كلمات أن يعمل بهنّ، وأن يأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنّ، فكاد أن يبطئ، فقال له عيسى : إنك قدُ أمرت بخمس كلمات أن تعمل بهنّ ، وأن تأمر بني إسرائيل أن يعملوا بهنّ ، فإما أن تبلغهنّ ، وإما أبلغهنّ . فقال له : يا أخي ، إني أخشى إن سبقتني أن أُعذّب أو يُخسف بي ، قال : فجمع يحيى بني إسرائيل في بيت المقدس ، حتى امتلأ المسجد ، وقعد على الشُرَف ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إن الله عز وجل أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهنّ وآمركم أن تعملوا بهنّ – وذكر منهنّ - وآمركم بالصيام ، فإن مثل ذلك كمثل رجل معه صرّة من مسك في عصابة ، كلهم يجد ريح المسك ، وإن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ) . رواه أحمد.

عن علقمة والأسود رضي الله عنهما قالا: كنا مع النبي
صلي الله عليه وسلم شباباً لا نجد شيئا ، فقال لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( يا معشر الشباب ، من استطاع الباءة فليتزوج ؛ فإنه أغضّ للبصر ، وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم ، فإنه له وجاء ) متفق عليه .

عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله
صلي الله عليه وسلم يقول : ( بينما أنا نائم ، إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعيّ ، فأتيا بي جبلا وعرا فقالا : اصعد ، فقلت : إني لا أطيقه ، فقالا : إنا سنسهّله لك ، فصعدتُ ، حتى إذا كنت في سواء الجبل ، إذا بأصوات شديدة ، قلت : ما هذه الأصوات ؟ قالوا : هذا عواء أهل النار. ثم انطلق بي ، فإذا أنا بقوم معلّقين بعراقيّبهم ، مشققة أشداقهم ، تسيل أشداقهم دماً ، قلت : من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلّة صومهم ) رواه ابن خزيمة.

عن أبي هريرة أن النبي
صلي الله عليه وسلم قال : ( لا يزال الدين ظاهرا ما عجّل الناس الفطر ؛ لأن اليهود والنصارى يؤخّرون ) رواه أبو داوود ، وعن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ( لا تزال أمتي بخير ما عجّلوا الإفطار وأخّروا السحور ) رواه أحمد.

عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله
صلي الله عليه وسلم قال : ( فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر ) رواه مسلم.

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله
صلي الله عليه وسلم : ( إن الله وملائكته يصلّون على المتسحّرين ) رواه ابن حبّان.

عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن النبي
صلي الله عليه وسلم قال : ( عليكم بغداء السحور؛ فإنه هو الغداء المبارك ) رواه النسائي.

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله -
صلي الله عليه وسلم -: ( ثلاث من أخلاق النبوة: تعجيل الإفطار ، وتأخير السحور، ووضع اليمين على الشمال في الصلاة ) رواه الطبراني.

عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله
صلي الله عليه وسلم : ( تسحّروا ولو بجرعة من ماء ) رواه ابن حبّان.



==================
 

MAHMOD

Well-Known Member
إنضم
30 يناير 2014
المشاركات
7,360
مستوى التفاعل
931
النقاط
113
العمر
28
الإقامة
IRAQ
رد: ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*' (رمضــان شهر الصيــآمـ ) ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*'

1c1c.net-a-3727e06400a.gif



خصائص عشر الأواخر من رمضان

تأملْ أيها المسلم في ساعتك، وانظر إلى عقرب الساعة وهو يأكل الثواني أكلاً، لا يتوقف ولا ينثني، بل لا يزال يجري ويلتهم الساعات والثواني، سواء كنت قائماً أو نائماً، عاملاً أو عاطلاً، وتذكّرْ أن كل لحظة تمضي، وثانية تنقضي فإنما هي جزء من عمرك، وأنها مرصودة في سجلك ودفترك، ومكتوب في صحيفة حسناتك أو سيئاتك، فاتّق الله في نفسك، واحرص على شغل أوقاتك فيما يقربك إلى ربك، ويكون سبباً لسعادتك وحسن عاقبتك، في دنياك وآخرتك.
وإذا كان قد ذهب من هذا الشهر أكثره، فقد بقي فيه أجلّه وأخيره، لقد بقي فيه العشر الأواخر التي هي زبدته وثمرته، وموضع الذؤابة منه.
ولقد كان صلى الله عليه وسلم يعظّم هذه العشر، ويجتهد فيها اجتهاداً حتى لا يكاد يقدر عليه، يفعل ذلك – صلى الله عليه وسلم- وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخّر، فما أحرانا نحن المذنبين المفرّطين أن نقتدي به – صلى الله عليه وسلم- فنعرف لهذه الأيام فضلها، ونجتهد فيها، لعل الله أن يدركنا برحمته، ويسعفنا بنفحة من نفحاته، تكون سبباً لسعادتنا في عاجل أمرنا وآجله.
روى الإمام مسلم عن عائشة – رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- يجتهد في العشر الأواخر، ما لا يجتهد في غيره".
وفي الصحيحين عنها قالت: "كان النبي – صلى الله عليه وسلم- يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمَّر وشدّ المئزر".
فقد دلت هذه الأحاديث على فضيلة العشر الأواخر من رمضان، وشدة حرص النبي – صلى الله عليه وسلم- على اغتنامها والاجتهاد فيها بأنواع القربات والطاعات، فينبغي لك أيها المسلم أن تفرغ نفسك في هذه الأيام، وتخفّف من الاشتغال بالدنيا، وتجتهد فيها بأنواع العبادة من صلاة وقراءة، وذكر وصدقة، وصلة للرحم وإحسان إلى الناس. فإنها –والله- أيام معدودة، ما أسرع أن تنقضي، وتُطوى صحائفها، ويُختم على عملك فيها، وأنت –والله- لا تدري هل تدرك هذه العشر مرة أخرى، أم يحول بينك وبينها الموت، بل لا تدري هل تكمل هذه العشر، وتُوفّق لإتمام هذا الشهر، فالله الله بالاجتهاد فيها والحرص على اغتنام أيامها وليالها، وينبغي لك أيها المسلم أن تحرص على إيقاظ أهلك، وحثهم على اغتنام هذه الليالي المباركة، ومشاركة المسلمين في تعظيمها والاجتهاد فيها بأنواع الطاعة والعبادة.
ولنا في رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أسوة حسنة فقد كان إذا دخل العشر شدَّ مئزره، وأحيا ليله وأيقظ أهله.
وإيقاظه لأهله ليس خاصاً في هذه العشر، بل كان يوقظهم في سائر السنة، ولكن إيقاظهم لهم في هذه العشر كان أكثر وأوكد. قال سفيان الثوري: أحب إليّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك.
وإن لمن الحرمان العظيم، والخسارة الفادحة، أن نجد كثيراً من المسلمين، تمر بهم هذه الليالي المباركة، وهم عنها في غفلة معرضون، فيمضون هذه الأوقات الثمينة فيما لا ينفعهم، فيسهرون الليل كله أو معظمه في لهو ولعب، وفيما لا فائدة فيه، أو فيه فائدة محدودة يمكن تحصيلها في وقت آخر، ليست له هذه الفضيلة والمزية.
وتجد بعضهم إذا جاء وقت القيام، انطرح على فراشه، وغطّ في نوم عميق، وفوّت على نفسه خيراً كثيراً ، لعله لا يدركه في عام آخر.

ومن خصائص هذه العشر: ما ذكرته عائشة من أن النبي – صلى الله عليه وسلم- كان يحيي ليله، ويشدّ مئزره، أي يعتزل نساءه ليتفرغ للصلاة والعبادة. وكان النبي – صلى الله عليه وسلم- يحيي هذه العشر اغتناماً لفضلها وطلباً لليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.
وقد جاء في صحيح مسلم عن عائشة – رضي الله عنها- قالت: ما أعلم – صلى الله عليه وسلم- قام ليلة حتى الصباح" ولا تنافي بين هذين الحديثين، لأن إحياء الليل الثابت في العشر يكون بالصلاة والقراءة والذكر والسحور ونحو ذلك من أنواع العبادة، والذي نفته، هو إحياء الليل بالقيام فقط.
ومن خصائص هذه العشر أن فيها ليلة القدر، التي قال الله عنها: (ليلة القدر خير من ألف شهر، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر). وقال فيها: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين، فيها يفرق كل أمر حكيم) أي يفصل من اللوح المحفوظ إلى الملائكة الكاتبين كل ما هو كائن في تلك السنة من الأرزاق والآجال والخير والشر، وغير ذلك من أوامر الله المحكمة العادلة.
يقول النبي – صلى الله عليه وسلم- "وفيه ليلة خير من ألف شهر من حُرمها فقد حُرم الخير كله، ولا يُحرم خيرها إلا محروم" حديث صحيح رواه النسائي وابن ماجه.
قال الإمام النحعي: "العمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها".
وقد حسب بعض العلماء "ألف شهر" فوجدوها ثلاثاً وثمانين سنة وأربعة أشهر، فمن وُفّق لقيام هذه الليلة وأحياها بأنواع العبادة، فكأنه يظل يفعل ذلك أكثر من ثمانين سنة، فياله من عطاء جزيل، وأجر وافر جليل، من حُرمه فقد حُرم الخير كله.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدّم من ذنبه" وهذه الليلة في العشر الأواخر من رمضان لقول النبي – صلى الله عليه وسلم- "تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان" متفق عليه.
وهي في الأوتار منها أحرى وأرجى، وفي الصحيحين أن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: التمسوها في العشر الأواخر في الوتر" أي في ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين. وقد ذهب كثير من العلماء إلى أنها لا تثبت في ليلة واحدة، بل تنتقل في هذه الليالي، فتكون مرة في ليلة سبع وعشرين ومرة في إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو تسع وعشرين.
وقد أخفى الله سبحانه علمها على العباد رحمة بهم، ليجتهدوا في جميع ليالي العشر، وتكثر أعمالهم الصالحة فتزداد حسناتهم، وترتفع عند الله درجاتهم (ولكل درجات مما عملوا وما ربك بغافل عما يعملون)، وأخفاها سبحانه حتى يتبين الجادّ في طلب الخير الحريص على إدراك هذا الفضل، من الكسلان المتهاون، فإن من حرص على شيء جدَّ في طلبه، وسهل عليه التعب في سبيل بلوغه والظفر به، فأروا الله من أنفسكم خيراً واجتهدوا في هذه الليالي المباركات، وتعرّضوا فيها للرحمات والنفحات، فإن المحروم من حُرم خير رمضان، وإن الشقي من فاته فيه المغفرة والرضوان، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم- "رغم أنف من أدرك رمضان ثم خرج ولم يُغفر له" رواه ابن حبان والحاكم وصححه الألباني.
إن الجنة حُفّت بالمكاره، وأنها غالية نفيسة، لا تُنال بالنوم والكسل، والإخلاد إلى الأرض، واتباع هوى النفس. يقول النبي – صلى الله عليه وسلم- "من خاف أدلج - يعني من أول الليل- ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة". وقد مثل النبي – صلى الله عليه وسلم- المسافر إلى الدار الآخرة -وكلنا كذلك – بمن يسافر إلى بلد آخر لقضاء حاجة أو تحقيق مصلحة، فإن كان جاداً في سفره، تاركاً للنوم والكسل، متحملاً لمشاق السفر، فإنه يصل إلى غايته، ويحمد عاقبة سفره وتعبه، وعند الصباح يحمد القوم السرى.
وأما من كان نوّاماً كسلان متبعاً لأهواء النفس وشهواتها، فإنه تنقطع به السبل، ويفوته الركب، ويسبقه الجادّون المشمّرون، والراحة لا تُنال بالراحة، ومعالي الأمور لا تُنال إلا على جسر من التعب والمشقات (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران:200]. ومن خصائص هذه العشر المباركة استحباب الاعتكاف فيها، والاعتكاف هو: لزوم المسجد للتفرغ لطاعة الله عز وجل – وهو من السنة الثابتة بكتاب الله وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم- قال الله تعالى: (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) وكان النبي – صلى الله عليه وسلم- يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل، واعتكف أزواجه وأصحابه معه وبعده.
وفي صحيح البخاري عن عائشة – رضي الله عنها- قالت: كان النبي – صلى الله عليه وسلم- يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين يوماً.
والمقصود بالاعتكاف: انقطاع الإنسان عن الناس ليتفرغ لطاعة الله، ويجتهد في تحصيل الثواب والأجر وإدراك ليلة القدر، ولذلك ينبغي للمعتكف أن يشتغل بالذكر والعبادة، ويتجنب ما لا يعنيه من حديث الدنيا، ولا بأس أن يتحدث قليلا بحديث مباح مع أهله أو غيرهم.
ويحرم على المعتكف الجماع ومقدماته لقوله تعالى: (...ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد...)

