أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

تفسير ابن كثير

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاءً) [الواقعة : 35]
( فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا) [الواقعة : 36]
( عُرُبًا أَتْرَابًا) [الواقعة : 37]
وقوله : ( إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ) جرى الضمير على غير مذكور .
لكن لما دل السياق ، وهو ذكر الفرش على النساء اللاتي يضاجعن فيها ، اكتفى بذلك عن ذكرهن ، وعاد الضمير عليهن ، كما في قوله :
( إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد فقال إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي حتى توارت بالحجاب ) [ ص : 31 ، 32 ] يعني : الشمس ، على المشهور من قول المفسرين .

قال الأخفش في قوله :
( إنا أنشأناهن إنشاء ) أضمرهن ولم يذكرهن قبل ذلك .
وقال أبو عبيدة : ذكرن في قوله : ( وحور عين كأمثال اللؤلؤ المكنون ) [ الواقعة : 22 ، 23 ] .

فقوله : ( إنا أنشأناهن ) أي : أعدناهن في النشأة الآخرة بعدما كن عجائز رمصا ، صرن أبكارا عربا ، أي : بعد الثيوبة عدن أبكارا عربا ، أي : متحببات إلى أزواجهن بالحلاوة والظرافة والملاحة .

وقال بعضهم : ( عربا ) أي : غنجات .

قال موسى بن عبيدة الربذي ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
( إنا أنشأناهن إنشاء ) قال :
" نساء عجائز كن في الدنيا عمشا رمصا " .
رواه الترمذي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم . ثم قال الترمذي : غريب ، وموسى ويزيد ضعيفان .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا محمد بن عوف الحمصي ، حدثنا آدم - يعني : ابن أبي إياس - حدثنا شيبان ، عن جابر ، عن يزيد بن مرة ، عن سلمة بن يزيد قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول في قوله : ( إنا أنشأناهن إنشاء ) يعني : " الثيب والأبكار اللاتي كن في الدنيا " .

وقال عبد بن حميد :
حدثنا مصعب بن المقدام ، حدثنا المبارك بن فضالة ، عن الحسن قال :
أتت عجوز فقالت : يا رسول الله ادع الله أن يدخلني الجنة .
فقال : " يا أم فلان ، إن الجنة لا تدخلها عجوز " .
قال : فولت تبكي ، قال :
" أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز ، إن الله تعالى يقول : ( إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا )
وهكذا رواه الترمذي في الشمائل عن عبد بن حميد .

وقال أبو القاسم الطبراني :
حدثنا بكر بن سهل الدمياطي ، حدثنا عمرو بن هاشم البيروتي ، حدثنا سليمان بن أبي كريمة ، عن هشام بن حسان ، عن الحسن ، عن أمه ، عن أم سلمة قالت :
قلت : يا رسول الله ، أخبرني عن قول الله : ( وحور عين ) [ الواقعة : 22 ].
قال : " حور : بيض ، عين : ضخام العيون ، شفر الحوراء بمنزلة جناح النسر " .
قلت : أخبرني عن قوله : ( كأمثال اللؤلؤ المكنون ) [ الواقعة : 23 ].
قال : " صفاؤهن صفاء الدر الذي في الأصداف ، الذي لم تمسه الأيدي " .
قلت : أخبرني عن قوله : ( فيهن خيرات حسان ) [ الرحمن : 70 ] .
قال : " خيرات الأخلاق ، حسان الوجوه " .
قلت : أخبرني عن قوله : ( كأنهن بيض مكنون ) [ الصافات : 49 ] ،
قال : " رقتهن كرقة الجلد الذي رأيت في داخل البيضة مما يلي القشر ، وهو : الغرقئ " .
قلت : يا رسول الله ، أخبرني عن قوله : ( عربا أترابا ) .
قال : " هن اللواتي قبضن في دار الدنيا عجائز رمصا شمطا ، خلقهن الله بعد الكبر ، فجعلهن عذارى عربا متعشقات محببات ، أترابا على ميلاد واحد " .
قلت : يا رسول الله ، نساء الدنيا أفضل أم الحور العين ؟
قال : " بل نساء الدنيا أفضل من الحور العين ، كفضل الظهارة على البطانة " .
قلت : يا رسول الله ، وبم ذاك ؟
قال : " بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن الله عز وجل ، ألبس الله وجوههن النور ، وأجسادهن الحرير ، بيض الألوان ، خضر الثياب ، صفر الحلي ، مجامرهن الدر ، وأمشاطهن الذهب ، يقلن : نحن الخالدات فلا نموت أبدا ، ونحن الناعمات فلا نبأس أبدا ، ونحن المقيمات فلا نظعن أبدا ، ألا ونحن الراضيات فلا نسخط أبدا ، طوبى لمن كنا له وكان لنا " .
قلت : يا رسول الله ، المرأة منا تتزوج زوجين والثلاثة والأربعة ، ثم تموت فتدخل الجنة ويدخلون معها ، من يكون زوجها ؟
قال : " يا أم سلمة ، إنها تخير فتختار أحسنهم خلقا ، فتقول : يا رب ، إن هذا كان أحسن خلقا معي فزوجنيه ، يا أم سلمة ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة " .

وفي حديث الصور الطويل المشهور أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشفع للمؤمنين كلهم في دخول الجنة فيقول الله : قد شفعتك وأذنت لهم في دخولها . فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
" والذي بعثني بالحق ، ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم ، فيدخل الرجل منهم على ثنتين وسبعين زوجة ، سبعين مما ينشئ الله ، وثنتين من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ الله ، بعبادتهما الله في الدنيا ، يدخل على الأولى منهما في غرفة من ياقوتة ، على سرير من ذهب مكلل باللؤلؤ ، عليه سبعون زوجا من سندس وإستبرق وإنه ليضع يده بين كتفيها ، ثم ينظر إلى يده من صدرها من وراء ثيابها وجلدها ولحمها ، وإنه لينظر إلى مخ ساقها كما ينظر أحدكم إلى السلك في قصبة الياقوت ، كبده لها مرآة - يعني : وكبدها له مرآة - فبينما هو عندها لا يملها ولا تمله ، ولا يأتيها من مرة إلا وجدها عذراء ، ما يفتر ذكره ، ولا تشتكي قبلها إلا أنه لا مني ولا منية ، فبينما هو كذلك إذ نودي : إنا قد عرفنا أنك لا تمل ولا تمل ، إلا أن لك أزواجا غيرها ، فيخرج ، فيأتيهن واحدة واحدة ، كلما جاء واحدة قالت : والله ما في الجنة شيء أحسن منك ، وما في الجنة شيء أحب إلي منك " .

وقال عبد الله بن وهب :
أخبرني عمرو بن الحارث ، عن دراج ، عن ابن حجيرة ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال له : أنطأ في الجنة ؟
قال : " نعم ، والذي نفسي بيده دحما دحما ، فإذا قام عنها رجعت مطهرة بكرا " .

وقال الطبراني :
حدثنا إبراهيم بن جابر الفقيه البغدادي ، حدثنا محمد بن عبد الملك الدقيق الواسطي ، حدثنا معلى بن عبد الرحمن الواسطي ، حدثنا شريك ، عن عاصم الأحول ، عن أبي المتوكل ، عن أبي سعيد قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عدن أبكارا " .
وقال أبو داود الطيالسي :
حدثنا عمران ، عن قتادة ، عن أنس ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" يعطى المؤمن في الجنة قوة كذا وكذا في النساء " .
قلت : يا رسول الله ، ويطيق ذلك ؟
قال : " يعطى قوة مائة " .
ورواه الترمذي من حديث أبي داود وقال : صحيح غريب .

