أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

تفسير ابن كثير

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
1,991
مستوى التفاعل
532
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ) [الرحمن : 37]

يقول [ تعالى ] : ( فإذا انشقت السماء ) يوم القيامة ، كما دلت عليه هذه الآية مع ما شاكلها من الآيات الواردة في معناها ، كقوله :
( وانشقت السماء فهي يومئذ واهية ) [ الحاقة : 16 ].
وقوله : ( ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا ) [ الفرقان : 25 ].
وقوله : ( إذا السماء انشقت وأذنت لربها وحقت ) [ الانشقاق : 1 ، 2 ] .

وقوله : ( فكانت وردة كالدهان ) أي : تذوب كما يذوب الدردي والفضة في السبك ، وتتلون كما تتلون الأصباغ التي يدهن بها ، فتارة حمراء وصفراء وزرقاء وخضراء ، وذلك من شدة الأمر وهول يوم القيامة العظيم .

وقد قال الإمام أحمد :
حدثنا أحمد بن عبد الملك ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الصهباء ، حدثنا نافع أبو غالب الباهلي ، حدثنا أنس بن مالك قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يبعث الناس يوم القيامة والسماء تطش عليهم " .
قال الجوهري : الطش : المطر الضعيف .

وقال الضحاك ، عن ابن عباس في قوله : ( وردة كالدهان ) ، قال : هو الأديم الأحمر .
وقال أبو كدينة ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس : ( فكانت وردة كالدهان ) : كالفرس الورد .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : تغير لونها .
وقال أبو صالح : كالبرذون الورد ، ثم كانت بعد كالدهان .

وحكى البغوي وغيره :
أن الفرس الورد تكون في الربيع صفراء ، وفي الشتاء حمراء ، فإذا اشتد البرد اغبر لونها .

وقال الحسن البصري : تكون ألوانا .
وقال السدي . تكون كلون البغلة الوردة ، وتكون كالمهل كدردي الزيت .
وقال مجاهد : ( كالدهان ) : كألوان الدهان .
وقال عطاء الخراساني : كلون دهن الورد في الصفرة .
وقال قتادة : هي اليوم خضراء ، ويومئذ لونها إلى الحمرة يوم ذي ألوان .
وقال أبو الجوزاء : في صفاء الدهن .
وقال [ أبو صالح ] ابن جريج : تصير السماء كالدهن الذائب ، وذلك حين يصيبها حر جهنم .

( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن : 38]
أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
1,991
مستوى التفاعل
532
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( فَيَوْمَئِذٍ لَّا يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلَا جَانٌّ) [الرحمن : 39]
وقوله : ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ).
وهذه كقوله : ( هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون ) [ المرسلات : 35 ، 36 ].
فهذا في حال ، وثم حال يسأل الخلائق فيها عن جميع أعمالهم ، قال الله تعالى :
( فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون ) [ الحجر : 92 ، 93 ].
ولهذه قال قتادة : ( فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ) ، قال : قد كانت مسألة ، ثم ختم على أفواه القوم ، وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون .

قال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : لا يسألهم : هل عملتم كذا وكذا ؟ لأنه أعلم بذلك منهم ، ولكن يقول : لم عملتم كذا وكذا ؟ فهو قول ثان .

وقال مجاهد في هذه الآية : لا يسأل الملائكة عن المجرم ، يعرفون بسيماهم .
وهذا قول ثالث . وكأن هذا بعد ما يؤمر بهم إلى النار ، فذلك الوقت لا يسألون عن ذنوبهم ، بل يقادون إليها ويلقون فيها ،

قلت : وهذا كما يعرف المؤمنون بالغرة والتحجيل من آثار الوضوء .

( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن : 40]
أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
1,991
مستوى التفاعل
532
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ) [الرحمن : 41]
كما قال تعالى :
( يعرف المجرمون بسيماهم ) أي : بعلامات تظهر عليهم .

