جاروط
Well-Known Member
- إنضم
- 2 مارس 2016
- المشاركات
- 2,213
- مستوى التفاعل
- 591
- النقاط
- 113
رد: علل النحو. للوراق ( متجدد )
علل النحو ( 29 )
ــــــــــــــــــــــ
وَ جَاز الْعَطف على مَوضِع (إِن وَلَكِن) لبَقَاء الْمَعْنى مَعَ دخولهما، وَلم يجز فِي (كَأَن) وأختيها لزوَال الْمَعْنى مَعهَا واستيلاء الْمعَانِي الْمَذْكُورَة قبل هَذَا مَعَ دُخُولهَا.
فَإِن قَالَ قَائِل: هَل الْعَطف وَقع على مَوضِع (إِن) وَحدهَا، أَو على مَوضِع (زيد) ، أَو على موضعهما جَمِيعًا؟
قيل لَهُ: بل على موضعهما جَمِيعًا، وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن (إِن) عاملة فِيمَا بعْدهَا غير مُنْفَصِلَة مِنْهُ، وَلَيْسَ لَهَا فِي نَفسهَا حكم فَيجوز الْعَطف عَلَيْهَا.
فَأَما زيد فِي نَفسه فَلَا يَصح أَن يُقَال: مَوْضِعه رفع، لأَنا إِنَّمَا نقُول: مَوضِع الشَّيْء رفع أَو نصب، إِذا لم يبن فِيهِ أثر الْعَامِل، نَحْو قَوْلك: إِن هَذَا زيد، ف (هَذَا) تَقول: إِن مَوْضِعه نصب، لِأَن (إِن) لم تُؤثر فِي لفظ (هَذَا) ، وَلَو جَازَ أَن تَقول: إِن مَوضِع (زيد) رفع لَأَدَّى ذَلِك إِلَى تنَاقض، وَذَلِكَ أَنه لَو جَازَ أَن تَقول: مَوضِع (زيد) رفع، لَكنا إِذا قُلْنَا: إِن هَذَا زيد، يجب أَن تَقول: إِن (هَذَا) مَوْضِعه نصب وَرفع، لحلوله مَحل (زيد) فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى، فقد بَان بِمَا ذَكرْنَاهُ أَنه لَا يصلح أَن يكون مَوضِع (إِن) رفعا وَحدهَا، وَلَا مَوضِع (زيد) ، وَإِنَّمَا استحقا هَذَا الحكم باجتماعهما.
وَ قد امْتنع بعض النَّحْوِيين من جَوَاز الْعَطف على مَوضِع (لَكِن) ، لدُخُول معنى الِاسْتِدْرَاك فِي إبِْطَال حكم الِابْتِدَاء، كدخوله معنى التَّشْبِيه فِي (كَأَن) وَالتَّمَنِّي فِي (لَيْت) وَهَذَا الَّذِي قَالَه لَيْسَ بِشَيْء، وَذَلِكَ أَن (لَكِن) يسْتَدرك بهَا بعد النَّفْي، فَتَصِير الْجُمْلَة المستدركة بِمَنْزِلَة الِابْتِدَاء وَالْخَبَر، أَلا ترى أَن الْقَائِل إِذا قَالَ: مَا زيد ذَاهِبًا لَكِن عَمْرو شاخص، فَأدى مَا يَسْتَفِيد لَو قَالَ: عَمْرو شاخص، فَصَارَ حكم الِاسْتِدْرَاك لَا تَأْثِير لَهُ فِي رفع حكم الْمُبْتَدَأ، وَإِذا خففنا (لَكِن) كَانَ رفعا مَا بعْدهَا بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر، وَحكم الِاسْتِدْرَاك بَاقٍ، فَثَبت بِمَا ذَكرْنَاهُ أَن دُخُول هَذَا الْمَعْنى فِي (لَكِن) لَا يُؤثر فِي حكم الْمُبْتَدَأ.
