أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

تفسير ابن كثير

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَىٰ وَجْهِهِ أَهْدَىٰ أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الملك : 22]
ثم قال :
( أفمن يمشي مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم ) ؟.
وهذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر ، فالكافر مثله فيما هو فيه كمثل من يمشي مكبا على وجهه ، أي : يمشي منحنيا لا مستويا على وجهه ، أي : لا يدري أين يسلك ، ولا كيف يذهب ؟ بل تائه حائر ضال ، أهذا أهدى ( أمن يمشي سويا ) أي : منتصب القامة ( على صراط مستقيم ) أي : على طريق واضح بين ، وهو في نفسه مستقيم ، وطريقه مستقيمة . هذا مثلهم في الدنيا ، وكذلك يكونون في الآخرة .
فالمؤمن يحشر يمشي سويا على صراط مستقيم ، مفضى به إلى الجنة الفيحاء ، وأما الكافر فإنه يحشر يمشي على وجهه إلى نار جهنم:
( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم وقفوهم إنهم مسئولون ما لكم لا تناصرون بل هم اليوم مستسلمون )

قال الإمام أحمد رحمه الله :
حدثنا ابن نمير ، حدثنا إسماعيل ، عن نفيع ، قال : سمعت أنس بن مالك يقول :
قيل : يا رسول الله ، كيف يحشر الناس على وجوههم ؟
فقال : " أليس الذي أمشاهم على أرجلهم قادرا على أن يمشيهم على وجوههم " .

وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من طريق يونس بن محمد ، عن شيبان ، عن قتادة عن أنس به نحوه .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@

( قُلْ هُوَ الَّذِي أَنشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۖ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ) [الملك : 23]
وقوله :
( قل هو الذي أنشأكم ) أي : ابتدأ خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا.
( وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ) أي : العقول والإدراك.
( قليلا ما تشكرون ) أي : ما أقل تستعملون هذه القوى التي أنعم الله بها عليكم ، في طاعته ، وامتثال أوامره ، وترك زواجره .

🌹🌹🌹🌹🌹🌹

( قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْضِ وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الملك : 24]

( قل هو الذي ذرأكم في الأرض ) أي : بثكم ونشركم في أقطار الأرض وأرجائها ، مع اختلاف ألسنتكم في لغاتكم وألوانكم ، وحلاكم وأشكالكم وصوركم .
( وإليه تحشرون ) أي : تجمعون بعد هذا التفرق والشتات ، يجمعكم كما فرقكم ويعيدكم كما بدأكم .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@

( وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَٰذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) [الملك : 25]
ثم قال مخبرا عن الكفار المنكرين للمعاد المستبعدين وقوعه :
( ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ) أي : متى يقع هذا الذي تخبرنا بكونه من الاجتماع بعد هذا التفرق ؟

🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

( قُلْ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ) [الملك : 26]
( قل إنما العلم عند الله ) أي : لا يعلم وقت ذلك على التعيين إلا الله ، عز وجل ، لكنه أمرني أن أخبركم أن هذا كائن وواقع لا محالة فاحذروه ، ( وإنما أنا نذير مبين ) وإنما علي البلاغ ، وقد أديته إليكم .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هَٰذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تَدَّعُونَ) [الملك : 27]

قال الله تعالى :
( فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا ) أي : لما قامت القيامة وشاهدها الكفار ، ورأوا أن الأمر كان قريبا ; لأن كل ما هو آت آت وإن طال زمنه ، فلما وقع ما كذبوا به ساءهم ذلك ، لما يعلمون ما لهم هناك من الشر ، أي : فأحاط بهم ذلك ، وجاءهم من أمر الله ما لم يكن لهم في بال ولا حساب.
( وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ) [ الزمر : 47 ، 48 ].
ولهذا يقال لهم على وجه التقريع والتوبيخ :
( هذا الذي كنتم به تدعون ) أي : تستعجلون.
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ) [الملك : 28]
يقول تعالى :
( قل ) يا محمد لهؤلاء المشركين بالله الجاحدين لنعمه : ( أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا فمن يجير الكافرين من عذاب أليم ) أي : خلصوا أنفسكم ، فإنه لا منقذ لكم من الله إلا التوبة والإنابة ، والرجوع إلى دينه ، ولا ينفعكم وقوع ما تتمنون لنا من العذاب والنكال ، فسواء عذبنا الله أو رحمنا ، فلا مناص لكم من نكاله وعذابه الأليم الواقع بكم .