وأما خروجه من المسجد فهو على ثلاثة أقسام:
1- الخروج لأمر لا بد منه طبعاً أو شرعاً لقضاء حاجة البول والغائط والوضوء الواجب والغسل من الجنابة، وكذا الأكل والشرب فهذا جائز إذا لم يمكن فعله في المسجد. فإن أمكن فعله في المسجد فلا. مثل أن يكون في المسجد دورات مياه يمكن أن يقضي حاجته فيها، أو يكون له من يأتيه بالأكل والشرب، فلا يخرج حينئذ لعدم الحاجة إليه.


2- الخروج لأمر طاعة لا تجب عليه كعيادة مريض، وشهود جنازة ونحو ذلك، فلا يفعله إلا أن يشترط ذلك في ابتداء اعتكافه مثل أن يكون عنده مريض يحب أن يعوده أو يخشى من موته، فيشترط في ابتداء اعتكافه خروجه لذلك فلا بأس به.


3- الخروج لأمر ينافي الاعتكاف كالخروج للبيع والشراء ونحو ذلك، فلا يفعله لا بشرط ولا بغير شرط؛ لأنه يناقض الاعتكاف وينافي المقصود منه، فإن فعل انقطع اعتكافه ولا حرج عليه.

أسـألـكـم الـدعـاء
 

MAHMOD

Well-Known Member
إنضم
30 يناير 2014
المشاركات
7,360
مستوى التفاعل
931
النقاط
113
العمر
28
الإقامة
IRAQ
رد: ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*' (رمضــان شهر الصيــآمـ ) ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*'

1c1c.net-a-3727e06400a.gif



ليلة القدر فضائل وأحكام

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
ففي حياة الأمم والشعوب، أحداثٌ خالدة، وأيام مجيدة، تحمل في طياتها ما يغرم القلوب، ويبهم النفوس، ولقد شرفت هذه الأمة بأعظم الأحداث، وأكمل الأيام، وأتم الليالي.
ومما أنعم به الخالق على هذه الأمة، ليلة وصفها الله عز وجل بأنها مباركة، لكثرة خيرها وبركتها وفضلها. إنها ليلة القدر، عظيمة القدر، ولها أعظم الشرف وأوفى الأجر.
أُنزل القرآن في تلك الليلة، قال الله جل وعلا: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) (القدر:1، 2)، وقال جل وعلا: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ) (الدخان:3)، وهذه الليلة، هي في شهر رمضان المبارك ليست في غيره، قال الله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) (البقرة: من الآية185).
وقد سميت الليلة بهذا الاسم، لأن الله تعالى يقدّر فيها الأرزاق والآجال، وحوادث العالم كلها، فيكتب فيها الأحياء والأموات، والناجون والهالكون، والسعداء والأشقياء، والحاج والداج، والعزيز والذليل، والجدب والقمط، وكل ما أراده الله تعالى في تلك السنة، ثم يدفع ذلك إلى الملائكة لتتمثله، كما قال تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان:4) وهو التقدير السنوي، والتقدير الخاص، أما التقدير العام فهو متقدم على خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة كما صحت بذلك الأحاديث.
هذا وقد نوّه الله بشأنها، وأظهر عظمتها، فقال جل وعلا: (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ) (القدر:2، 3)، فمن تُقبِّل منها فيها، صارت عبادته تلك تفضل عبادة ألف شهر، وذلك ثلاثة وثمانون عاماً وأربعة أشهر، فهذا ثواب كبير، وأجر عظيم، على عمل يسير قليل.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفِر له ما تقدم من ذنبه" خرّجه البخاري ومسلم، يحييها الإنسان تصديقاً بوعد الله بالثواب عليه، وطلباً للأجر، لا لشيء آخر، والعبرة بالاجتهاد والإخلاص، سواء علم بها أم لم يعلم.

فلتحرص أيها الأخ الكريم على الصلاة والدعاء في تلك الليلة، فإنها ليلة لا تشبه ليالي الدهر، فخذ أيها الإنسان بنصيبك من خيرها الحَسَن، واهجر لذة النوم وطيب الوَسَن، وجافِ جنبيك عن مضجعك الحَسَن.
وأما وقتها وتحديدها في رمضان، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها ليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، وآخر ليلة في رمضان. قال الشافعي رحمه الله: "كأن هذا عندي والله أعلم، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجيب على نحو ما يُسألأ عنه، يُقال له: أنلتمسها في ليلة كذا؟ فيقول: التمسوها في ليلة كذا" ا.هـ.

وقد اختلف العلماء في تحديد ليلة القدر، وذلك على أكثر من أربعين قولاً، ذكرها الحافظ ابن حجر في فتح الباري، وهذه الأقوال بعضها مرجوح، وبعضها شاذ، وبعضها باطل.

والصحيح في هذا أنها أوتار العشر الأواخر في رمضان، ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين وخمس وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاوز في العشر الأواخر من رمضان، ويقول: التمسوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان" خرّجه البخاري ومسلم.
ومتى ضَعُفَ الإنسان أو عجز أو تكاسل، فليتحرها في أوتار السبع البواقي، ليلة خمس وعشرين وسبع وعشرين، وتسع وعشرين، كما في حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التمسوها في العشر الأواخر، فإن ضَعُف أحدكم أو عجز، فلا يُغلبَّن على السبع البواقي" خرّجه البخاري ومسلم. وبهذا التفصيل تأتلف الأحاديث ولا تختلف، وتتفق ولا تفترق، والأقرب إلى الدليل، أن ليلة القدر تنتقل، وليست ثابتة في ليلة محدّدة من كل عام، بل مرةً تكون ليلة إحدى وعشرين، ومرة تكون ثلاث وعشرين، ومرة تكون خمس وعشرين، ومرة تكون سبع وعشرين، ومرة تكون تسع وعشرين، فهي بهذا مجهولة لا معلومة، وقد أخفى الشارع الحكيم وقتها، لئلا يتكل العباد على هذه الليلة، ويَدَعوا العمل والعبادة في سائر ليالي شهر رمضان، وبذلك يحصل الاجتهاد في ليالي الشهر، حتى يدركها الإنسان.

والصواب أنه لا يشترط لحصولها رؤية شيء ولا سماعه، فليس من اللازم أنّ من وُفّق لها لا يحصل له الأجر حتى يرى كل شيء ساجداً، أو يرى نوراً، أو يسمع سلاماً، أو هاتفاً من الملائكة، وليس بصحيح أن ليلة القدر لا ينالها إلا من رأى الخوارق بل فضل الله واسع.
وليس بصحيح أيضاً أنّ من لم ير علامة ليلة القدر، فإنه لا يدركها، ولا موفّق لها، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يحصر العلامة، ولم ينف الكرامة.
قل ابن تيمية: "وقد يكشفها الله لبعض الناس في المنام أو اليقظة، فيرى أنوارها، أو يرى من يقول له هذه ليلة القدر، وقد يفتح على قلبه من المشاهدة ما يتبين به الأمر"ا.هـ.
وقال النووي: "فإنها تُرى وقد حققها من شاء الله تعالى من بني آدم كل سنة في رمضان، كما تظاهرت عليه هذه الأحاديث، وأخبار الصالحين بها، ورؤيتهم لها أكثر من أن تحصر، وأما قول القاضي عياض عن المهلب بن أبي صفرة: "لا يمكن رؤيتها حقيقة، فغلط فاحش،، نبّهتُ عليه، لئلا يُغتر به"ا.هـ.
ونقل الحافظ ابن حجر، أن من رأى ليلة القدر، استُحبّ له كتمان ذلك، وألا يخبر بذلك أحداً، والحكمة في ذلك أنها كرامة، والكرامة ينبغي كتمانها بلا خلاف.

وليلة القدر ليست خاصة بهذه الأمة، بل هي عامة لهذه الأمة، وللأمم السابقة كلها، وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله، هل تكون ليلة القدر مع الأنبياء، فإذا ماتوا رُفِعت، قال عليه الصلاة والسلام: "بل هي إلى يوم القيامة" خرّجه أحمد وغيره وهو صحيح.
ومن العلامات التي تُعرف بها ليلة القدر، ما جاء في حديث أبي بن كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها" خرجه مسلم.
والمقصود أنه لكثرة اختلاف الملائكة في ليلتها ونزولها إلى الأرض وصعودها بما تنزل به، سترت بأجنحتها وأجسامها اللطيفة ضوء الشمس وشعاعها"ا.هـ.

وأما غير ذلك من العلامات، فلا يثبت فيها حديث، ككونها ليلة ساكنة، لا حارة ولا باردة، ولا يُرى فيها بنجم، ولا يحل للشيطان أن يخرج مع الشمس يومئذ.

