أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

تفسير ابن كثير

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [الحشر : 19]
وقال: ( ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم ) أي : لا تنسوا ذكر الله فينسيكم العمل لمصالح أنفسكم التي تنفعكم في معادكم ، فإن الجزاء من جنس العمل ; ولهذا قال :
( أولئك هم الفاسقون ) أي : الخارجون عن طاعة الله ، الهالكون يوم القيامة ، الخاسرون يوم معادهم ، كما قال :
( يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون ) [ المنافقون : 9 ] .

وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني :
حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ، حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا حريز بن عثمان ، عن نعيم بن نمحة قال :
كان في خطبة أبي بكر الصديق ، رضي الله عنه :
أما تعلمون أنكم تغدون وتروحون لأجل معلوم ؟
فمن استطاع أن يقضي الأجل وهو في عمل الله ، عز وجل ، فليفعل ، ولن تنالوا ذلك إلا بالله ، عز وجل . إن قوما جعلوا آجالهم لغيرهم ، فنهاكم الله تكونوا أمثالهم :
( ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم )
أين من تعرفون من إخوانكم ؟
قدموا على ما قدموا في أيام سلفهم ، وخلوا بالشقوة والسعادة.
أين الجبارون الأولون الذين بنوا المدائن وحصنوها بالحوائط ؟
قد صاروا تحت الصخر والآبار.
هذا كتاب الله لا تفنى عجائبه فاستضيئوا منه ليوم ظلمة ، وائتضحوا بسنائه وبيانه ، إن الله أثنى على زكريا وأهل بيته فقال :
( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين ) [ الأنبياء : 90 ].
لا خير في قول لا يراد به وجه الله ، ولا خير في مال لا ينفق في سبيل الله ، ولا خير فيمن يغلب جهله حلمه ، ولا خير فيمن يخاف في الله لومة لائم .
هذا إسناد جيد ، ورجاله كلهم ثقات ، وشيخ حريز بن عثمان ، وهو نعيم بن نمحة ، لا أعرفه بنفي ولا إثبات ، غير أن أبا داود السجستاني قد حكم بأن شيوخ حريز كلهم ثقات . وقد روي لهذه الخطبة شواهد من وجوه أخر ، والله أعلم .

🌹🌹🌹🌹🌹🌹

( لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ۚ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ) [الحشر : 20]
وقوله :
( لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة ) أي لا يستوي هؤلاء وهؤلاء في حكم الله يوم القيامة ، كما قال :
( أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون ) [ الجاثية : 21 ] .
وقال:
( وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء ) الآية [ غافر : 58 ] .
قال :
( أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار ) ؟
في آيات أخر دالات على أن الله سبحانه يكرم الأبرار ، ويهين الفجار ; ولهذا قال ها هنا :
( أصحاب الجنة هم الفائزون ) أي : الناجون المسلمون من عذاب الله عز وجل .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( لَوْ أَنزَلْنَا هَٰذَا الْقُرْآنَ عَلَىٰ جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ ۚ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [الحشر : 21]
يقول تعالى معظما لأمر القرآن ، ومبينا علو قدره ، وأنه ينبغي أن تخشع له القلوب ، وتتصدع عند سماعه لما فيه من الوعد والوعيد الأكيد :
( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله ) أي : فإن كان الجبل في غلظته وقساوته ، لو فهم هذا القرآن فتدبر ما فيه ، لخشع وتصدع من خوف الله ، عز وجل ، فكيف يليق بكم أيها البشر ألا تلين قلوبكم وتخشع ، وتتصدع من خشية الله ، وقد فهمتم عن الله أمره وتدبرتم كتابه ؟
ولهذا قال تعالى :
( وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ) .

قال العوفي :
عن ابن عباس في قوله :
( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا ) إلى آخرها ، يقول :
لو أني أنزلت هذا القرآن على جبل حملته إياه ، لتصدع وخشع من ثقله ، ومن خشية الله . فأمر الله الناس إذا نزل عليهم القرآن أن يأخذوه بالخشية الشديدة والتخشع . ثم قال : كذلك يضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتفكرون . وكذا قال قتادة ، وابن جرير .

