يقول حبيب بن أوس : كنت في غرفة لي على شاطئ دجلة في وقت السحر أيام الخريف، فإذا بغلام كنت أعرفه بجمال، قد تجرد من ثيابه وألقى نفسه في الدجلة يسبح فيها، وقد احمر جلده من برد الماء، وإذا ماني الموسوس يرمقه ببصره، فلما خرج من الماء قال:
خمش الماء جلده الرطب حتى // خلته لابساً غلالة خمر
قلت له: لعنك الله يا ماني، أبعد الجهاد والغزو تخمش غلاماً قد بات مؤاجرا في الحمامات؟ فقال لي: مثلك يخاطب يا أحمق، وإنا يخاطب هذا، وأشار إلى السماء، وقال:
يكفيك تقليب القلوب وإنني ... لفي ترح مما ألاقي فما ذنبي
خلقت وجوهاً كالمصابيح فتنة // وقلت اهجروها عز ذلك من خطب
فإما أبحت الصب ما قد خلقته // وإما زجرت القلب عن لوعة الحب
أخذ هذا المعنى يزيد بن عثمان فقال:
أيا رب تخلق ما تخلق // وتنهى عبادك أن يعشقوا
إذا هكذا صغت حسن الوجوه // فأي البرية لا يفسق
خلقت الملاح لنا فتنة // وقلت اعبدوا ربكم واتقوا
وقال أبو بكر الموسوس في نصراني:
أبصرت شخصك في نومي تعانقني // كما تعانق لام الكاتب الألفا
يا من إذا درس لإنجيل ظل له // قلب الحنيف عن القرآن منصرفا
وله فيه:
زناره في خصره معقود // كأنه من كبدي مقدود .