وروى أبو القاسم الطبراني من حديث حسين بن علي الجعفي ، عن زائدة ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة قال :
قيل : يا رسول الله ، هل نصل إلى نسائنا في الجنة ؟
قال : " إن الرجل ليصل في اليوم إلى مائة عذراء " .

قال الحافظ أبو عبد الله المقدسي :
هذا الحديث عندي على شرط الصحيح ، والله أعلم .

وقوله : ( عربا ) قال سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : يعني متحببات إلى أزواجهن ، ألم تر إلى الناقة الضبعة ، هي كذلك .

وقال الضحاك ، عن ابن عباس : العرب : العواشق لأزواجهن ، وأزواجهن لهن عاشقون .
وكذا قال عبد الله بن سرجس ، ومجاهد ، وعكرمة ، وأبو العالية ، ويحيى بن أبي كثير ، وعطية ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك ، وغيرهم .

وقال ثور بن زيد ، عن عكرمة قال : سئل ابن عباس عن قوله : ( عربا ) قال : هي الملقة لزوجها .

وقال شعبة ، عن سماك ، عن عكرمة : هي الغنجة .

وقال الأجلح بن عبد الله ، عن عكرمة : هي الشكلة .

وقال صالح بن حيان ، عن عبد الله بن بريدة في قوله : ( عربا ) قال : الشكلة بلغة أهل مكة ، والغنجة بلغة أهل المدينة .

وقال تميم بن حذلم : هي حسن التبعل .

وقال زيد بن أسلم ، وابنه عبد الرحمن : العرب : حسنات الكلام .

وقال ابن أبي حاتم :
ذكر عن سهل بن عثمان العسكري : حدثنا أبو علي ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( عربا ) قال : " كلامهن عربي " .

وقوله : ( أترابا ) قال الضحاك ، عن ابن عباس يعني : في سن واحدة ، ثلاث وثلاثين سنة .

وقال مجاهد : الأتراب : المستويات . وفي رواية عنه : الأمثال .
وقال عطية : الأقران .
وقال السدي : ( أترابا ) أي : في الأخلاق ، المتواخيات بينهن ، ليس بينهن تباغض ولا تحاسد ، يعني : لا كما كن ضرائر [ في الدنيا ] ضرائر متعاديات .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا أبو أسامة ، عن عبد الله بن الكهف ، عن الحسن ومحمد : ( عربا أترابا ) قالا : المستويات الأسنان ، يأتلفن جميعا ، ويلعبن جميعا .

وقد روى أبو عيسى الترمذي ، عن أحمد بن منيع ، عن أبي معاوية ، عن عبد الرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، عن علي رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" إن في الجنة لمجتمعا للحور العين ، يرفعن أصواتا لم تسمع الخلائق بمثلها ، يقلن : نحن الخالدات فلا نبيد ، ونحن الناعمات فلا نبأس ، ونحن الراضيات فلا نسخط ، طوبى لمن كان لنا وكنا له " . ثم قال : هذا حديث غريب .

وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا إسماعيل بن عمر ، حدثنا ابن أبي ذئب ، عن فلان بن عبد الله بن رافع ، عن بعض ولد أنس بن مالك ، عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" إن الحور العين ليغنين في الجنة ، يقلن نحن خيرات حسان ، خبئنا لأزواج كرام " .

قلت : إسماعيل بن عمر هذا هو أبو المنذر الواسطي أحد الثقات الأثبات . وقد روى هذا الحديث الإمام عبد الرحيم بن إبراهيم الملقب بدحيم ، عن ابن أبي فديك ، عن ابن أبي ذئب ، عن عون بن الخطاب بن عبد الله بن رافع ، عن ابن لأنس ، عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" إن الحور العين يغنين في الجنة : نحن الجوار الحسان ، خلقنا لأزواج كرام " .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ) [الواقعة : 38]
وقوله : ( لأصحاب اليمين ) أي : خلقنا لأصحاب اليمين ، أو : ادخرن لأصحاب اليمين ، أو : زوجن لأصحاب اليمين . والأظهر أنه متعلق بقوله : ( إنا أنشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين ) فتقديره : أنشأناهن لأصحاب اليمين . وهذا توجيه ابن جرير .