وقد ثبت في الحديث المتواتر :
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما عمل له المنبر ، وقد كان يوم الخطبة يقف إلى جانب جذع من جذوع المسجد ، فلما وضع المنبر أول ما وضع ، وجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - ليخطب فجاوز الجذع إلى نحو المنبر ، فعند ذلك حن الجذع وجعل يئن كما يئن الصبي الذي يسكن ، لما كان يسمع من الذكر والوحي عنده . ففي بعض روايات هذا الحديث قال الحسن البصري بعد إيراده :
" فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الجذع " .
وهكذا هذه الآية الكريمة ، إذا كانت الجبال الصم لو سمعت كلام الله وفهمته ، لخشعت وتصدعت من خشيته فكيف بكم وقد سمعتم وفهمتم ؟
وقد قال تعالى :
( ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى ) الآية [ الرعد : 31 ] .
وقد تقدم أن معنى ذلك : أي لكان هذا القرآن .
وقال تعالى : ( وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله ) [ البقرة : 74 ] .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسيرابن كثير
@@@@@@@

( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ ۖ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ) [الحشر : 22]
ثم قال تعالى :
( هو الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم )
أخبر تعالى أنه الذي لا إله إلا هو فلا رب غيره ، ولا إله للوجود سواه ، وكل ما يعبد من دونه فباطل ، وأنه عالم الغيب والشهادة ، أي : يعلم جميع الكائنات المشاهدات لنا والغائبات عنا فلا يخفى عليه شيء في الأرض ، ولا في السماء من جليل وحقير ، وصغير وكبير ، حتى الذر في الظلمات .

وقوله : ( هو الرحمن الرحيم ) قد تقدم الكلام على ذلك في أول التفسير ، بما أغنى عن إعادته ها هنا . والمراد أنه ذو الرحمة الواسعة الشاملة لجميع المخلوقات ، فهو رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، وقد قال تعالى :
( ورحمتي وسعت كل شيء ) [ الأعراف : 156 ].
وقال: ( كتب ربكم على نفسه الرحمة ) [ الأنعام : 54 ].
وقال: ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون ) [ يونس : 58 ] .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الحشر : 23]
وقوله ( هو الله الذي لا إله إلا هو الملك ) أي : المالك لجميع الأشياء المتصرف فيها بلا ممانعة ولا مدافعة .

وقوله : ( القدوس ) قال وهب بن منبه : أي الطاهر .
وقال مجاهد ، وقتادة : أي المبارك.
وقال ابن جريج : تقدسه الملائكة الكرام .

( السلام ) أي : من جميع العيوب والنقائص ; بكماله في ذاته وصفاته وأفعاله .

وقوله : ( المؤمن ) قال الضحاك عن ابن عباس : أي أمن خلقه من أن يظلمهم .
وقال قتادة : أمن بقوله : إنه حق .
وقال ابن زيد : صدق عباده المؤمنين في إيمانهم به .

وقوله : ( المهيمن ) قال ابن عباس وغير واحد : أي الشاهد على خلقه بأعمالهم ، بمعنى : هو رقيب عليهم ، كقوله :
( والله على كل شيء شهيد ) [ البروج : 9 ].
وقوله: ( ثم الله شهيد على ما يفعلون ) [ يونس : 46 ] .
وقوله : ( أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ) الآية [ الرعد : 33 ] .

وقوله : ( العزيز ) أي : الذي قد عز كل شيء فقهره ، وغلب الأشياء فلا ينال جنابه لعزته ، وعظمته ، وجبروته ، وكبريائه ; ولهذا قال :
( الجبار المتكبر ) أي : الذي لا تليق الجبرية إلا له ، ولا التكبر إلا لعظمته ، كما تقدم في الصحيح :
" العظمة إزاري ، والكبرياء ردائي ، فمن نازعني واحدا منهما عذبته " .

وقال قتادة : الجبار : الذي جبر خلقه على ما يشاء .

وقال ابن جرير : الجبار : المصلح أمور خلقه ، المتصرف فيهم بما فيه صلاحهم .

وقال قتادة : المتكبر : يعني عن كل سوء .