وهناك علامات لا أصل لها، وليست بصحيحة، كالأشجار تسجد على الأرض ثم تعود إلى مكانها، وأن المياه المالحة تصبح في ليلة القدر حلوة، وأن الكلاب لا تنبح فيها، وأن الأنوار تكون في كل مكان.
إن ليلة القدر ليست للمصلين فقط، بل هي للنفساء والحائض، والمسافر والمقيم، وقد قال الضحاك: "لهم في ليلة القدر نصيب، كلُ من تقبل الله عمله، سيعطيه نصيبه من ليلة القدر".
وينبغي للإنسان أن يشغل عامة وقته بالدعاء والصلاة، قال الشافعي: استحب أن يكون اجتهاده في نهارها، كاجتهاده في ليلها. وقال سفيان الثوري: "الدعاء في الليلة أحب إلي من الصلاة"، فالدعاء في ليلة القدر، كان مشهوراً ومعروفاً عند الصحابة، فلتحرص أيها الأخ الكريم، والأخت الكريمة على تخيّر جوامع الدعاء الواردة في الكتاب العزيز، والتي كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم، أو أرشد إليها، ولنعلم جميعاً أنه ليس لليلة القدر دعاء مخصوص لا يُدعى إلا به، بل يدعو المسلم بما يناسب حاله، ومن أحسن ما يدعو به الإنسان في هذه الليلة المباركة، ما أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة عن عائشة رضي الله عنها قالت: "لو علمتُ أي ليلةٍ ليلة القدر، لكان أكثر دعائي فيها أن أسأل الله العفو والعافية" الخبر. وهكذا يحرص كل مسلم أن يدعو بالأدعية الجامعة من دعوات النبي صلى الله عليه وسلم، الواردة عنه في مقامات كثيرة، وأحوال خاصة وعامة.
قال النووي: ويُستحب أن يُكثر فيها من الدعوات بمهمات المسلمين، فهذا شعار الصالحين، وعباد الله العارفين"ا.هـ. وهكذا أيها المسلمون، فلكم إخوان وأخوات مستضعفون في مشارق الأرض ومغاربها، ولكم إخوان وأخوات نذروا أنفسهم لإعلاء كلمة الله في الأرض، فلا تبخلوا عليهم بدعوة صادقة.



اللهم يا من خلق الإنسان وبَنَاه، واللسانَ وأجراه، يا من لا يخيب من دعاه، هب لكلٍّ منا ما رجاه، وبلّغه من الدارين مُناه، اللهم اغفر لنا جميع الزلات، واستر علينا كل الخطيئات، وسامحنا يوم السؤال والمناقشات، وانفعنا وجميع المسلمين بما أنزلته من الكتاب يا أرحم الراحمين.
وصلى الله وسلم على محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين
 

MAHMOD

Well-Known Member
إنضم
30 يناير 2014
المشاركات
7,360
مستوى التفاعل
931
النقاط
113
العمر
28
الإقامة
IRAQ
رد: ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*' (رمضــان شهر الصيــآمـ ) ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*'

1c1c.net-a-3727e06400a.gif



الفوائد النفسية في الصيام

كلما تعمقنا في مضامين العبادات أو تفكرنا في روح العبادة تبين لنا فوائد كثيرة ، وذلك في أي مجال كانت وفي أي عبادة من العبادات .
الصلاة والصيام والزكاة والحج فرضها الله على الإنسان لصلاحهم في الدنيا ونجاتهم في الآخرة .

@ وفوائد الصيام النفسية كثيرة يعرفها كل مؤمن حسب حاله وروحانيته :ـ


1) تهذيب للنفس وصقل لها
2) تدريب إيجابي ومتوازن ومقنع للفرد والمؤمن
3) القدرة على ضبط الشهوات
4) تقوية الإرادة والعزيمة
5) التحكم في السلوك
6) الشعور بالمسؤولية ومعرفة قيمة الآخرين
7) تقوية الحس الداخلي وتنمية الضمير
8) ممارسة الصبر كخصلة حميدة ومثمرة
9) مجاهدة النفس في كافة الاتجاهات
10) تنمية الدوافع الإيمانية والأخوية من الرحمة وحب الفقراء
11) الاطمئنان والراحة النفسية الكاملة
12) القدرة على مواجهة الحالات النفسية المؤلمة .


أسألكم الدعاء
 

MAHMOD

Well-Known Member
إنضم
30 يناير 2014
المشاركات
7,360
مستوى التفاعل
931
النقاط
113
العمر
28
الإقامة
IRAQ
رد: ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*' (رمضــان شهر الصيــآمـ ) ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*'


1c1c.net-a-3727e06400a.gif


اغتنم فرصتك في رمضان

سمعت بعض الإخوة الدعاة الفضلاء عن قصَّة شاب لم يبلغ السابعة عشرة من عمره، وكان يجري همُّ الدعوة في قلبه في كل وقت، وحين يقدم شهر رمضان كان يتهيَّأ له بالصالحات والبر والطاعات، ومن ذلك أنَّه كان يقف في نهار رمضان قبل أن يفطر الناس بربع ساعة على جانب الطريق، ثمَّ يذهب إلى مكان اصطفاف الناس وازدحامهم بسياراتهم عند الإشارات المروريَّة المتوقفة بضع دقائق، ويقوم بتوزيع الإفطار لأولئك الصائمين في سياراتهم مما تيسر من الرطب والكعك، ويرفق ذلك بمطويات دعويَّة ونشرات توجيهيَّة تحث على نشر الدين والفضيلة ومكارم الأخلاق، بابتسامة مشرقة، ووجه مضيء بالإيمان ـ نحسبه كذلك ـ وقد بقي على ذلك عدَّة سنوات يقوم بهذا العمل الفضيل. وأثناء قيامه بهذا العمل كعادته في أحد الأيَّام، جاءت سيَّارة مسرعة عند تلك الإشارة، وقد كان واقفاً قربها فاصطدمت به فأرْدَتْه قتيلاً مضرَّجاً بدمائه، وهو صائم لله عزَّ وجل، يقوم بتفطير الصوام، وإدخال السرور عليهم وعلى أولادهم، ويدعوهم إلى الله تعالى فهنيئاً له عمله ذلك، وتقبَّله الله تعالى في جنانه.
لقد أثَّرت هذه القصَّة في نفسي كثيراً، وتذكَّرت حين سمعتها ذلك الحديث الذي رواه الصحابي الجليل أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ مرفوعاً إلى رسول الله ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ :(إذا أراد الله بعبد خيراً استعمله ، فقيل : كيف يستعمله يا رسول الله؟ قال: يوفقه لعمل صالح قبل الموت) أخرجه الترمذي برقم:(2142) قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.
ولو قارنَّا بين ذلك الشاب الداعية ـ رحمة الله عليه ـ وبين كثير من المسلمين في شتَّى البقاع الذين يمر عليهم رمضان تلو رمضان ، دون أن يغتنموا فيه تلك الفرص الجليلة التي قلَّما أن تجتمع بشهر كما اجتمعت في هذا الشهر!
ونحن لو أردنا أن نحرِّك أفكارنا، و نستخدم أذهاننا لالتقاط تلك الفرص والمغانم والمكاسب والثروات التي نستطيع أن نجنيها أو أن نبذرها في هذا الشهر ـ لطال بنا المقام، ولأدركنا قيمة هذا الشهر العظيم وما فيه من خيرات وبركات تنهال علينا ونحن عنها غافلون.
ففي هذا الشهر نستطيع أن نفعِّل الكثير من المشاريع الدعوية والأفكار الإصلاحيَّة، ونبذر الأعمال الصالحة، وننتهج سبل أهل الخير والسبق في استغلال الأوقات الفضيلة بما يفيد أمَّتنا ومجتمعنا.
 

MAHMOD

Well-Known Member
إنضم
30 يناير 2014
المشاركات
7,360
مستوى التفاعل
931
النقاط
113
العمر
28
الإقامة
IRAQ
رد: ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*' (رمضــان شهر الصيــآمـ ) ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*'

لماذا رمضان فرصة؟

لو تفكَّر كل واحد منَّا في طبيعة حياته ومسيرة أوقاته، فسيدرك أنَّنا نعيش كل ثانية وكل دقيقة بفرصٍ وأنفاسٍ لن تعود، وأنَّ هذه الأيام التي نقطعها ونفرح بها لبلوغ غاية أو لنيل مقصدٍ محبَّبٍ للنفس ، ستؤول في النهاية إلى النقصان من العمر، سواء شعرنا أم لم نشعر، وحينها لا مناص ولا فرار من الله إلاَّ إليه، لاغتنام هذه الأوقات بالنافع المفيد، وترك اللهو واللعب والأوقات الفارغة التي لا تسمن ولا تغني من جوع، بل قد تجلب الحسرة والمرارة التي تعتصر قلب المرء، يوم أن يقول لربه : (رب ارجعون * لعلي أعمل صالحاً فيما تركت).
إنَّ من أعظم الفرص بل هي الجامعة لكل الفرص التي نجتنيها ونكتسبها في شهر رمضان؛ فرصة العبوديَّة لله والقيام بحقِّه ، والتوجه إليه والانطراح بين يديه، فهي الحقيقة الكبرى في الكون والحياة، وجميع الفرص الأخرى متفرِّعة عن هذا الأصل العظيم الذي تندرج وتصب فيه كل أعمالنا وعباداتنا ومعاملاتنا.
اغتنم فرصك واكتسبها
يختلف الذين يستقبلون شهر رمضان، ولهم في ذلك طرق مختلفة ومتنوعة؛ فمنهم من يستقبله باللهو واللعب، ومنهم من يستقبله بالأكل والشرب ، ومنهم من يستقبله بالنوم ومنهم من يستقبله ببرمجة وقته لمشاهدة البرامج والمسلسلات عبر شاشة الرائي(التلفاز)، إلى غير ذلك من أنواع الاستقبال.
وذلك هو استقبال المفرِّطين الذين لم يدركوا حقيقة فضائل هذا الشهر، ومنافع أيامه، وفوائد لياليه، وعظمة شعيرته.
غير أنَّ المؤمن السبَّاق لعمل الصالحات؛ فإنَّه يستقبله بالمسارعة إلى عمل الخيرات، وتجنُّب المنكرات، متمثِّلاً قول الله تبارك وتعالى:(وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين).
والمسابق لعمل الخيرات واقتناص الفرص، شيمته التطلُّع والترقب لكل فرص الخير وغنائم البر ومعارج القبول ليتقرب بها إلى ربِّ العالمين، ابتغاءَ مرضاة الله تعالى، وخوفاً من أليم عقابه.
والمسابق لعمل الخيرات يعلم يقيناً أنَّ الله ـ تعالى ـ حثَّ عباده على المسارعة والمسابقة لعمل الخيرات، كما قال عز وجل:(فاستبقوا الخيرات) وقال عزَّ وجل:(إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله)، ولكن في أمور الدنيا يعلم أنَّ مسارعته فيها والمسابقة لطلبها تخالف المنهج القرآني الذي قال:(فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) وقال:(ولا تنس نصيبك من الدنيا) فهو يلحظ أنَّ الأمر أتى بالمسارعة في عمل الخير وتطلب البر لنيل ثواب الآخرة، وأمَّا الدنيا فلا مسارعة في ابتغائها ولا مسابقة في تطلب متعها الزائلة، ولهذا نجده سبحانه وتعالى حث على المسارعة في الآخرة، والسعي لذكر الله تعالى، وأمَّا في الدنيا فقال:(فامشوا في مناكبها)، وفرق كبير بين المسارعة والمسابقة وبين المشي، ولهذا جعل سبحانه وتعالى أصل عمل العبد في نيل ثواب الآخرة والسعي لتطلُّب الأجر من الله، ولكن في أمور الدنيا قال تعالى:(ولا تنس نصيبك من الدنيا) .
وحين نرجع البصر متأمِّلين في هذه الآيات نجد أنَّ طلب الدنيا استخدم معه المشي، لأنَّ طلب الإنسان للدنيا غريزة في النفس؛ والغرائز لا تحتاج لتكليف أو تشويف، بينما السعي للآخرة تكليف فاقتضى طلب المسارعة، فالإنسان لا يحتاج لدفع كي يحرص على طلب الدنيا بخلاف العمل الصالح.
فما أجدرنا بالقيام بحق الله تعالى لاغتنام هذه الفرص الرمضانية، والمنح الربانيَّة، والعطايا السخيَّة التي اجتمعت لنا لكي نقوم بها في هذا الشهر العظيم.