روي عن أبي سليمان الداراني - رحمه الله - قال :
صليت ليلة ، ثم جلست أدعو ، وكان البرد شديدا ، فجعلت أدعو بيد واحدة ، فأخذتني عيني فنمت ، فرأيت حوراء لم ير مثلها وهي تقول :
يا أبا سليمان ، أتدعو بيد واحدة وأنا أغذى لك في النعيم من خمسمائة سنة !

قلت : ويحتمل أن يكون قوله : ( لأصحاب اليمين ) متعلقا بما قبله ، وهو قوله : ( أترابا لأصحاب اليمين ) أي : في أسنانهم . كما جاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم ، من حديث جرير ، عن عمارة بن القعقاع ، عن أبي زرعة ، عن أبي هريرة ، قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر ، والذين يلونهم على ضوء أشد كوكب دري في السماء إضاءة ، لا يبولون ولا يتغوطون ، ولا يتفلون ولا يتمخطون ، أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم الألوة ، وأزواجهم الحور العين ، أخلاقهم على خلق رجل واحد ، على صورة أبيهم آدم ، ستون ذراعا في السماء " .

وقال الإمام أحمد :
حدثنا يزيد بن هارون وعفان قالا حدثنا حماد بن سلمة - وروى الطبراني ، واللفظ له من حديث حماد بن سلمة - عن علي بن زيد بن جدعان ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا بيضا جعادا مكحلين ، أبناء ثلاثين أو ثلاث وثلاثين ، وهم على خلق آدم ستون ذراعا في عرض سبعة أذرع " .

وروى الترمذي من حديث أبي داود الطيالسي ، عن عمران القطان ، عن قتادة ، عن شهر بن حوشب ، عن عبد الرحمن بن غنم ، عن معاذ بن جبل ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" يدخل أهل الجنة الجنة جردا مردا مكحلين أبناء ثلاثين ، أو ثلاث وثلاثين سنة " .
ثم قال : حسن غريب

وقال ابن وهب :
أخبرنا عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم ، عن أبي سعيد قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" من مات من أهل الجنة من صغير أو كبير ، يردون بني ثلاث وثلاثين في الجنة ، لا يزيدون عليها أبدا ، وكذلك أهل النار " .

ورواه الترمذي عن سويد بن نصر ، عن ابن المبارك ، عن رشدين بن سعد ، عن عمرو بن الحارث ، به

وقال أبو بكر بن أبي الدنيا :
حدثنا القاسم بن هاشم ، حدثنا صفوان بن صالح ، حدثنا رواد بن الجراح العسقلاني ، حدثنا الأوزاعي ، عن هارون بن رئاب ، عن أنس قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" يدخل أهل الجنة الجنة على طول آدم ستين ذراعا بذراع الملك ! على حسن يوسف ، وعلى ميلاد عيسى ثلاث وثلاثين سنة ، وعلى لسان محمد ، جرد مرد مكحلون " .

وقال أبو بكر بن أبي داود :
حدثنا محمود بن خالد وعباس بن الوليد قالا : " حدثنا عمر عن الأوزاعي ، عن هارون بن رئاب ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" يبعث أهل الجنة على صورة آدم في ميلاد ثلاث وثلاثين ، جردا مردا مكحلين ، ثم يذهب بهم إلى شجرة في الجنة فيكسون منها ، لا تبلى ثيابهم ، ولا يفنى شبابهم " .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@@

( ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ) [الواقعة : 39]
( وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ) [الواقعة : 40]
وقوله : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ) أي : جماعة من الأولين وجماعة من الآخرين .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا المنذر بن شاذان ، حدثنا محمد بن بكار ، حدثنا سعيد بن بشير ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن عمران بن حصين ، عن عبد الله بن مسعود - قال :
وكان بعضهم يأخذ عن بعض - قال :
أكرينا ذات ليلة عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم غدونا عليه ، فقال :
" عرضت علي الأنبياء وأتباعها بأممها ، فيمر علي النبي ، والنبي في العصابة ، والنبي في الثلاثة ، والنبي ليس معه أحد - وتلا قتادة هذه الآية :
( أليس منكم رجل رشيد ) [ هود : 78 ] -
قال : حتى مر علي موسى بن عمران في كبكبة من بني إسرائيل " .
قال : " قلت : ربي من هذا ؟
قال : هذا أخوك موسى بن عمران ومن معه من بني إسرائيل " .
قال : " قلت : رب فأين أمتي ؟
قال : انظر عن يمينك في الظراب .
قال : " فإذا وجوه الرجال " .
قال : " قال : أرضيت ؟ "
قال : قلت : " قد رضيت ، رب " .
قال : انظر إلى الأفق عن يسارك فإذا وجوه الرجال .
قال : أرضيت ؟
قلت : " رضيت ، رب " .
قال : فإن مع هؤلاء سبعين ألفا ، يدخلون الجنة بغير حساب " .

قال : وأنشأ عكاشة بن محصن من بني أسد - قال سعيد : وكان بدريا - قال : يا نبي الله ، ادع الله أن يجعلني منهم .
قال : فقال : " اللهم اجعله منهم " .
قال : أنشأ رجل آخر ، قال : يا نبي الله ، ادع الله أن يجعلني منهم .
فقال : " سبقك بها عكاشة "
قال : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فإن استطعتم - فداكم أبي وأمي - أن تكونوا من أصحاب السبعين فافعلوا وإلا فكونوا من أصحاب الظراب ، وإلا فكونوا من أصحاب الأفق ، فإني قد رأيت ناسا كثيرا قد تأشبوا حوله " .
ثم قال : " إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة " .
فكبرنا ، ثم قال : " إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة " .
قال : فكبرنا ، قال : " إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة " .
قال : فكبرنا .
ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية : ( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين )
قال : فقلنا بيننا : من هؤلاء السبعون ألفا ؟
فقلنا : هم الذين ولدوا في الإسلام ، ولم يشركوا .
قال : فبلغه ذلك فقال :
" بل هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون ، وعلى ربهم يتوكلون " .
وكذا رواه ابن جرير من طريقين آخرين عن قتادة ، به نحوه .
وهذا الحديث له طرق كثيرة من غير هذا الوجه في الصحاح وغيرها .

وقال ابن جرير :
حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران ، حدثنا سفيان ، عن أبان بن أبي عياش ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس :
( ثلة من الأولين وثلة من الآخرين )
قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " هما جميعا من أمتي " .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ) [الواقعة : 41]
لما ذكر تعالى حال أصحاب اليمين عطف عليهم بذكر أصحاب الشمال فقال "وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال" أي شيء هم فيه أصحاب الشمال؟.
( فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ) [الواقعة : 42]
ثم فسر ذلك فقال "في سموم" وهو الهواء الحار "وحميم" وهو الماء الحار.

( وَظِلٍّ مِّن يَحْمُومٍ) [الواقعة : 43]
( وظل من يحموم ) قال ابن عباس :
ظل الدخان .
وكذا قال مجاهد ، وعكرمة ، وأبو صالح ، وقتادة ، والسدي ، وغيرهم .
وهذه كقوله تعالى : ( انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب لا ظليل ولا يغني من اللهب إنها ترمي بشرر كالقصر كأنه جمالة صفر ويل يومئذ للمكذبين ) [ المرسلات : 29 ، 34 ].
ولهذا قال هاهنا : ( وظل من يحموم ) وهو الدخان الأسود.