ثم قال : ( سبحان الله عما يشركون ) .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [الحشر : 24]
وقوله : ( هو الله الخالق البارئ المصور )
الخلق : التقدير.
والبراء : هو الفري ، وهو التنفيذ وإبراز ما قدره وقرره إلى الوجود ، وليس كل من قدر شيئا ورتبه يقدر على تنفيذه وإيجاده سوى الله عز وجل .
قال الشاعر يمدح آخر

ولأنت تفري ما خلقت وبعض القوم يخلق ثم لا يفري

أي : أنت تنفذ ما خلقت ، أي : قدرت بخلاف غيرك فإنه لا يستطيع ما يريد .
فالخلق : التقدير .
والفري : التنفيذ .
ومنه يقال :
قدر الجلاد ثم فرى ، أي : قطع على ما قدره بحسب ما يريده .

وقوله تعالى : ( الخالق البارئ المصور ) أي : الذي إذا أراد شيئا قال له : كن ، فيكون على الصفة التي يريد ، والصورة التي يختار . كقوله :
( في أي صورة ما شاء ركبك ) [ الانفطار : 8 ]
ولهذا قال : ( المصور ) أي : الذي ينفذ ما يريد إيجاده على الصفة التي يريدها .

وقوله : ( له الأسماء الحسنى ) قد تقدم الكلام على ذلك في " سورة الأعراف " ، وذكر الحديث المروي في الصحيحين عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" إن لله تعالى تسعة وتسعين اسما ، مائة إلا واحدا ، من أحصاها دخل الجنة ، وهو وتر يحب الوتر " .
وتقدم سياق الترمذي ، وابن ماجه له ، عن أبي هريرة أيضا ، وزاد بعد قوله :
" وهو وتر يحب الوتر " - واللفظ للترمذي - :
" هو الله الذي لا إله إلا هو ، الرحمن ، الرحيم ، الملك ، القدوس ، السلام ، المؤمن ، المهيمن ، العزيز ، الجبار ، المتكبر ، الخالق ، البارئ ، المصور ، الغفار ، القهار ، الوهاب ، الرزاق ، الفتاح ، العليم ، القابض ، الباسط ، الخافض ، الرافع ، المعز ، المذل ، السميع ، البصير ، الحكم ، العدل ، اللطيف ، الخبير ، الحليم ، العظيم ، الغفور ، الشكور ، العلي ، الكبير ، الحفيظ ، المقيت ، الحسيب ، الجليل ، الكريم ، الرقيب ، المجيب ، الواسع ، الحكيم ، الودود ، المجيد ، الباعث ، الشهيد ، الحق ، الوكيل ، القوي ، المتين ، الولي ، الحميد ، المحصي ، المبدئ ، المعيد ، المحيي ، المميت ، الحي ، القيوم ، الواجد ، الماجد ، الواحد ، الصمد ، القادر ، المقتدر ، المقدم ، المؤخر ، الأول ، الآخر ، الظاهر ، الباطن ، الوالي ، المتعالي ، البر ، التواب ، المنتقم ، العفو ، الرءوف ، مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام ، المقسط ، الجامع ، الغني ، المغني ، المانع ، الضار ، النافع ، النور ، الهادي ، البديع ، الباقي ، الوارث ، الرشيد ، الصبور " .

وسياق ابن ماجه بزيادة ، ونقصان ، وتقديم ، وتأخير ، وقد قدمنا ذلك مبسوطا مطولا بطرقه ، وألفاظه بما أغنى عن إعادته هنا .

وقوله :
( يسبح له ما في السماوات والأرض ) كقوله:
( تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليما غفورا ) [ الإسراء : 44 ] .

وقوله : ( وهو العزيز ) أي : فلا يرام جنابه
( الحكيم ) في شرعه وقدره .
وقد قال الإمام أحمد :
حدثنا أبو أحمد الزبيري ، حدثنا خالد - يعني : ابن طهمان أبو العلاء الخفاف - حدثنا نافع بن أبي نافع ، عن معقل بن يسار ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
" من قال حين يصبح ثلاث مرات : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، ثم قرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر ، وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي ، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيدا ، ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة " .
ورواه الترمذي ، عن محمود بن غيلان ، عن أبي أحمد الزبيري به . ، وقال : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه .

آخر تفسير سورة الحشر ولله الحمد والمنة.
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [المجادلة : 1]
تفسير سورة المجادلة وهي مدنية .