وقال الحسن وقتادة :
يعرفونهم باسوداد الوجوه وزرقة العيون .
وقوله : ( فيؤخذ بالنواصي والأقدام ) أي : تجمع الزبانية ناصيته مع قدميه ، ويلقونه في النار كذلك .

وقال الأعمش عن ابن عباس :
يؤخذ بناصيته وقدمه ، فيكسر كما يكسر الحطب في التنور .

وقال الضحاك :
يجمع بين ناصيته وقدميه في سلسلة من وراء ظهره .

وقال السدي :
يجمع بين ناصية الكافر وقدميه ، فتربط ناصيته بقدمه ، ويفتل ظهره .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع ، حدثنا معاوية بن سلام ، عن أخيه زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام - يعني جده - أخبرني عبد الرحمن ، حدثني رجل من كندة قال :
أتيت عائشة فدخلت عليها ، وبيني وبينها حجاب ، فقلت : حدثك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يأتي عليه ساعة لا يملك لأحد فيها شفاعة ؟
قالت : نعم ، لقد سألته عن هذا وأنا وهو في شعار واحد ، قال :
" نعم حين يوضع الصراط ، ولا أملك لأحد فيها شفاعة ، حتى أعلم أين يسلك بي ؟
ويوم تبيض وجوه وتسود وجوه ، حتى أنظر ماذا يفعل بي - أو قال : يوحى - وعند الجسر حين يستحد ويستحر "
فقالت : وما يستحد وما يستحر ؟
قال : " يستحد حتى يكون مثل شفرة السيف ، ويستحر حتى يكون مثل الجمرة ، فأما المؤمن فيجيزه لا يضره ، وأما المنافق فيتعلق حتى إذا بلغ أوسطه خر من قدمه فيهوي بيده إلى قدميه ، فتضربه الزبانية بخطاف في ناصيته وقدمه ، فتقذفه في جهنم ، فيهوي فيها مقدار خمسين عاما " .
قلت : ما ثقل الرجل ؟
قالت : ثقل عشر خلفات سمان ، فيومئذ يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام .
هذا حديث غريب [ جدا ] ، وفيه ألفاظ منكر رفعها ، وفي الإسناد من لم يسم ، ومثله لا يحتج به ، والله أعلم .

( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن : 42]
أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
1,991
مستوى التفاعل
532
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( هَٰذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ) [الرحمن : 43]
وقوله : ( هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون ) أي : هذه النار التي كنتم تكذبون بوجودها ها هي حاضرة تشاهدونها عيانا ، يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا وتصغيرا وتحقيرا .


( يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ آنٍ) [الرحمن : 44]
( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) [الرحمن : 45]
وقوله : ( يطوفون بينها وبين حميم آن ) أي : تارة يعذبون في الجحيم ، وتارة يسقون من الحميم ، وهو الشراب الذي هو كالنحاس المذاب ، يقطع الأمعاء والأحشاء ، وهذه كقوله تعالى :
( إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون ) [ غافر : 71 ، 72 ] .

وقوله : ( آن ) أي : حار وقد بلغ الغاية في الحرارة ، لا يستطاع من شدة ذلك .

قال ابن عباس في قوله :
( يطوفون بينها وبين حميم آن ) قد انتهى غليه ، واشتد حره . وكذا قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، والضحاك ، والحسن ، والثوري ، والسدي .

