مـرايا

[النبيل]

زمان ..
من عادة أمي
أن تحضر لي كل فترة أسماك في كيس بلاستيكي خفيف

من دون أن تُفسّر مرّة شيئاً

كُنت أشم في يديها رائحة عشب
وأوراق شجر سقطت تواً

ورائحة البيت ، كبحيرة هادئة مليئة بالزنابير

أسماك صغيرة تَلَبط في نافذة الحائط
أسماك صغيرة تَلَبط في الخزانة
أسماك صغيرة تقترب منها القطط
أسماك صغيرة ظلت وحيدة لسنوات

في المرة الأخيرة قالت لي :
تشبث كما تفور المياه ، تشبث بفمٍ واحد
على واحد منا
أن يبقى مستيقظاً ..الى الأبد

 

[النبيل]

اعيش يومي بِهوادة وثبات
حتى يجيء القلق ليروع اخر ما تبقى مني.

هذا القلق يجعلني اتخيل ان دماغي في هذه اللحظة لونه ازرق يقف على رأسه لأن الدم لا يصل اليه، شيء اشبه بكيس الحجارة الذي انتحرت فيه الشاعرة فيرجينيا وولف موضوعٌ فوق الرأس وتحت المعدة وبالقرب من القلب.
لا يعرف كيف يفكر او ماذا يفعل.
شيء اشبه بجسد موغل بمادة الجير الأسود اللزج لا تستطيع مغادرة جسدك او اللحظة، كيس منكمش على نفسه من فرط السحق، كرة اسمنت، او ربما عظمٍ مكسور بسطوة القبيلة .

اسأل نفسي كيف بامكان اشياء اعتيادية مثل دقة باب، رنة هاتف، مجيء احد افراد عائلتي لجعلي استيقظ من حلم ما، او حتى رسالة تبدأ باسمي تجعلني اريد ان اثقب هذا الرأس واميل به من جهة القلب للاسفل لأسرب كل القلق الذي يغرق فيه.

وكما يقول الشاعر الوسيم ماريو بوخوركيس:
يا لَهشاشةِ قلبِ الذي يعاني من القلق،
أيُّ آلةٍ بطيئة، أيُّ آلةٍ مشؤومةٍ
هي القلب.

 

[النبيل]

ليلة أُخرى ، أبحث بها عن نفسي

 

[النبيل]

في انتظار غودو…

 

[النبيل]

الليل كائن حي لمن يستشعره.

 

[النبيل]

نزار قباني يقول ؛
قلبي كمنفظة الرماد أنا
لو تنبشي ما فيه تحترقي
قلبي أنا شِعري ويظلمني ..
من لا يرى قلبي على الورقِ

البومبونيرا اليوم يعيش مشاعر الأب ليلة زفاف ابنته الوحيدة ، سعادة ظاهرية يتخلّلها حزن جنائزيٌّ دفين على العمر الذي مضى سريعا ؛ في ليلة وداع اللاعب الذي كان قادرا على قلب ملعب كرة القدم إلى ساحة الجمباز على حد تعبير كارلوس بيانكي ..

خوان رومان ريكيلمي ؛ ستظلمه كثيرا إذا تحدثت عنه وأنت لم تكن تسهر معه الليل

 

[النبيل]

يمكنني ان اكون اي شيء من الاشياء
اي شيء
مثلا ان اصبح باب يفتح من تلقاء نفسة لمن يفكرون بكفوفهم

او يمكنني ان اكون نافذة رحبة صدر
تريح الضوء من تعبهِ بعد كل المسافة التي قطعها

يمكنني ان أكون ظل لشجرة مثلا
او اكون حجر يتلاقفني الاطفال ليرموا به عش لِعصفورين على هذه الشجرة

يمكنني أن ادلكم على مجرتين عملاقتين لم تعلم ناسا بوجودهما الى الآن
هما عينا ابي الذي هرب الضوء منهما

يمكنني ان اكون خرافة
فأخبركم بعد عودتي اليكم اني كنت محتجزاً مع جهل مفرط فتهزئون بي وتدبروا ضاحكين

يمكنني ان اكو احد ألهة الرومان القديم مثلا ابولو
فأطلب من ربات الفنون ان يقتسحنكم بالفن
فيضعن حد للجهل والخراب الفكري لديكم

يمكنني ان اصبح الكثير من الاشياء
الجيدة منها والقبيحة
السعيدة والتعيسة
المتاحة وايضا المحجوبة
و اي شيء من هذا القبيل
لكن لا يمكنني أن اكون أنا ولو لفترة طويلة .

 

[النبيل]

ليس هناك شيء في العالم يجعلني هشاً..متداعياً..آيلاً للسقوط الحر..اكثر من استمتاعي بصوت هــذآ الكريم جداً

 

[النبيل]

فقط لو تعرفين ماذا يدور في رأسي الآن؟
دائما الشيء نفسه
لون كالأزرق وحياة مهدورة.
المدهش أنه، بعد كل الخيبات الكثيرة التي صادفتها في حياتي، مازلت احتفظ بنظارتي سليمة فوق أنفي؟!
طيب..
ربما علينا أن نتفق، أن الأسئلة المجازية لا يلزم الرد عليها بالضرورة!

 

[النبيل]

ما زلت أمنح الأطباء الجدد
أسبابا واضحة لاكتساب الخبرة
واجتياز عقبة العمل .

أعيش بشكل طارئ
في غرفة
تشبه صالة للعمليات
أسمع رنين الأجهزة
من قدح الشاي
وعلب السجائر .

خلف الباب أسمع أدعية الأهل
وموسيقى نينو روتا
التي وضعتها كنغمة رنين
لتذكرني بآل باتشينو
عندما لا يكون الممثل ممثلا وحسب


أنت تعانين كل ذلك
في الجهة الأخرى
تشبهين سيارة إسعاف
لم تنقذ أحدا
تصدرين أصواتا عالية
لتجبري الآخرين على التنحي
والارتباك
تتخلصين من الزحام في كل مرة
ولا تصلين !!!