The last Don
Maybe I
- إنضم
- 9 أكتوبر 2014
- المشاركات
- 40,561
- مستوى التفاعل
- 12,597
- النقاط
- 113
كفانا جلوساً على مقاعد الحسرة، وبكاءً على الأطلال، ولنعد إلى الواقع، إلى ساعات النهار الأربع والعشرين التي تملكها، إن رأس مالك وحقك الوحيد الذي لا ينازعك فيه أحد هو هذه الساعات التي تُمنَحُها كل صباح من الحيّ القيوم بلا مقابل، فهي فرصة جديدة لتدارك ما فات، وحبل ودٍّ للاقتراب من عتبات رضوانه، فأنت من تقرر كيف تستهلكها.
لن أُدخلك في متاهات المؤامرات أو أقول إن هناك من يجلس ويخطط ليعبث بوقتك وبباكورة أيامك والسنين الذهبية من شبابك، فأنت أبسط من أن تُنفق عليك هذه الجهود والأموال! لكن، أتعرف من هو الأبسط منك والأقل شأناً؟
هو ذاك الكاتب الذي حمل قلماً يخط فيه سيناريوهاتٍ عن عائلات يُقال إنها من عندنا، تتلاقى وتخون وتسرق وتكذب وتقيم علاقات غير شرعية وكل ما يمكن أن يخطر على باله من شطط وإمالة (فكل ذلك جذاب للتسويق)، ويعينه على ذلك إنسان آخر أقل حظاً بمهارات إخراجية يحوّل المكتوب على الورق إلى مشاهد حقيقية بالاستعانة بأشخاص قرروا تكريس عمرهم للتمثيل، واحتراف تحويل خيال شخص ورؤية شخص آخر إلى شيء يشبه الواقع (إذا غضضنا البصر عن الأجندات والأهداف)
كل هؤلاء الأشخاص الذين ليسوا نجوماً ولا لامعين، راهنوا على الساعة والساعتين التي ستقدمها لهم بالمجان، وصبروا وعملوا بلا كللٍ ولا ملل، ودعّموا أنشطتهم بإعلانات وأموال طائلة تُنفق حتى تترسخ عندك قناعة أنك تحتاج متابعتهم لتتعلّم عن الحياة وأهوالها وتعرف الناس وغدرها، والنساء و”كيدهن”، ومكر الرجال، وجشع الأغنياء ومأساة الفقراء…. إلخ.
وعلى فرض أنك واعٍ لذلك كله، وأنك تقضي هذه السويعات للترفيه، أفيُعقل أن تبني جداراً، وتتعب على رصف حجارته، ثم من باب الترفيه تبدأ تصدّعه بطَرْقاتٍ من هنا، وضربات من هناك؟
هذا الجدار هو عقلك ونفسك اللذان تحتاجهما لتواجه الحياة بنفسية مستقرة وشخصية متّزنة خالية -قدر الإمكان- من حوارات الدراما وردّات الأفعال مسبقة الصنع والتعابير الجاهزة، كما في عبارة “أنا حدا كتير….” التي ظهرت وانتشرت قبل أكثر من عشر سنوات إثر ظهور مسلسل سوري يكرر هذه العبارة في كثيرٍ من لقطات السيناريو، وعلى ألسنة العديد من شخصيات المسلسل التي تتكلم بهذه الطريقة، وما هي إلا عدة أشهر إلا وصار الحوار بين الناس يتضمن الكثير من “أنا حدا كتير”، وأترك لذاكرتك مهمة إيجاد تعابير ومدخلات مشابهة، وربما من نوع آخر.
من مقال: "ماذا تعلمت عن الحياة من خلال مشاهدة المسلسلات" بقلم نورا جنداوي .
لن أُدخلك في متاهات المؤامرات أو أقول إن هناك من يجلس ويخطط ليعبث بوقتك وبباكورة أيامك والسنين الذهبية من شبابك، فأنت أبسط من أن تُنفق عليك هذه الجهود والأموال! لكن، أتعرف من هو الأبسط منك والأقل شأناً؟
هو ذاك الكاتب الذي حمل قلماً يخط فيه سيناريوهاتٍ عن عائلات يُقال إنها من عندنا، تتلاقى وتخون وتسرق وتكذب وتقيم علاقات غير شرعية وكل ما يمكن أن يخطر على باله من شطط وإمالة (فكل ذلك جذاب للتسويق)، ويعينه على ذلك إنسان آخر أقل حظاً بمهارات إخراجية يحوّل المكتوب على الورق إلى مشاهد حقيقية بالاستعانة بأشخاص قرروا تكريس عمرهم للتمثيل، واحتراف تحويل خيال شخص ورؤية شخص آخر إلى شيء يشبه الواقع (إذا غضضنا البصر عن الأجندات والأهداف)
كل هؤلاء الأشخاص الذين ليسوا نجوماً ولا لامعين، راهنوا على الساعة والساعتين التي ستقدمها لهم بالمجان، وصبروا وعملوا بلا كللٍ ولا ملل، ودعّموا أنشطتهم بإعلانات وأموال طائلة تُنفق حتى تترسخ عندك قناعة أنك تحتاج متابعتهم لتتعلّم عن الحياة وأهوالها وتعرف الناس وغدرها، والنساء و”كيدهن”، ومكر الرجال، وجشع الأغنياء ومأساة الفقراء…. إلخ.
وعلى فرض أنك واعٍ لذلك كله، وأنك تقضي هذه السويعات للترفيه، أفيُعقل أن تبني جداراً، وتتعب على رصف حجارته، ثم من باب الترفيه تبدأ تصدّعه بطَرْقاتٍ من هنا، وضربات من هناك؟
هذا الجدار هو عقلك ونفسك اللذان تحتاجهما لتواجه الحياة بنفسية مستقرة وشخصية متّزنة خالية -قدر الإمكان- من حوارات الدراما وردّات الأفعال مسبقة الصنع والتعابير الجاهزة، كما في عبارة “أنا حدا كتير….” التي ظهرت وانتشرت قبل أكثر من عشر سنوات إثر ظهور مسلسل سوري يكرر هذه العبارة في كثيرٍ من لقطات السيناريو، وعلى ألسنة العديد من شخصيات المسلسل التي تتكلم بهذه الطريقة، وما هي إلا عدة أشهر إلا وصار الحوار بين الناس يتضمن الكثير من “أنا حدا كتير”، وأترك لذاكرتك مهمة إيجاد تعابير ومدخلات مشابهة، وربما من نوع آخر.
من مقال: "ماذا تعلمت عن الحياة من خلال مشاهدة المسلسلات" بقلم نورا جنداوي .