أداة تخصيص استايل المنتدى
إعادة التخصيصات التي تمت بهذا الستايل

- الاعلانات تختفي تماما عند تسجيلك
- عضــو و لديـك مشكلـة فـي الدخول ؟ يــرجى تسجيل عضويه جديده و مراسلـة المديــر
او كتابــة مــوضـــوع فــي قســم الشكـاوي او مـراسلــة صفحتنـا على الفيس بــوك

علل النحو. للوراق ( متجدد )

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
رد: علل النحو. للوراق ( متجدد )

علل النحو ( ظ© )
ـــــــــــــــــــــــــــ
و أما الجرمي فجعل انقلاب هذه الحروف هو الإعراب، و قوله أيضا مختل، لأن أول أحوال الاسم الرفع فإذا هو في حال الرفع غير منقلب، و إذا لم يكن منقلبا وجب أن يكون الاسم غير معرب، فيؤدي إلى أن يكون بعض التثنية و الجمع معربا، و بعضه مبنيا.
و قد روي عن غير هؤلاء أنهم جعلوا هذه الحروف هي الإعراب، كالضمة و الفتحة و الكسرة، و هذا القول هو أضعف الأقاويل، لأن شرط الإعراب ألا يخل سقوطه بمعنى الكلمة، إذا كان زائدا على بنائها، و نحن لو أسقطنا هذه الحروف التي تدخل على التثنية و الجمع، لزال معنى الكلمة، فلهذا لم يجز أن تكون أعرابا.
و اعلم أن المذكر و المؤنث يستويان في التثنية، لأن طريقة التثنية واحدة، إذ كان معناها لا يختلف، و إذا كان الاثنان لا يكونان أكثر من اثنين، فجعل لفظهما أيضا غير مختلف.
و أما الجمع و إن كان فرعا على الواحد كالتثنية فإنه غير محصور، فلم يجب أن يكون لفظه محصورا، فلهذا جاء مختلفا، و فارق التثنية، و إن استويا في أنهما فرعان على الواحد.
و أما الواحد فلم يجب أن يلزم لفظا واحدا، لأنه أصل مبتدأ به، موضوع على أشخاص يفصل بينهما بحدود و خواص، فلا بد أن تكون ألفاظه مختلفة، و التثنية و الجمع يراد بهما الشيئين، يضم بهما الشيء إلى مثله، فلهذا كان يجب أن تكون ألفاظها متفقة، و لكن وجب الفصل بين التثنية و الجمع لما ذكرنا.
فإذا أردت جمع المؤنث جمع السلامة زدت في آخره ألفا و تاء، و إنما وجب زيادة هذين الحرفين لما ذكرناه.
إن حروف المد أولى بالزيادة، و كانت الألف أولى في هذه المواضع، لأنها أخف حروف المد، و المؤنث ثقيل، و الجمع أيضا ثقيل، فوجب أن يدخل أخف الحروف، فكانت الألف أحق بذلك لخفتها، و لم يجز أن تزاد معها من حروف المد و اللين لما ذكرناه من وجوه قبله إلى غير جنسه، و لم يجز الاقتصار على الألف وحدها لئلا يلتبس بالتثنية، فطلبوا حرفا يكون بدلا من الواو التي هي حروف مد، فجاؤوا بالتاء.
ألا ترى أنها تبدل من الواو في ( تخمة و تجاه ) ، و الأصل: ( وخمة و وجاه ) .
و كان أيضا إدخال التاء أولى، لأنها - مع مقاربتها للواو - توجب حذف التاء التي في الواحدة، فنقول في مسلمة: مسلمات، و الأصل: مسلمتات، فأسقطوا التاء الأولى اكتفاء بالثانية، و كانت أولى بالإسقاط، لأن الثانية تفيد معنى التأنيث و معنى الجمع، فلهذا كانت أولى بالإسقاط من الثانية، و إنما أسقطوها لئلا يجتمع تأنيثان.
فإن قال قائل: ألست تقول في حبلى: حبليات، و الألف في حبلى للتأنيث، فقد أثبتها في الجمع و جمعت بين تأنيثين، فهلا جعلت ذلك في التاءين؟
فالجواب في ذلك من وجهين:
أحدهما: أن علامة التأنيث في حبلى الألف، فإذا جمعت انقلبت الألف، فزالت علامة التأنيث فعلى هذا الوجه لم يجمع بين تأنيثين.
و الوجه الثاني: أن علامة التأنيث في (حبلى) مخالفة لعلامة التأنيث في الجمع، و نحن في (مسلمات) لو أقررنا اللفظ على هذا، لكنا قد جمعنا بين تأنيثين صورتهما واحدة، فلهذا حذفنا إحداهما. فإذا أقررنا علامة التأنيث في (حبلى) مع علامة الجمع، لم نكن قد جمعنا بين صورتي تأنيث، فيجوز الجمع بينهما لاختلافهما.
و هذا الوجه أيضا ذكرناه لنبين أن بين ما يجتمع فيه صورتا تأنيث و بين ما تختلف فيه الصورتان فرقا، و العلة الأولى كافية.
فإن قال قائل: قد ادعيت أن التاء علامة التأنيث، و نحن نراها في الواحدة هاء في الوقف؟
قيل له: أصله التاء، و إنما وقف عليها بالهاء ليفصل بين تأنيث الاسم و تأنيث الفعل.
فإن قيل: فما الدلالة على ذلك؟
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
رد: علل النحو. للوراق ( متجدد )

علل النحو ( 10 )
ـــــــــــــــــــــــــــ
قيل: من وجوه:
أحدها: أنا نصل بالتاء، كقولك: مسلمة يا هذا، فأصل الكلام الدرج، فوجب أن تكون التاء الأصل لثباتها.
ألا ترى أنك تقول: رأيت زيدا يا هذا، فثبت التنوين في الدرج، و تبدل منه في الوقف ألفا، و كذلك فعلت بالتاء، أبدلت منها هاء في الوقف.
و وجه ثان: و ذلك أن بعض العرب يقف على التاء فيقول في مسلمة: مسلمت، و في صالحت: صالت، قال الراجز:
( الله نجاك بكفي مسلمت ... من بعد ما و بعد ما و بعد مت )

( صارت بنات النفس عند الغلصمت ... و كادت الحرة أن تدعى أمت )