فَإِن قَالَ قَائِل: لم صَار الْعَطف على مَوضِع (إِن) أَجود من الْعَطف على الضَّمِير الْمَرْفُوع من غير توكيد؟
قيل: هُوَ ضَعِيف فِي كل مَوضِع، وَإِنَّمَا ضعف لِأَن الْفِعْل وَالْفَاعِل كالشيء الْوَاحِد، وَرُبمَا يسْتَتر الضَّمِير الْفَاعِل فِي الْفِعْل، فَلَو عطفنا على الضَّمِير من غير توكيد، لصرنا قد عطفنا على بعض الْفِعْل، أَو على نفس الْفِعْل، فقبح الْعَطف لهَذَا الْمَعْنى، فَإِذا أكد الضَّمِير صَار التوكيد عوضا من اتِّصَال الضَّمِير بِالْفِعْلِ واختلاطه بِهِ، فكأنا قد عطفنا على ظَاهر.
وَأما الْعَطف على مَوضِع (إِن وَلَكِن) فَحسن فِي نَفسه، لِأَنَّهُ لَا مَانع مِنْهُ، فَلَمَّا كَانَ الْعَطف على الْموضع يعرض فِيهِ مَا ذكرنَا من الْقبْح، وَكَانَ الْعَطف على مَوضِع الضَّمِير الْمَرْفُوع فِي كل مَوضِع قبيحا من غير توكيد، فَاجْتمع مَعَ شَيْء غير مستقبح، وَجب أَن يكون الْعَطف على الْموضع أقوى من الْعَطف على الضَّمِير، لسلامته من الْقبْح، وَحُصُول الْقبْح فِي الْعَطف على الضَّمِير يدل على صِحَة مَا ذَكرْنَاهُ، أَنه لَا فرق بَين أَن تَقول: جَاءَنِي هَذَا وَعَمْرو، وَبَين قَوْلنَا: جَاءَنِي زيد وَعَمْرو، وَإِن كَانَ (زيد) يتَبَيَّن فِيهِ الْإِعْرَاب، و (هَذَا) لَا يتَبَيَّن فِيهِ الْإِعْرَاب، فَكَذَلِك حكم (إِن) وَمَا بعْدهَا، لَا فرق بَين الْعَطف على الْموضع وَبَين الْعَطف على الْمُبْتَدَأ لَو تجرد من (إِن) .
فَإِن قَالَ قَائِل: فَهَل يجوز أَن تعطف على الْموضع قبل تَمام الْخَبَر، نَحْو قَوْلك: إِن زيدا وَعَمْرو قائمان؟
قيل لَهُ: لَا، فَإِن قَالَ: فَمَا الْفَصْل بَين جَوَازه بعد تَمام الْخَبَر وامتناعه قبل الْخَبَر؟
فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن الَّذِي منع من الْمَسْأَلَة الأولى، أَن شَرط مَا يعْمل فِي الِاسْم أَن يعْمل فِي الْخَبَر، فَإِذا قُلْنَا: إِن زيدا قَائِم، ف (زيد) : نصب ب (إِن) ، و قائم: رفع ب (إِن) . وَإِذا قُلْنَا: إِن زيدا وَعَمْرو قائمان، وَجب أَن يرفع (عَمْرو) بِالِابْتِدَاءِ، لِأَنَّهُ عطف على مَوضِع الِابْتِدَاء، وَوَجَب أَن يعْمل فِي خبر عَمْرو الِابْتِدَاء، وَفِي خبر زيد (إِن) ، وَقد اجْتمعَا فِي لَفْظَة وَاحِدَة، وَهُوَ قَوْله: قائمان، فَكَانَ يُؤَدِّي إِلَى أَن يعْمل فِي اسْم وَاحِد عاملان، وَهَذَا فَسَاد، فَلهَذَا صحت الْمَسْأَلَة.