 

MAHMOD

Well-Known Member
إنضم
30 يناير 2014
المشاركات
7,360
مستوى التفاعل
931
النقاط
113
العمر
28
الإقامة
IRAQ
رد: ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*' (رمضــان شهر الصيــآمـ ) ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*'

مقترحات عمليَّة لاغتنام الفرص الرمضانيَّة

وبما أنَّ الفرص كثيرة والمغانم في هذا الشهر غزيرة، فحريٌّ بالعبد المؤمن أن يسعى لاكتسابها ويحاول تطبيقها؛ ليخرج من العيش في ظلاله بنتيجة ترضيه حين يراها في صحائف أعماله، (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون)، وإنَّ من هذه الفرص الجليلة:

(العطاء) : فهذا الشهر يعطينا فرصاً كثيرة للعطاء وتقديم الخير للناس، وإكرامهم وإسبال الجود عليهم، من قبيل: تفطير الصوَّام، والتصدق بالمال، وتعليم الناس العلم، والسعي في خدمة المحتاجين والمكروبين، وهو فرصة لكي يحرص روَّاد وقوَّاد العمل الخيري في شهر رمضان على مزيد من العطاء، وبذل الإيجابيَّة الفعَّالة في أوساط الناس.
(العمل) : فشهر رمضان يعطيك دفعة حركيَّة ، ووقوداً حيوياً، وطاقة مستمرة في العمل، فأنت في هذا الشهر تصلي لله تعالى القيام وصلاة التراويح، وأنت في هذا الشهر تتصدق، وكان صحابة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يجاهدون فيه لإعلاء كلمة الله، فهو كذلك فرصة للمجاهدين في جميع بلاد المسلمين المحتلَّة ليستثمروا طاقاتهم للمقاومة والجهاد للكفار، ونصرة الإسلام والمسلمين.
(الإنجاز) : فمن صام شهر رمضان كاملاً فقد أنجز إقامة هذا المشروع الكبير على أتم ما يرام، وهو بهذا يعطيك دفعة روحيَّة لإنجاز أعمالك والتمرن عليها، وترك التسويف والتسويغ غير اللائق، الذي لن يجني المرء منه سوى الهم والغم.
(التنظيم) : من يتأمَّل هذا الشهر الكريم يجد دقَّة التنظيم، فلا يدخل وقت في وقت، فللصيام وقت وللإمساك وقت، وللإفطار وقت، وهو بهذا يكسبك دفعة إلى الأمام لكي تُحسِن استغلال وقتك بالنافع المفيد، وتحاول تنظيم وقتك وساعاتك لكي تقوم بالعمل وتنجزه على قدم وساق.
(الدعوة) فالناس يكونون في هذا الشهر راغبين في كل خير، كما أنَّه في هذا الشهر تصفَّد الشياطين، وتكون فيه القلوب إلى الخير أقرب، فهي فرصتك لكي تدعو أقاربك وأرحامك وجيرانك، فهذا الشهر فرصة دعويَّة يستغل الداعية فيه جميع إمكاناته لنشر دعوة الإسلام لدعوة من يستطيع دعوته من الأمَّة المسلمة.
(التكافل الاجتماعي) : هذا الشهر الكريم فرصة ذهبيَّة لبر لوالدين، وصلة الأرحام ، والإحسان إلى الإخوان، وحمل هموم الأمَّة المسلمة بالقيام بأداء حقوقها ؛ فيتفقَّد المحتاجين والمعوزين والفقراء والمساكين، ويقوم بخدمتهم وأداء حقوقهم، ويتعاون مع الجمعيات الخيريَّة ويدلها على الفقراء والمساكين والذين لا يسألون الناس إلحافاً، وكذلك يقوم بإخراج الزكاة إنَّ حان موعدها في هذا الشهر الكريم، ويصرفها في أهلها الذين يستحقونها، ويشعر بشعور الضعفاء والفقراء، ويحاول قدر الإمكان أن يقدم لهم خدماته ، والله عزَّ وجل سيجزيه خير الجزاء.
(تقوية الإرادة) : فهي فرصة عظيمة لمبتغي الخير في هذا الشهر الفضيل، يستطيع من خلالها أن يستثمر روح الإرادة التي جعلته يصوم نهار رمضان كاملاً ، ومن كان كذلك فهو يستطيع أن يقلع عن التدخين، وعن شرب المخدرات والمسكرات المحرمة، في هذا الشهر وغيره من الشهور، ويسيطر على شهواته ونزواته وأهوائه ورغباته التي تحول بينه وبين إرادته وعزيمته، وصدق الشيخ مصطفى السباعي إذ قال:(الصيام رجولة مستعلنة، وإرادة مستعلية) أحكام الصيام وفلسفته:ص89.
(تنظيم الغذاء وتخفيف الوزن) : فرمضان فرصة وقائيَّة وعلاجيَّة لمن يودُّون الاعتناء بترتيب غذائهم وتنظيمه ، ومحاولة التخفيف من الأكل والشرب الذي هو في أصله مصلحة للجسم ، ولكن إذا زاد عن حده انقلب سوءاً ومفسدة على النفس وإضراراً بها، فيفسد من خلاله الروح والبدن.
(كسب التائبين) : من المعلوم أنَّ الشياطين في شهر رمضان تصفَّد، فيا حبَّذا استغلال إقبال القلوب على الخير والعبادة، فهناك كثير من التائبين يعلنون توبتهم، ويقلعون عن ذنوبهم ومعاصيهم، فهو فرصة للمربين لكي يبذلوا طاقاتهم في تربية هذه النفوس المقبلة على العبادة، وإفادتها ببرنامح تربوي لتقوية الإيمان وأواصر الخير في القلوب الكسيرة التائبة.
(مجازاة النفس) : في هذا الشهر فرصة كبيرة لمجازاة النفس إن خيراً فخير، وإن شراً فعقوبة لها تردعها عن مطالبها الأمَّارة بالسوء، ولهذا كان العيد مكافأة لمن أحسن في هذا الشهر العظيم، وأمَّا من يسيء فيه فإنَّه ليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه، ومن خلاله نستطيع أن نلزم أنفسنا الخير. وأمَّا إن تمرَّدت، فإنَّنا نمنعها ونحرمها من مبتغياتها لكي تكون لنا عوناً على الطاعة .
(التحفيز) فهذا الشهر يحفِّز النفوس المؤمنة ويفجِّر الطاقات الكامنة في النفوس للعمل لما يرضي الله ـ تبارك وتعالى ـ ففيه تحفيز لمجاهدة النفس، كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم في الحديث القدسي :(يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي) متفق عليه، كما أنَّ في كل ليلة فيه عتقاء، وذلك بسبب صيامهم وتقواهم لله ـ عزَّ وجل ـ فهذا التحفيز الكبير للقلوب سبب رئيس في الاستمرار بالصيام والقيام، فإنَّ:(من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه، فأي أجر وأي تحفيز أعظم من هذا؟!
(التعلق بالمساجد) : نستطيع في هذا الشهر العظيم تعويد أنفسنا لأن تتعلق بالمساجد ، لكي نكون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظلّه، ومن ذلك: انتظار الصلاة بعد الصلاة؛ فيصلي أحدنا المغرب ويبقى جالساً لانتظار صلاة العشاء وينال فضيلة الرباط في طاعة الله، ومن ذلك:قراءة القرآن والذكر والقيام فيه، والاعتكاف في المساجد في العشر الأواخر؛ للخلوة برب العالمين، وسؤاله الهداية، ومناجاته في هذه الأوقات لعلَّه يفتح على من دعاه فتوح العارفين، ويقيه من نار الجحيم، ويدخله جنة النعيم.
(استغفار الأسحار) : فرمضان فرصة للاستغفار في وقت فضيل يكون أكثر المسلمين عنه غافلين ، وهو وقت السحر ، وخصوصاً أنَّ هذا الوقت هو وقت سحوره وطعامه قبل أن يبدأ الصيام مع طلوع الفجر، فهذه الفرصة غنيمة باردة، ينبغي للعبد المؤمن أن يقتنصها للاستغفار في هذا الوقت الفضيل الذي يتنزَّل فيه رب العالمين، ليغتنم العبد فرصته، ويكتسب غنائم الأجر في هذا الوقت ، ولقد ذكر الله من صفات المؤمنين في محكم التنزيل حيث قال:(والمستغفرين بالأسحار) وقال:(وبالأسحار هم يستغفرون).
(توبة في رمضان) : في هذا الشهر تتنزل رحمات الله، ويعتق سبحانه كثيراً من عباده من النار ـ أعاذنا الله منها ـ فهو فرصة للعصاة والمذنبين والمقصرين في حقوق الله ـ وكلنا ذاك الرجل ـ للبداية بصفحة جديدة مع الله، وتوبة صادقة إليه، وإقلاع عن الذنوب والمعاصي والآثام.
(مراجعة القرآن) شهر رمضان فرصة لمن تفلَّت عليه حفظ القرآن، ليقوم بمراجعته آناء الليل وأطراف النهار، وليقوم به الليل، ويقرأه متدبراً لما فيه من أحكام ومعانٍ، وقد كان حال سلفنا الصالح عجباً في تأمل القرآن وختمه في هذا الشهر العظيم.
(عمرة فيه تعدل حجة) : من محاسن هذا الشهر أنَّ فيه فرصة عظيمة للمعتمرين ففي الصحيحين عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنَّه قال:(عمرة في رمضان تعدل حجة)، فيا فوز وسعادة من فاز بأجر حجَّة في شهر رمضان إذا أدَّى العمرة خالصاً لوجه الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(كسب المسلمين الجدد) : في شهر رمضان فرصة سانحة لدعوة غير المسلمين وتأليف قلوبهم، وإشعارهم بعظمة هذا الدين، وصحَّة شريعته وبطلان الشرائع الأخرى، وقد شهد الكثير من الدعاة أنَّ أكثر وقت يُسلِم فيه غير المسلمين هو شهر رمضان، لما يرونه من تميّز في هذه الشعيرة العظيمة، ومن سموِّ أحكامها وفضائلها، وتفاعل المسلمين معها.
(تنقية القلوب) : في هذا الشهر العظيم أيضاً فرصة لتجديد العلاقات الأخوية، وإعادة صلة ما قطعه القريب مع أقاربه بسبب خلاف أو شجار، فيستعيذ بالله من الشيطان، ويجعل قلبه سليماً، لا غلَّ فيه ولا حقد ولا حسد، ويجدد علاقاته مع أقاربه وأرحامه وخلاَّنه على ميزان الشريعة، مع القيام بالحقوق التي افترضها الله من حقوق المسلم على المسلم، كما أنَّ من المهم استغلال هذا الشهر الكريم للإصلاح بين القلوب المتشاحنة، والأفئدة المتباغضة، ففي هذا أجر عظيم وفضل كبير كما هو معلوم.
(طيب الكلام) : في رمضان فرصة كبيرة لكي يتعلم المسلم ويعتاد على النطق بالألفاظ الطيبة، وترك الألفاظ القبيحة والإقلاع عنها ، وعدم مبادلة الأسوأ بالأسوأ، وإنَّما بالأحسن والتغافل عن أخطاء الآخرين:(فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل: إني امرؤ صائم) كما وجَّه بذلك الحبيب ـ صلَّى الله عليه وسلَّم ـ.
(التجديد والتغيير) فهذا الشهر الكريم فرصة مباركة ويانعة، لمن يريد تجديد الإيمان، والتغيير إلى الأفضل، وهو نقطة انطلاقة عمليَّة لإزالة الران عن القلوب بسبب تراكم الذنوب، وهو فرصة لتطوير النفس والرقي بها بما يرضي ربَّها سبحانه وتعالى، لتدرك يقيناً أنَّها قد غيَّرت فعلياً من مجرى حياتها إلى ما كانت تتوق إليه وتتمنَّى تطبيقه.
(الصبر) : يستطيع المرء من خلال هذا الشهر أن يتعلم في دورة مكثَّفة معانيَ الصبر الثلاثة، من الصبر على طاعة الله في صيام رمضان، ومن الصبر عن معاصي الله بالإقلاع عن قبيح القول والكلام وكل ما لا يرضي الله في هذا الشهر الكريم، ومن الصبر على ما قدَّر الله وقضاه من فرض صيام هذا الشهر الكريم بالكمال والتمام، ورضي الله عن الأحنف بن قيس الذي قيل له:(إنَّك شيخ كبير وإنَّ الصيام يضعفك) فقال: (إني أعده لسفر طويل، والصبر على طاعة الله سبحانه أهون من الصبر على عذابه)
(قلَّة الاستهلاك) من فوائد هذا الشهر التقليل من المطاعم والمشارب، لا كما يفعله كثير من الناس ، حيث يجلبون جميع الأشكال والألوان من المطاعم، وكأنَّه شهر أكل وشرب، بيد أنَّ حقيقته التقليل من الأكل والشرب، والأخذ بمبدأ الاقتصاد في الطعام والشراب بلا شح وبخل ولا إسراف ومخيلة، بل يكون وسطاً بين ذلك، لكي يكون الاستهلاك فيه مقنَّنا، وليس كل ما يشتهيه المرء يشتريه.
(تربية الأولاد) : فالأب المربي والأم المربية يستطيعان من خلال هذا الشهر بثَّ الفضائل في قلوب أولادهم، وهجر الرذائل، وتحبيب الصيام والقيام والقرآن لهم، بشتَّى الأشكال ، وأنواع التشويقات، وما أحلاها من جلسة يجمع فيها الأب أولاده قبل الإفطار بنصف ساعة، ويلقي عليهم درساً مَّما يعلمه أو حتَّى من كتاب ميسَّر، ويشرح لهم ما لا يعلمونه، ثمَّ قبيل الأذان يرفع يديه هو وأولاده بالدعاء والتضرع وقرع أبواب السماء بجميع الأدعية المأثورة والطيبة.
(الدعاء) من أفضل الأوقات التي يشعر فيها قلب المؤمن بالطمأنينة والسعادة ساعات المناجاة لله رب العالمين، وخصوصاً في شهر رمضان الذي جاءت آية الدعاء من بين الآيات الحاثَّة على صيام هذا الشهر العظيم، تذكيراً بأهميَّته في هذا الشهر، فيتوجب على المسلم ألاَّ ينسى نفسه وإخوانه المسلمين من دعوة صالحة صادقة يقوم بها داعياً ربَّ العباد، لعلَّ الله ـ تعالى ـ أن يفرج عنه وعن جميع المسلمين همومهم وكروبهم وكما نعلم الصائم عند إفطاره دعوة لا ترد .
(الدخول إلى الجنَّة) فهذا الشهر الفضيل فرصة للصوَّام للدخول إلى الجنان، ولا ريب أنَّ للصائمين إيماناً واحتساباً باباً يدخلونه إلى الجنَّة وهو باب الريَّان، كما أنَّ الأجر العظيم ينتظرهم يوم القيامة، فإنَّ الصوم لله وهو سبحانه وتعالى سيجزي عباده الصائمين الأجر الكبير.
(شكر الله) في هذا الشهر فرصة لشكر الله تعالى، وخصوصاً إذا أطاع العبد ربه ، واجتنب معاصيه وما يسخطه، فيحمد العبد ربَّه شاكراً له من قلبه وبلسانه وبأفعاله على أن منَّ عليه بتلك الفضائل وجنَّبه الرذائل، كما قال تعالى:(ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون).