فلما ثبتت التاء في الوصل و الوقف، و لم نجد أحدا يصلها بالهاء، إلا في موضع لا يعتد به، إذ كانت فيه علة توجب ذلك، علمنا بذلك أن التاء هي الأصل.
و وجه ثالث: و هو أنا وجدنا التاء في الفعل قد أدخلت علامة للتأنيث، و وجدنا الاسم يدخله الهاء و التاء للتأنيث في الوصل و الوقف، فوجب أن يحكم على التاء أنها الأصل في التأنيث، إذ لم نجد الهاء للتأنيث.
فإن قال قائل: قد وجدنا الهاء تستعمل للتأنيث في قوله: هذه أنثى؟
قيل له: ليست الهاء علامة للتأنيث، و إنما هي بدل من ياء، لأنهم يقولون: (هذي أمة الله) فالهاء بدل من الياء التي في (هذي) ، فدل أن الهاء ليست علامة للتأنيث.
فإن قيل: فما الدليل على أنها بدل من الياء؟
قيل له: الدليل على ذلك أنك تقول في تثنية هذه: تان، فلو كانت الهاء أصلا في نفسها لم يجز حذفها في التثنية، و لوجب أن تقول: هان، فلما وجدناهم قد أسقطوا الهاء في التثنية، و رجعوا إلى أن قالوا: تان، كما قالوا في الذي: اللذان، و في ذا: ذان، علمنا أن التاء هي الأصل.
و وجه آخر: و هو أن الكلمة لما استعمل فيها الهاء و التاء، و وجدنا التاء أثقل من الهاء، و لم نجد الهاء في غير هذا الموضع تحتمل أن تكون للتأنيث، وجب أن نقدر الهاء بدلا من التاء، و ذلك جائز، لأنه عدول من الأثقل إلى الأخف، فإذا كان ذلك محتملا وجب حمله على ما ذكرنا، لئلا يخرج عما في كلامهم.
فإن قيل: فما الحاجة في الفصل بين تأنيث الاسم و تأنيث الفعل؟.
قيل: لأن الفعل قد تسمي به، فإن سمي بفعل فيه علامة التأنيث لزم أن يوقف عليه بالهاء، كرجل سمي ب (قامت) فيقال: جاءني قامه، فيوقف بالهاء، فصار من الفصل بينهما بيان و دلالة على الاسم و الفعل.
فإذا قال: فلم كان الاسم بالتغيير أولى من الفعل؟
قيل له: لأن التاء إنما تلحق من الأفعال الفعل الماضي، و الفعل الماضي مبني على الفتح، فلزم طريقة واحدة، و الاسم يلحقه الإعراب فيتغير آخره، فلما احتجنا إلى تغيير أحدهما، غيرنا ما يلحقه التغيير، و هو الاسم.
فإن قال قائل: فلم كانت هذه الهاء أولى بالبدل من سائر الحروف؟
قيل: لأن الهاء حرف خفي، و هو من مخرج الألف، فكرهوا أن يبدلوا التاء ألفا، فيلتبس بالألف التي هي بدل من التنوين، فكانت الهاء أولى لذلك.
و اعلم أن التاء في جمع المؤنث حرف الإعراب، فتضم في حال الرفع، و تكسر في حال النصب و الجر. و قد بينا أن الكسر إنما دخلها في حال النصب حملا على المذكر، و قد اشتركا في جمع السلامة، فلما سوي بين النصب و الجر في الأسماء المذكورة، سوي أيضا بينهما في جمع المؤنث.
فإن قال قائل: قد قلتم: إن الجمع السالم: ما سلم فيه بناء الواحد، و إن المكسر ما تغير فيه بناء الواحد. ثم قلتم في (بنت و أخت) في حال الجمع: بنات و أخوات. ففتحتم أولهما و كان مكسورا أو مضموما، و جعلتم هذا الجمع جمع السلامة؟
قيل: لأن الأصل في بنت و أخت، بنوة و أخوة، و لكنهما غيرا في الواحد، و وجه التغيير أنهم حذفوا من (أخوة و بنوة) الواو استثقالا، ثم ألحقوا (بنتا) ب (جدع) و (أختا) ب (قفل) .
و إنما دعاهم إلى هذا الإلحاق لتحصل التاء على لفظة الحروف الأصلية، فيصير هذا الحكم لهما كالعوض من حذف الواو.
فإن قال قائل: فما الدليل على أصل (بنت و أخت) ما ادعيته؟
قيل له: إن الدليل فيما ذكر أن المؤنث إذا كان على لفظ المذكر وجب أن تكون علامة التأنيث لاحقة للفظة المذكر، كما تقول: قائم و قائمة، فلما كان لفظ (بنت و أخت ) على طريق لفظ ( الأخ و الابن ) وجب أن تكون علامة التأنيث لاحقة على لفظ المذكر، فلما كان الأخ يقال في تثنيته: أخوان، علمنا أن أصله (أخو) و أن حق التأنيث أن يدخل على هذا اللفظ، فلهذا وجب أن تكون أخت: أخوة.
و أما (بنت) فكما أنا نقول في المذكر: بنون، علمنا أن الأصل الفتح، و أن (بنتا) كان حقها أن تجيء مفتوحة الياء على حد الفتح في ( بنين ) و لكنها غيرت لما ذكرناه من الإلحاق، فإذا جمعت لم يكن بد من حذف التاء في الواحد، لأنها لم تخرج بالكلمة عن حكم علامة التأنيث، بل فيهما حكم العلامة، و إن كانت قد أجريت مجرى الحذف الأصلي، و ليست بتاء مجردة زيدت للإلحاق المجرد، لأن ما زيد للإلحاق المجرد لم يتغير، لا في تثنية و لا في جمع، لأنه قد أجرى مجرى الأصلي، ألا ترى أن الياء زائدة للإلحاق ب (قنديل) و لا يتغير، فلما كانت تاء ( بنت و أخت ) ليست خالصة للإلحاق، ثم جمعوا الاسم بالألف و التاء، لم يكن بد من حذف التاء في الواحد، إذ فيها حكم التأنيث، فلم يجز الجمع بين تأنيثين، فلما وجب حذفها بطل حكم الإلحاق، فوجب أن ترد الكلمة إلى
أصلها، فلهذا وجب أن يكون الجمع فيها جمع سلامة، و إن تغير الأول منه.
فإن قال قائل: فلم وجب في الجمع المكسر أن يجري بوجوه الإعراب؟
قيل له: لأن هذا الجمع استؤنف له البناء، كما استؤنف الواحد، فلما أشبه الواحد في هذا الحكم، وجب أن يجري حكمه في الإعراب بحكم الواحد.
و أما ما يمتحنه بعض النحويين بتصغير الواحد، فإن ثبتت التاء أجروا الاسم بجميع الإعراب، فليس بشيء، لأنك تقول: هذه بيوتات العرب، و مررت ببيوتات العرب، و رأيت بيوتات العرب، فتكسر التاء، و لو صغرت البيت لثبتت التاء، فعلمت أن هذه العلامة ليست بأصل، و أن الموجب لكسر التاء في النصب جمع السلامة.
قال أبو الحسن: قد بينا أن من الأسماء ما أشبه الفعل فمنع التنوين و الجر، و منها ما أشبه الحرف فاستحق البناء، و منها ما لم يعرض له علة، فجرى بوجوه الإعراب و نون.
فإن قال قائل: فلم كان ما أشبه الفعل يمنع من التنوين و الجر ؟
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
رد: علل النحو. للوراق ( متجدد )

علل النحو ( ظ،ظ، )
ــــــــــــــــــــــ

قيل له: لأن الفعل لا يدخله تنوين و لا جر فوجب أن يكون ما أشبهه حكمه كحكمه. و قد بينا لم امتنع الفعل من الجر، فأما التنوين فإنما امتنع من الفعل لأنه زيادة، و الفعل ثقيل، فلم يحتمل الزيادة، و مع هذا فالذي من أجله دخل التنوين في الاسم ليس بموجود في الفعل، فلم يجز أن يدخل الفعل التنوين، و لما حمل النصب على الجر في تثنية الأسماء و جمعها لما بينهما من المشابهة، حمل الجر فيما لا ينصرف على النصب.
و أما من أي وجه أشبهت بعض الأسماء الأفعال حتى منع الصرف فله ( باب ) يبين فيه إن شاء الله.
و إنما وجب فيما لا ينصرف الانصراف، إذا دخلت الألف و اللام أو أضيف، لوجهين:
أحدهما: أن الألف و اللام و الإضافة تقوم مقام التنوين، و قد بينا أن وجود التنوين يوجب للاسم الانصراف، فما قام مقامه أيضا يوجب الانصراف، فلهذا انصرف كل ما تدخله الألف و اللام أو أضيف.
و الوجه الثاني: أن الذي منع الاسم من الانصراف شبهه بالفعل، و الفعل لا يدخله الألف و اللام و لا يضاف، و أصل الأسماء الصرف، فلما دخلها ما يخرجها من شبه الفعل، ردت إلى أصلها من الانصراف.
فإن قال قائل: حروف الجر تمنع من الدخول على الفعل، و مع هذا إذا دخلت على ما لا ينصرف بقي على حاله من الامتناع من الصرف، فهلا صرفته في هذه الحال، إذ قد خرج من شبه الفعل كما خرج بدخول الألف واللام عليه و الإضافة؟
قيل له: هذا يفسر من وجهين:
أحدهما: أن حروف الجر هي أحد عوامل الأسماء كالناصب و الرافع، فلو صرفناه بدخول حروف الجر عليه، لوجب أيضا أن نصرفه بدخول النواصب و الروافع عليه، إذ كانت هذه العوامل لا يجوز دخولها على الفعل، و لو فعل هذا لم يحصل فصل بين المنصرف و غيره، فسقط الاعتراض بهذا السؤال.
و الوجه الثاني: أن حروف الجر تجري فيما بعدها مجرى الأسماء التي تخفض ما بعدها، و الأفعال قد تقع في مواضع الجر بإضافة ظروف الزمان إليها، كقولك: هذا يوم يقوم زيد، فصار وقوع الاسم بعد حرف الجر لا يخلص للاسم، إذ كان مثل هذا الموقع قد تقع فيها الأفعال.
فأما الألف و اللام و الإضافة:
فلا يجوز بحال أن تدخل على الأفعال، فلما صار هذا الموقع يخلص للاسم دون الفعل وجب أن ينصرف.
فإن قال قائل: فلم صار التنوين يعاقب الألف و اللام و الإضافة؟
قيل له: لأن التنوين إنما يدخل على الاسم ليعلم أنه منصرف، و قد بينا أن جميع ما تدخله الألف و اللام و الإضافة ينصرف، فلما كان جميع الأسماء إذا دخلها ما ذكرنا انصرف، لم يحتج إلى فرق، فسقط التنوين للاستغناء عنه.
و اعلم أنك إذا قلت: جاءني قاض، فالأصل أن تضم الياء في الرفع، و تجرها في الجر، و لكن الضمة تستثقل في هذه الياء و الكسرة، فحذفتا فسكنت الياء، فالتقى ساكنان: الياء و التنوين، فتسقط الياء لالتقاء الساكنين، و كانت أولى من التنوين، لأن التنوين علامة، و الياء ليست بعلامة، فكان تبقية العلامة أولى، فإذا وقفت على الاسم، فقلت: هذا قاض، فالاختيار حذف الياء أيضا في الوقف.
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
رد: علل النحو. للوراق ( متجدد )

