حبيبتي ، لدي شيءٌ كثير.. أقوله ، لدي شيءٌ كثير ..
من أين ؟ يا غاليتي أبتدي و كل ما فيك.. أميرٌ.. أمير
يا أنت يا جاعلةً أحرفي مما بها شرانقاً للحرير
هذي أغاني و هذا أنا يضمنا هذا الكتاب الصغير
غداً .. إذا قلبت أوراقه و اشتاق مصباحٌ و غنى سرير..
واخضوضرت من شوقها، أحرفٌ و أوشكت فواصلٌ أن تطير
فلا تقولي : يا لهذا الفتى أخبر عني المنحنى و الغدير
و اللوز .. و التوليب حتى أنا تسير بي الدنيا إذا ما أسير
و قال ما قال فلا نجمةٌ إلا عليها من عبيري عبير
غداً .. يراني الناس في شعره فماً نبيذياً، و شعراً قصير
دعي حكايا الناس.. لن تصبحي كبيرةً .. إلا بحبي الكبير
ماذا تصير الأرض لو لم نكن لو لم تكن عيناك... ماذا تصير ؟
مرحباً يا عراق، جئت أغنيك وبعـضٌ من الغنـاء بكـاء
مرحباً، مرحباً.. أتعرف وجهاً حفـرته الأيـام والأنـواء؟
أكل الحب من حشاشة قلبي والبقايا تقاسمتـها النسـاء
كل أحبابي القدامى نسـوني لا نوار تجيـب أو عفـراء
فالشفـاه المطيبـات رمادٌ وخيام الهوى رماها الـهواء
سكن الحزن كالعصافير قلبي فالأسى خمرةٌ وقلبي الإنـاء
أنا جرحٌ يمشي على قدميه وخيـولي قد هدها الإعياء
فجراح الحسين بعض جراحي وبصدري من الأسى كربلاء
وأنا الحزن من زمانٍ صديقي وقليـلٌ في عصرنا الأصدقاء
مرحباً يا عراق،كيف العباءات وكيف المها.. وكيف الظباء؟
مرحباً يا عراق.. هل نسيتني بعد طول السنين سامـراء؟
مرحباً يا جسور يا نخل يا نهر وأهلاً يا عشـب... يا أفياء
كيف أحبابنا على ضفة النهر وكيف البسـاط والنـدماء؟
كان عندي هـنا أميرة حبٍ ثم ضاعت أميرتي الحسـناء
أين وجهٌ في الأعظمية حلوٌ لو رأته تغار منه السـماء؟
إنني السندباد.. مزقه البحر و عـينا حـبيبتي المـيناء
مضغ الموج مركبي.. وجبيني ثقبته العواصـف الهـوجاء
إن في داخلي عصوراً من الحزن فهـل لي إلى العـراق التجاء؟
وأنا العاشـق الكبير.. ولكـن ليس تكفي دفاتـري الزرقـاء
يا حزيران.ما الذي فعل الشعر؟ وما الذي أعطـى لنا الشعراء؟
الدواوين في يدينا طـروحٌ والتعـابير كـلها إنـشاء
كـل عامٍ نأتي لسوق عكاظٍ وعـلينا العمائم الخضـراء
ونهز الرؤوس مثل الدراويش ...و بالنار تكتـوي سـيناء
كـل عامٍ نأتي.. فهذا جريرٌ يتغنـى.. وهـذه الخـنساء
لم نزل، لم نزل نمصمص قشراً وفلسطـين خضبتها الـدماء
يا حزيران.. أنـت أكـبر منا وأبٌ أنـت مـا لـه أبـناء
لـو ملكـنا بقيـةً من إباءٍ لانتخـينا.. لكـننا جـبناء
يا عصـور المعلـقات مللنا ومن الجسـم قد يمل الرداء
نصف أشعارنا نقوشٌ ومـاذا ينفع النقش حين يهوي البناء؟
المقامات لعبةٌ... والحـريري حشيشٌ.. والغول والعـنقاء
ذبحتنا الفسيفساء عصـوراً والدمى والزخارف البلـهاء
