مـرايا

[النبيل]

لا أحتمل الحنين، الرتابة، الشر، النشاط المفرط، النهام العصبي، اللطف، الكآبة، التعاسة والذكاء والغباوة، التجبر، الخضوع، الحياء، الدماثة، العمالة المزدوجة، اللامبالاة، استغلال السلطة، العجز، الروح الرياضية، طيبة القلب، التدين، المباهاة، الفضولية، وعدم الاكتراث، المشهد التمثيلي، الواقع، الخطيئة ، تبسيط الحقائق، الاعتدال والتطرف، العمومية، الزيف، المسئولية، الاستهتار، التأجج، الحكمة، المصير، الرضا بالنفس، عدم المسئولية، النزاهة، القسوة، الجدية والفكاهة، الاستعراض، الضرورة، البؤس البشري، التعاطف، الحزن، التوقع، غياب الضمير، التضليل، السرعة، الغموض، العدمية، البطء، الوسطانية، التسرع، الحتمية، حب الظهور، الحماس، عدم الاتقان، الموهبة، سباق السيارات، الاكتفاء الذاتي، التبعية، الاناقة والسعادة..
لا أحتمل شيئًا، لا أحتمل أحدًا.
حتى نفسي، بل لا أحتمل نفسي على وجه الخصوص.
لا أحتمل إلا شيئًا واحدًا...
"التبـايـن"

-باولو سورنتينو (من مقدمة رواية كلهم على حق)

 

[النبيل]

أجلسُ منذُ ساعةٍ بانتظار انتهاء الحلّاق من الرأس الذي أمامي. لم اكلّف نفسي مشقّة النهوض ومعاينة وجه هذا الرأس، الذي لا يبدو أحسن حالاً منّي؛ إذ ما تزال هناك بضعة شعيرات تغطي هامته، وحزام من الشعر الفضّي، على شكل حذوة حصان يلفُّ عنقة، ويسير بمحاذاة أذنية ويلتف.. الذي يشعرني بالسقم، أنه يتحدث كثيراً، ومع أني لم أكن استمع إليه، إلا أن تلك الأحاديث كانت تشغل الحلّاق عن إداء عمله بسرعة. كان يتحدّث عن العشائر، والجيش، وطيور الخضيري، وأحمد راضي، وأنواع السلاحف التي تعيش في هور أم النعاج. والحلّاق فاغرُ الفاه، أمام هذه الأحاديث الغرائبية التي يسوقها هذا الأصلع الدميم، ذو الرأس الكمثري الشكل والرقبة المتغضنة. قلت في نفسي لم لا أخوض في أحلام اليقظة كالعادة، ريثما ينتهي الحلّاق من هذا الرأس البغيض.
تخيلت نفسي في نيوميكسيكو، وقتما انتصرَ الجنرال انطونيو لوبيث دي سانتا آنا -الذي كان دكتاتوراً منتخباً لثلاث مرّات- في حرب الحلويات. وإذ خرجت الجماهير المكسيكية إلى ساحة اللقاء وانتشرت كالنمل في ساحة عدن، وسبع البور، ومدينة شاعورة أم جدر، مختلطة المشاعر، ما بين جموع تغني الأغاني الكوادالاخارية التقليدية، وأخرى تحتسي جرعات كبيرة من الفودكا الممزوجة بالتيكيلا، وآخرون يرتدون القبعات العريضة، وفي تشكيلات على شكل هلال، ويرقصون الجوبي على أنغام فرقة بيت هربود. وعلى عادة المكسيكين الأصلاء، تم تعليق حمار قماشي، محشو بالملبّس، لينقضَّ عليه الأطفال بين مخوزق وناغز، حتّى تشقَّ منه البطن أو المؤخرة، وتتساقط عليهم المغلفات، فتغمر الفرحة الجميع، إلى أن يظهر الجنرال أنطونيو في زيّه العسكري من شرفة تطلُّ على نصب الجندي المجهول ويبدأ بالتلويح بطريقة الرادار. وقتذاك رأيت كيف انهالت عليه الورود من كلِّ حدبٍ وصوب وأطلقت المدفعية خمساً وخمسين إطلاقة، وينتهي الحفل المهيب الذي لم ينكر الرئيس فيه أنه في صدد خوض حربٍ جديدة مع دولة لا تعجبه. صحوت من حلمي عندما هذا الخبر، لأجد الحلّاق يشتغل بالرأس التالي وكأنه نسيني في عالمي الذي عشت بسبب هلوسات الرجل الثرثار.