علل النحو ( ظ،ظ¢ )
ــــــــــــــــــــــــــ

فإن قيل: فهلا ردت الياء قبل التنوين؟
قيل له: التنوين - و إن سقط في الوقف - فهو مراعى الحكم في الدرج، و كرهوا رد الياء في الوقف، لما يلزمهم من حذفها في الدرج، فكان ذلك يؤدي إلى تعب ألسنتهم، و هم يقدرون على إزالة التعب بهذا التأويل. و من أثبت الياء اعتل بالسؤال الذي ذكرناه، فإذا جررت الاسم، فقلت: مررت بقاض. فحكمه حكم المرفوع، و العلة واحدة.
فإذا نصبت فقلت: رأيت قاضيا، أثبت الياء لتحركها بالفتح، فأبدلت من التنوين ألفا، كما تعمل في سائر الأسماء المنصرفة. فإذا أدخلت الألف و اللام على هذه الأسماء فالاختيار إثبات الياء، لأن التنوين قد سقط مراعاته، لأنه لا يجوز إثباته مع الألف و اللام بحال، فلما سقط حكمه ردت الياء. و بعض العرب يحذفها، و وجه ذلك أنه قدر إدخال الألف و اللام على الاسم في حال الوقف، و قد حذف منه، فبقي الحذف على حاله فحكم الألف كقولك: هذا قاضي البدو، و حذف الياء مع الألف و اللام و الإضافة ضعيف، و إنما يحسن مثله في الشعر.
فإن قال قائل: فلم صارت ( الواو ) لا تقع في أواخر الأسماء، إلا و قبلها ساكن، و لم تجر مجرى الياء؟
قيل له: لأنه لا يخلو أن تقع قبلها ضمة أو كسرة أو فتحة، فلم يجز أن تثبت و قبلها فتحة، لأن كل واو تحركت و قبلها فتحة يجب أن تقلب ألفا، و لم يجز أن تقع قبلها كسرة، لأن ذلك أيضا يوجب قلبها ياء، و لم يجز أن تقع قبلها ضمة، لأنهم أرادوا الفصل بين الاسم و الفعل في هذا الحكم، فقلبوا كل واو تقع طرفا و قبلها ضمة إلى الياء، ليفصلوا بين الاسم و الفعل، نحو: يغزو و يدعو، و الدليل على ذلك أنهم يقولون في جمع دلو: أدل، بهذا، و الأصل: أدلو، كما يقال في جمع فلس: أفلس، فبان بما ذكرناه أنهم يقلبون كل واو تقع طرفا في الاسم و قبلها ضمة إلى الياء لما ذكرنا، و لا بد من كسر ما قبلها لتسلم، لأنه لو بقي ما قبل الياء مضموما عادت واوا، فبان أنهم قصدوا الفصل بين الاسم و الفعل بهذا التغيير.
فإن قال قائل: فلم صار التغيير بالاسم أولى من الفعل؟
قيل له: إن الاسم يلحقه في آخره علامة الإضافة و النسبة، و يدخله التصغير و الجمع المكسر و الترخيم مع الإعراب، فصارت تغييرات تلحق الاسم دون الفعل، فلما احتاجوا إلى تغيير أحدهما، كان التغيير لما يلزمه التغيير في كثير من أحواله ألزم و أولى مما لا يلزمه التغيير.
قال أبو الحسن الأخفش: اعلم أن الأسماء المقصورة إنما ألزمت وجها واحدا، لأن أواخرها لا تخلو من أحد أمرين:
إما أن تكون منقلبة من واو أو ياء، أو تكون للتأنيث غير منقلبة.
و الذي أوجب قلبها ألفات تحركها و انفتاح ما قبلها، فلو حركتها رجعت همزات، فلما كان الإعراب لا يسلم منها كراهية إدخاله مع ما يوجب إسقاطه، فيؤدي ذلك إلى التعب، فلم يجز تحرك المقصور، و قدر فيه الإعراب.
فأما ألف التأنيث فلو حركت لم تخل من أحد أمرين:
إما أن تقلب إلى الياء، أو إلى الواو، أو إلى الهمزة، و لو قلبت واوا، أو ياء لوجب أن ترجع إلى الألف، لما ذكرنا من أن الواو و الياء متى تحركتا و انفتح ما قبلهما وجب أن تقلب ألفا، فلا يسلم الإعراب، فلهذا وجب أن تقر على حالها، و مع هذا فقلبها يبطل علامة التأنيث، فكان بقاء العلامة أولى من إدخال الإعراب، لأن الإعراب قد يسقط من جميع الأسماء في الوقف، فكان أولى هنا بالإسقاط.
و اعلم أن ما ينصرف من الأسماء المقصورة فعلامة انصرافه إثبات التنوين فيه في الوصل، فإذا أثبت التنوين و هو ساكن، و الألف في آخر المقصور ساكنة، التقى ساكنان، فلم يكن بد من حذف أحدهما، فكان حذف الأول أولى، لأن التنوين علامة، و الألف ليست بعلامة، فكان تبقية العلامة أولى، فإن وقعت سقط التنوين و رجعت الألف المحذوفة.
و إنما قلنا: إن هذه الألف الثانية في الوقف هي الألف الأصلية، و ليست بدلا من التنوين لوجوه:
أحدها: جواز الإمالة فيها و حسنها، و لو كانت بدلا من التنوين لقبح إمالتها.
و وجه آخر: أن التنوين أصله أن يسقط في الوقف على ما ذكرناه، فإذا سقط ردت الألف الذاهبة.
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
رد: علل النحو. للوراق ( متجدد )