💖💖💖💖

( قُلْ هُوَ الرَّحْمَٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ) [الملك : 29]
ثم قال :
( قل هو الرحمن آمنا به وعليه توكلنا ) أي : آمنا برب العالمين الرحمن الرحيم ، وعليه توكلنا في جميع أمورنا ، كما قال :
( فاعبده وتوكل عليه ) [ هود : 123 ] .
ولهذا قال :
( فستعلمون من هو في ضلال مبين ) ؟
أي : منا ومنكم ، ولمن تكون العاقبة في الدنيا والآخرة ؟ .

🌺🌺🌺🌺🌺

( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ ) [الملك : 30]

ثم قال :
( قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا )
أي : ذاهبا في الأرض إلى أسفل ، فلا ينال بالفئوس الحداد ، ولا السواعد الشداد .
والغائر : عكس النابع ; ولهذا قال :
( فمن يأتيكم بماء معين )
أي : نابع سائح جار على وجه الأرض ، لا يقدر على ذلك إلا الله ، عز وجل ، فمن فضله وكرمه أن أنبع لكم المياه وأجراها في سائر أقطار الأرض ، بحسب ما يحتاج العباد إليه من القلة والكثرة ، فلله الحمد والمنة .

[ آخر تفسير سورة " تبارك " ولله الحمد ] .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ۖ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) [التحريم : 1]

اختلف في سبب نزول صدر هذه السورة فقيل:
نزلت في شأن مارية وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حرمها فنزل قوله تعالى:
"يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك" الآية.
قال أبو عبدالرحمن النسائي:
أخبرنا إبراهيم بن يونس بن محمد حدثنا أبي حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت له أمة يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة حتى حرمها فأنزل الله عز وجل:
"يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك" إلى آخر الآية.

وقال ابن جرير:
حدثني ابن عبدالرحيم البرقي حدثنا ابن أبي مريم ثنا أبو غسان حدثني زيد بن أسلم:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصاب أم إبراهيم في بيت بعض نسائه فقالت:
أي رسول الله في بيتي وعلى فراشي؟
فجعلها عليه حراما قالت:
أي رسول الله كيف يحرم عليك الحلال؟
فحلف لها بالله لا يصيبها فأنزل الله تعالى:
"يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك".
قال زيد بن أسلم: فقوله أنت علي حرام لغو وهكذا روى عبدالرحمن بن زيد عن أبيه.

وقال ابن جرير أيضا:
حدثنا يونس ثنا ابن وهب عن مالك عن زيد بن أسلم قال:
قال لها "أنت علي حرام والله لا أطؤك".

وقال سفيان الثوري بن علية عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق قال:
آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرم فعوتب في التحريم وأمر بالكفارة فى اليمين رواه ابن جرير وكذا روي عن قتادة وغيره عن الشعبي نفسه وكذا قال غير واحد من السلف منهم الضحاك والحسن وقتادة ومقاتل بن حيان.
وروى العوفي عن ابن عباس قال:
قلت لعمر بن الخطاب من المرأتان؟
قال عائشة وحفصة.
وكان بدء الحديث في شأن أم إبراهيم مارية أصابها النبي صلى الله عليه وسلم في بيت حفصة في نوبتها فوجدت حفصة فقالت:
يا نبي الله لقد جئت إلي شيئا ما جئت إلى أحد من أزواجك في يومي وفي دوري وعلى فراشي.
قال: "ألا ترضين أن أحرمها فلا أقربها"
قالت: بلى.
فحرمها وقال لها: "لا تذكري ذلك لأحد"
فذكرته لعائشة فأظهره الله عليه فأنزل الله تعالى:
"يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك" الآيات كلها.
فبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفر عن يمينه وأصاب جاريته.