( لَّا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ) [الواقعة : 44]
( لا بارد ولا كريم ) أي : ليس طيب الهبوب ولا حسن المنظر ، كما قال الحسن وقتادة :
( ولا كريم ) أي : ولا كريم المنظر .
وقال الضحاك : كل شراب ليس بعذب فليس بكريم .
وقال ابن جرير :
العرب تتبع هذه اللفظة في النفي ، فيقولون :
" هذا الطعام ليس بطيب ولا كريم ، هذا اللحم ليس بسمين ولا كريم ، وهذه الدار ليست بنظيفة ولا كريمة " .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( هَٰذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ) [الواقعة : 56]
ثم قال تعالى : ( هذا نزلهم يوم الدين ) أي : هذا الذي وصفنا هو ضيافتهم عند ربهم يوم حسابهم ، كما قال في حق المؤمنين :
( إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا ) [ الكهف : 107 ] أي : ضيافة وكرامة .

@@@@@@@@@

( نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ) [الواقعة : 57]
يقول تعالى مقررا للمعاد ، وردا على المكذبين به من أهل الزيغ والإلحاد ، من الذين قالوا :
( أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا لمبعوثون ) [ الصافات : 16 ].
وقولهم ذلك صدر منهم على وجه التكذيب والاستبعاد ، فقال : ( نحن خلقناكم ) أي : نحن ابتدأنا خلقكم بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا ، أفليس الذي قدر على البداءة بقادر على الإعادة بطريق الأولى والأحرى ; فلهذا قال :
( فلولا تصدقون ) أي : فهلا تصدقون بالبعث ! ثم قال مستدلا عليهم بقوله :
( أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ) [الواقعة : 58]
( أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ) [الواقعة : 59]

( أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون ) أي : أنتم تقرونه في الأرحام وتخلقونه فيها ، أم الله الخالق لذلك ؟

( نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ) [الواقعة : 60]
ثم قال : ( نحن قدرنا بينكم الموت ) أي : صرفناه بينكم .

وقال الضحاك : ساوى فيه بين أهل السماء والأرض .

( وما نحن بمسبوقين ) أي : وما نحن بعاجزين .

( عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ) [الواقعة : 61]
( على أن نبدل أمثالكم ) أي : نغير خلقكم يوم القيامة.
( وننشئكم في ما لا تعلمون ) أي : من الصفات والأحوال .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَىٰ فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ) [الواقعة : 62]
ثم قال : ( ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون ) أي : قد علمتم أن الله أنشأكم بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا ، فخلقكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة ، فهلا تتذكرون وتعرفون أن الذي قدر على هذه النشأة - وهي البداءة - قادر على النشأة الأخرى ، وهي الإعادة بطريق الأولى والأحرى ، وكما قال :
( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) [ الروم : 27 ].
وقال : ( أولا يذكر الإنسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا ) [ مريم : 67 ].
وقال : ( أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ) [ يس : 77 - 79 ].
وقال تعالى : ( أيحسب الإنسان أن يترك سدى ألم يك نطفة من مني يمنى ثم كان علقة فخلق فسوى فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ) ؟ [ القيامة : 36 - 40 ] .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ) [الواقعة : 68]
( أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنزِلُونَ) [الواقعة : 69]

ثم قال تعالى : ( أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من المزن ) يعني : السحاب . قاله ابن عباس ، ومجاهد وغير واحد .
( أم نحن المنزلون ) يقول : بل نحن المنزلون


( لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ) [الواقعة : 70]
( لو نشاء جعلناه أجاجا ) أي : زعاقا مرا لا يصلح لشرب ولا زرع.
( فلولا تشكرون ) أي : فهلا تشكرون نعمة الله عليكم في إنزاله المطر عليكم عذبا زلالا !
( لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون ) [ النحل : 10 ، 11 ] .