علل النحو ( ظ،ظ£ )
ـــــــــــــــــــــــــــ
فإن قيل: كيف خالف المقصور باب (قاض) و قد زعمت أن التنوين إذا سقط في الوقف لم ترجع الياء، فهلا وجب ذلك في المقصور متى سقط التنوين ألا ترجع الألف؟
قيل له: الفرق بينهما من وجهين:
أحدهما: أن باب ( قاض ) قد ثبتت الياء في حال النصب، فلم يكن إسقاطها في حال الرفع و الجر إخلالا بها شديدا، و لو أسقطنا الألف من المقصور في الوقف لم يكن لها حال رجوع، فكان ذلك يؤدي إلى الإخلال بها، فوجب أن يردوها، إذا وجب ردها في موضع من الإعراب، وجب أن يرجع في جميع الأحوال، لأن لفظه واحد، و حكم إعراب المقصور واحد.
و الوجه الثاني: أن الألف خفيفة، و الياء ثقيلة، فمن حيث جاز أن يبدل من التنوين ألفا في حال النصب، و قبح البدل من التنوين ياء في حال الجر، لثقل الياء و خفة الألف، فكذلك ها هنا قبح رد الياء في ( قاض ) لثقلها، و حسن رد الألف في المقصور لخفتها.
فإن قال قائل: ما الدليل على أن الأزمان ثلاثة حتى رتبتم الأفعال؟
قيل له: الدليل على ذلك أن الشيء قد تقع العدة به فيكون متوقعا، و هذا لزمان الاستقبال، فإذا وجد فهذا الزمان هو زمان الحال، فإذا مضى عليه وقتان أو أكثر صار ماضياه فقد حصلت لنا بما ذكرناه أزمان ثلاثة.
فإن قال قائل: فأي هذه الأزمنة أسبق؟
ففيه جوابات:
أحدها: أن يكون زمان الحال هو السابق، لأن الشيء أقوى أحواله حال وجوده، فيجب أن يكون وجوده أولى، ثم تقع العدة به فيكون متوقعا، ثم يوجد الموعود و يقضى فيصير ماضيا.
و ذلك أن الأزمنة إنما احتجنا إليها لأمر الموجودات، و الأمر فيما بينا، فلهذا وجب ترتيبها على ما ذكرناه.
و الجواب الثاني: أن المستقبل قبل الحال و الماضي، لأنه بعد أن يقع بما ليس بموجود، ثم يصير موجودا، ثم يمضي.
فقد بان بما ذكرناه أن الماضي من الزمان بعد المستقبل و الحال، و المستقبل يجوز أن يكون بعد الحال، و يجوز أن يكون الحال بعد المستقبل.
و الوجه الثالث، و هو أقوى عندنا: فأما من جهة اللفظ فالماضي قبل المستقبل، لأن قولك: ( ضرب ) ثلاثة أحرف، فإذا قلت: ( يضرب ) فقد زدت عليه حرفا مما لا زيادة فيه قبل ما فيه الزيادة؟
فإن قال قائل: فلم جعلتم المستقبل و الحال عبارة واحدة تدل عليهما، و لم تشركوا بين الماضي و الحال بعبارة واحدة؟
ففي ذلك جوابان:
أحدهما: أن المستقبل قد حصل مضارعا للأسماء دون الماضي، و وجدنا الأسماء قد تستعمل اللفظة الواحدة منها لأشياء مختلفة، ألا ترى أنهم قالوا العين لعين الإنسان، و لعين الماء، و لعين الميزان، و لحقيقة الشيء، و للطليعة، و غير ذلك، فكذلك أيضا جعلوا عبارة واحدة تدل على معنيين في الأفعال المضارعة، كما جعلوا ذلك في الأسماء.
و أما الماضي فإنه لم يجب له هذا الحكم.
و الوجه الثاني: أن الحال لما كان وقته قصيرا، لم يستحق لفظا يخص به لقصر مدته، فجعل تبعا في العبارة للزمان المستقبل، لاشتراكهما في تقدمهم للماضي، فلهذا وجب أن ترتب الأفعال على الأزمنة الثلاثة، و قد بينا حكم الأفعال في الإعراب و البناء، فلهذا لم نعده.
فإن قال قائل: فلم خص الفعل المضارع بهذه الزوائد من بين سائر الحروف؟
فالجواب في ذلك: أنا قد بينا أن أول ما تزاد حروف المد، إلا أن الواو لم يجز أن تزاد لأنها تستثقل، و تبدل إذا كانت أصلية، نحو قوله تعالى: { وإذا الرسل أقتت } ، و (أرخ الكتاب) ، و الأصل: وقتت، و ورخ الكتاب، فإذا كانوا يفرون منها إذا كانت أصلية، وجب ألا يزيدوا ما يفرون منه، فلما بطل أن تزاد الواو في أول المضارع، جعلوا في موضعها حرفا يبدل منه، و هي التاء، لأنها تبدل من الواو مواضع منها:
( تجاه و تخمة ) . و لم تجعل الهمزة بدلا من الواو، و إن كانت تبدل منها، لأنا نحتاج إلى أن نبدلها مكان الألف، و هي أقرب إلى الألف منها إلى الواو، و الألف لا يجوز أن تزاد أولا، لأنها ساكنة، و الابتداء بالساكن لا يجوز، فجعلت الهمزة بدلا من الألف لقربها منها، و بقيت الياء على أصلها، و احتجنا إلى حرف رابع، فكانت النون أولى من سائر الحروف، لما ذكرناه من شبهها بحروف المد.
فإن قال قائل: فلم سكنتم الحرف الذي يلي حرف المضارعة في الأفعال الثلاثية، و حركتموه في الرباعية، قلتم: هو يضرب، فسكنتم الضاد و كانت متحركة في (ضرب) و قلتم: يدحرج، فجئتم بالدال على أصلها؟
فالجواب في ذلك: أنهم لو أبقوا الضاد على حركتها لتوالى أربع حركات لوازم، و هذا ليس في كلامهم، إلا أن تكون الكلمة محذوفة، نحو: علبط و هدبد، و الأصل: علابط و هدابد، لأنهم يستعملون الوجهين جميعا بمعنى واحد، فعلم أنهم خففوا اللفظة لطولها حتى صارت: علبط و هدبد.
و كذلك ( ضربني ) جاز أن يجتمع فيه أربع حركات متواليات، لأن المفعول لا يلزم بالفعل، فلم يعتدوا بتوالي الحركات، إذ كانت غير لوازم، فإذا صح أنه ليس في كلامهم ما ذكرنا لم يجز تبقية الضاد في ( يضرب ) على حركتها.
فإن قال قائل: لم صارت أولى بالإسكان؟
قيل له: لأن الأول لا يجوز إسكانه، لأنه ابتداء بساكن، و لا يجوز بإسكان آخر الفعل، لأن ذلك يوجب بناءه، وقد حصل مستحقا للإعراب بالمضارعة للاسم، فلم يبق إلا الضاد، و الراء عين الفعل، و بها يعرف اختلاف الأفعال مما هو على ( فعل، أو فعل، أو فعل ) فلما كان الإسكان في الراء يوجب لبسا لم تسكن، و لم يبق إلا الضاد، فلهذا صارت بالإسكان أولى.
فأما ( يدحرج ) فلم يعرض فيه توالي أربع حركات، و جاء على الأصل.
فإن قال قائل: أليس ( أكرم ) على وزن ( دحرج ) ووالمضارع بإسكان الثاني من ( أكرم ) خلافا ل ( لدحرج ) فما وجه ذلك؟
قيل له: الأصل في يكرم: يؤكرم، كما تقول: يدحرج، و لكن الهمزة حذفت، و السبب في حذفها أن المتكلم لو أخبر عن نفسه لزمه أن يقول: أنا أأكرم، فتلتقي همزتان زائدتان، و ذلك مستثقل، و قد وجدناهم يحذفون الهمزة الأصلية استثقالا لها، كقولك: خذ و كل، و الأصل: اؤخذ و اؤكل، لأنه من: أخذ و أكل، فكان حذف الزائد أولى مع ما فيه من الاستثقال، فوجب أن تحذف الهمزة ثم أتبعوا سائر حروف المضارعة الحذف، لئلا يختلف طريق الفعل، و الهمزة المحذوفة هي الثانية، لأن الأولى دخلت لمعنى، فكان حذف التي لا معنى لها أولى، و أيضا فإن الثانية هي الموجبة لثقل الكلمة، إذ كانت الأولى لا تثقل بها الكلمة، فكان الموجب للثقل أولى بالحذف.
فإن قال قائل: فلم اختلف أول أفعال المضارعة، و كان الرباعي منها مضموم الأول و عداه مفتوح الأول؟
فالجواب في ذلك: أن الأصل الفتح في جميع ذلك، و إنما وجب الفتح لأنه أخف الحركات، و نحن نتوصل به إلى الابتداء، كما نتوصل بالضم و الكسر، فكان استعمال الفتح أخف و أولى، إلا أن المضارع من الفعل الرباعي إذا كان أول الماضي همزة، و قد بينا أنه يجب إسقاطها فيصير لفظ المضارع على أربعة أحرف في الرباعي، فيصير كمضارع الفعل الثلاثي، فلو بقيناه مفتوحا التبس بالثلاثي، فضم أول مضارع الرباعي، ليفصل بينه و بين مضارع الثلاثي، ثم أتبع سائر مضارع الرباعي لهذا القسم، لئلا يختلف طريقه، و يجري الفعل على طريق واحد.
فإن قيل: فلم كان الفصل بالضم أولى؟
قيل له: لأن الضم هو الأصل، و الكسر مستثقل، إذ كان الجر قد منع من الفعل، فلم يبق إلا الضم. و وجه آخر: أن الضم أقوى الحركات، فأدخل على أول مضارع الرباعي، ليكون عوضا من الحرف المحذوف.
فإن قيل: فلم صار الرباعي أولى من ضم الثلاثي؟
قيل: لأن الرباعي أقل في كلامهم من الثلاثي، و كرهوا ضم الثلاثي لئلا يكثر في كلامهم ما يستثقلون.
و وجه آخر: و هو أن الضم أقوى من الفتح، و كان الرباعي قد حذف منه حرف، فوجب أن يعطى الرباعي الحركة القوية، ليكون فيه مع الفصل عوضا من المحذوف.
فإن سئل: لم ضممتم أول ( يدحرج ) و هو خمسة أحرف، و ليس يلتبس بالثلاثي؟
قيل: لئلا يختلف طريق الفعل الرباعي، فلما لزم الضم في بعضه لعلة، أجري سائر تصاريفها عليها، لئلا يختلف.
فإن قال قائل: فلم استوى لفظ المتكلم، مؤنثا كان أو مذكرا، و فصل ما بين المخاطب و الغائب؟
قيل لأن المتكلم لا يختلط بغيره، فلما لم يقع فيه التباس، لم يحتج إلى فصل، فتقول: أنا أقوم، و إن كان مؤنثا و كذلك: نحن نقوم، للمذكر و المؤنث، و سنبين لم استوى لفظ التثنية و الجمع للمتكلم في (باب الضمير) ، إن شاء الله.
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
رد: علل النحو. للوراق ( متجدد )