وأخيراً: فهذه فرص تلمَّستها بعد تأمُّل ذهني، أقدِّمها لإخواني المسلمين طيبةً جاهزةً، راجياً الله أن يقوموا بالتقاطها والقيام بها وأدائها، وعَلِمَ الله الذي لا إله إلاَّ هو ، ما من شهرٍ يمر على المسلمين أفضل أجراً ولا أعلى ذكراً ولا أكثر قرباً لقلوب المسلمين من هذا الشهر العظيم؛ الذي تفتَّح فيه أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب النيران، فهنيئاً لمن استغله بالطاعات، ويا لخسارة من فرَّط فيه، وأضاع حقوقه وواجباته ومقاصده.
لقد جمع هذا الشهر جميع ألوان العبادة، وشتَّى أشكال الروحانيَّة والتقرب إلى الله، فيا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، والله المستعان، وهو حسبنا ونعم الوكيل، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


أسألكم الدعاء
 

MAHMOD

Well-Known Member
إنضم
30 يناير 2014
المشاركات
7,360
مستوى التفاعل
931
النقاط
113
العمر
28
الإقامة
IRAQ
رد: ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*' (رمضــان شهر الصيــآمـ ) ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*'

1c1c.net-a-3727e06400a.gif


فائدة من حديث الرجل الذي جامع في نهار رمضان


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله، هلكت، قال: مالك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، وفي رواية: أصبت أهلي في رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا، قال: فهل تجد إطعام ستين مسكينًا؟ قال: لا، قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم فبينما نحن على ذلك أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَق فيه تمر، والعرق: المكتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أين السائل؟ قال: أنا، قال: خذ هذا فتصدَّق به، فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها – يريد الحرتين – أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: أطعمه أهلك" متفق عليه، أخرجه البخاري برقم (1936)، ومسلم (1111).
 

MAHMOD

Well-Known Member
إنضم
30 يناير 2014
المشاركات
7,360
مستوى التفاعل
931
النقاط
113
العمر
28
الإقامة
IRAQ
رد: ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*' (رمضــان شهر الصيــآمـ ) ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*'


الفوائد المستنبطة:


