رد: نقاء الزبرجد
(17) ‫#مسيرالأرواح‬ - الغلي / من انتهى يكتب تم
سألت ( حسن ) : أي طريق هذا الذي يسير فيه ؟ قال : هذا طريق آكلي الربا حيث يذوقون أشد العذاب .
✨ الغلي ✨
سار بنا الطريق نحو قمة تل ، ومن الأعلى ⬆ انتبهت إلى الجانب الثاني من التل فشاهدت مجموعة من المأمورين يقفون على الطريق وقد أوقفوا عدة أشخاص ، وإلى جانب المأمورين كانت تتصاعد ألسِنة من النيران ، ولشدة خوفي ورعبي دنوت من ( حسن ) ومنعته من المسير ، فمسح ( حسن ) بيده على رأسي وقال : لا تخف فلا شأن لهم بك فقد وقفوا يتصيدون أشخاصاً معينين . وفي تلك الحال ارتفع صوت عويل وصراخ ولما نظرت عرفت أن شخصاً كان واقفاً والنيران والدخان يتطاير من جبهته ولما أمعنت النظر شاهدت مسكوكة مغلية قد طُبعت على جبهته ، ثم أحمى المأمورون مسكوكة أخرى ووضعوها على ظهره فملأ صراخه وعويله أجواء الصحراء ، نظرت في وجه ( حسن ) متحيراً ، ونظر هو أيضاً في وجهي وقال : هذا جزاؤه – فهذه المسكوكات كان قد جمعها في الدنيا ، وكان يرد المحرومين والمستضعفين ولم يؤد حقوقهم – قال ( حسن ) ذلك وسار نحو الأسفل ولحقت به مرعوباً خائفاً .
ولما وصلنا عند هؤلاء المأمورين الغلاظ الشداد تضاعف خوفي ورهبتي لكن ما خفف من روعي وجعلني أهدأ هو أنهم فسحوا لنا الطريق للمرور فعبرنا من بينهم دون الشعور بالخطر .
قطعة من نار
ابتعدنا عنهم خطوات فراودتني فكرة الالتفات إلى الخلف ولما نظرت دهشت لرؤيتي المأمورين وهم يمسكون بشخص من رجليه ويديه ويحاولون إدخال قطعة من نار بالقوة في فيه ، توقفت عن المسير ورجعت إلى الوراء فهالني المنظر ، فكانت صرخاته وعويله أليمة للغاية ، وفي الوقت الذي كان داخله يستعر فقد كان يقطع الطريق زحفاً ، وفجأة شعرت بيد (حسن ) على كتفي فنظرت إليه وسألته : ما الأمر؟
قال : إن الذين يأكلون أموال الناس بالباطل يتولى أمرهم مثل هؤلاء الملائكة المكلفين بإطعامهم قطع مستعرة من الحديد .
بعد صمت قليل واصل ( حسن ) كلامه فقال : بطبيعة الحال فإن هؤلاء يوقعون عند معبر حق الناس .
وبعد استماعي لكلام ( حسن ) اطمأن قلبي قليلاً ولكن نظراً لتألمي من ذلك المنظر توجهت إليه وطلبت منه الابتعاد عن ذلك المكان .
ثم سرنا وسرنا حتى وصلنا شخصاً رافعاً يديه إلى الأمام وهو يتخطى خطوات قصيرة بحذر ، فقال ( حسن ) وهو يواصل مسيره مشيراً بإصبعه إلى ذلك الشخص : منذ أن خرج هذا المسكين من النفق أصيب بالعمى .
ثم سار في طريق فرعي يبعد عنا خطوات وقال ( حسن ) : هذا طريق أهل الدنيا وسرعان ما يدخله ، فسألته لماذا ؟
قال : ذلك واضح لأنه فضّل الدنيا وأهلها على الآخرة وعلى المؤمنين .
وهذه الطائفة من الناس ممن يشترون الخسران المبين لأنفسهم ، وذلك هو شراء الدنيا بالآخرة . ولم ينته ( حسن ) من حديثه وإذا بهذا الشخص يطأ بقدمه طريق أهل الدنيا ، وبقيت أسير في طريقي وتارة أعود إلى الخلف لأنظر من ذلك الأعمى البائس .
كنا نطوي الطريق المستقيم على ما يرام ، وكنا أحياناً نسبق غيرنا فيما يسبقنا آخرون وقد صادفنا في الطريق طرقاً فرعية وأناساً عجيبين ، من بينهم أشخاصاً ذوي لسانين امتدت من أفواههم وتستعر فيها النيران ، فقال لي ( حسن ) إنهم المنافقون .
كما شاهدنا الذين ارتكبوا أعمالاً تخالف العفة وانغمسوا بالشهوات غير المشروعة وقد لجموا بلجام من نار . لكن الأكثر إزعاجاً هو الطريق الفرعي الذي تسير فيه النساء ، فهو طريق ينتهي إلى صحراء وتتعذب فيها نساء كثيرات ، فمنهن من علقن بشعورهن وذلك لأنهن كن يبدين شعورهن للأجانب ، ومنهن من يأكلن لحومهن ، وهن من كن يتزين أمام الأجانب ، ومنهن من كانت رؤوسهن رأس خنزير وأبدانهن بدن حمار لأنهن مارسن النميمة في الدنيا .
والذي أثار دهشتي خلال مشاهدتي لجميع تلك المناظر هو عجز ( حسن ) الخاص بهؤلاء بحيث أنه كان يتخلف عن صاحبه أحياناً مسافة مئات الأمتار فيعجز عن هدايته وإعانته. يتبع âڈھ
اللهم صل على محمد وآل محمد