علل النحو ( ظ،ظ¤ )
ـــــــــــــــــــــــــــ
فأما المخاطب: فيفصل بينه و بين المذكر، فقيل: أنت تقوم، للمذكر، و أنت تقومين، للمؤنث، لأن المخاطب قد يشترك فيه المذكر و المؤنث، فلا يعلم المراد منهما إلا بالفصل و التمييز، فاحتيج إلى الفصل و التمييز فزيد على لفظ المؤنث ياء و نون، فأما الياء فهي إظهار الفاعل، و فيها علامة التأنيث، و إنما اختص المؤنث بالعلامة لأنه فرع على المذكر، فاحتاج إلى زيادة لفظ على لفظ المذكر، كما تقول / قائم و قائمة، و لم تجعل العلامة بالنقص من اللفظ الذي هو الأصل، لئلا يزول معناه، و إنما خص المؤنث بالياء علامة، لأن علامة التأنيث قد تكون بالكسر و بالياء في نحو: هذي أمة الله، و رأيتك ذاهبة.
فإن قال قائل: من أين زعمتم أن الياء في ( تضربين ) ضمير الفاعل، دون أن تكون علامة محضة؟
قيل: إذ ثنينا أسقطنا الياء، فقلنا: أنتما تضربان، فلو كانت الياء علامة محضة، لم يجز إسقاطها، ألا ترى أنك تقول: قامتا، و ذهبتا، فثبتت التاء مع إدخال الضمير، فلما سقطت الياء علمنا أنها ضمير الفاعل، لأن الألف تكتفي منها، و ليست بعلامة محضة، و لكنها علامة و ضمير، و إنما زيدت عليها النون، لأن الفعل لما ظهر فاعله، و الفعل و الفاعل يمنزلة شيء واحد، لم يخرج الفعل بإظهار الفاعل عما يوجب له الإعراب، إذ كانت المضارعة ثانية له، و قد بطل أن يكون آخر الفعل حرف الإعراب، لأنه قد لزمه اللين من أجل الياء، فوجب أن تجعل علامة الإعراب، و قد بينا أن النون تشبه حروف المد، و هي أولى بالزيادة بعدها، فزيدت النون، و جعلت علامة للرفع بمنزلة الضمة، فلهذا زيدت النون ,
و أما الغائب فجعل لفظ المذكر المخاطب للمؤنث الغائب، كقولهم: هي تقوم، و إنما وجب ذلك، لأن صيغة الفعل يكتفي بها في العلامة من غير زيادة لفظ آخر، و جعلوا للمذكر الغائب الياء فرفع الفصل بينهما بالياء و النون، كقولك: يضربن، لجماعة المؤنث، و هم يضربون، لجماعة المذكر.
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
رد: علل النحو. للوراق ( متجدد )

علل النحو ( 15 )
ـــــــــــــ
باب ارتفاع الفعل المضارع

و اعلم أن الفعل المضارع إنما يرتفع عند أهل البصرة بوقوعه موقع الاسم، و سواء كان الاسم مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا، كقولك
في المرفوع :
زيد يقوم.
و هو في موقع: زيد قائم.
فأما المنصوب فنحو قولك:
كان زيد يقوم.
فهو في موضع
كان زيد قائما.
و أما المجرور فنحو قولك:
مررت برجل يقوم، فهو في موضع: مررت برجل قائم.
و إنما استحق الرفع لوقوعه موقع الاسم لوجهين:
أحدهما: بأن وقوعه موقع الاسم معنى ليس بلفظ، و هو مع ذلك متجرد من العوامل اللفظية، فمن حيث استحق المبتدأ الرفع، أعطي الفعل في هذا الموضع الرفع.
و الوجه الثاني: هو أن الفعل له ثلاثة أحوال:
أحدها: أنه يقع موقع الاسم وحده، كقولك:
زيد يقوم، و هو في موضع (قائم) .
و الثاني: أنه يقع موقع الاسم مع غيره، كقولك: أريد أن تذهب، فهو بمنزلة: أريد ذهابك.
و الحالة الثالثة: ألا يقع موقع الاسم بنفسه، و لا مع غيره، كقولك:
إن تأتني آتك، و كذلك:
لم يقم زيد، لا يصح أن يقع الاسم موقع ما ذكرناه، و يكون
بمعناه، فلما كان الفعل قد حصل على الأشياء الثلاثة، و كان الاسم هو الأصل في الإعراب، كان وقوع الفعل في موضعه أقوى أحواله، فوجب أن يعطى أقوى الحركات، و هو الرفع، و لما كان وقوعه مع غيره موقع الاسم دون ذلك في الرتبة، جعل له النصب، و لما كان وقوعه في موضع لا يصح وقوع الاسم فيه، فبعد بذلك من شبه الاسم بعدا شديدا، أعطي من الإعراب ما لا يصح دخوله على الاسم، لبعد شبهه منه، و هو الجزم.
و الفراء يقول:
إن الفعل المضارع يرتفع بسلامته من النواصب و الجوازم.
و عند الكسائي: إنه يرتفع بما في أوله من الزوائد.
فأما قول الكسائي فظاهر الفساد، لأن هذه الزوائد لو كانت عاملة رفعا، لم يجز أن يقع الفعل منصوبا و لا مجزوما، و هي موجودة فيه، لأن عوامل النصب لا يجوز أن تدخل على عوامل الرفع، لأنه لو دخل عليه لكان يجب أن يبقى حكمها، فيؤدي ذلك إلى أن يكون الشيء مرفوعا منصوبا في حال، و هذا محال، فلما وجدنا هذا الفعل ينصب و يجزم، و الحروف في أوله موجودة، علمنا أنها ليست علة في رفعه.
و أما الفراء فقوله أقرب إلى الصواب، و فساده مع ذلك، و هو أنه جعل النصب و الجزم قبل الرفع، لأنه يرتفع بسلامته من النواصب و الجوازم، و أول أحوال الإعراب الرفع، و قوله يوجب أن يكون الرفع بعد النصب و الجزم، فلهذا فسد، فاعلمه.
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
رد: علل النحو. للوراق ( متجدد )