وقال الهيثم بن كليب في مسنده: ثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا جرير بن حازم عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن عمر قال:
قال النبي صلى الله عليه وسلم لحفصة: "لا تخبري أحدا وإن أم إبراهيم علي حرام".
فقالت أتحرم ما أحل الله لك؟
قال: "فوالله لا أقربها"
قال: فلم يقربها حتى أخبرت عائشة.
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَىٰ بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَتْ بِهِ وَأَظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ ۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَتْ مَنْ أَنبَأَكَ هَٰذَا ۖ قَالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) [التحريم : 3]

"وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا" لقوله: "بل شربت عسلا".
وقال إبراهيم بن موسى عن هشام:
"ولن أعود له وقد حلفت فلا تخبري بذلك أحدا".
وهكذا رواه في كتاب الطلاق بهذا الإسناد ولفظه قريب منه.

ثم قال: المغافير شبيه بالصمغ يكون في الرمث فيه حلاوة أغفر الرمث إذا ظهر فيه واحدها مغفور ويقال مغافير وهكذا قال الجوهري.
قال: وقد يكون المغفور أيضا للعشر والثمام والسلم والطلح.
قال: والرمث بالكسر مرعى من مراعي الإبل وهو من الحمض.
قال: والعرفط شجر من العظاة ينضح المغفور.

وقد روى مسلم هذا الحديث في كتاب الطلاق من صحيحه عن محمد بن حاتم عن حجاج عن ابن جريج أخبرني عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة به ولفظه كما أورده البخاري فى الأيمان والنذور ثم قال البخاري في كتاب الطلاق ثنا فروة بن أبي المغراء ثنا علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلوى والعسل وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن فدخل على حفصة بنت عمر فاحتبس أكثر ما كان يحتبس فغرت فسألت عن ذلك فقيل لي أهدت لها امرأة من قومها عكة عسل فسقت النبي صلى الله عليه وسلم منه شربة فقلت أما والله لنحتالن له فقلت لسودة بنت زمعة إنه سيدنو منك فإذا دنا منك فقولي أكلت مغافير فإنه سيقول لك لا فقولي له ما هذه الريح التي أجد فإنه سيقول لك سقتني حفصة شربة عسل فقولي جرست نحله العرفط وسأقول ذلك وقولي له أنت يا صفية ذلك قالت تقول سودة فوالله ما هو إلا أن قام على الباب فأردت أن أناديه بما أمرتني فرقا منك فلما دنا منها قالت له سودة يا رسول الله أكلت مغافير؟
قال: "لا"
قالت: فما هذه الريح التي أجد منك؟
قال: "سقتني حفصة شربة عسل"
قالت: جرست نحله العرفط.
فلما دار إلي قلت نحو ذلك، فلما دار إلى صفية قالت له مثل ذلك فلما دار إلى حفصة قالت له:
يا رسول الله ألا أسقيك منه؟
قال: "لا حاجة لي فيه"
قالت: تقول سودة والله لقد حرمناه قلت لها اسكتي. هذا لفظ البخاري.

وقد رواه مسلم عن سويد بن سعيد عن علي بن مسهر به وعن أبي كريب وهارون بن عبدالله والحسن بن بشر ثلاثتهم عن أبي أسامة حماد بن أسامة عن هشام بن عروة به وعنده: قالت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه أن يوجد منه الريح يعني الريح الخبيثة ولهذا قلن له أكلت مغافير لأن ريحها فيه شيء فلما قال "بل شربت عسلا" قلن جرست نحله العرفط أي رعت نحله شجر العرفط الذي صمغه المغافير فلهذا ظهر ريحه في العسل الذي شربته.
قال الجوهري: جرست النحل العرفط تجرس إذا أكلته ومنه قيل للنحل جوارس.
قال الشاعر:
تظل على الثمراء منها جوارس.
وقال الجرس والجرس الصوت الخفي ويقال سمعت جرس الطير إذا سمعت صوت مناقيرها على شيء تأكله.
وفي الحديث "فيسمعون جرس طير الجنة"
قال الأصمعي: كنت في مجلس شعبة قال: فيسمعون جرش طير الجنة بالشين.
فقلت: جرس
فنظر إلي فقال: خذوها عنه فإنه أعلم بهذا منا.