 

[النبيل]

إنها تفاصيل وليست مجرد تفاصيل!
بشكل ملتبس عزيزتي ""
لم يكن هذا سؤالا أو إجابة ساخطة، إنما محض إعجاب بشيء تذكرته.
ربما عندما يصل بك الإدراك إلى هذا الحد من الخيبة، ستفهمين المغزى من هذا التذكّر.

 

[النبيل]

شيء مــن الذات

وُلِدت قرب جسر يسمى ناظم الكحلاء ، تلك المفارقة الاولى في سلسلة قادمة من التناقضات في حياتي ، تعلمت منذ الصغر ان السير بجانب الحائط اسلم وتوفير قوت اليوم افضل من التصدي لمسائل من قبيل تغيير العالم وقلب الواقع والخروج عن النص في مجتمع يسير وفق عادات الصحراء ومظاهر الغلبة والقوة ... اي عكس ما تم تلقينه الينا في المدارس . وهكذا بدأت المفارقات تظهر من تحت سبخة (الماجدية) كالملح لتزيدني غربة عن هذا الواقع وتشظيا في دروب المعرفة المختلفة وتغذي ذلك القلق الوجودي الذي ما انفك ينمو بتلك الزوايا المظلمة والرطبة من عقلي ، التي لم يصلها ضوء النهار ولم يدنسها اي مخلوق .
اتذكر تلك الأحلام التي كانت تراودني بأنني لن اسير على خطا اقراني مطلقا وبأنني سأكون نقطة تحول فارقة في حياتي وحياتهم ، مرت السنوات وتم انتزاعي من عالم الأحلام ذاك ورأيت وجه العالم البراغماتي الحقيقي وعرفت أنني ساكون صفرا وسأبقى كذلك .
صفر من مجموعة أصفار كبيرة هي السواد الأعظم للبشرية ، المجهولون في اروقة القصور والمعابد والرقم الطينية على الرغم انها بُنيت بعرقهم وسواعدهم وتم عجن طينها بدمائهم ، وبمجرد تقبل هذه الحقيقة شعرت لأول مرة بالانتماء ، الانتماء الى الصياديين ، أصحاب الاهوار الحقيقيين الذين قدموا إلى هذه البقعة قبل 200 سنة تقريبا وارتأوا أن يستقروا في هذه البقعة على جانب المساحات المائية ممتدة إلى حدود ايران ، في تلك البيوت من القصب وشعر الماعز والخوص التي لم تسرق حقا ولم تؤسس لظلم ولم تأكل ما لا يحق لها أن تأكله ، هذا انا وتلك هي جذوري

 

[النبيل]

أنشودة امام النحل ربمّا تعتبر من أميز الأناشيد التي تغنى بها مصطفى الربيعي، فكلماتها ذات نغم وموسيقى تطرب لها الأذن وتعبر عن مشاعر جياشة،وكإنما من كتب القصيدة هي إمرأة جنوبية في صدرها لوعة و حب وشوق لحبيبنا" علي " عليه السلام
-وتعد قصيدة امام النحل من القصائد الشهيرة والمميزة ورقم واحد في خانة قصائد الفنان مصطفى الربيعي بين العديد من قصائده،..

 

[النبيل]

عثرت بالصدفة على هذه الجملة مدونة في سجل ملاحظات الموبايل:
أنا الشجرة والرجل الذي يرتاح في ظلها.
بالحقيقة ليس لدي أدنى فكرة عن سبب ومناسبة وجودها في سجل ملاحظاتي، لكني وجدتها قريبا جدا من منطق الحياة. أعني الأشياء.

 

[النبيل]

في داخل كل إنسان هناك مسافة أمان، بين قول الأشياء في النفس وبين قولها بصوت مرتفع.
أحيانا تختفي تلك المسافة في غفلة منه، فيرى المرء نفسه يقول بصوت عالٍ ما لطالما ابقاه محبوسا في صدره.
لا أدري أين قرأت إن الدفاع عن النفس هو أساس كل شعور بالكره أو بالشجاعة أو بالحب حتى.