علل النحو ( 16 )
ــــــــــــــــــــــــــــ
بَاب حُرُوف النصب

وَ اعْلَم أَن حُرُوف النصب على مَا ذكرنَا تَنْقَسِم قسمَيْنِ:
قسم [يعْمل] بِنَفسِهِ.
وَ قسم يعْمل بإضمار (أَن) .
وَ إِنَّمَا وَجب النصب ب (أَن) وَ أَخَوَاتهَا، لِأَن (أَن) الْخَفِيفَة مشابهة ل (أَن) الثَّقِيلَة فِي الصُّورَة وَ الْمعْنَى، فَمن حَيْثُ وَجب أَن تنصب تِلْكَ الِاسْم، نصبت هَذِه الْفِعْل، وَ مَا ذَكرْنَاهُ من أخواتها مَحْمُول عَلَيْهَا، وَ وجه الْحمل:
أَن هَذِه الْحُرُوف - أَعنِي ( أَن و كي وَ إِذن ) - تقع للمستقبل كوقوع ( أَن ) لَهُ، فَلَمَّا كَانَت مشابهة ل ( أَن ) فِي إِيجَابهَا لكَون الْفِعْل الْمُسْتَقْبل، نصبت لَا غير، كنصب ( أَن ) .
وَ قد ذكرنَا فِي الْفَصْل الْمُقدم عِلّة أُخْرَى فِي نصب ( أَن ) ، فأغنى عَن إِعَادَته. وَ اعْلَم أَن ل ( إِذن ) ثَلَاثَة أَحْوَال:
أَحدهَا: أَن تنصب لَا غير.
وَ الثَّانيَِة: أَن يجوز إلغاؤها و إعمالها.
وَ الثَّالِثَة: أَلا يجوز إعمالها.
وَ الْحَال الأولى: أَن تقع مُبتَدأَة، كَقَوْلِك: إِذن أكرمك.
وَ الْحَال الثَّانِيَة: أَن تقع وَ قبلهَا الْوَاو وَ الْفَاء، كَقَوْلِك:
أَنا أحبك وَ إِذن أكرمك، فَإِن شِئْت رفعت وَ إِن شِئْت نصبت
فَمن نصب قدر الْوَاو عاطفة جملَة على جملَة، فَصَارَت ( إِذن ) فِي الحكم كالمبتدأة، فَلهَذَا نصب.
وَ من رفع جعل الْوَاو عاطفة على الْفِعْل الَّذِي قبله، و ألغى ( إِذن ) . وَ إِنَّمَا سَاغَ إلغاؤها لشبهها ب ( ظَنَنْت ) ، إِذْ توسطت بَين الِاسْم وَ الْخَبَر، وَ هَذَا التَّشْبِيه إِنَّمَا سَاغَ، لِأَن الْعَرَب قد ألغت ( إِذن ) فِي الْعَمَل كَقَوْلِه تَعَالَى: { وَإِذا لَا يلبثُونَ خَلفك إِلَّا قَلِيلا } .
وَ يجوز إِنَّمَا حملهمْ على إلغائها ليَكُون فِي الْحُرُوف الَّتِي هِيَ أَضْعَف من الْأَفْعَال مَا يجوز فِيهِ الإعمال و الإلغاء، كَمَا جَازَ فِي الْأَفْعَال الَّتِي هِيَ أقوى، فَلهَذَا جَازَ إلغاؤها و إعمالها.
وَالْحَالة الثَّالِثَة: لَا يجوز أَن تعْمل فِيهَا، وَ هِي تقع بَين كلامين لَا بُد لأَحَدهمَا من الآخر، كالمبتدإ وَ الْخَبَر، وَالشّرط وَ الْجَزَاء، كَقَوْلِك: زيد إِذا يكرمك، وَ إِن تأتني إِذن آتِك و أكرمك.
وَ كَذَلِكَ إِن وَقعت بَين الْقسم و المقسم بِهِ، كَقَوْلِك: وَ الله إِذن لأَقوم.
وَ إِنَّمَا ألغيت فِي هَذِه الْمَوَاضِع، لاحتياج مَا قبلهَا إِلَى مَا بعْدهَا، فَجَاز أَن يطْرَح حكمهَا، لاعتماد مَا قبلهَا على مَا بعْدهَا.
وَ أما (كي) : فللعرب فِيهَا مذهبان:
أَحدهَا: أَن يعملوها فِي الْفِعْل كعمل (أَن) ، لما ذَكرْنَاهُ من التَّشْبِيه.
وَ الْمذهب الثَّانِي: أَن يجروها مجْرى لَام الْجَرّ، فَيكون النصب بعْدهَا بإضمار (أَن) ، وَ ذَلِكَ أَن بعض الْعَرَب يَقُولُونَ:
كيمه. كَمَا يَقُولُونَ: لمه، فَلَمَّا أجريت مجْرى لَام الْجَرّ، لم يجز أَن تعْمل فِي الْفِعْل، فَوَجَبَ أَن تضمر (أَن) بعْدهَا.
وَ اعْلَم أَنه قد حكى الْخَلِيل - رَحمَه الله - أَن أصل (لن) : لَا أَن، وَ لكنهَا حذفت، فَبَقيت (لن) تَخْفِيفًا، فَردُّوا ذَلِك عَلَيْهِ بِأَن قَالُوا:
إِن مَا بعد (أَن) لَا يعْمل فِيمَا قبلهَا، وَلَو كَانَت (لن) على مَا زعم الْخَلِيل لم يجز:
زيدا لن أضْرب، فَتقدم مَا بعد ( لن ) عَلَيْهَا.
و للخليل أَن ينْفَصل من هَذَا بِأَن يَقُول:
وجدت الْحُرُوف مَتى ركبت خرجت عَمَّا كَانَت عَلَيْهِ، فَمن ذَلِك ( هَل ) أَصْلهَا الِاسْتِفْهَام، وَلَا يجوز أَن يعْمل مَا بعْدهَا فِيمَا قبلهَا، لَو قلت:
زيدا هَل ضربت، لم يجز، فَإِذا زيد على ( هَل ) ( لَا ) و دخلها معنى التحضيض، جَازَ أَن يتَقَدَّم مَا بعْدهَا عَلَيْهَا، قَوْلك:
زيدا هلا ضربت.
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
رد: علل النحو. للوراق ( متجدد )