وقال قتادة : قد أنى طبخه منذ خلق الله السماوات والأرض .
وقال محمد بن كعب القرظي : يؤخذ العبد فيحرك بناصيته في ذلك الحميم ، حتى يذوب اللحم ويبقى العظم والعينان في الرأس . وهي كالتي يقول الله تعالى :
( في الحميم ثم في النار يسجرون ) .
والحميم الآني : يعني الحار .
وعن القرظي رواية أخرى : ( حميم آن ) أي : حاضر .
وهو قول ابن زيد أيضا ، والحاضر لا ينافي ما روي عن القرظي أولا أنه الحار ، كقوله تعالى :
( تسقى من عين آنية ) [ الغاشية : 5 ] أي حارة شديدة الحر لا تستطاع .
وكقوله : ( غير ناظرين إناه ) [ الأحزاب : 53 ] يعني : استواءه ونضجه .
فقوله : ( حميم آن ) أي : حميم حار جدا .
ولما كان معاقبة العصاة المجرمين وتنعيم المتقين من فضله ورحمته وعدله ولطفه بخلقه ، وكان إنذاره لهم عذابه وبأسه مما يزجرهم عما هم فيه من الشرك والمعاصي وغير ذلك ، قال ممتنا بذلك على بريته :
( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
1,991
مستوى التفاعل
532
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) [الرحمن : 46]
قال ابن شوذب ، وعطاء الخراساني :
نزلت هذه الآية : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) في أبي بكر الصديق .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن مصفى ، حدثنا بقية ، عن أبي بكر بن أبي مريم ، عن عطية بن قيس في قوله : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) :
نزلت في الذي قال : أحرقوني بالنار ، لعلي أضل الله.
قال : تاب يوما وليلة بعد أن تكلم بهذا ، فقبل الله منه وأدخله الجنة .

والصحيح أن هذه الآية عامة كما قاله ابن عباس وغيره ، يقول تعالى :
ولمن خاف مقامه بين يدي الله - عز وجل - يوم القيامة ، ( ونهى النفس عن الهوى ) [ النازعات : 40 ] ، ولم يطغ ، ولا آثر الدنيا ، وعلم أن الآخرة خير وأبقى ، فأدى فرائض الله ، واجتنب محارمه ، فله يوم القيامة عند ربه جنتان ، كما قال البخاري ، رحمه الله .

حدثنا عبد الله بن أبي الأسود ، حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي ، حدثنا أبو عمران الجوني ، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس ، عن أبيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" جنتان من فضة ، آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن " .
وأخرجه بقية الجماعة إلا أبا داود ، من حديث عبد العزيز ، به .

وقال حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أبي بكر بن أبي موسى ، عن أبيه - قال حماد : ولا أعلمه إلا قد رفعه - في قوله تعالى : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) ، وفي قوله : ( ومن دونهما جنتان ) [ قال ] : جنتان من ذهب للمقربين ، وجنتان من ورق لأصحاب اليمين .

وقال ابن جرير :
حدثنا زكريا بن يحيى بن أبان المصري ، حدثنا ابن أبي مريم ، أخبرنا محمد بن جعفر ، عن محمد بن أبي حرملة ، عن عطاء بن يسار ، أخبرني أبو الدرداء ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قرأ يوما هذه الآية : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) ، فقلت : وإن زنى أو سرق ؟
فقال : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ).
فقلت : وإن زنى وإن سرق ؟
فقال : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) .
فقلت : وإن زنى وإن سرق يا رسول الله ؟
فقال : " وإن رغم أنف أبي الدرداء " .
ورواه النسائي من حديث محمد بن أبي حرملة ، به ورواه النسائي أيضا عن مؤمل بن هشام ، عن إسماعيل ، عن الجريري ، عن موسى ، عن محمد بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبي الدرداء ، به . وقد روي موقوفا على أبي الدرداء . وروي عنه أنه قال : إن من خاف مقام ربه لم يزن ولم يسرق .

وهذه الآية عامة في الإنس والجن ، فهي من أدل دليل على أن الجن يدخلون الجنة إذا آمنوا واتقوا ; ولهذا امتن الله تعالى على الثقلين بهذا الجزاء فقال : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان فبأي آلاء ربكما تكذبان ) .

ومما يتعلق بقوله تعالى : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) ، ما رواه الترمذي والبغوي ، من حديث أبي النضر هاشم بن القاسم ، عن أبي عقيل الثقفي ، عن أبي فروة يزيد بن سنان الرهاوي ، عن بكير بن فيروز ، عن أبي هريرة ، قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من خاف أدلج ، ومن أدلج بلغ المنزل ، ألا إن سلعة الله غالية ، ألا إن سلعة الله الجنة " .
ثم قال الترمذي : غريب ، لا نعرفه إلا من حديث أبي النضر .