وَالْفراء يُجِيز مثل الْمَسْأَلَة الأولى إِذا كَانَ اسمان، أَحدهمَا مكني، أَو مُبْهَم لَا يتَبَيَّن فيهمَا الْإِعْرَاب، نَحْو: إِنَّك وَزيد ذاهبان، وَإِن هَذَا وَعَمْرو منطلقان. وَمَا ذَكرْنَاهُ من الْحجَّة فِيمَا يتَبَيَّن فِيهِ الْإِعْرَاب، لَا يُغير حكم الْعَامِل عَن عمله، بل حكمه فِيهَا وَفِيمَا يتَبَيَّن فِيهِ الْإِعْرَاب سَوَاء. فَإِن قلت: إِن زيدا وَعَمْرو قَائِم، فَأَرَدْت الْخَبَر، جَازَت الْمَسْأَلَة، والأجود فِي تقديرها أَن يكون الْمَحْذُوف خبر الِاسْم الثَّانِي، وَإِنَّمَا اخترنا الْوَجْه الأول، لِأَن الْخَبَر يَلِي الِاسْم الثَّانِي، فَلَا يبْقى علينا من التَّوَسُّع فِي الْمَسْأَلَة إِلَّا حذف خبر الأول، وَلَو قَدرنَا حذف الثَّانِي، لأوجب ذَلِك اتساعين فِي الْمَسْأَلَة، وهما حذف الأول وَالتَّقْدِير فِي الْخَبَر الْمَذْكُور الْمُتَقَدّم، وَقد جَاءَ فِي الشّعْر كَقَوْل الشَّاعِر:
فَمن يَك أمس بِالْمَدِينَةِ رَحْله
فَإِنِّي وقيار بهَا لغريب
فَأتى بِخَبَر وَاحِد اكْتِفَاء بِمَا ظهر، وَإِنَّمَا جَوَّزنَا الْوَجْه الثَّانِي لِأَنَّهُ صَحِيح الْمَعْنى، وَهَذَا التَّقْدِير الَّذِي جوزناه لَيْسَ بممتنع مثله فِي الْكَلَام إِن شَاءَ الله، وَيدل على حسن الْوَجْه الثَّانِي إِدْخَال اللَّام فِي قَوْله: لغريب، وَإِنَّمَا يحسن دُخُول هَذِه اللَّام فِي خبر (إِن) ، فَأَما دُخُولهَا فِي خبر الْمُبْتَدَأ فضعيف، وَإِنَّمَا يجوز ذَلِك على تَقْدِير مُبْتَدأ مَحْذُوف: كَأَنَّك وقيار لَهو غَرِيب، لِأَن حق هَذِه اللَّام أَلا تدخل على الْمُبْتَدَأ، فَلَمَّا رأيناها فِي هَذَا الْبَيْت دَاخِلَة على الْخَبَر، دلّ ذَلِك على أَن الْخَبَر للْأولِ.
علل النحو ( 29 )
ــــــــــــــــــــــ
وَ جَاز الْعَطف على مَوضِع (إِن وَلَكِن) لبَقَاء الْمَعْنى مَعَ دخولهما، وَلم يجز فِي (كَأَن) وأختيها لزوَال الْمَعْنى مَعهَا واستيلاء الْمعَانِي الْمَذْكُورَة قبل هَذَا مَعَ دُخُولهَا.
فَإِن قَالَ قَائِل: هَل الْعَطف وَقع على مَوضِع (إِن) وَحدهَا، أَو على مَوضِع (زيد) ، أَو على موضعهما جَمِيعًا؟
قيل لَهُ: بل على موضعهما جَمِيعًا، وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن (إِن) عاملة فِيمَا بعْدهَا غير مُنْفَصِلَة مِنْهُ، وَلَيْسَ لَهَا فِي نَفسهَا حكم فَيجوز الْعَطف عَلَيْهَا.
فَأَما زيد فِي نَفسه فَلَا يَصح أَن يُقَال: مَوْضِعه رفع، لأَنا إِنَّمَا نقُول: مَوضِع الشَّيْء رفع أَو نصب، إِذا لم يبن فِيهِ أثر الْعَامِل، نَحْو قَوْلك: إِن هَذَا زيد، ف (هَذَا) تَقول: إِن مَوْضِعه نصب، لِأَن (إِن) لم تُؤثر فِي لفظ (هَذَا) ، وَلَو جَازَ أَن تَقول: إِن مَوضِع (زيد) رفع لَأَدَّى ذَلِك إِلَى تنَاقض، وَذَلِكَ أَنه لَو جَازَ أَن تَقول: مَوضِع (زيد) رفع، لَكنا إِذا قُلْنَا: إِن هَذَا زيد، يجب أَن تَقول: إِن (هَذَا) مَوْضِعه نصب وَرفع، لحلوله مَحل (زيد) فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى، فقد بَان بِمَا ذَكرْنَاهُ أَنه لَا يصلح أَن يكون مَوضِع (إِن) رفعا وَحدهَا، وَلَا مَوضِع (زيد) ، وَإِنَّمَا استحقا هَذَا الحكم باجتماعهما.