قال الإمام أحمد :
حدثنا أبو معاوية ، حدثنا الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عروة ، عن عائشة قالت :
الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات ، لقد جاءت المجادلة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تكلمه وأنا في ناحية البيت ، ما أسمع ما تقول ، فأنزل الله ، عز وجل :
( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ) إلى آخر الآية
وهكذا رواه البخاري في كتاب التوحيد تعليقا فقال :
وقال الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عروة ، عن عائشة ، فذكره ، وأخرجه النسائي ، وابن ماجه ، وابن أبي حاتم ، وابن جرير من غير وجه ، عن الأعمش به .

وفي رواية لابن أبي حاتم ، عن الأعمش ، عن تميم بن سلمة ، عن عروة ، عن عائشة أنها قالت :
تبارك الذي أوعى سمعه كل شيء ، إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ، ويخفى علي بعضه ، وهي تشتكي زوجها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي تقول :
يا رسول الله ، أكل شبابي ، ونثرت له بطني ، حتى إذا كبرت سني ، وانقطع ولدي ، ظاهر مني ، اللهم إني أشكو إليك .
قالت : فما برحت حتى نزل جبريل بهذه الآية :
( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها )
وقال : وزوجها أوس بن الصامت .

وقال ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة : هو أوس بن الصامت - وكان أوس امرأ به لمم ، فكان إذا أخذه لممه واشتد به يظاهر من امرأته ، وإذا ذهب لم يقل شيئا . فأتت رسول الله تستفتيه في ذلك ، وتشتكي إلى الله ، فأنزل الله :
( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله ) الآية .
وهكذا روى هشام بن عروة ، عن أبيه : أن رجلا كان به لمم ، فذكر مثله .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا موسى بن إسماعيل أبو سلمة ، حدثنا جرير - يعني ابن حازم - قال : سمعت أبا يزيد يحدث قال :
لقيت امرأة عمر - يقال لها : خولة بنت ثعلبة - وهو يسير مع الناس ، فاستوقفته ، فوقف لها ، ودنا منها ، وأصغى إليها رأسه ، ووضع يديه على منكبيها حتى قضت حاجتها وانصرفت .
فقال له رجل : يا أمير المؤمنين ، حبست رجالات قريش على هذه العجوز ؟ !
قال : ويحك ! وتدري من هذه ؟
قال : لا .
قال : هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سماوات ، هذه خولة بنت ثعلبة ، والله لو لم تنصرف عني إلى الليل ما انصرفت عنها حتى تقضي حاجتها إلى أن تحضر صلاة فأصليها ، ثم أرجع إليها حتى تقضي حاجتها.
هذا منقطع بين أبي يزيد ، وعمر بن الخطاب ، وقد روي من غير هذا الوجه .
وقال ابن أبي حاتم أيضا :
حدثنا المنذر بن شاذان حدثنا يعلى ، حدثنا زكريا عن عامر قال :
المرأة التي جادلت في زوجها خولة بنت الصامت ، وأمها معاذة التي أنزل الله فيها :
( ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا ) [ النور : 33 ]

صوابه : خولة امرأة أوس بن الصامت .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنكُم مِّن نِّسَائِهِم مَّا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ ۖ إِنْ أُمَّهَاتُهُمْ إِلَّا اللَّائِي وَلَدْنَهُمْ ۚ وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنكَرًا مِّنَ الْقَوْلِ وَزُورًا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ) [المجادلة : 2]

قال الإمام أحمد :
حدثنا سعد بن إبراهيم ، ويعقوب قالا : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن إسحاق ، حدثني معمر بن عبد الله بن حنظلة ، عن ابن عبد الله بن سلام ، عن خويلة بنت ثعلبة قالت :
في - والله - وفي أوس بن الصامت أنزل الله صدر سورة " المجادلة ".
قالت : كنت عنده وكان شيخا كبيرا قد ساء خلقه.
قالت : فدخل علي يوما فراجعته بشيء ، فغضب فقال :
أنت علي كظهر أمي .
قالت : ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة ، ثم دخل علي فإذا هو يريدني عن نفسي .
قالت : قلت : كلا والذي نفس خويلة بيده ، لا تخلص إلي وقد قلت ما قلت ، حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه .
قالت : فواثبني وامتنعت منه ، فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف ، فألقيته عني.
قالت : ثم خرجت إلى بعض جاراتي ، فاستعرت منها ثيابا ، ثم خرجت حتى جئت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجلست بين يديه ، فذكرت له ما لقيت منه ، وجعلت أشكو إليه ما ألقى من سوء خلقه .
قالت : فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " يا خويلة ، ابن عمك شيخ كبير ، فاتقي الله فيه " .
قالت : فوالله ما برحت حتى نزل في القرآن ، فتغشى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان يتغشاه ، ثم سري عنه ، فقال لي :
" يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك " . ثم قرأ علي :
( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير ) إلى قوله : ( وللكافرين عذاب أليم ) قالت :
فقال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " مريه فليعتق رقبة " .
قالت : فقلت يا رسول الله ، ما عنده ما يعتق .
قال : " فليصم شهرين متتابعين " .
قالت : فقلت : والله إنه شيخ كبير ، ما به من صيام .
قال : " فليطعم ستين مسكينا وسقا من تمر " .
قالت : فقلت : يا رسول الله ، ما ذاك عنده .
قالت : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فإنا سنعينه بعرق من تمر " .
قالت : فقلت : يا رسول الله ، وأنا سأعينه بعرق آخر.
قال : " فقد أصبت وأحسنت ، فاذهبي فتصدقي به عنه ، ثم استوصي بابن عمك خيرا " .
قالت : ففعلت .