1- دلّ الحديث على الجلوس عند أهل الفضل والعلم، لقول الراوي "بينما نحن جلوس عند رسول الله " وهذا الجلوس له فوائده التي لا تخفى.
2- ظاهر الحديث ترك الرجل للسلام، ولعل السبب يرجع إلى ذهوله عن السلام لخطورة ما ارتكبه من الجماع.
3- في الحديث دلالة على أن المستفتي يذهب إلى المفتي في مكانه، ويسعى حتى يصل إليه؛ لأن الأمر يتعلَّق بدينه، فالرجل ذهب للنبي صلى الله عليه وسلم.
4- الرجل قطع كلام أهل ذلك المجلس، وعلى هذا يجوز قطع الحديث إن كان هناك ما يستدعي كما في قصة هذا الرجل.
5- دلّ الحديث على أن مجلس النبي صلى الله عليه وسلم مفتوحًا لمن أراد الدخول، وعلى هذا ينبغي أن يكون العالم في استقباله للناس في بيته.
6- في الحديث دلالة على أن العالم عليه أن ينفع الناس، ويفتي في كل وقت، فالرجل عندما وقعت عليه الواقعة ذهب للنبي صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي يستطيع الوصول إليه، وهذا مما يجعل أناس يتعلَّقون بالعالم، ويكون أقرب إلى قلوبهم.
7- عدم ذكر اسم الرجل حينما يكون له أمر محرج، إذا لم يترتب على بيان اسمه أمر ذا بال، ولهذا لم يذكر أبو هريرة اسم الرجل، ولم يسأله النبي صلى الله عليه وسلم.
8- في الحديث جواز قول "هلكت" للنفس إن وُجِد سبب ذلك، ولهذا لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على الرجل قوله ذلك.
9- في الحديث الاستفسار عن الكلام المبهم، فالرجل قال: هلكت، فاستفسر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
10- يدل على التلميح دون التصريح فيما يستحى من ذكره ويستقبح، ولهذا قال الرجل: أصبت أهلي، وفي رواية: وقعت على أهلي، ولم يصرح بغيره.
11- قول الرجل: "هلكت" تدل على أن الرجل كان متعمدًا، لعلمه أنه فعل ما يسبب له الهلاك، وعلى هذا فلا يصح الاحتجاج بعموم الحديث على أن الناسي عليه الكفارة.
12- فيه عرض الرجل ما يصيبه على أهل العلم.
13- فيه قرب العالم من الناس، بحيث كلما أصابهم أمر فزعوا إليه، وهذا لا يكون إلا مع المخالطة والقرب.
14- في الحديث البحث عن حل لما يواجه الإنسان من مشكلات، وأن مجرد كتمها والسكوت عنها لا يحل المشكلة، ولهذا الرجل لم يكتم الأمر، وإنما طلب النبي صلى الله عليه وسلم لعرضها عليه.
15- يدل الحديث على أنه لا بأس للإنسان الذي يبحث عن حل لمشكلة أن يصرح بذنبه، ويظهر ما خفي من أمره.
16- كما يدل على أن ذكر الذنب على سبيل الندم لا يذم، وغير مستقبح.
دل قول الرجل " هلكت "، وفي رواية " احترقت " على أن الوقوع في الذنوب يعتبر هلاكًا، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه "الجواب الكافي" كثيرًا من آثار الذنوب والمعاصي على الإنسان، وهي جديرة بالمطالعة.
17- دلّ الحديث على أن المعترف بالذنب لا يلام على ذنبه، ولا يعزر، ويكتفى بندمه واعترافه وطلبه الخروج مما هو فيه.
18- في الحديث دلالة على أن المذنب عليه أن يندم من ذنوبه، ولهذا أتى الرجل نادمًا فقال: "هلكت" وهي كلمة تدل على ندم وحرقة في القلب، والندم أول مراتب التوبة.
19- في الحديث أن العالم الذي يستفتيه الناس لا يغضب من أسئلتهم، فهي متعددة ومتنوعة، وبعضها وقوع في الحرمات وغير ذلك، مما يستلزم على العالم أن يكون بهم رحيمًا.
20- دلّ الحديث على أن الرجل المستفتي يصدق في قوله عن نفسه، فإن الرجل في الحديث ادّعى الفقر، وعدم الاستطاعة على الصيام، وعدم وجود رقبة يعتقها، ومع ذلك لم يسأله النبي صلى الله عليه وسلم البينة.
21- في الحديث دلالة على أن المفتي يبدأ بذكر الكفارة ما دام حكم الفعل معلوما، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر حكم الجماع في نهار رمضان؛ لأن الرجل يعرف ذلك بدلالة الحال، ولهذا اكتفى بذكر الكفارة.
22- الحديث نصٌ على أن الجماع في نهار رمضان يفطر.
الحديث نصَّ أيضا على أن كفارة المجامع في نهار رمضان هي ثلاثة أمور "إعتاق رقبة، فإن لم يستطع فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يجد فإطعام ستين مسكينا".
23- دلّ الحديث على أن كفارة الجماع على الترتيب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم رتّب الكفارة على الرجل ترتيبًا، ولم يضع الخيار أمامه.
وهذه مسألة اختلف فيها أهل العلم على قولين، الصحيح منهما فيما يظهر – والله أعلم – أن الكفارة على الترتيب وليست على التخيير، استدلالاً بواقع الحوار بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين الرجل.
24- أمر النبي صلى الله عليه وسلم الرجل أن يعتق رقبة، ولم يحدد له الإيمان من عدمه، وعلى هذا اختلف أهل العلم في هذه المسألة: هل يشترط الإيمان في عتق كفارة المجامع في نهار رمضان أم لا يشترط؟
والمسألة محتملة لقوة الأدلة فيها، وأصلها مسألة أصولية وهي:
إذا اختلف السبب واتحد الحكم، هل يحمل المطلق على المقيد؟
والأقرب – والله أعلم – أن المجامع في نهار رمضان يعتق رقبة مؤمنة قياسا على غيرها من الكفارات.
25- الحديث نصّ على أن الشهرين متتابعان في كفارة الجماع في نهار رمضان، فلا يجوز قطعهما إلا بعذر، لقوله صلى الله عليه وسلم "فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين".
26- الحديث أيضا نصّ على أن عدد المساكين ستين مسكينا، لقوله صلى الله عليه وسلم : "فهل تجد إطعام ستين مسكينا "وعلى هذا فلا يصح إطعام ثلاثين مسكينا يومين ، لأن العدد منصوص عليه.
27- الحديث نص على أن الذين يصرف لهم الإطعام في كفارة المجامع هم فئة المساكين.
28- إطلاق قول النبي صلى الله عليه وسلم " إطعام ستين مسكينا " ودعوى الرجل الفقر يدل على أن ضابط الفقر والمسكنة يرجع للعرف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق لفظ المساكين، وأوكل فهم ذلك للأعرابي، وبالتأكيد أنه يفهم الكلمة حسب عادته وعرفه.
29- الحديث دلّ على أن إخبار الإنسان عن فقره، وضعف حالته المادية، وظروفه المعيشية لا يدخل في باب الشكوى المذمومة، ولهذا ذكر الرجل فقره للنبي صلى الله عليه وسلم.
30- الحديث يدل على جواز قول "لا" للأكابر وأهل الفضل، فقد قال الرجل: لا ، للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد كررها بتكرر السؤال.
31- الحديث يدل على أن المسلم يسأل عن دينه ولو كان سؤاله مما يستحى منه، فلا ينال العلم مستحٍ ولا مستكبر.
32- الحديث يدل على السؤال في محضر من القوم، فلا يشترط في السؤال الخفاء، وإنما يجوز ذكره على الملأ من الناس، فقد ذكر الرجل سؤاله بين أناس كثير، كما يفهم من قول الراوي: " بينما نحن جلوس عند رسول الله " ويدل عليه أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم : "أين السائل؟" فلو كان العدد قليلا لم يجهله النبي صلى الله عليه وسلم.
33- يستنبط من الحديث أنه يجوز إطالة الجلوس عند الإنسان إن كانت لا تضر، فقد كان القوم جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم قبل مجيء الرجل، واستمر الرجل أيضا جالسا معهم حتى أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَق فيه تمر، ولا شك أن هذا الجلوس طويل نوعا ما.
34- دلَّ الحديث على جواز قول "أنا" فقد قال الرجل حينما سأل النبي صلى الله عليه وسلم:"أين السائل" قال الرجل: أنا.
وإنما يكره قول "أنا" حينما يكون على سبيل الفخر والكبر، كما قال إبليس " أنا خير منه".
35- دلَّ الحديث على مراعاة فقه الأولويات، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل: "خذ هذا وتصدَّق به" مع وجود فقراء أشد فقرا من هذا الرجل، إلا أن هذا الرجل يريد خلاص ذمته وبراءتها، فقدمه النبي صلى الله عليه وسلم على غيره.
36- يؤخذ من الحديث أن أهل العلم والفضل عليهم إنهاء حاجات الناس دون تطويل أو مماطلة، فالرجل بمجرد شكواه للنبي صلى الله عليه وسلم، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "خذ هذا وتصدّق به".
37- يستفاد من الحديث حسن الطلب بالأسلوب المناسب، فالرجل طلب طعاما لأهله بأسلوب مناسب فحصل له مقصوده، وكم ضيع سوء الأسلوب من حق، فضلا عن جلب نفع خارجي.
38- دلّ الحديث على جواز الضحك أمام الناس ما لم يخل بالآداب، فقد ضحك النبي صلى الله عليه وسلم بين القوم حتى بدت أنيابه.
39- على القول بأن ضحكه صلى الله عليه وسلم تعجبا من حال الرجل؛ فيدل على جواز الضحك في حال التعجب، وأن الإنسان يكتفي به عن التوبيخ.
40- دلّ الحديث على خروج الأسنان في الضحك أمام الغير، وأن ذلك لا يخل بالمروءة، فقد خرجت أنياب النبي صلى الله عليه وسلم أمام ذلك المجلس.
41- دلّ ظاهر الحديث على جواز المسألة لمن كان محتاجا.
42- في الحديث بيان لخصلة يجبل عليها الإنسان، وهو حب الطمع والتزود، فالرجل بعد أن كان يسأل عن مخرج له من ذنبه الذي فعله، أصبح يسأل لأهله الطعام، ومع ذلك تعامل النبي صلى الله عليه وسلم مع هذا الموقف بما يفيد فن التعامل مع الخصال الفطرية في البشر.
43- في الحديث رأفة العالم بالناس واللين معهم، بما في ذلك من وقع في الذنب، وأسرف على نفسه بالمعاصي.
44- في الحديث دليل على أن للذنب حرارة عند المؤمن، ولهذا قال الرجل كما في بعض الروايات: "احترقت" وهكذا حال المؤمن مع الذنوب، فيرى أنها تحرقه، ولأنها مهلكة كما قال الرجل: "هلكت" وهذا الشعور هو الذي يجعل المؤمن كلما وقع في الذنب تاب وأناب ورجع واستغفر، على النقيض من ذلك الرجل متبلد الحس يتهاون بذنوبه مما يجعلها تستمر وتكثر ولم يلق لها بالا.
45- الحديث دلّ على جواز كثرة الأسئلة للحاجة، فقد سأل النبي صلى الله عليه ثلاثة أسئلة متوالية: "هل تجد رقبة تعتقها؟ "ثم قال:"هل تستطيع صيام شهرين متتابعين؟ "ثم قال : "هل تجد إطعام ستين مسكينا؟" وذلك للحاجة إلى ذلك.
والنهي الوارد عن كثرة الأسئلة في قوله صلى الله عليه وسلم:"نهى عن كثرة السؤال"تحمل على الأسئلة التي لا فائدة منها جمعا بين الأمرين.
46- يدل الحديث على جواز سؤال العالم لغيره فيما يخصه من أسرار وشؤون إن ترتب على ذلك حاجة، فقد كانت أسئلة النبي صلى اله عليه وسلم فيما يخص الرجل من شؤون خاصة تتعلق بحالته المادية، وقدرته الجسمية، والدافع لذلك لتكون الفتوى صحيحة.
47- على المفتي أن يفتي غيره بالتفصيل وليس بالإجمال، فقد فصّل النبي صلى الله عليه وسلم الحكم بالنسبة للرجل، ولم تكن فتوى النبي صلى الله عليه وسلم مجملة مبهمة، وإنما يعطي المستفتي حقّه من الفهم والدراية.
48- دلّ الحديث على أن كفارة المجامع في نهار رمضان إن كانت صيام شهرين متتابعين فهي مبنية على الاستطاعة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل :"هل تستطيع صيام شهرين متتابعين؟" فعلى هذا يدور الحكم مع علته وجودًا وعدمًا، فمن كان مستطيعا لم ينتقل إلى الإطعام، ومن لم يستطع أطعم.
49- لم يستفصل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبب عدم الاستطاعة، فلم يقل له: لم لا تستطيع صيام الشهرين، مما يدل على أن الرجل مصدق في أقواله بالإضافة إلى ترك الاستفصال فيما لا داعي له.
50- لم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن امرأة الرجل، ولهذا اختلف أهل العلم في هذه المسألة : هل على المرأة كفارة؟
على قولين كلاهما له حظ من النظر، وحجة من لم يوجب هو ترك النبي صلى الله عليه وسلم الاستفصال عن المرأة في هذا الحديث، ولعل السر في ذلك أن المرأة عليها شبهة الإكراه.
51- في الحديث التعاون مع المذنبين، وإيجاد حلول لذنوبهم ومشكلاتهم، فقد ضحك النبي صلى الله عليه وسلم مع أن الرجل مذنب، وساعده في التكفير عن ذنبه.
52- في الحديث رحمة الله بعبده، فالرجل وقع في الذنب وانتهك حرمة الشهر، ومع كل ذلك فقد رزقه الله سبحانه وتعالى، فسبحان من لا تضره معصية العاصين، ولا تنفعه طاعة الطائعين.
53- في الحديث قرب الفرج، فكل من أصيب بهم وغم فليعلم أن فرج الله قريب، فالرجل وقع في الذنب مع قلة في ذات اليد، فبعد هذه الحالة الصعبة جاء فرج الله.
54- لله حكمٌ في تقدير الذنب على العبد لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى، وهذا يرجع إلى اسم الله الحكيم، ومن الحكم الظاهرة في هذا الحديث معرفة الأحكام الشرعية، بالإضافة إلى ما رزقه الرجل من طعام لأهل بيته.
55- الملاحظ أن الرجل فقير فقر مدقع، حتى أنه حلف أن ما بين لابتي المدينة أهل بيت أفقر من أهل بيته، ومع ذلك يمارس حياته الطبيعية من جماع وغيره، بمعنى آخر أن هم الحياة الصعبة لم يمنعه من ممارسة حياته الطبيعية، وهذا من أنجح العلاجات لمن تراكمت عليه الهموم ألا يجعل الهم يمنعه حياته، فإن التفاؤل والأمل وتناسي الهموم مما يخففها.
56- في الحديث دلالة على أساليب الأعراب مع النبي صلى الله عليه وسلم، ففي رواية أنه أعرابي، وقرائن الأحوال من أفعال هذا الرجل تدل على أنه من الأعراب، فمقاطعته الحديث، ودخوله بدون استئذان، وألفاظه "هلكت" "احترقت"، وللأعراب قصص شيقة، وأساليب مثيرة مع النبي صلى الله عليه وسلم.
57- في الحديث سكوت المفضول بين يدي الفاضل، فالصحابة الجلوس لم يتكلم أحد منهم، ولم يقاطع النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أدعى لسماع العلم ووعيه.
58- في الحديث جواز قول "ويلك" للرجل، ففي رواية أن النبي صلى الله علي وسلم قال للرجل: "ويلك" وعلى هذا بوب البخاري على هذا الحديث: باب قول ويلك للرجل.
59- في الحديث أن كثرة الحلف لا تذم إن كان لها ما يدعو، فالرجل حلف مرتين "والذي بعثك بالحق ما أجد غيرها ، وضرب صفحة عنقه"، ثم قال "فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي" وعلى هذا تذم كثرة الحلف فيما لا داعي له، أو عبثا بدون فائدة.
60- العَرَق يساوي (15) صاعا، والصاع أربعة أمداد، وعلى هذا فلكل مسكين (مد) لأن عدد المساكين (60)، وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة:
ما مقدار الإطعام الوارد في الكفارة؟
فمن قال المقدار هو (مد) لكل مسكين يستدل بهذه الرواية، ومن قال بأن العبرة بمطلق الإطعام فيستدل بتعدد روايات العَرَق التي وردت، مما يدل على أن المراد إطعام المساكين بدون تحديد مقدار معين، والأمر سهل في ذلك بإذن الله.
61- الحديث يدل على أن المجامع في نهار رمضان يقتصر على الثلاثة الخصال في الكفارة، ولا يجب عليه غيرها.
62- في الحديث حرص المسلم على براءة ذمة إخوانه، وسعيه في تخليصها، فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكتف بالفتوى للرجل المجامع في نهار رمضان، وإنما سعى في تخليص ذمته مما علق فيها من حق لله، وقال: "خذ هذا وتصدّق به" ، وهكذا يكون المسلم مع إخوانه، وهذا مما يتعبد فيه المرء لربه.
63- في الحديث على المفتي أن يذكر الحكم ويستفصل تأكيدًا، ولا يستدل بظاهر حال المستفتي، فالنبي صلى الله عليه وسلم سأل الرجل: هل تجد رقبة، هل تجد إطعام ستين مسكينا، مع أن الرجل ظاهره الفقر، فلم يكتفِ النبي صلى الله عليه وسلم بظاهر الحال لوجود احتمال، وإنما سأله عن قدرته.
64- دلّ الحديث على عظم ذنب المجامع في نهار رمضان، فقد رتبت عليه الشريعة كفارة مغلظة، فنعوذ بالله من الذنوب.
65- دلّ الحديث على أن الكفارة تخرج الإنسان من الذنب، وهذا من رحمة الله بعباده.
66- دلّ الحديث على أن الإنسان يملك صدقته، ويتصرف بها كيفما يشاء، فالرجل قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "خذ هذا وتصدق به" مع أنه في الأصل هو صدقة على الرجل.
67- في الحديث جواز مساعدة الرجل في كفارته، فالنبي صلى الله عليه وسلم أعطى الرجل عَرَقًا لأجل أن يكفر عن ذنبه.
68- دلّ الحديث عل أن حدود المدينة النبوية ما بين الحرتين، لقوله "ما بين لابتيها –يريد الحرتين".
69- في الحديث دلالة على أن الراوي يبين معنى الكلمات الغريبة ليفهما سامعها وقارئها، فقد قال الراوي:" لابتيها – يريد الحرتين" فهذا بيان لمعنى غريب.
70- في الحديث جواز الادخار، لقول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل: "أطعمه أهلك" ومعلوم أن العَرَق لا يمكن الفراغ منه إلا في عدة أيام.
71- في الحديث جواز الهبة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم وهب الرجل العرق من التمر.
72- دل الحديث على أن الهبة تملك بالقبض من غير صيغة قولية.
73- في الحديث دلالة على أن أهل الفضل والكرم يطمع بكرمهم، فعليهم أن يزدادوا ويتحلوا بمكارم الأخلاق.
74- يجوز للإنسان أن يصرح بلفظ الفقر عن نفسه وأهل بيته ما دام كلامه صحيحا، ولهذا قال الرجل:"ما بيت لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي".
75- في الحديث جواز الحلف بدون استحلاف، وأن النهي عن كثرة الحلف تنصرف إلى ما لا فائدة منه، فالرجل حلف " والذي بعثك بالحق " من غير أن يطلب النبي صلى الله عليه وسلم منه اليمين.
76- في الحديث جواز الإلحاح إن كانت الحاجة داعية، فالرجل ألح على النبي صلى الله عليه وسلم في إعطائه الصدقة وذلك لفقره.
78- في الحديث جواز إظهار المعصية لمن يرجو تخليصه منها، فالرجل أظهر معصيته وأمام الناس أيضا إلا أن ذلك في سبيل التخلص منها.
79- وفي الحديث أيضا وجوب السؤال عما يفعله الإنسان مخالفا لأوامر الشريعة، فلا يجوز للإنسان أن يترك دينه من غير سؤال؛ إذ قد يترتب على فعله أمور لا يحسن تركها.
80- اختلف أهل العلم في مسألة، وهي:
إن لم يستطع المجامع الخصال الثلاث فهل تسقط الكفارة؟ أم تبقى دينا في رقبته؟
على قولين، ومن يقول بأن الكفارة تسقط يستدل بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر للرجل شيئا بعد أن ذكر الرجل أنه لا يستطيع.