والغرض أن هذا السياق فيه أن حفصة هي الساقية للعسل وهو من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن خالته عن عائشة وفي طريق ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة : أن زينب بنت جحش هي التي سقته العسل وأن عائشة وحفصة تواطأتا وتظاهرتا عليه، فالله أعلم.

وقد يقال أنهما واقعتان ولا بعد في ذلك إلا أن كونهما سببا لنزول هذه الآية فيه نظر والله أعلم.
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ) [التحريم : 4]
ومما يدل على أن عائشة وحفصة رضي الله عنهما هما المتظاهرتان الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده حيث قال: ثنا عبدالرزاق أنا معمر عن الزهري عن عبيدالله بن عبدالله بن أبي ثور عن ابن عباس قال:
لم أزل حريصا على أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله تعالى:
"إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما"
حتى حج عمر وحججت معه فلما كان ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه بالإداوة فتبرز ثم أتاني فسكبت على يديه فتوضأ فقلت:
يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله تعالى:
"إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما"
فقال عمر: واعجبا لك يا ابن عباس.
قال الزهري: كره والله ما سأله عنه ولم يكتمه، قال: هي عائشة وحفصة .
قال: ثم أخذ يسوق الحديث، قال: كنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم.
قال: وكان منزلي في دار أمية بن زيد بالعوالي'قال: فغضبت يوما على امرأتي فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني.
فقالت: ما تنكر أن أراجعك؟
فوالله إن أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل.
قال: فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت: أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قالت نعم.
قلت: وتهجره إحد اليوم إلى الليل؟
قالت: نعم.
قلت: قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله فإذا هي قد هلكت لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه شيئا وسليني من مالي ما بدالك ولا يغرنك إن كانت جارتك هي أوسم - أي أجمل - وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك يريد عائشة، قال: - وكان لي جار من الأنصار وكنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوما وأنزل يوما فيأتيني بخبر الوحي وغيره وآتيه بمثل ذلك، وقال: وكنا نتحدث أن غسان تنعل الخيل لتغزونا فنزل صاحبي يوما ثم أتى عشاء فضرب بابي ثم ناداني فخرجت إليه فقال: حدث أمر عظيم
فقلت: وما ذاك أجاءت غسان؟
قال: لا بل أعظم من ذلك وأطول طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه.
فقلت: قد خابت حفصة وخسرت قد كنت أظن هذا كائنا حتى إذا صليت الصبح شددت علي ثيابي ثم نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي فقلت: أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
فقالت: لا أدري هو هذا معتزل في هذه المشربة.
فأتيت غلاما له أسود فقلت: استأذن لعمر فدخل الغلام ثم خرج إلي فقال له فصمت فانطلقت حتى أتيت المنبر فإذا عنده رهط جلوس يبكي بعضهم فجلست عنده قليلا ثم غلبني ما أجد فأتيت الغلام فقلت: استأذن لعمر فدخل ثم خرج إلي فقال قد ذكرتك له فصمت فخرجت فجلست إلى المنبر ثم غلبني ما أجد فأتيت الغلام فقلت استأذن لعمر فدخل ثم خرج إلي فقال: قد ذكرتك له فصمت فوليت مدبرا فإذا الغلام يدعوني فقال: ادخل قد أذن لك.
فدخلت فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو متكئ على رمال حصير- قال الإمام أحمد: وحدثناه يعقوب في حديث صالح قال رمال حصير - وقد أثر في جنبه فقلت: أطلقت يا رسول الله نساءك؟
فرفع رأسه إلي وقال : "لا".
فقلت: الله أكبر ولو رأيتنا يا رسول الله وكنا معشر قريش قوما نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم فغضبت علي امرأتي يوما فإذا هي تراجعني فأنكرت أن تراجعني فقالت: ما تنكر أن أراجعك؟
فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل. فقلت: قد خاب من فعل ذلك منكن وخسرت أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله فإذا هي قد هلكت فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقلت: يا رسول الله قد دخلت على حفصة فقلت: لا يغرنك إن كانت جارتك هي أوسم أو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك' فتبسم أخرى. فقلت: أستأنس يا رسول الله؟
قال: "نعم".
فجلست فرفعت رأسي في البيت فوالله ما رأيت في البيت شيئا يرد البصر إلا أهب مقامة فقلت: أدع الله يا رسول الله أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله فاستوى جالسا.
وقال: "أفي شك أنت يا ابن الخطاب؟
أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا"
فقلت: استغفر لي يا رسول الله.
وكان أقسم أن لا يدخل عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله عز وجل، وقد رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي من طرق عن الزهري به وأخرجه الشيخان من حديث يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:
مكثت سنة أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن آية فما أستطيع أن أسأله هيبة له حتى خرج حاجا فخرجت معه فلما رجعنا وكنا ببعض الطريق عدل إلى الأراك لحاجة له قال: فوقفت حتى فرغ ثم سرت معه فقلت: يا أمير المؤمنين من اللتان تظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم؟
هذا لفظ البخاري ولمسلم من المرأتان اللتان قال الله تعالى : "وإن تظاهرا عليه"
قال: عائشة وحفصة، ثم ساق الحديث بطوله ومنهم من اختصره.