نرفض الشعر كيمياءً وسحراً قتلتنا القصيـدة الكيـمياء
نرفض الشعر مسرحاً ملكياً من كراسيه يحرم البسـطاء
نرفض الشعر أن يكون حصاناً يمتطـيه الطـغاة والأقـوياء
نرفض الشعـر عتمـةً ورموزاً كيف تسطيع أن ترى الظلماء؟
نرفض الشعـر أرنباً خشـبياً لا طمـوح لـه ولا أهـواء
نرفض الشعر في قهوة الشعر.. دخـانٌ أيامـهم.. وارتخـاء
شعرنا اليوم يحفر الشمس حفراً بيديه.. فكل شـيءٍ مـضاء
شعرنا اليوم هجمةٌ واكتشافٌ لا خطوط كوفيـةً ، وحداء
كل شعرٍ معاصرٍ ليـس فيه غصب العصر نملةٌ عـرجاء
ما هو الشعر إن غدا بهلواناً يتسـلى برقصـه الخـلفاء
ما هو الشعر.. حين يصبح فأراً كسـرة الخبز –همه- والغذاء
وإذا أصبـح المفكـر بـوقاً يستوي الفكر عندها والحذاء
يصلب الأنبياء من أجل رأيٍ فلماذا لا يصلب الشعـراء؟
الفدائي وحده.. يكتب الشعر و كـل الذي كتبناه هـراء
إنه الكاتـب الحقيقي للعصـر ونـحن الحـجاب والأجـراء
عنـدما تبدأ البنادق بالعـزف تمـوت القصـائد العصـماء
ما لنا؟ مالنا نلـوم حـزيران و في الإثم كـلنا شـركاء؟
من هم الأبرياء؟ نحن جميـعاً حامـلو عاره ولا اسـتثناء
عقلنا، فكرنا، هزال أغانينا رؤانا، أقوالـنا الجـوفـاء
نثرنا، شعرنا، جرائدنا الصفراء والحـبر والحـروف الإمـاء
البطـولات موقفٌ مسرحيٌ ووجـوه الممثلـين طـلاء
وفلسـطين بينهم كمـزادٍ كل شـارٍ يزيد حين يشـاء
وحدويون! والبلاد شـظايا كـل جزءٍ من لحمها أجزاء
ماركسيون! والجماهير تشقى فلماذا لا يشبـع الفقـراء؟
قرشيون! لـو رأتهم قريـشٌ لاستجارت من رملها البيداء
لا يمـينٌ يجيرنا أو يسـارٌ تحت حد السكين نحن سواء
لو قرأنا التاريخ ما ضاعت القدس وضاعت من قبـلها "الحمـراء"..
يا فلسطين، لا تزالين عطـشى وعلى الزيت نامت الصحـراء
العباءات.. كلها من حريـرٍ واللـيالي رخيصـةٌ حمـراء
يا فلسطين، لا تنادي عليهم قد تساوى الأموات والأحياء
قتل النفط ما بهم من سجايا ولقد يقتـل الثـري الثراء
يا فلسطين، لا تنادي قريشاً فقريشٌ ماتـت بها الخيـلاء
لا تنادي الرجال من عبد شمسٍ لا تنادي.. لم يبـق إلا النساء
ذروة الموت أن تموت المروءات ويمشـي إلى الـوراء الـوراء
مر عامـان والغزاة مقيمـون و تاريـخ أمـتي... أشـلاء
مـر عامان.. والمسيـح أسيرٌ في يديهم.. و مـريم العـذراء
مر عامـان.. والمآذن تبكـي و النواقيـس كلها خرسـاء
أيها الراكعون في معبد الحرف كـفانا الـدوار والإغـماء
مزقوا جبة الدراويش عـنكم واخلعوا الصوف أيها الأتقياء
اتركـوا أولياءنا بسـلامٍ أي أرضٍ أعادها الأولياء؟
في فمي يا عراق.. مـاءٌ كـثيرٌ كيف يشكو من كان في فيه ماء؟
زعموا أنني طـعنت بـلادي وأنا الحـب كـله والـوفاء
أيريدون أن أمـص نـزيفي؟ لا جـدارٌ أنا و لا ببـغاء!