ورواه أبو داود في كتاب الطلاق من سننه من طريقين ، عن محمد بن إسحاق بن يسار به . وعنده : خولة بنت ثعلبة ، ويقال فيها : خولة بنت مالك بن ثعلبة . وقد تصغر فيقال : خويلة . ولا منافاة بين هذه الأقوال ، فالأمر فيها قريب ، والله أعلم .

هذا هو الصحيح في سبب نزول صدر هذه السورة ، فأما حديث سلمة بن صخر فليس فيه أنه كان سبب النزول ، ولكن أمر بما أنزل الله في هذه السورة من العتق ، أو الصيام ، أو الإطعام ، كما قال الإمام أحمد :
حدثنا يزيد بن هارون ، أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن عمرو بن عطاء ، عن سليمان بن يسار ، عن سلمة بن صخر الأنصاري قال :
كنت امرأ قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري ، فلما دخل رمضان تظهرت من امرأتي حتى ينسلخ رمضان ، فرقا من أن أصيب في ليلتي شيئا فأتابع في ذلك إلى أن يدركني النهار ، وأنا لا أقدر أن أنزع ، فبينا هي تخدمني من الليل إذ تكشف لي منها شيء ، فوثبت عليها ، فلما أصبحت غدوت على قومي فأخبرتهم خبري وقلت :
انطلقوا معي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بأمري .
فقالوا : لا والله لا نفعل ; نتخوف أن ينزل فينا - أو يقول فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقالة يبقى علينا عارها ، ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك .
قال : فخرجت حتى أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرته خبري .
فقال لي : " أنت بذاك " .
فقلت : أنا بذاك .
فقال : " أنت بذاك " .
فقلت : أنا بذاك .
قال : " أنت بذاك " .
قلت : نعم ، ها أنا ذا فأمض في حكم الله تعالى فإني صابر له .
قال : " أعتق رقبة " .
قال : فضربت صفحة رقبتي بيدي وقلت : لا والذي بعثك بالحق ما أصبحت أملك غيرها .
قال : " فصم شهرين " .
قلت : يا رسول الله ، وهل أصابني ما أصابني إلا في الصيام ؟
قال : " فتصدق " .
فقلت : والذي بعثك بالحق ، لقد بتنا ليلتنا هذه وحشى ما لنا عشاء .
قال : " اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له فليدفعها إليك ، فأطعم عنك منها وسقا من تمر ستين مسكينا ، ثم استعن بسائره عليك وعلى عيالك " .
قال : فرجعت إلى قومي فقلت : وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ، ووجدت عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السعة والبركة ، قد أمر لي بصدقتكم ، فادفعوها إلي . فدفعوها إلي .

وهكذا رواه أبو داود ، وابن ماجه ، واختصره الترمذي وحسنه

وظاهر السياق :
أن هذه القصة كانت بعد قصة أوس بن الصامت وزوجته خويلة بنت ثعلبة ، كما دل عليه سياق تلك وهذه بعد التأمل .