 

[النبيل]

إنني أنا الذي لا يمكث في رأسه أبدًا، قد أقف على المسرح ولكن عيناي تشاهدني من آخر مقعد في الخلف، قد تلتصق قدمي بالشاطىء ولكنني هناك أشاهد الشمس من قاع البحر، إنني أنا الذي خارج نفسه على الدوام، يتردد في داخلي صوت أقدام الحيوانات في (تحذير رابط هكر لاتضغط عليه)، وصوت حفيف الشجر ومياه النهر، وصوت الحيتان في البحر، وطنين الشهب في السماء صوت يكون أشبه بطنين الذباب، النجوم أكبر دليل على أن كل ما في الماضي جميل، لا يلهيني التأخير في كل مرة عن التجمد أمام جذع شجرة ضخم، الأشجار أعمار الأرض لا أكتفي أبدًا بالنظر لها أرغب دائما في التزحلق داخل حلقات جذعها،

 

[النبيل]

إنني أنا الذي لا يمكث في رأسه أبدًا، قد أقف على المسرح ولكن عيناي تشاهدني من آخر مقعد في الخلف، قد تلتصق قدمي بالشاطىء ولكنني هناك أشاهد الشمس من قاع البحر، إنني أنا الذي خارج نفسه على الدوام، يتردد في داخلي صوت أقدام الحيوانات في (تحذير رابط هكر لاتضغط عليه)، وصوت حفيف الشجر ومياه النهر، وصوت الحيتان في البحر، وطنين الشهب في السماء صوت يكون أشبه بطنين الذباب، النجوم أكبر دليل على أن كل ما في الماضي جميل، لا يلهيني التأخير في كل مرة عن التجمد أمام جذع شجرة ضخم، الأشجار أعمار الأرض لا أكتفي أبدًا بالنظر لها أرغب دائما في التزحلق داخل حلقات جذعها،

ربما لهذا تكون الكتابة، حتى نستطيع أن نخلد هذا الجمال في حرف، أحيانا أرغب في الكتابة بشكل مختلف، كأن أمسك الكون بيدي وأعجنه تبعًا لحروفي، أحيانا أرغب في صنع كعكة حروف بنكهة الكون، وأجعل من البحار والأنهار حبرًا لي وأنثر كلماتي على الأرض، وألتقط السماء من غصن غطائها الأزرق، وأجعلها صفحة بيضاء وأكتب عليها بما يجول في خاطري، وأختزل العالم في نصٍ أسحبه على وجهه إن تطلب الأمر وأضمه على نفسه في كلمة، لا أظنه بالأمر الصعب، فمثلما خرجنا من الرحم حيث منشأنا الأول الضيق إلى الكون الفسيح، ونحن تعلمنا كيف نسحب الكون ونجذبه من أطرافه ونجعله في كلمة، فمنذ أن خرجنا من ضيقه ونحن نعرف كيف نجعل الأشياء في حجم بذرة.

 

[النبيل]

ربما لهذا تكون الكتابة، حتى نستطيع أن نخلد هذا الجمال في حرف، أحيانا أرغب في الكتابة بشكل مختلف، كأن أمسك الكون بيدي وأعجنه تبعًا لحروفي، أحيانا أرغب في صنع كعكة حروف بنكهة الكون، وأجعل من البحار والأنهار حبرًا لي وأنثر كلماتي على الأرض، وألتقط السماء من غصن غطائها الأزرق، وأجعلها صفحة بيضاء وأكتب عليها بما يجول في خاطري، وأختزل العالم في نصٍ أسحبه على وجهه إن تطلب الأمر وأضمه على نفسه في كلمة، لا أظنه بالأمر الصعب، فمثلما خرجنا من الرحم حيث منشأنا الأول الضيق إلى الكون الفسيح، ونحن تعلمنا كيف نسحب الكون ونجذبه من أطرافه ونجعله في كلمة، فمنذ أن خرجنا من ضيقه ونحن نعرف كيف نجعل الأشياء في حجم بذرة.

النصوص غير المكتملة أجنة اللغة المجهضة، أرغب على الدوام في إعطائها فرصة الحياة، فرصة الاكتمال والمجيء إلى نور الورقة، فربما اكتمالها يكون لدى القارىء وهو من سيخلق معنى لها، أحيانًا أرغب في أن تصيب الكلمات بالبلل، بالنعاس، بالرقص، بالحب، أرغب إذا ما كتبت قصيدة عن المطر يخرج القارىء منها مبتلًا، أحيانا كثيرة أشعر بالضآلة أمام شساعة الكون كأن أكون النجم الوحيد في المجرة، لكنني أؤمن أنه مثلما يحتوي جوف عيني الكون والأرض والسماوات، أؤمن أيضا أنني أستطيع أن أكوره في كلمة.