فهذه ثمانون فائدة من هذا الحديث العظيم، سائلا الله أن ينفعني به، وأن يشرح صدري للنور والهدى، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

أسألكم الدعاء
 

MAHMOD

Well-Known Member
إنضم
30 يناير 2014
المشاركات
7,360
مستوى التفاعل
931
النقاط
113
العمر
28
الإقامة
IRAQ
رد: ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*' (رمضــان شهر الصيــآمـ ) ¯¨'*•~-.¸¸,.-~*'

1c1c.net-a-3727e06400a.gif


نويت الصيام في رمضان


اللهم أهله علينا باليمن والإيمان والسلامة والإسلام ، هي أيام معدودات تمضي أسرع من البرق، أيام نكون فيها على موعد مع طاعة الله في شهر القرآن" شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه "، فهل نويت صوم رمضان هذا العام ؟ وهل نويت صيام الشهر كله ؟ وهل عقدت العزم على ذلك؟ سؤال يعتقد الجميع أنه بسيط وأن إجابته بسيطة أيضا، وربما يتعجب البعض من كيفية وصيغة السؤال، ولكني أحببت أن أقف وقفات تربوية من زاوية مختلفة ، وأحب أن تقف أخي المسلم معي تلك الوقفات التربوية حول نية صيام شهر رمضان ، فافتح قلبك وعقلك لتلك الوقفات ، واستحضر ما قاله ابن القيم عن صيام رمضان " فهو لجام المتَّقين، وجُنَّة المحاربين، ورياضة الأبرار والمقرَّبين، وهو لربِّ العالمين من بين سائرالأعمال، فإنَّ الصائم لا يفعل شيئاً، وإنَّما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك محبوبات النفس وتلذّذاتها إيثاراً لمحبَّة الله ومرضاته، وهو سرٌّ بين العبد وربه لا يطَّلع عليه سواه، والعباد قد يطَّلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة، وأمَّا كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده، فهو أمر لا يطَّلع عليه بشر، وذلك حقيقة الصوم"

من هنا نبدأ :


هي وقفة قبل البدء نريد أن نستشعر ما أراده الحبيب صلى الله عليه وسلم بقوله " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" ولذلك فإن نقطة البدء حددها لنا صلى الله عليه وسلم وهو يضع أهم قاعدة يقوم عليها عمل المسلم بقوله "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى" وهذه هي نقطة الانطلاق في حياة المسلم ، فهو لا يؤدي عملاً دنيوياً كان أم أخروياً من قول أو فعل أو جهاد إلا وهو يقصد به وجه الله تعالى وابتغاء مرضاته وحسن مثوبته، من غير نظر إلى مغنم أو مظهر أو جاه أو لقب أو تقدم أو تأخر، لا ينتظر محمدة من الناس ولا ثناءً منهم عليه، ولا يخاف لومهم وذمهم وعتابهم له، بل يريد الله والجنة، ومن أجل ذلك كانت نية المؤمن خير من عمله، ويبلغ العبد بنيته ما لا يبلغه بعمله، ونية الخير باقية أبداً لا تتوقف وإن توقف العمل، وقاصد الخير يثاب بنيته و إن لم يصب المراد، والنيات تحول العادات إلى عبادات " فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً ولا يشرك بعبادة ربه أحداً" .

ماذا أنت فاعل :

لقد أقبل علينا شهر التوبة والرحمة، شهرالإحسان والزهد ، شهرالخيرات والبركات، ترى ماذا أنت فاعل في رمضان؟ أتكون من المقبلين التائبين ؟ أتكون من الطائعين الخاشعين ؟ أتكون من الذاكرين الله آناء الليل وأطراف النهار والمستغفرين بالأسحار؟ أتكون من القائمين بالليل والناس نيام؟ أتكون من الزاهدين قاطعي النفس عن التلذذ بالمشتهيات ؟ أم تكون من القانعين بعملهم؟ أم تكون من المكتفين بصيام العوام ؟ أم تكون من السالكين درب الدعة والراحة في شهر الجد؟ وحبيبك يقول : "لا يشبع مؤمن من خير حتى يكون منتهاه الجنة" ، فلا منتهى لفعل المؤمن في الطاعة والعبادة لله و لامنتهى لطمعه في الخير حتى ينال حب الله وفي الحديث القدسي خير حافز " ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه".