قال خصيف ، عن مجاهد ، عن ابن عباس :
أول من ظاهر من امرأته أوس بن الصامت أخو عبادة بن الصامت ، وامرأته خولة بنت ثعلبة بن مالك ، فلما ظاهر منها خشيت أن يكون ذلك طلاقا ، فأتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت :
يا رسول الله ، إن أوسا ظاهر مني ، وإنا إن افترقنا هلكنا ، وقد نثرت بطني منه ، وقدمت صحبته . وهي تشكو ذلك وتبكي ، ولم يكن جاء في ذلك شيء . فأنزل الله :
( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله ) إلى قوله : ( وللكافرين عذاب أليم ) فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال :
" أتقدر على رقبة تعتقها ؟ " .
قال : لا والله يا رسول الله ما أقدر عليها ؟
قال : فجمع له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أعتق عنه ، ثم راجع أهله.
رواه ابن جرير
ولهذا ذهب ابن عباس والأكثرون إلى ما قلناه ، والله أعلم .

فقوله تعالى : ( الذين يظاهرون منكم من نسائهم ) أصل الظهار مشتق من الظهر ، وذلك أن الجاهلية كانوا إذا تظاهر أحد من امرأته قال لها :
أنت علي كظهر أمي ، ثم في الشرع كان الظهار في سائر الأعضاء قياسا على الظهر ، وكان الظهار عند الجاهلية طلاقا ، فأرخص الله لهذه الأمة وجعل فيه كفارة ، ولم يجعله طلاقا كما كانوا يعتمدونه في جاهليتهم .
هكذا قال غير واحد من السلف .

قال ابن جرير :
حدثنا أبو كريب ، حدثنا عبيد الله بن موسى ، عن أبي حمزة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال :
كان الرجل إذا قال لامرأته في الجاهلية :
أنت علي كظهر أمي ، حرمت عليه ، فكان أول من ظاهر في الإسلام أوسا ، وكان تحته ابنة عم له يقال لها : " خويلة بنت ثعلبة . فظاهر منها ، فأسقط في يديه ، وقال : ما أراك إلا قد حرمت علي .
وقالت له مثل ذلك.
قال : فانطلقي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
فأتت رسول الله فوجدت عنده ماشطة تمشط رأسه ، فقال : " يا خويلة ، ما أمرنا في أمرك بشيء فأنزل الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " يا خويلة ، أبشري "
قالت : خيرا .
قال فقرأ عليها : ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما ) إلى قوله : ( والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ).
قالت : وأي رقبة لنا ؟ والله ما يجد رقبة غيري .
قال : ( فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين )
قالت : والله لولا أنه يشرب في اليوم ثلاث مرات لذهب بصره !
قال : ( فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا )
قالت : من أين ؟ ما هي إلا أكلة إلى مثلها !
قال : فدعا بشطر وسق - ثلاثين صاعا ، والوسق : ستون صاعا - فقال :
" ليطعم ستين مسكينا وليراجعك ".
وهذا إسناد جيد قوي ، وسياق غريب ، وقد روي عن أبي العالية نحو هذا ، فقال ابن أبي حاتم :

حدثنا محمد بن عبد الرحمن الهروي ، حدثنا على بن عاصم ، عن داود بن أبي هند ، عن أبي العالية قال :
كانت خولة بنت دليج تحت رجل من الأنصار ، وكان ضرير البصر فقيرا سيئ الخلق ، وكان طلاق أهل الجاهلية إذا أراد الرجل أن يطلق امرأته ، قال :
" أنت علي كظهر أمي " .
وكان لها منه عيل أو عيلان ، فنازعته يوما في شيء فقال : " أنت علي كظهر أمي " .
فاحتملت عليها ثيابها حتى دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيت عائشة ، وعائشة تغسل شق رأسه ، فقدمت عليه ومعها عيلها ، فقالت :
يا رسول الله ، إن زوجي ضرير البصر ، فقير لا شيء له ، سيئ الخلق ، وإني نازعته في شيء فغضب ، فقال : " أنت علي كظهر أمي " ، ولم يرد به الطلاق ، ولي منه عيل أو عيلان.
فقال : " ما أعلمك إلا قد حرمت عليه ".
فقالت : أشكو إلى الله ما نزل بي وأبا صبيي .
قال : ودارت عائشة فغسلت شق رأسه الآخر ، فدارت معها.
فقالت : يا رسول الله ، زوجي ضرير البصر ، فقير سيئ الخلق ، وإن لي منه عيلا أو عيلين ، وإني نازعته في شيء فغضب ، وقال : " أنت علي كظهر أمي " ، ولم يرد به الطلاق !
قالت : فرفع إلي رأسه.
وقال : " ما أعلمك إلا قد حرمت عليه " .
فقالت : أشكو إلى الله ما نزل بي وأبا صبيي ؟
قال : ورأت عائشة وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - تغير.
فقالت لها : " وراءك وراءك ؟ ".
فتنحت ، فمكث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غشيانه ذلك ما شاء الله ، فلما انقطع الوحي قال :
" يا عائشة ، أين المرأة ".
فدعتها ، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اذهبي فأتني بزوجك " .
فانطلقت تسعى فجاءت به . فإذا هو - كما قالت - ضرير البصر ، فقير سيئ الخلق .
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
" أستعيذ بالله السميع العليم ، بسم الله الرحمن الرحيم ( قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله ) إلى قوله : ( والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة ) قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
" أتجد رقبة تعتقها من قبل أن تمسها ؟ " .
قال : لا .
قال : " أتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ " .
قال : والذي بعثك بالحق ، إني إذا لم آكل المرتين والثلاث يكاد أن يعشو بصري .
قال : " أفتستطيع أن تطعم ستين مسكينا ؟ " .
قال : لا إلا أن تعينني .
قال : فأعانه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " أطعم ستين مسكينا " .
قال : وحول الله الطلاق ، فجعله ظهارا .