وروى البغوي من حديث علي بن حجر ، عن إسماعيل بن جعفر ، عن محمد بن أبي حرملة - مولى حويطب بن عبد العزى - عن عطاء بن يسار ، عن أبي الدرداء ; أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقص على المنبر وهو يقول : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) ، قلت : وإن زنى وإن سرق يا رسول الله ؟
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) .
فقلت الثانية : وإن زنى وإن سرق يا رسول الله ؟
فقال [ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ] ( ولمن خاف مقام ربه جنتان ) .
فقلت الثالثة : وإن زنى وإن سرق يا رسول الله ؟
فقال : " وإن ، رغم أنف أبي الدرداء " .


( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ)[الرحمن : 47]
أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
1,991
مستوى التفاعل
532
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( مُتَّكِئِينَ عَلَىٰ فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ۚ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ) [الرحمن : 54]
يقول تعالى : ( متكئين ) يعني أهل الجنة . والمراد بالاتكاء هاهنا : الاضطجاع .
ويقال : الجلوس على صفة التربع .
( على فرش بطائنها من إستبرق ) وهو : ما غلظ من الديباج . قاله عكرمة ، والضحاك وقتادة .

وقال أبو عمران الجوني : هو الديباج المغرى بالذهب . فنبه على شرف الظهارة بشرف البطانة .
وهذا من التنبيه بالأدنى على الأعلى .

قال أبو إسحاق ، عن هبيرة بن يريم ، عن عبد الله بن مسعود قال :
هذه البطائن فكيف لو رأيتم الظواهر ؟

وقال مالك بن دينار :
بطائنها من إستبرق ، وظواهرها من نور .

وقال سفيان الثوري - أو شريك - : بطائنها من إستبرق وظواهرها من نور جامد .

وقال القاسم بن محمد : بطائنها من إستبرق ، وظواهرها من الرحمة .

وقال ابن شوذب ، عن أبي عبد الله الشامي : ذكر الله البطائن ولم يذكر الظواهر ، وعلى الظواهر المحابس ، ولا يعلم ما تحت المحابس إلا الله .
ذكر ذلك كله الإمام ابن أبي حاتم .

( وجنى الجنتين دان ) أي : ثمرها قريب إليهم ، متى شاءوا تناولوه على أي صفة كانوا ، كما قال :
( قطوفها دانية ) [ الحاقة : 23 ] ،
وقال : ( ودانية عليهم ظلالها وذللت قطوفها تذليلا ) [ الإنسان : 14 ] أي : لا تمنع ممن تناولها ، بل تنحط إليه من أغصانها.

( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن : 55]
أي فبأي الآلاء يا معشر الثقلين من الإنس الجن تكذبان؟


( فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ) [الرحمن : 56]

( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن : 57]
ولما ذكر الفرش وعظمتها قال بعد ذلك : ( فيهن ) أي : في الفرش ( قاصرات الطرف ) أي غضيضات عن غير أزواجهن ، فلا يرين شيئا أحسن في الجنة من أزواجهن .
قاله ابن عباس ، وقتادة ، وعطاء الخراساني ، وابن زيد .

وقد ورد أن الواحدة منهن تقول لبعلها : والله ما أرى في الجنة شيئا أحسن منك ، ولا في الجنة شيئا أحب إلي منك ، فالحمد لله الذي جعلك لي وجعلني لك .

( لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان ) أي : بل هن أبكار عرب أتراب ، لم يطأهن أحد قبل أزواجهن من الإنس والجن .
وهذه أيضا من الأدلة على دخول مؤمني الجن الجنة .