معذرة ولكن :

يتساءل الكثير من المسلمين لماذا يدخل رمضان ويخرج ولا تتحقق فيه التقوى المذكورة في قوله تعالى " ياأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون " ، ونجد البعض الآخر من يشكو أن قلبه لا يخشع في مجالس الذكر ، ولا يبكي لما يبكي له غيره، بالرغم من أنهم صاموا الشهر كله وأنهم توقفوا عن الأكل والشرب والجماع من الفجر إلى المغرب، إنه حديث الحبيب صلى الله عليه وسلم " رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش"، من أجل ذلك نقول لكل مسلم معذرة أخي الحبيب عد فصم فإنك لم تصم كما ينبغي ، فأحسن إلى نفسك بإحسان الصيام وإتقانه ، فجدد أخي صيامك وأعده من جديد وفق ما أراد الله وشرع لنا، فهل نويت الصيام؟ أم تنوي معي الآن نية الصيام كما يحب ربنا ويرضى .

أي صيام :

نعم نويت الصيام لكن أي صيام ؟ الغالبية منا يركزون في صيامهم على تحقق ركن الصيام الأساسي من الامتناع عن الطعام والشراب والجماع من الفجر إلى المغرب ، وهذا ما تعارف عليه المسلمون ويحافظون عليه ،وفيه قال ميمون بن مهران "إن أهون الصوم ترك الطعام والشراب" وقد يرتقي المسلم في صيامه فيضف إلى ما سبق أن يمتنع عن معصية الله عز وجل طوال اليوم بما يحقق له التقوى المنشودة" كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" ، أريدك أخي الحبيب أن تشاركني فيما أردته من صومي ، لقد نويت الصيام في رمضان صوما يحقق منزلة التقوى، لقد نويت الصيام في رمضان صوما يجلب لي رحمة الله ومغفرته وعتقه من النيران ، لقد نويت الصيام في رمضان صياما يرتقي بصاحبه في درجات الجنان، لقد نويت الصيام في رمضان صوماً يمنع صاحبه من الوقوع في معاصي الله مساءً وصباحا، لقد نويت الصيام في رمضان صوماً يخرجني شخصاً آخر بعد رمضان ، لقد نويت الصيام في رمضان صوماً يقترب بي من صوم خصوص الخصوص بأن يصوم القلب عما سوى الله عز وجل فلا يفكر إلا في الله ولا يتعلق قلبه إلا بالله، هذا هو الصوم الذي نويت صيامه في رمضان ، يقول الشاعر :


أهل الخصوص من الصوام صومهم *** صون اللسان عن البهتان والكذب
والعارفون وأهل الأنس صومهم *** صون القلوب عن الأغيار والحجب

نويت الصيام :
إليك أخي الحبيب صور الصيام الذي نويته في رمضان :
• نويت الصيام في رمضان إيماناً واحتساباً، إيماناً بوجوبه، واحتساباً واستشعاراً بالأجر عند الله انطلاقا من قوله صلى الله عليه وسلم 00 "الغيبة تفسد الصوم" ولن أقع في السخرية أو اللمز والغمز أو التنابز بالألقاب" لقوله تعالى "ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب"، ولن أقع في لعنة الناس لقوله صلى الله عليه وسلم " "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء"، وسأجعل الصوم حاكما على لساني وحابساً له حتى لا يكون سبباً في المؤاخذة بين يدي الله ، متذكرا قول الحبيب " وهل يكب الناس على وجوههم يوم القيامة إلا حصائد ألسنتهم"

• نويت الصيام في رمضان .. فلن أسمح لأذني أن تصول وتجول في كل ميدان تتسمع فيه ما يغضب الله ، بل هو كفّ السمع عن الإصغاء إلى كل مكروه؛ لأن كل ما حرُم قوله حرُم الإصغاء إليه؛ لقوله تعالى " وفيكم سماعون لهم" ، ولقوله " فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره" ، قال الحارث المحاسبي : " وليس من جارحة أشد ضررا على العبد بعد لسانه من سمعه ، لأنه أسرع رسول إلى القلب ، وأقرب وقوعا في الفتنة "ولن أسمح لأذني أن تتسمع لكل ما هو حرام من أغانٍ ومجونٍ وفحش قول، وغيبة ونميمة ، امتثالا لوصية عمرو بن عتبة "نزِّه سمعك عن استماع الخنا كما تنزِّه لسانك عن الكلام به ، فإن السامع شريك القائل" ، وقد أجمع علماء القلوب أن طول الاستماع إلى الباطل يطفئ حلاوة الطاعة من القلب ، وإن حب الغناء وترديده والتعلق به يصرف عن العبد أنوار القرآن وحلاوة الذكر ، قال عبد الله بن مسعود " الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل "
• نويت الصيام في رمضان .. فلن أبالغ في الاستماع للأناشيد والكلمات التي لا فحش فيها ولا سوء ؛ لأن التجاوز فيها عن الحد والترنم بها في الخلوات بديلا عن الترنم بآيات القرآن أدَّت عكس المطلوب منها وأضرت بصاحبها ،
• نويت الصيام في رمضان ..
فلن أطلق العنان لبصري صباحاً أو مساءً ، بل سأكفه عن الاتساع في النظر إلى كل ما يُذم ويُكرَه، وإلى كل ما يشغل القلب، ويلهي عن ذكر الله عزوجل ، مستشعراً قال الحبيب صلى الله عليه وسلم "النظرة سهم مسموم من سهام إبليس ، فمن تركها خوفًا من الله آتاه الله إيمانًا يجد حلاوته في قلبه"

• نويت الصيام في رمضان ..
بأن أجعل سيري ومشيي لله ، إما في حاجة مسلم لقوله « ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام » ، وإما في عيادة مسلم لقوله « إذا عاد الرجل أخاه المسلم مشى في خرافة الجنة حتى يجلس ، فإذا جلس غمرته الرحمة " ، وإما في اتباع جنازة لقوله « من تبع جنازة حتى يصلي عليها كان له من الأجر قيراط ، ومن مشى مع الجنازة حتى تدفن كان له من الأجر قيراطان ، والقيراط مثل أحد » ، وإما إلى مسجد للصلاة لقوله « أعظم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم إليها ممشى » وقوله « من مشى إلى صلاة مكتوبة في الجماعة فهي كحجة ، ومن مشى إلى صلاة تطوع فهي كعمرة نافلة » وإما زيارة أخ في الله « زار رجل أخا له في قرية ، فأرصد الله له ملكا على مدرجته ، فقال : أين تريد؟ قال : أخا لي في هذه القرية ، فقال : هل له عليك من نعمة تربها؟ قال : لا إلا أني أحبه في الله. قال : فإني رسول الله إليك أن الله أحبك كما أحببته » ـ وإما في دعوة الخلق وهداية الناس لقوله " من دعا إلى هدى فله أجرها وأجر من علم بها إلى يوم القيامة "، وإما جهاداً ودعوة في سبيل الله لقوله « ما اغبرَّت قدما عبد في سبيل الله إلا حرَّم الله عليه النار »، وإما سعياً في طلب الرزق" إن الله تعالى يحب أن يرى عبده تعبا في طلب الحلال‏" وإما سعياً في طلب العلم لقوله " من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع" .
• نويت الصيام في رمضان .. بأن أجعل يدي يداً عليا ، تعمل الصالحات وتحرث الخير، أو ترحم وتعطف وتحنو لقوله «وامسح رأس اليتيم »، أو تعمل في الكسب لقوله « أطيب الكسب عمل الرجل بيده »، أو تكتب خيراً للناس، أو تتصدق بصدقة، أو ترفع للإسلام راية ، أو تميط الأذى عن الطريق ، أو تصافح المؤمنين لتتناثر الذنوب مع المصافحة لقوله « إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلَّم عليه وأخذ بيده فصافحه ؛ تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر » وألا أجعلها يداً سفلى تعبث في المعاصي، أو تخط حرفاً في حرام أو تكتب ما يغضب الله في صحيفة أو عبر النت، أو تحرك شهوة، أو تقدم رشوة ، أو ترفع سلاحاً على مسلم أو أن تبطش به ظلماً وجوراً، أو تعين على معصية، أو أن تزني لقوله : « واليد زناها اللمس » وقوله « واليد زناها البطش »، أم أن تمس امرأة أجنبية .
• نويت الصيام في رمضان .. فلا شهوة للبطن في رمضان ، فلن أكثر من الطعام وإن كان حلالاً، ولن أملأ جوفي منه ، بل صيام بلا سرف في طعام وشراب لقول الفاروق عمر" إياكم والبطنة في الطعام والشراب ؛ فإنها مفسدة للجسد ، مورثة للسقم ، مكسلة عن الصلاة ، وعليكم بالقصد فيهما ؛ فإنه أصلح للجسد ، وأبعد من السرف ، وإن الله تعالى ليبغض الحبر السمين ، وإن الرجل لن يهلك حتى يؤثر شهوته على دينه" .
• نويت الصيام في رمضان .. بكف كل الجوارج عن الآثام سواء الأذن أو العين أو اللسان أو اليد أو الرجل أو البطن أو غير ذلك ، والكف لها عن الشهوات والشبهات على السواء، ، وسأسعى لكسر الشهوة بالليل كما كسرتها بالنهار، ولله در جابر حين قال" إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء"، لله در الحكيم " مثل القلب مثل بيت له ستة أبواب ، فاحذر أن يدخل عليك من أحد الأبواب شيء، فيفسد عليك البيت، فالقلب هو البيت، والأبواب : اللسان، والبصر، والسمع، والشم، واليدان، والرجلان، فمتى انفتح باب من هذه الأبواب بغير علم ضاع البيت "، فمن جمع بين صوم البطن والفرج والجوارح فقد فاز وسبق غيره من الصائمين، وإلا فما أرخص الصوم الزائف


إذا لم يكن في السمع مني تصاون --- وفي بصري غضُّ وفي منطقي صمت
فحظي إذاَ من صومي الجوع والظمأ --- وإن قلت أني صمت يومي فما صمتُ

هكذا نويت الصيام في رمضان ، فهل تنوي معي أخي الكريم؟ أن نصوم رمضان هذا العام بهذه الكيفية ، وأن نجعل صيام رمضان هذا العام مختلفا عن سابقه، ولنا وقفة أخرى بإذن الله مع الصلاة والقيام في رمضان ، اللهم سلمنا إلى رمضان وسلمه لنا وتسلمه منا متقبلاً .



أسألكم الدعاء
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 3 ( الاعضاء: 0, الزوار: 3 )