ورواه ابن جرير ، عن ابن المثنى ، عن عبد الأعلى ، عن داود ، سمعت أبا العالية فذكر نحوه ، بأخصر من هذا السياق

وقال سعيد بن جبير :
كان الإيلاء والظهار من طلاق الجاهلية ، فوقت الله الإيلاء أربعة أشهر ، وجعل في الظهار الكفارة .
رواه ابن أبي حاتم بنحوه .

وقد استدل الإمام مالك على أن الكافر لا يدخل في هذه الآية بقوله :
( منكم ) فالخطاب للمؤمنين ، وأجاب الجمهور بأن هذا خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له ، واستدل الجمهور عليه بقوله :
( من نسائهم ) على أن الأمة لا ظهار منها ، ولا تدخل في هذا الخطاب .

وقوله : ( ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي ولدنهم ) أي : لا تصير المرأة بقول الرجل :
" أنت علي كأمي " ، أو " مثل أمي " ، أو " كظهر أمي " ، وما أشبه ذلك ، لا تصير أمه بذلك ، إنما أمه التي ولدته ; ولهذا قال :
( وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا ) أي : كلاما فاحشا باطلا ( وإن الله لعفو غفور ) أي : عما كان منكم في حال الجاهلية .
وهكذا أيضا عما خرج من سبق اللسان ، ولم يقصد إليه المتكلم ، كما رواه أبو داود :
أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلا يقول لامرأته : يا أختي .
فقال : أختك هي ؟ " ، فهذا إنكار ولكن لم يحرمها عليه بمجرد ذلك ; لأنه لم يقصده ، ولو قصده لحرمت عليه ; لأنه لا فرق على الصحيح بين الأم وبين غيرها من سائر المحارم من أخت ، وعمة ، وخالة ، وما أشبه ذلك .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۚ ذَٰلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [المجادلة : 3]
وقوله : ( والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا ) اختلف السلف والأئمة في المراد بقوله :
( ثم يعودون لما قالوا ) فقال بعض الناس :
العود هو أن يعود إلى لفظ الظهار فيكرره ، وهذا القول باطل ، وهو اختيار ابن حزم وقول داود ، وحكاه أبو عمر بن عبد البر ، عن بكير بن الأشج ، والفراء ، وفرقة من أهل الكلام .

وقال الشافعي :
هو أن يمسكها بعد الظهار زمانا يمكنه أن يطلق فيه فلا يطلق .

وقال أحمد بن حنبل :
هو أن يعود إلى الجماع أو يعزم عليه فلا تحل له حتى يكفر بهذه الكفارة .
وقد حكي عن مالك : أنه العزم على الجماع أو الإمساك وعنه أنه الجماع .

وقال أبو حنيفة : هو أن يعود إلى الظهار بعد تحريمه ، ورفع ما كان عليه أمر الجاهلية ، فمتى تظاهر الرجل من امرأته فقد حرمها تحريما لا يرفعه إلا الكفارة . وإليه ذهب أصحابه ، والليث بن سعد .