وَ قد امْتنع بعض النَّحْوِيين من جَوَاز الْعَطف على مَوضِع (لَكِن) ، لدُخُول معنى الِاسْتِدْرَاك فِي إبِْطَال حكم الِابْتِدَاء، كدخوله معنى التَّشْبِيه فِي (كَأَن) وَالتَّمَنِّي فِي (لَيْت) وَهَذَا الَّذِي قَالَه لَيْسَ بِشَيْء، وَذَلِكَ أَن (لَكِن) يسْتَدرك بهَا بعد النَّفْي، فَتَصِير الْجُمْلَة المستدركة بِمَنْزِلَة الِابْتِدَاء وَالْخَبَر، أَلا ترى أَن الْقَائِل إِذا قَالَ: مَا زيد ذَاهِبًا لَكِن عَمْرو شاخص، فَأدى مَا يَسْتَفِيد لَو قَالَ: عَمْرو شاخص، فَصَارَ حكم الِاسْتِدْرَاك لَا تَأْثِير لَهُ فِي رفع حكم الْمُبْتَدَأ، وَإِذا خففنا (لَكِن) كَانَ رفعا مَا بعْدهَا بِالِابْتِدَاءِ وَالْخَبَر، وَحكم الِاسْتِدْرَاك بَاقٍ، فَثَبت بِمَا ذَكرْنَاهُ أَن دُخُول هَذَا الْمَعْنى فِي (لَكِن) لَا يُؤثر فِي حكم الْمُبْتَدَأ.
فَإِن قَالَ قَائِل: لم صَار الْعَطف على مَوضِع (إِن) أَجود من الْعَطف على الضَّمِير الْمَرْفُوع من غير توكيد؟
قيل: هُوَ ضَعِيف فِي كل مَوضِع، وَإِنَّمَا ضعف لِأَن الْفِعْل وَالْفَاعِل كالشيء الْوَاحِد، وَرُبمَا يسْتَتر الضَّمِير الْفَاعِل فِي الْفِعْل، فَلَو عطفنا على الضَّمِير من غير توكيد، لصرنا قد عطفنا على بعض الْفِعْل، أَو على نفس الْفِعْل، فقبح الْعَطف لهَذَا الْمَعْنى، فَإِذا أكد الضَّمِير صَار التوكيد عوضا من اتِّصَال الضَّمِير بِالْفِعْلِ واختلاطه بِهِ، فكأنا قد عطفنا على ظَاهر.
وَأما الْعَطف على مَوضِع (إِن وَلَكِن) فَحسن فِي نَفسه، لِأَنَّهُ لَا مَانع مِنْهُ، فَلَمَّا كَانَ الْعَطف على الْموضع يعرض فِيهِ مَا ذكرنَا من الْقبْح، وَكَانَ الْعَطف على مَوضِع الضَّمِير الْمَرْفُوع فِي كل مَوضِع قبيحا من غير توكيد، فَاجْتمع مَعَ شَيْء غير مستقبح، وَجب أَن يكون الْعَطف على الْموضع أقوى من الْعَطف على الضَّمِير، لسلامته من الْقبْح، وَحُصُول الْقبْح فِي الْعَطف على الضَّمِير يدل على صِحَة مَا ذَكرْنَاهُ، أَنه لَا فرق بَين أَن تَقول: جَاءَنِي هَذَا وَعَمْرو، وَبَين قَوْلنَا: جَاءَنِي زيد وَعَمْرو، وَإِن كَانَ (زيد) يتَبَيَّن فِيهِ الْإِعْرَاب، و (هَذَا) لَا يتَبَيَّن فِيهِ الْإِعْرَاب، فَكَذَلِك حكم (إِن) وَمَا بعْدهَا، لَا فرق بَين الْعَطف على الْموضع وَبَين الْعَطف على الْمُبْتَدَأ لَو تجرد من (إِن) .