أنـا حريتي... فإن سـرقوها تسقط الأرض كلها والسماء
ما احترفت النفاق يوماً وشعري مـا اشتـراه الملـوك والأمراء
كل حرفٍ كتبته كان سـيفاً عـربياً يشـع منه الضـياء
وقليـلٌ من الكـلام نقـيٌ وكـثيرٌ من الكـلام بغـاء
كم أعاني مما كتبـت عـذاباً ويعاني في شـرقنا الشـرفاء
وجع الحرف رائعٌ.. أوتشكو للـبسـاتين وردةٌ حمـراء؟
كل من قاتلوا بحرفٍ شجاعٍ ثم ماتـوا.. فإنـهم شهداء
لا تعاقب يا رب من رجموني واعف عنهم لأنـهم جهلاء
إن حبي للأرض حبٌ بصيرٌ وهواهم عواطـفٌ عمياء
إن أكن قد كويت لحم بلادي فمن الكي قد يجـيء الشفاء
من بحار الأسى، وليل اليتامى تطلـع الآن زهـرةٌ بيضاء
ويطل الفداء شمـساً عـلينا ما عسانا نكون.. لولا الفداء
من جراح المناضلين.. ولدنا ومن الجرح تولد الكـبرياء
قبلهم، لم يكن هـناك قبـلٌ ابتداء التاريخ من يوم جاؤوا
هبطوا فوق أرضـنا أنبياءً بعد أن مات عندنا الأنبياء
أنقذوا ماء وجهنا يوم لاحوا فأضاءت وجوهنا السوداء
منحونا إلى الحـياة جـوازاً لم تكـن قبلهم لنا أسمـاء
أصدقاء الحروف لا تعذلوني إن تفجرت أيها الأصـدقاء
إنني أخزن الرعود بصدري مثلما يخزن الرعود الشتاء
أنا ما جئت كي أكون خطيباً فبلادي أضاعـها الخـطباء
إنني رافضٌ زماني وعصـري ومن الـرفض تولد الأشـياء
أصدقائي.. حكيت ما ليس يحكى و شـفيعي... طـفولتي والنـقاء
إنني قـادمٌ إليكـم.. وقلـبي فـوق كـفي حمامـةٌ بيضـاء
إفهموني.. فما أنا غـير طـفلٍ فـوق عينيه يسـتحم المـساء
أنا لا أعرف ازدواجية الفكر فنفسـي.. بحـيرةٌ زرقـاء
لبلادي شعري.. ولست أبالي رفصته أم باركتـه السـماء..
أتراها تحبني ميسـون..؟ أم توهمت والنساء ظنون
يا ابنـة العم... والهوى أمويٌ كيف أخفي الهوى وكيف أبين
هل مرايا دمشق تعرف وجهي من جديد أم غيرتني السنيـن؟
يا زماناً في الصالحية سـمحاً أين مني الغوى وأين الفتون؟
يا سريري.. ويا شراشف أمي يا عصافير.. يا شذا، يا غصون
يا زورايب حارتي.. خبئني بين جفنيك فالزمان ضنين
واعذريني إن بدوت حزيناً إن وجه المحب وجه حزين
ها هي الشام بعد فرقة دهر أنهر سبعـة ..وحـور عين
آه يا شام.. كيف أشرح ما بي وأنا فيـك دائمـاً مسكون
يا دمشق التي تفشى شذاها تحت جلدي كأنه الزيزفون
قادم من مدائن الريح وحـدي فاحتضني ،كالطفل، يا قاسيون
أهي مجنونة بشوقي إليها... هذه الشام، أم أنا المجنون؟
إن تخلت كل المقادير عني فبعيـني حبيبتي أستعيـن
جاء تشرين يا حبيبة عمري أحسن وقت للهوى تشرين
ولنا موعد على جبل الشيخ كم الثلج دافئ.. وحنـون
سنوات سبع من الحزن مرت مات فيها الصفصاف والزيتون
شام.. يا شام.. يا أميرة حبي كيف ينسى غرامـه المجنون؟
شمس غرناطة أطلت علينا بعد يأس وزغردت ميسلون
جاء تشرين.. إن وجهك أحلى بكثير... ما سـره تشـرين ؟
إن أرض الجولان تشبه عينيك فماءٌ يجري.. ولـوز.. وتيـن
مزقي يا دمشق خارطة الذل وقولي للـدهر كن فيـكون
استردت أيامها بك بدرٌ واستعادت شبابها حطين
كتب الله أن تكوني دمشقاً بك يبدا وينتهي التكويـن
هزم الروم بعد سبع عجاف وتعافى وجداننا المـطعـون
اسحبي الذيل يا قنيطرة المجد وكحل جفنيك يـا حرمون
علمينا فقه العروبـة يا شام فأنت البيـان والتبيـيـن
وطني، يا قصيدة النار والورد تغنـت بما صنعت القـرون
إركبي الشمس يا دمشق حصاناً ولك الله ... حـافظ و أميـن
لا تسـألوني... ما اسمه حبيبي أخشى عليكم.. ضوعة الطيوب
زق العـبير.. إن حـطمتموه غـرقتم بعاطـرٍ سـكيب
والله.. لو بحـت بأي حرفٍ تكدس الليـلك في الدروب
لا تبحثوا عنه هـنا بصدري تركته يجـري مع الغـروب
ترونه في ضـحكة السواقي في رفة الفـراشة اللعوب
في البحر، في تنفس المراعي وفي غـناء كل عندليـب
في أدمع الشتاء حين يبكي وفي عطاء الديمة السكوب
لا تسألوا عن ثغره.. فهلا رأيتـم أناقة المغيـب
ومـقلتاه شاطـئا نـقاءٍ وخصره تهزهز القـضيب
محاسنٌ.. لا ضمها كتابٌ ولا ادعتها ريشة الأديب
وصدره.. ونحره.. كفاكم فلن أبـوح باسمه حبيبي