وقال ابن أبي حاتم :
حدثنا أبي ، حدثنا عثمان بن سعيد بن مرة ، حدثنا فضيل بن مرزوق ، عن جابر ، عن أبي جعفر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه إذا شرب الماء قال :
" الحمد لله الذي سقانا عذبا فراتا برحمته ، ولم يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا " .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ) [الواقعة : 71]

قال "أفرأيتم النار التي تورون" أي تقدحون من الزناد وتستخرجونها من أصلها.

( أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِئُونَ) [الواقعة : 72]
"أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون" أي بل نحن الذين جعلناها مودعة في موضعها.
وللعرب شجرتان "إحداهما" المرخ "والأخـرى" العفار إذا أخذ منهما غصنان أخضران فحك أحدهما بالآخر تناثر من بينهما شرر النار

( نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِّلْمُقْوِينَ) [الواقعة : 73]
وقوله : ( نحن جعلناها تذكرة ) قال مجاهد ، وقتادة : أي تذكر النار الكبرى .

قال قتادة : ذكر لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" يا قوم ، ناركم هذه التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم " .
قالوا : يا رسول الله إن كانت لكافية !
قال : " قد ضربت بالماء ضربتين - أو : مرتين - حتى يستنفع بها بنو آدم ويدنوا منها " .
وهذا الذي أرسله قتادة رواه الإمام أحمد في مسنده ، فقال :
حدثنا سفيان ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :
" إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ، وضربت بالبحر مرتين ، ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد " .

وقال الإمام مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" نار بني آدم التي يوقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم " .
فقالوا : يا رسول الله إن كانت لكافية.
فقال : " إنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا " .

رواه البخاري من حديث مالك ، ومسلم من حديث أبي الزناد ، ورواه مسلم من حديث عبد الرزاق ، عن معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة به . وفي لفظ :
" والذي نفسي بيده لقد فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن مثل حرها " .

وقال أبو القاسم الطبراني :
حدثنا أحمد بن عمرو الخلال ، حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ، حدثنا معن بن عيسى القزاز ، عن مالك ، عن عمه أبي السهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أتدرون ما مثل ناركم هذه من نار جهنم ؟ لهي أشد سوادا من [ دخان ] ناركم هذه بسبعين ضعفا " .

قال الضياء المقدسي :
وقد رواه ابن مصعب عن مالك ، ولم يرفعه ، وهو عندي على شرط الصحيح .

وقوله : ( ومتاعا للمقوين ) قال ابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، والنضر بن عربي : معنى ( للمقوين ) المسافرين ، واختاره ابن جرير ، وقال : ومنه قولهم :
" أقوت الدار إذا رحل أهلها " .

وقال غيره : القي والقواء : القفر الخالي البعيد من العمران .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم : المقوي هنا الجائع .

وقال ليث بن أبي سليم ، عن مجاهد : ( ومتاعا للمقوين ) للحاضر والمسافر ، لكل طعام لا يصلحه إلا النار .
وكذا روى سفيان ، عن جابر الجعفي ، عن مجاهد .

وقال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قوله : ( للمقوين ) المستمتعين الناس أجمعين .
وكذا ذكر عن عكرمة .

وهذا التفسير أعم من غيره ، فإن الحاضر والبادي من غني وفقير الكل محتاجون للطبخ والاصطلاء والإضاءة وغير ذلك من المنافع . ثم من لطف الله تعالى أن أودعها في الأحجار ، وخالص الحديد بحيث يتمكن المسافر من حمل ذلك في متاعه وبين ثيابه ، فإذا احتاج إلى ذلك في منزله أخرج زنده وأورى ، وأوقد ناره فأطبخ بها واصطلى ، واشتوى واستأنس بها ، وانتفع بها سائر الانتفاعات . فلهذا أفرد المسافرون وإن كان ذلك عاما في حق الناس كلهم .
وقد يستدل له بما رواه الإمام أحمد وأبو داود من حديث أبي خداش حبان بن زيد الشرعبي الشامي ، عن رجل من المهاجرين من قرن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
" المسلمون شركاء في ثلاثة : النار والكلأ والماء " .