وقال مسلم أيضا:
حدثني زهير بن حرب حدثنا عمر بن يونس الحنفي ثنا عكرمة بن عمار عن سماك بن الوليد أبي زميل حدثني عبدالله بن عباس حدثني عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل نبي الله صلى الله عليه وسلم نساءه دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصى ويقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه وذلك قبل أن يؤمر بالحجاب فقلت لأعلمن ذلك اليوم فذكر الحديث في دخوله على عائشة وحفصة ووعظه إياهما إلى أن قال: فدخلت فإذا أنا برباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم على أسكفة المشربة فناديت فقلت يا رباح استأذن لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحو ما تقدم - إلى أن قال - فقلت: يا رسول الله ما يشق عليك من أمر النساء فإن كنت طلقتهن فإن الله معك وملائكته وجبريل وميكال وأنا وأبو بكر والمؤمنون معك وقلما تكلمت - وأحمد الله - بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي.
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@

( عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا) [التحريم : 5]
فنزلت هذه الآية آية التخيير:
"عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن - وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير"
فقلت أطلقتهن؟
قال "لا"
فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق نساءه ونزلت هذه الآية:
"وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم".
فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر.
وكذا قال سعيد بن جبير وعكرمة ومقاتل بن حيان والضحاك وغيرهم:
"وصالح المؤمنين" أبو بكر وعمر زاد الحسن البصري وعثمان.
قال ليث بن أبي سليم عن مجاهد:
"وصالح المؤمنين".
قال: علي بن أبي طالب.

وقال ابن أبي حاتم:
حدثنا علي بن الحسين ثنا محمد بن أبي عمر ثنا محمد بن جعفر بن محمد بن الحسين قال أخبرني رجل ثقة يرفعه إلى علي قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: "وصالح المؤمنين"
قال: "هو علي بن أبي طالب"
إسناده ضعيف وهو منكر جدا.

وقال البخاري:
ثنا عمرو بن عون ثنا هشيم عن حميد عن أنس قال:
قال: عمر اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة عليه فقلت لهن: "عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن".
فنزلت هذه الآية، وقد تقدم أنه وافق القرآن في أماكن منها في نزول الحجاب، ومنها في أسارى بدر، ومنها قوله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى فأنزل الله تعالى: "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى".