وقال ابن لهيعة :
حدثني عطاء ، عن سعيد بن جبير :
( ثم يعودون لما قالوا ) يعني : يريدون أن يعودوا في الجماع الذي حرموه على أنفسهم .

وقال الحسن البصري : يعني الغشيان في الفرج .
وكان لا يرى بأسا أن يغشى فيما دون الفرج قبل أن يكفر .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس :
( من قبل أن يتماسا ) والمس : النكاح .
وكذا قال عطاء ، والزهري ، وقتادة ، ومقاتل بن حيان .

وقال الزهري : ليس له أن يقبلها ولا يمسها حتى يكفر .

وقد روى أهل السنن من حديث عكرمة ، عن ابن عباس أن رجلا قال :
يا رسول الله ، إني ظاهرت من امرأتي فوقعت عليها قبل أن أكفر .
فقال : " ما حملك على ذلك يرحمك الله ؟ " .
قال : رأيت خلخالها في ضوء القمر .
قال : " فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله ، عز وجل "

وقال الترمذي : حسن غريب صحيح ، ورواه أبو داود ، والنسائي من حديث عكرمة مرسلا .
قال النسائي : وهو أولى بالصواب

وقوله : ( فتحرير رقبة ) أي : فإعتاق رقبة كاملة من قبل أن يتماسا ، فها هنا الرقبة مطلقة غير مقيدة بالإيمان ، وفي كفارة القتل مقيدة بالإيمان ، فحمل الشافعي ، رحمه الله ، ما أطلق ها هنا على ما قيد هناك لاتحاد الموجب ، وهو عتق الرقبة ، واعتضد في ذلك بما رواه عن مالك بسنده ، عن معاوية بن الحكم السلمي في قصة الجارية السوداء ، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " أعتقها فإنها مؤمنة " .
وقد رواه أحمد في مسنده ، ومسلم في صحيحه

وقال الحافظ أبو بكر البزار :
حدثنا يوسف بن موسى ، حدثنا عبد الله بن نمير ، عن إسماعيل بن مسلم ، عن عمرو بن دينار ، عن طاوس ، عن ابن عباس قال :
أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل فقال : إني تظاهرت من امرأتي ، ثم وقعت عليها قبل أن أكفر .
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ألم يقل الله ( من قبل أن يتماسا ).
قال : أعجبتني ؟
قال : " أمسك حتى تكفر "

ثم قال البزار : لا يروى عن ابن عباس بأحسن من هذا وإسماعيل بن مسلم تكلم فيه ، وروى عنه جماعة كثيرة من أهل العلم ، وفيه من الفقه أنه لم يأمره إلا بكفارة واحدة .

وقوله : ( ذلكم توعظون به ) أي : تزجرون به.
( والله بما تعملون خبير ) أي : خبير بما يصلحكم ، عليم بأحوالكم .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@

( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ۖ فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ۚ ذَٰلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۗ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [المجادلة : 4]
وقوله : ( فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا )
وقد تقدمت الأحاديث الواردة بهذا على الترتيب ، كما ثبت في الصحيحين في قصة الذي جامع امرأته في رمضان .

( ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله ) أي : شرعنا هذا لهذا .

وقوله : ( وتلك حدود الله ) أي : محارمه فلا تنتهكوها .

وقوله : ( وللكافرين عذاب أليم ) أي : الذين لم يؤمنوا ولا التزموا بأحكام هذه الشريعة ، لا تعتقدوا أنهم ناجون من البلاء ، كلا ليس الأمر كما زعموا ، بل لهم عذاب أليم ، أي : في الدنيا والآخرة .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۚ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ۚ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ) [المجادلة : 5]
يخبر تعالى عمن شاقوا الله ورسوله وعاندوا شرعه
( كبتوا كما كبت الذين من قبلهم ) أي : أهينوا ولعنوا وأخزوا ، كما فعل بمن أشبههم ممن قبلهم.
( وقد أنزلنا آيات بينات ) أي : واضحات لا يخالفها ولا يعاندها إلا كافر فاجر مكابر .
( وللكافرين عذاب مهين ) أي : في مقابلة ما استكبروا عن اتباع شرع الله ، والانقياد له ، والخضوع لديه .
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 1 ( الاعضاء: 0, الزوار: 1 )