علل النحو ( 17 )
ــــــــــــــــــــــــــ
فَإِذا كَانَ تركيب الْحُرُوف يُخرجهَا عَن حكم مَا كَانَت عَلَيْهِ قبل التَّرْكِيب، لم يلْزم الْخَلِيل فِي (لَا أَن) الَّذِي ذَكرْنَاهُ.
إِلَّا أَن قَول الْخَلِيل وَ الْجُمْلَة ضَعِيف من وَجه آخر:
هُوَ أَن اللَّفْظ مَتى جَاءَنَا على صفة مَا، وَأمكن اسْتِعْمَال مَعْنَاهُ، لم يجز أَن يعدل عَن ظَاهره إِلَى غَيره من غير ضَرُورَة تَدْعُو إِلَى ذَلِك، فَلَمَّا وجدنَا أَن مَعْنَاهَا مَفْهُوم بِنَفس لَفظهَا لم يجز أَن ندعي أَن أَصْلهَا شَيْء آخر من غير حجَّة قَاطِعَة، وَ لَا ضَرُورَة.
وَ يدل أَيْضا على ضعف قَول الْخَلِيل:
انه يجوز أَن يَليهَا الْمَاضِي، وَأَن ( أَن ) لَا يَليهَا إِلَّا الْمُسْتَقْبل، فَعلمنَا أَن حكم (أَن) سَاقِط، وَأَن ( لن ) حرف قَائِم بِنَفسِهِ وضع للْفِعْل الْمُسْتَقْبل.
فَإِن قَالَ قَائِل: من أَيْن زعمتم أَن (أَن) تضمر بعد (حَتَّى وَاللَّام وَالْفَاء وَالْوَاو وأو) ، وَلم تجعلها مقدرَة بعد (إِذن وكي وَلنْ) ؟
فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن (لن وَإِذن و كي) تلْزم الْأَفْعَال، وَ يحدث فِيهَا معنى، وَ إِن كَانَ بعض العوامل قد يَقع عمله بالتشبيه بِاللَّفْظِ دون الْمَعْنى، فَإِذا كَانَ كَذَلِك وَجب أَن يكون حكم هَذِه الْحُرُوف فِي أَنَّهَا عاملة فِيمَا بعْدهَا كَحكم (أَن وَلنْ) لاشْتِرَاكهمَا فِي لُزُوم الْفِعْل، وَأما (حَتَّى وَالْفَاء وَالْوَاو) فالدلالة قد دلّت على أَن (أَن) مضمرة بعْدهَا.
وَذَلِكَ أَن (حَتَّى) قد ثَبت حكمهَا أَن تخْفض الْأَسْمَاء، وَلَا يجوز لعامل الِاسْم أَن يعْمل فِي الْفِعْل، فَلَمَّا وجدنَا الْفِعْل بعد (حَتَّى) مَنْصُوبًا وَقد اسْتَقر لَهَا الْخَفْض، وَ أمكن أَن تجْعَل فِي هَذَا الْموضع على بَابهَا، بِأَن تقدر بعْدهَا (أَن) ؛ عوامل الْأَسْمَاء لَا تعْمل فِي الْأَفْعَال، وَيمْنَع هَذَا أَن إِضْمَار (أَن) بعْدهَا حسن، كَقَوْلِك جِئْت لِأَن تقوم، فَدلَّ على أَن النصب بإضمار (أَن) لَا بِاللَّامِ.
وَاعْلَم أَن هَذِه اللَّام إِذا كَانَ قبلهَا نفي، لَا يحسن إِظْهَار (أَن) بعْدهَا، كَقَوْلِك: مَا كَانَ زيد ليقوم، وَلَا يحسن: مَا كَانَ زيد لِأَن يقوم. وَإِنَّمَا لم يحسن ذَلِك، لِأَنَّهُ جَوَاب لِقَوْلِك: كَانَ زيد سيقوم، فَتَقول: مَا كَانَ زيد ليقوم، فَلَمَّا كَانَت جَوَابا لشيئين، و (مَا) حرف لَا يعْمل، أَرَادوا أَن يكون الْجَواب أَيْضا بِحرف لَا يعْمل فِي الْفِعْل، ليشاكل كل الْجَواب مَا هُوَ جَوَاب لَهُ، فَلهَذَا لم يحسن إِظْهَار (أَن) .
فَأَما (الْفَاء وَالْوَاو وأو) : فحروف عطف، وحروف الْعَطف لَا تعْمل شَيْئا، لِأَنَّهَا لَا تخْتَص بِالدُّخُولِ على الْفِعْل دون الِاسْم، وَلَا بِالدُّخُولِ على الِاسْم دون الْفِعْل، وكل حرف كَانَ على هَذَا السَّبِيل لم يعْمل شَيْئا، فَلَمَّا وجدنَا الْفِعْل بعد هَذِه الْحُرُوف مَنْصُوبًا، علمنَا أَنه انتصب بغَيْرهَا، وَهُوَ (أَن) .
فَإِن قَالَ قَائِل: فَلم صَارَت (أَن) بالإضمار أولى من أخواتها؟
فَفِي ذَلِك وَجْهَان:
أَحدهمَا: أَن (أَن) هِيَ الأَصْل لهَذِهِ الْحُرُوف فِي الْعَمَل لما ذَكرْنَاهُ، فَوَجَبَ أَن يكون الْمُضمر (أَن) لقوتها فِي بَابهَا، وَأَن يكون مَا حمل عَلَيْهَا يلْزم موضعا وَاحِدًا وَلَا يتَصَرَّف.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن (أَن) يَليهَا الْمَاضِي والمستقبل، فَصَارَت أَشد تَصرفا من أخواتها، لِأَنَّهُ لَا يَليهَا إِلَّا الْمُسْتَقْبل، فَلَمَّا حصلت لَهَا مزية على أخواتها فِي الْإِظْهَار
كَانَت أولى بالإضمار.
وَأَيْضًا فَإِن (أَن) لَيْسَ لَهَا معنى فِي نَفسهَا، كمعنى (لن وَإِذن وكي) ، وَلأَجل أَن نضعها فِي مَعْنَاهَا جَازَ أَن تحذف، وَلم يجز إِضْمَار أخواتها، لِكَثْرَة فائدتها.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَهَل يجوز الْقيَاس على هَذَا حَتَّى يجوز إِضْمَار (أَن) بِكُل مَوضِع؟
قيل لَهُ: لَا.
فَإِن قَالَ: فَلم خصت هَذِه الْمَوَاضِع بِهَذَا؟
قيل لَهُ: إِنَّمَا لم يجز إِضْمَار (أَن) فِي كل مَوضِع، لِأَنَّهُ عَامل ضَعِيف، وَلَيْسَ من شَرط الْعَامِل الضَّعِيف أَن يعْمل مضمرا، وَإِنَّمَا جَازَ إضماره فِي هَذِه الْمَوَاضِع لِأَن هَذِه الْحُرُوف والعوامل - أَعنِي (اللَّام وَحَتَّى وأخواتهما) - صَارَت عوضا مِنْهَا، فجرت فِي الْعِوَض مجْرى (الْوَاو) الَّتِي تقع عوضا من (رب) ، كَقَوْلِه:
وبلد عامية أعماؤه [وَكَقَوْلِه] :
(وبلدة لَيْسَ بهَا أنيس ... إِلَّا اليعافير وَإِلَّا العيس)
وَكَقَوْلِه:
وبلدة قطعت
أَي: رب بَلْدَة قطعت، فَلَمَّا صَارَت عوضا من (أَن) حسن حذفهَا.
 

جاروط

Well-Known Member
إنضم
2 مارس 2016
المشاركات
2,213
مستوى التفاعل
591
النقاط
113
رد: علل النحو. للوراق ( متجدد )