وقال ابن أبي حاتم: ثنا أبي حدثنا الأنصاري ثنا حميد عن أنس قال:
قال: عمر بن الخطاب بلغني شيء كان بين أمهات المؤمنين وبين النبي صلى الله عليه وسلم فاستقريتهن أقول لتكفن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ليبدلنه الله أزواجا خيرا منكن حتى أتيت على آخر أمهات المؤمنين فقالت: يا عمر أما في رسول الله ما يعظ نساءه حتى تعظهن؟.

فأمسكت فأنزل الله عز وجل: "عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا".
وهذه المرأة التي ردته عما كان فيه من وعظ النساء هي أم سلمة كما ثبت ذلك في صحيح البخاري.

وقال الطبراني: ثنا إبراهيم بن نائلة الأصبهاني ثنا إسماعيل البجلي ثنا أبو عوانة عن أبي سنان عن الضحاك عن ابن عباس في قوله : "وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا".
قال: دخلت حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها وهو يطأ مارية، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"لا تخبري عائشة حتى أبشرك ببشارة إن أباك يلي الأمر من بعد أبي بكر إذا أنا مت".
فذهبت حفصة فأخبرت عائشة فقالت عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: من أنبأك هذا؟
قال: "نبأني العليم الخبير".
فقالت عائشة: لا أنظر إليك حتى تحرم مارية فحرمها فأنزل الله تعالى: "يا أيها النبي لم تحرم".
إسناده فيه نظر وقد تبين مما أوردناه تفسير هذه الآيات الكريمات ومعنى قوله: "مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات" ظاهر.
وقوله تعالى: "سائحات" أي صائمات قاله أبو هريرة وعائشة وابن عباس وعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير وعطاء ومحمد بن كعب القرظي وأبو عبدالرحمن السلمي وأبو مالك وإبراهيم النخعي والحسن وقتادة والضحاك والربيع بن أنس والسدي وغيرهم.

وتقدم فيه حديث مرفوع عند قوله: "السائحون" في سورة براءة ولفظه "سياحة هذه الأمة الصيام".
وقال زيد بن أسلم وابنه عبدالرحمن "سائحات" أي مهاجرات وتلا عبدالرحمن "السائحون" أي المهاجرون والقول الأول أولى والله أعلم.

وقوله تعالى: "ثيبات وأبكارا" أي منهن ثيبات ومنهن أبكارا ليكون ذلك أشهى إلى النفس فإن التنوع يبسط النفس ولهذا قال: "ثيبات وأبكارا".

وقال أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير : ثنا أبو بكر بن صدقة ثنا محمد بن محمد بن مرزوق ثنا عبدالله بن أبي أمية ثنا عبدالقدوس عن صالح بن حيان عن ابن بريدة عن أبيه "ثيبات وأبكارا".
قال: وعد الله نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية أن يزوجه فالثيب آسية امرأة فرعون وبالأبكار مريم بنت عمران.

وذكر الحافظ ابن عساكر فى ترجمة مريم عليها السلام من طريق سويد بن سعيد ثنا محمد بن صالح بن عمر عن الضحاك ومجاهد عن ابن عمر قال: جاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمرت خديجة، فقال: إن الله يقرئها السلام ويبشرها ببيت في الجنة من قصب بعيد من اللهب لا نصب فيه ولا صخب من لؤلؤة جوفاء بين بيت مريم بنت عمران وبيت آسية بنت مزاحم.

ومن حديث أبي بكر الهذلي عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على خديجة وهي في الموت فقال: "يا خديجة إذا لقيت ضرائرك فأقرئيهن مني السلام".
فقالت: يا رسول الله وهل تزوجت قبلي؟
قال: "لا ولكن الله زوجني مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وكلثم أخت موسى".
ضعيف أيضا

وقال أبو يعلى: ثنا إبراهيم بن عرعرة ثنا عبدالنور بن عبدالله ثنا يوسف بن شعيب عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أعلمت أن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران وكلثم أخت موسى وآسية امرأة فرعون؟".
فقلت: هنيئا لك يا رسول الله.
وهذا أيضا ضعيف وروى مرسلا عن ابن أبي داود.
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم : 6]

قال سفيان الثوري عن منصور عن رجل عن علي رضي الله عنه في قوله تعالى:
"قوا أنفسكم وأهليكم نارا"
يقول أدبوهم وعلموهم.