قال أرطاة بن المنذر : سئل ضمرة بن حبيب : هل يدخل الجن الجنة ؟
قال : نعم ، وينكحون ، للجن جنيات ، وللإنس إنسيات .
وذلك قوله : ( لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان فبأي آلاء ربكما تكذبان ) .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
1,991
مستوى التفاعل
532
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ) [الرحمن : 58]
( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن : 59]
ثم قال ينعتهن للخطاب : ( كأنهن الياقوت والمرجان ).
قال مجاهد ، والحسن ، [ والسدي ] ، وابن زيد ، وغيرهم : في صفاء الياقوت وبياض المرجان ، فجعلوا المرجان هاهنا اللؤلؤ .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن حاتم ، حدثنا عبيدة بن حميد ، عن عطاء بن السائب ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، عن عبد الله بن مسعود ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
" إن المرأة من نساء أهل الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة من الحرير ، حتى يرى مخها ، وذلك أن الله تعالى يقول :
( كأنهن الياقوت والمرجان ).
فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكا ثم استصفيته لرأيته من ورائه " .
وهكذا رواه الترمذي من حديث عبيدة بن حميد وأبي الأحوص ، عن عطاء بن السائب ، به .
ورواه موقوفا ، ثم قال : وهو أصح .

وقال الإمام أحمد :
حدثنا عفان ، حدثنا حماد بن سلمة ، أخبرنا يونس ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
" للرجل من أهل الجنة زوجتان من الحور العين ، على كل واحدة سبعون حلة ، يرى مخ ساقها من وراء الثياب " .
تفرد به الإمام أحمد من هذا الوجه .
وقد رواه مسلم من حديث إسماعيل ابن علية ، عن أيوب ، عن محمد بن سيرين قال :
إما تفاخروا وإما تذكروا ، الرجال أكثر في الجنة أم النساء ؟
فقال أبو هريرة : أولم يقل أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم - :
" إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، والتي تليها على أضوأ كوكب دري في السماء ، لكل امرئ منهم زوجتان اثنتان ، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم ، وما في الجنة أعزب " .
وهذا الحديث مخرج في الصحيحين ، من حديث همام بن منبه وأبي زرعة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه .

وقال الإمام أحمد :
حدثنا أبو النضر ، حدثنا محمد بن طلحة ، عن حميد عن أنس ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ، ولقاب قوس أحدكم - أو موضع قيده - يعني سوطه - من الجنة خير من الدنيا وما فيها ، ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحا ، ولطاب ما بينهما ، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها " .
ورواه البخاري من حديث أبي إسحاق ، عن حميد ، عن أنس بنحوه .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
1,991
مستوى التفاعل
532
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( مُدْهَامَّتَانِ) [الرحمن : 64]
( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن : 65]
وقال محمد بن كعب: "مدهامتان" ممتلئتان من الخضرة.
وقال قتادة: خضراوان من الري ناعمتان ولا شك في نضارة الأغصان على الأشجـار المشتبكة بعضها في بعض.

وقال هاهنا : ( مدهامتان ) أي سوداوان من شدة الري .

قال ابن عباس في قوله : ( مدهامتان ) قد اسودتا من الخضرة ، من شدة الري من الماء .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا ابن فضيل ، حدثنا عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( مدهامتان ) :
قال : خضراوان .

وروي عن أبي أيوب الأنصاري ، وعبد الله بن الزبير ، وعبد الله بن أبي أوفى ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد - في إحدى الروايات - وعطاء ، وعطية العوفي ، والحسن البصري ، ويحيى بن رافع ، وسفيان الثوري ، نحو ذلك .

وقال محمد بن كعب :
( مدهامتان ) : ممتلئتان من الخضرة .
وقال قتادة : خضراوان من الري ناعمتان . ولا شك في نضارة الأغصان على الأشجار المشبكة بعضها في بعض .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
1,991
مستوى التفاعل
532
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) [الرحمن : 60]
( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن : 61]
وقوله : ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ) أي : ما لمن أحسن في الدنيا العمل إلا الإحسان إليه في الدار الآخرة .
كما قال تعالى : ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) [ يونس : 26 ] .