وروى ابن ماجه بإسناد جيد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
" ثلاث لا يمنعن : الماء والكلأ والنار " .

وله من حديث ابن عباس مرفوعا مثل هذا وزيادة وثمنه ولكن في إسناده عبدالله بن خراش بن حوشب وهو ضعيف والله أعلم.
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@

( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) [الواقعة : 74]
وقوله : ( فسبح باسم ربك العظيم ) أي : الذي بقدرته خلق هذه الأشياء المختلفة المتضادة الماء العذب الزلال البارد ، ولو شاء لجعله ملحا أجاجا كالبحار المغرقة . وخلق النار المحرقة ، وجعل ذلك مصلحة للعباد ، وجعل هذه منفعة لهم في معاش دنياهم ، وزاجرا لهم في المعاد .
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
تفسير ابن كثير
@@@@@@@@

( فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ) [الواقعة : 75]
قال جويبر ، عن الضحاك : إن الله لا يقسم بشيء من خلقه ، ولكنه استفتاح يستفتح به كلامه .
وهذا القول ضعيف .
والذي عليه الجمهور أنه قسم من الله عز وجل ، يقسم بما شاء من خلقه ، وهو دليل على عظمته .
ثم قال بعض المفسرين :
" لا " هاهنا زائدة ، وتقديره : أقسم بمواقع النجوم . ورواه ابن جرير ، عن سعيد بن جبير .
ويكون جوابه : ( إنه لقرآن كريم ) .

وقال آخرون :
ليست " لا " زائدة لا معنى لها ، بل يؤتى بها في أول القسم إذا كان مقسما به على منفي ، كقول عائشة رضي الله عنها :
" لا والله ما مست يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يد امرأة قط "
وهكذا هاهنا تقدير الكلام : " لا أقسم بمواقع النجوم ليس الأمر كما زعمتم في القرآن أنه سحر أو كهانة ، بل هو قرآن كريم " .

وقال ابن جرير :
وقال بعض أهل العربية : معنى قوله : ( فلا أقسم ) فليس الأمر كما تقولون ، ثم استأنف القسم بعد : فقيل : أقسم .

واختلفوا في معنى قوله : ( بمواقع النجوم ) ، فقال حكيم بن جبير ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس يعني : نجوم القرآن ; فإنه نزل جملة ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا ، ثم نزل مفرقا في السنين بعد . ثم قرأ ابن عباس هذه الآية .

وقال الضحاك عن ابن عباس : نزل القرآن جملة من عند الله من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا ، فنجمته السفرة على جبريل عشرين ليلة ، ونجمه جبريل على محمد - صلى الله عليه وسلم - عشرين سنة ، فهو قوله : ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) نجوم القرآن .

وكذا قال عكرمة ، ومجاهد ، والسدي ، وأبو حزرة .

وقال مجاهد أيضا :
( بمواقع النجوم ) في السماء ، ويقال : مطالعها ومشارقها . وكذا قال الحسن ، وقتادة ، وهو اختيار ابن جرير .
وعن قتادة : مواقعها : منازلها .
وعن الحسن أيضا : أن المراد بذلك انتثارها يوم القيامة .
وقال الضحاك : ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) يعني بذلك : الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا ، قالوا : مطرنا بنوء كذا وكذا .

( وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) [الواقعة : 76]
وقوله "وإنه لقسم لو تعلمون عظيم" أي وإن هذا القسم الذي أقسمت به لقسم عظيم لو تعلمون عظمته لعظمتم المقسم به عليه.

( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) [الواقعة : 77]
"إنه لقرآن كريم" أي إن هذا القرآن الذي نزل على محمد لكتاب عظيم.

( فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ) [الواقعة : 78]
"في كتاب مكنون" أي معظم في كتاب معظم محفوظ موقر.
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 1 ( الاعضاء: 0, الزوار: 1 )