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس:
"قوا أنفسكم وأهليكم نارا"
يقول: اعملوا بطاعة الله واتقوا معاصي الله وأمروا أهليكم بالذكر ينجيكم الله من النار.

وقال مجاهد:
"قوا أنفسكم وأهليكم نارا"
قال: اتقوا الله وأوصوا أهليكم بتقوى الله.
وقال قتادة؛ تأمرهم بطاعة الله وتنهاهم عن معصية الله وأن تقوم عليهم بأمر الله وتأمرهم به وتساعدهم عليه فإذا رأيت لله معصية قذعتهم عنها وزجرتهم عنها.
وهكذا قال الضحاك ومقاتل:
حق المسلم أن يعلم أهله من قرابته وإمائه وعبيده ما فرض الله عليهم وما نهاهم الله عنه.

وفي معنى هذه الآية الحديث الذي رواه أحمد وأبو داود والترمذي من حديث عبدالملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها"
هذا لفظ أبي داود.
وقال الترمذي هذا حديث حسن
وروى أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك قال الفقهاء وهكذا في الصوم ليكون ذلك تمرينا له على العبادة لكي يبلغ وهو مستمر علي العبادة والطاعة ومجانبة المعاصي وترك المنكر والله الموفق.

وقوله تعالى:
"وقودها الناس والحجارة" وقودها أي حطبها الذي يلقي فيه جثث بني آدم "والحجارة" قيل المراد بها الأصنام التي تعبد لقوله تعالى:
"إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم"

وقال ابن مسعود ومجاهد وأبو جعفر الباقر والسدي هي حجارة من كبريت زاد مجاهد: أنتن من الجيفة، وروى ذلك ابن أبي حاتم رحمه الله قال: ثنا أبي ثنا عبدالرحمن بن سنان المنقري ثنا عبدالعزيز - يعني ابن أبي داود - قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية:
"يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة"
وعنده بعض أصحابه وفيهم شيخ فقال الشيخ:
يا رسول الله حجارة جهنم كحجارة الدنيا؟
فقال النبي صلي الله عليه وسلم:
"والذي نفسي بيده لصخرة من صخر جهنم أعظم من جبال الدنيا كلها"
قال فوقع الشيخ مغشيا عليه فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على فؤاده فإذا هو حي فناداه قال: "يا شيخ قل لا إله إلا الله"، فقالها فبشره بالجنة.
قال: فقال أصحابه يا رسول الله أمن بيننا؟
قال: "نعم، يقول الله تعالى:
"ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد".
هذا حديث مرسل غريب وقوله تعالى:
"عليها ملائكة غلاظ شداد" أي طباعهم غليظة قد نزعت من قلوبهم الرحمة بالكافرين بالله "شداد" أي تركيبهم في غاية الشدة والكثافة والمنظر المزعج كما قال ابن أبي حاتم: ثنا أبي ثنا سلمة بن شبيب ثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان ثنا أبي عن عكرمة أنه قال:
إذا وصل أول أهل النار إلى النار وجدوا على الباب أربعمائة ألف من خزنة جهنم سود وجوههم كالحة أنيابهم قد نزع الله من قلوبهم الرحمة ليس في قلب واحد منهم مثقال ذرة من الرحمة لو طير الطير من منكب أحدهم لطار شهرين قبل أن يبلغ منكبه الآخر ثم يجدون على الباب التسعة عشر عرض صدر أحدهم سبعون خريفا ثم يهوون من باب إلى باب خمسمائة سنة ثم يجدون على كل باب منها مثل ما وجدوا على الباب الأول حتى ينتهوا إلى آخرها وقوله:
"لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون" أي مهما أمرهم به تعالى يبادروا إليه لا يتأخرون عنه طرفة عين وهم قادرون على فعله ليس بهم عجز عنه.

وهؤلاء هم الزبانية - عياذا بالله منهم.
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 2 ( الاعضاء: 0, الزوار: 2 )