فَإِن قَالَ قَائِل: فَهَل يجوز أَن تعطف على الْموضع قبل تَمام الْخَبَر، نَحْو قَوْلك: إِن زيدا وَعَمْرو قائمان؟
قيل لَهُ: لَا، فَإِن قَالَ: فَمَا الْفَصْل بَين جَوَازه بعد تَمام الْخَبَر وامتناعه قبل الْخَبَر؟
فَالْجَوَاب فِي ذَلِك: أَن الَّذِي منع من الْمَسْأَلَة الأولى، أَن شَرط مَا يعْمل فِي الِاسْم أَن يعْمل فِي الْخَبَر، فَإِذا قُلْنَا: إِن زيدا قَائِم، ف (زيد) : نصب ب (إِن) ، و قائم: رفع ب (إِن) . وَإِذا قُلْنَا: إِن زيدا وَعَمْرو قائمان، وَجب أَن يرفع (عَمْرو) بِالِابْتِدَاءِ، لِأَنَّهُ عطف على مَوضِع الِابْتِدَاء، وَوَجَب أَن يعْمل فِي خبر عَمْرو الِابْتِدَاء، وَفِي خبر زيد (إِن) ، وَقد اجْتمعَا فِي لَفْظَة وَاحِدَة، وَهُوَ قَوْله: قائمان، فَكَانَ يُؤَدِّي إِلَى أَن يعْمل فِي اسْم وَاحِد عاملان، وَهَذَا فَسَاد، فَلهَذَا صحت الْمَسْأَلَة.
وَالْفراء يُجِيز مثل الْمَسْأَلَة الأولى إِذا كَانَ اسمان، أَحدهمَا مكني، أَو مُبْهَم لَا يتَبَيَّن فيهمَا الْإِعْرَاب، نَحْو: إِنَّك وَزيد ذاهبان، وَإِن هَذَا وَعَمْرو منطلقان. وَمَا ذَكرْنَاهُ من الْحجَّة فِيمَا يتَبَيَّن فِيهِ الْإِعْرَاب، لَا يُغير حكم الْعَامِل عَن عمله، بل حكمه فِيهَا وَفِيمَا يتَبَيَّن فِيهِ الْإِعْرَاب سَوَاء. فَإِن قلت: إِن زيدا وَعَمْرو قَائِم، فَأَرَدْت الْخَبَر، جَازَت الْمَسْأَلَة، والأجود فِي تقديرها أَن يكون الْمَحْذُوف خبر الِاسْم الثَّانِي، وَإِنَّمَا اخترنا الْوَجْه الأول، لِأَن الْخَبَر يَلِي الِاسْم الثَّانِي، فَلَا يبْقى علينا من التَّوَسُّع فِي الْمَسْأَلَة إِلَّا حذف خبر الأول، وَلَو قَدرنَا حذف الثَّانِي، لأوجب ذَلِك اتساعين فِي الْمَسْأَلَة، وهما حذف الأول وَالتَّقْدِير فِي الْخَبَر الْمَذْكُور الْمُتَقَدّم، وَقد جَاءَ فِي الشّعْر كَقَوْل الشَّاعِر:
فَمن يَك أمس بِالْمَدِينَةِ رَحْله
فَإِنِّي وقيار بهَا لغريب
فَأتى بِخَبَر وَاحِد اكْتِفَاء بِمَا ظهر، وَإِنَّمَا جَوَّزنَا الْوَجْه الثَّانِي لِأَنَّهُ صَحِيح الْمَعْنى، وَهَذَا التَّقْدِير الَّذِي جوزناه لَيْسَ بممتنع مثله فِي الْكَلَام إِن شَاءَ الله، وَيدل على حسن الْوَجْه الثَّانِي إِدْخَال اللَّام فِي قَوْله: لغريب، وَإِنَّمَا يحسن دُخُول هَذِه اللَّام فِي خبر (إِن) ، فَأَما دُخُولهَا فِي خبر الْمُبْتَدَأ فضعيف، وَإِنَّمَا يجوز ذَلِك على تَقْدِير مُبْتَدأ مَحْذُوف: كَأَنَّك وقيار لَهو غَرِيب، لِأَن حق هَذِه اللَّام أَلا تدخل على الْمُبْتَدَأ، فَلَمَّا رأيناها فِي هَذَا الْبَيْت دَاخِلَة على الْخَبَر، دلّ ذَلِك على أَن الْخَبَر للْأولِ.