وقال البغوي :
أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، حدثنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرني ابن فنجويه ، حدثنا ابن شيبة ، حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن بهرام ، حدثنا الحجاج بن يوسف المكتب ، حدثنا بشر بن الحسين ، عن الزبير بن عدي ، عن أنس بن مالك قال :
قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( هل جزاء الإحسان إلا الإحسان ).
قال : " هل تدرون ما قال ربكم ؟ "
قالوا : الله ورسوله أعلم .
قال : " يقول هل جزاء ما أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة " .

ولما كان في الذي ذكر نعم عظيمة لا يقاومها عمل ، بل مجرد تفضل وامتنان ، قال بعد ذلك كله :
( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) .


( وَمِن دُونِهِمَا جَنَّتَانِ) [الرحمن : 62]
( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن : 63]
هاتان الجنتان دون اللتين قبلهما في المرتبة والفضيلة والمنزلة بنص القرآن ، قال الله تعالى : ( ومن دونهما جنتان ) .

وقد تقدم في الحديث :
" جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما ، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما ، فالأوليان للمقربين ، والأخريان لأصحاب اليمين " .

وقال أبو موسى :
جنتان من ذهب للمقربين ، وجنتان من فضة لأصحاب اليمين .

وقال ابن عباس : ( ومن دونهما جنتان ) من دونهما في الدرج .
وقال ابن زيد : من دونهما في الفضل .

والدليل على شرف الأوليين على الأخريين وجوه :
أحدها : أنه نعت الأوليين قبل هاتين ، والتقديم يدل على الاعتناء
ثم قال : ( ومن دونهما جنتان ) . وهذا ظاهر في شرف التقدم وعلوه على الثاني .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
1,991
مستوى التفاعل
532
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@

( فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ) [الرحمن : 66]
( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) [الرحمن : 67]

وقال هناك : ( فيهما عينان تجريان ) ، وقال هاهنا : ( نضاختان ).
وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : أي فياضتان . والجري أقوى من النضخ .

وقال الضحاك : ( نضاختان ) أي ممتلئتان لا تنقطعان .

( فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ) [الرحمن : 68]
( فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) [الرحمن : 69]
وقال هناك : ( فيهما من كل فاكهة زوجان ) ، وقال هاهنا : ( فيهما فاكهة ونخل ورمان ) ، ولا شك أن الأولى أعم وأكثر في الأفراد والتنويع على فاكهة ، وهي نكرة في سياق الإثبات لا تعم.
ولهذا فسر قوله : ( ونخل ورمان ) من باب عطف الخاص على العام ، كما قرره البخاري وغيره ، وإنما أفرد النخل والرمان بالذكر لشرفهما على غيرهما .

قال عبد بن حميد :
حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، حدثنا حصين بن عمر ، حدثنا مخارق ، عن طارق بن شهاب ، عن عمر بن الخطاب قال :
جاء أناس من اليهود إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فقالوا : يا محمد ، أفي الجنة فاكهة ؟
قال : " نعم ، فيها فاكهة ونخل ورمان " .
قالوا : أفيأكلون كما يأكلون في الدنيا ؟
قال : " نعم وأضعاف " .
قالوا : فيقضون الحوائج ؟
قال : " لا ولكنهم يعرقون ويرشحون ، فيذهب الله ما في بطونهم من أذى " .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي حدثنا الفضل بن دكين ، حدثنا سفيان ، عن حماد ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال :
نخل الجنة سعفها كسوة لأهل الجنة ، منها مقطعاتهم ، ومنها حللهم ، وكربها ذهب أحمر ، وجذوعها زمرد أخضر ، وثمرها أحلى من العسل ، وألين من الزبد ، وليس له عجم .

وحدثنا أبي :
حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد - هو ابن سلمة - عن أبي هارون ، عن أبي سعيد الخدري ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" نظرت إلى الجنة فإذا الرمانة من رمانها كمثل البعير المقتب " .
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 1 ( الاعضاء: 0, الزوار: 1 )