لم أولدْ في باريس لأكون أكثر إيمانًا بفولتير وجون جاك روسو وغيرهم من فلاسفة الأنوار ،
ولم أولدْ في باريس كي أكون أكثر حرّية،
فلا أشتم رائحة القهر والظلم والعبودية بمختلف أشكالها.
لم أولَدْ في روسيا مثل مكسيم غوركي كي أُحظى بصداقة لينين وأكتب رواية الأم .
ولكنني مازلتُ بطل مسرحيته"الحضيض".
ولم أولد هنالكَ لأكون أكثر فهمًا للجاذبية وأسرار علم الفضاء
لم أُولَدْ في الهندِ كي أكون شاهدا على بناء إمبراطورية ماراثا وقائدها باجي راوْ الأوّل
مثلما أنا شاهدٌ على الدّمار الفادح
ولم تدخل إلى روحي فلسفة المهاتما غاندي،
لأنّ في روحي عطبًا حديثًا
لم أولدْ في الطريق الطويل إلى الحرية لأعرف نيلسون مانديلا
لم تكنْ الطريقُ من بيتي إلى المدرسة معبّدةً
لم أولدْ في دُول أمريكا اللاتينيّةُ كي أفهم أسرار الحانات، وليالي مُزارعي الكاكاوْ، والثورة والحبّ والسيگار الكوبي ..
فقد كنتُ مهتمّا بحفظ النّشيد الوطنيّ جدّا.
لم أولد في ألمانيا كي أكون مثالاً للنظام والنشاط والوطنيّةِ
لقد كنتُ أطبخ شايا أخضرَ، وأقولُ ليس أبهى من قيلولةٍ تحتَ الشّجرة.
لم أولد في إيطاليا كي أفهم أسرار الخلقِ، وكيفَ كان آدم منحوتةً شكّلتها الملائكةُ
لقد كنتُ مقيّدًا في كتُب النّحت الحرام، وبول البعير .
لم أولد في الخليج العربي كي أرثَ بئرًا من النّفط، أو بيتًا مطلا على الكعبة المقدّسة
لقد كنتُ أربّي الأحلامَ، ببيع الأرانب والدّجاجْ
لم أولد في الصّين حتّى أكونَ وحيدَ عائلتي - وهذا أفضلُ-
لقد كنتُ مع إخوتي نغرس الحبّ في باحة القلب، ونضحك ونبكي معًا
لم أولدْ في تونسَ بعدُ، كي أتعلّم السياسة التي تبيع كل شيء
لقد بقيتُ طويلا أكتب الشعر
لذلك لم أولد بعدُ في دفاتر الحكومةِ.
.