علل النحو ( 18 )
ــــــــــــــــ
بَاب حُرُوف الْجَزْم

فَإِن قَالَ قَائِل: لم صَارَت (لم) وَ أَخَوَاتهَا و حروف الشَّرْط تخْتَص بِالْجَزْمِ دون غَيرهَا من الْإِعْرَاب؟
قيل لَهُ: قد بَينا أَن الْجَزْم لَا بُد من دُخُوله على الْفِعْل، ليَكُون بِإِزَاءِ الْجَرّ فِي الِاسْم، وَ وَجَب أَن تكون هَذِه العوامل عاملة، لِأَنَّهَا قد لَزِمت الْفِعْل و أحدثت فِيهِ معنى، وَ إِنَّمَا خصت بِالْجَزْمِ لِأَن الشَّرْط وَ الْجَزَاء يَقْتَضِي جملتين، كَقَوْلِك:
إِن تضرب أضْرب.
فلطول مَا يَقْتَضِيهِ الشَّرْط وَالْجَزَاء اختير لَهُ الْجَزْم، لِأَنَّهُ حذف وَ تَخْفِيف.
وَ أما لم اختير الْجَزْم بهَا: فَلِأَنَّهَا ضارعت حُرُوف الْجَزَاء من أجل أَن الْفِعْل الْمُضَارع يَقع بعْدهَا بِمَعْنى الْمَاضِي، كَمَا يَقع الْمَاضِي بعد حُرُوف الْجَزَاء بِمَعْنى الِاسْتِقْبَال، فَلَمَّا تشابها من هَذَا الْوَجْه جعل عملهما الْجَزْم.
وَأما (لَا) فِي النَّهْي: فَإِنَّمَا اخْتصّت بِالْجَزْمِ، لِأَن النَّهْي نقيض الْأَمر، وَ الْأَمر مَبْنِيّ على السّكُون، إِذْ لم يكن فِي أَوله اللَّام، فَجعل النَّهْي نظيرا لَهُ فِي اللَّفْظ، فَلهَذَا خص بِالْجَزْمِ.
وَ أما (لَام الْأَمر) : فَجعلت لَازِمَة للجزم، لاشتراك الْأَمر بِاللَّامِ وَ غير
اللَّام فِي الْمَعْنى، و خصت (اللَّام) بذلك، لِأَنَّهَا تدخل على الْغَائِب، فشابهت لَام التَّعْرِيف، لِأَنَّهَا لَا تسْتَعْمل للْعهد وَ لمن هُوَ غَائِب، فأدخلت اللَّام من بَين سَائِر الْحُرُوف لهَذَا الْمَعْنى.
وَأما قَوْلنَا فِي الْكتاب: (أفلم و أفلما) ، فَالْأَصْل (لم) ، تدخل عَلَيْهَا فَاء الْعَطف، و واو الْعَطف، وَألف الِاسْتِفْهَام، و الجزم إِنَّمَا هُوَ ب (لم) إِذْ كَانَ مَا دخل عَلَيْهَا لَا تَأْثِير لَهُ.
وَأما (لما) : فالجزم يَقع بهَا، وَ بَينهَا وَ بَين (لم) فرق، وَ ذَلِكَ أَن (لم) نفي لِقَوْلِك:
قَامَ زيد، ثمَّ تَقول:
لم يقم زيد.
فَإِذا قلت: قد قَامَ، فنفيه: لما يقم، وَ ذَلِكَ أَن (قد) فِيهَا معنى التوقع، فزيدت (مَا) على (لم) يإزاء (قد) الدَّاخِلَة على الْفِعْل فِي أول الْكَلَام.
وَالدَّلِيل على أَن (لما) مُخَالفَة فِي الحكم ل (لم) : أَنه يجوز السُّكُوت عَلَيْهَا، فَيُقَال فِي الْجَواب: لما، وَلَا يذكر بعْدهَا شَيْء، وَ لَا يجوز ذَلِك فِي (لم) فَعلم الْفرق بَينهمَا.
فَإِن قَالَ قَائِل: فَمَا الَّذِي أحْوج إِلَى إمالة لفظ الْمَاضِي بعد (لم) إِلَى لفظ الْمُسْتَقْبل؟
قيل لَهُ: لما وَجب ل (لم) عمل للْفِعْل بِمَا ذَكرْنَاهُ، فَلَو ألزموه الْمَاضِي لما بَان عمله، فَوَجَبَ أَن ينْقل لفظ الْمَاضِي إِلَى لفظ الْمُسْتَقْبل حَتَّى يتَبَيَّن الْجَزْم.
فَإِن قيل: أَلَيْسَ أصل حُرُوف الشَّرْط أَن يَليهَا الْمُسْتَقْبل، كَقَوْلِك: إِن تضرب
أضْرب، ثمَّ جوزوا أَن يَليهَا الْمَاضِي، فَهَلا استقام مثل هَذَا فِي (لم) و أوقعتم من بعْدهَا الْمَاضِي و المستقبل جَمِيعًا؟
قيل لَهُ: الْفَصْل بَينهمَا أَن أصل حُرُوف الْجَزَاء أَن يَليهَا الْمُسْتَقْبل، لِأَن الْجَزَاء إِنَّمَا يكون فِي الْمُسْتَقْبل، وَ الْفِعْل الْمُضَارع أثقل من الْمَاضِي، إِذْ كَانَ أخف مِنْهُ.
وَ أما (لم) : فَالْأَصْل أَن يَليهَا الْمَاضِي، وَ قد أوجبت الْعلَّة إِسْقَاط الأَصْل وَاسْتِعْمَال الثقيل - أَعنِي الْمُضَارع - فَلم يجز أَن يرجع إِلَيْهِ، لأَنهم لَو استعملوا الأَصْل الَّذِي هُوَ الْخَفِيف، وَقع الْجَازِم على غير مَا بني لَهُ، وَالْمعْنَى لَا يشكل الْمُضَارع، فَوَجَبَ إِسْقَاط الأَصْل رَأْسا، وَ اسْتِعْمَال الْمُضَارع فِي مَوْضِعه، فَلذَلِك افْتَرقَا، فاعرفه.
وَاعْلَم أَن الْأَمْثِلَة الَّتِي تعلم نَحْو:
يفْعَلَانِ و تفعلان و يفعلون و تفعلون، وَأَنت تفعلين، فَإِنَّمَا وَجب أَن يكون إعرابها بالنُّون، لِأَن هَذِه الْأَفْعَال لما لحقتها ضمائر الفاعلين وَ كَانَ الْفِعْل وَالْفَاعِل كالشيء الْوَاحِد، وَجب أَن يظْهر الضَّمِير مَعهَا كبعض حروفها، وَ هَذِه الضمائر - أَعنِي: الْألف وَالْوَاو، وَالْيَاء فِي تضربين - إِنَّمَا لَا يكون مَا قبلهَا من حُرُوف الْإِعْرَاب، لِأَنَّهُ لَو جعل مَا قبلهَا من حُرُوف الْإِعْرَاب لجَاز أَن يسكن فِي الْجَزْم، فيلتقي ساكنان، فَكَانَ يُؤَدِّي ذَلِك إِلَى حذف الضَّمِير لالتقاء الساكنين، وَكَانَ أَيْضا يجب أَن تنْقَلب الْألف واوا إِذا انْضَمَّ مَا قبلهَا، وَ كَذَلِكَ الْيَاء، فتختلط العلامات.
فَلَمَّا كَانَ يُؤَدِّي إِعْرَاب مَا قبل هَذِه الْمُضْمرَات إِلَى مَا ذكرنَا، بَطل أَن يكون مَا قبلهَا حرف الْإِعْرَاب، وَلم يكن لحاق هَذِه الضمائر بمزيل للْفِعْل عَن اسْتِحْقَاق الْإِعْرَاب، لِأَن مضارعته لم تزل، وَلَا بُد من إِعْرَاب، وَ قد فَاتَ حرف إعرابه أَن
يعرب، فَجعلُوا النُّون بِمَنْزِلَة الضمة، وَ جعلت بعد هَذِه الضمائر، وَلم يجز أَن تجْعَل هَذِه الضمائر حُرُوف الْإِعْرَاب، كَمَا جعلت (الْألف وَالْوَاو وَالْيَاء) فِي تَثْنِيَة الْأَسْمَاء وَجَمعهَا، لِأَن هَذِه الضمائر لَيست بِجُزْء من الْفِعْل فِي الْحَقِيقَة، وَإِنَّمَا هِيَ أَسمَاء فِي نَفسهَا، وَلم يجز أَن يكون إِعْرَاب الْفِعْل فِي غَيره، لِأَنَّهَا من جِهَة اللَّفْظ قد جعلت كجزء من الْفِعْل، فَوَجَبَ أَن يكون الْإِعْرَاب بعْدهَا، وَ كَانَت النُّون من سَائِر الْحُرُوف لما ذَكرْنَاهُ من شبهها بِحرف الْمَدّ، وَ جعل تثنيتها عَلامَة للرفع بِمَنْزِلَة الضمة، و أسقطت فِي الْجَزْم كَمَا تسْقط الضمة، وَحمل النصب على الْجَزْم،
إِذْ كَانَ لفظ هَذِه الْأَفْعَال قد صَار كألف تَثْنِيَة الْأَسْمَاء وَجَمعهَا، وَ حمل النصب على الْجَزْم فِي هَذِه الْأَفْعَال، لِأَن الْجَزْم فِي الْأَفْعَال نَظِير الْجَرّ فِي الْأَسْمَاء.
فَإِن قَالَ قَائِل: (أَنْت تذهبين) ، إِنَّمَا هُوَ خطاب للواحدة، فَلم اسْتَوَى نَصبه و جزمه، وَلَيْسَ فِي الْأَسْمَاء المفردة مَا حمل نَصبه على جزمه؟
قيل لَهُ: إِن قَوْلنَا: (أَنْت تضربين) ، وَ إِن كَانَ خطابا للواحدة، فَهُوَ مشبه للفظ الْجمع، أَلا ترى أَن الْجمع فِي حَال النصب و الجر يكون آخِره يَاء قبلهَا كسرة، كَمَا أَن فِي (الزيدين) قبل الْيَاء كسرة، وَالنُّون بعْدهَا كَمَا هِيَ بعد الْيَاء فِي الْجمع، فَلَمَّا شابه لفظ الْجمع أجري مجْرَاه لهَذِهِ الْعلَّة، وَفتحت النُّون تَشْبِيها بنُون الْجمع فِي اللَّفْظ.
فَأَما كسر النُّون فِي (تضربان) ، وَفتحهَا فِي (تضربين) : فالعلة فِيهَا كالعلة فِي تَثْنِيَة الْأَسْمَاء وَ جَمعهَا، وَ اعْلَم أَن الْأَفْعَال لَا تثنى وَ لَا تجمع، وَ إِنَّمَا تلحقها عَلامَة التَّثْنِيَة وَالْجمع على وَجْهَيْن:
أَحدهمَا: أَن تكون الْألف وَالْوَاو ضمير الْأَسْمَاء إِذا تقدّمت، نَحْو قَوْله:
الزيدان يقومان، و الزيدون يقومُونَ.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَن تكون الْأَسْمَاء الظَّاهِرَة بعد الْفِعْل، فَتَصِير الْألف وَالْيَاء لاحقتين للْفِعْل عَلامَة للتثنية وَالْجمع، وَلَيْسَت بضمير، وَإِنَّمَا زادوها ليدلوا أَن الْفِعْل لاثْنَيْنِ وَجَمَاعَة، كَمَا يلحقون الْفِعْل عَلامَة التَّأْنِيث، كَقَوْلِك: قَامَت هِنْد، ليدلوا أَن الْفِعْل لمؤنث، فَتَقول على هَذَا: قاما الزيدان، وَ قَامُوا الزيدون، وَلَيْسَ ذَلِك بالكثير فِي كَلَام الْعَرَب.
 

الذين يشاهدون الموضوع الآن 3 ( الاعضاء: 0, الزوار: 3 )